Skip to main content

Full text of "أعداد سلسلة عالم المعرفة"

See other formats


0 0 
و 11 





اهداءات 9 0ن 


المجلس الوطني للثقافة و الاصديم 
الكويته 





ساسلة كتب ثقافية شورية 0 اعباس 0 للثقافة ل والأنان - الثوية 
صدرت السلسلة في يناير 1978 بإشراف أحمد مشاري العدواني 1990-3 








ترجمة: قاروق عيدا قاذر مرمممصام مع ونام 


الأمكندرية 






ف غ١‏ لاف زعام ذضع 8107لا 
مخدية الأسخحندرية 








ساسلة شورية يتبدرهاً 
المبلس الوطف؟ٍ الثقافة والفنون والآران 


المشرف العام: 
1 محمد الرميحجي 


مأ معط © تال سدم 
هيثة التحرير: 
د. فوؤاد زكريا/ المستشار 
جاسم السعدون. 
د. خليفة الوفيان 
رضا الفيلي 
د. سليمان. البدر 
د. سليمان الشطي 
. د. عتدالله العمن 
8 علي الطراح . 
د. غادة الججاوي. 
ا فزيدة العوضي : 
: ددناجي سعود الزيد. 
عبد السلام:زضوان : 
لطي والإجراج والتنقيذ 
وجدة الإتتاج 00 


عر الشيكة 





الكويت ودول الخليج دينار كويتى 
الدول العربية ما يعادل دولارا أميركيا 
خارج الوطن العربي أريعة دولارات أميركية 
الاشتراكات . 

دوثة الكويت 

للأفراد د5لاد.ك 
للمؤسسات 5 د.ك 
دول الخليج 

للأغراد 7اد.ك 
للمؤسسات 0ك 
الدول العربية 

للأخراد 5 دولارا اميركيا 
للمؤسسات 0 دولارا أميركيا 
للأفراد 0 دولارا أميركيا 
للمؤسسات 0 دولارا أميركيا 





تسدد الاشتراكات مقدما بحوالة مصرقية باسم 
المجلسن الوطني للثقافة والفئون والآداب وترسل على 

العنوان التالي: 

السيد الأمين العام 
للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب 
ص.ب: 28623 الصفاة ‏ الرمز البريد ي13147 
دولة الكويت 
الموقع على الإتترنت: 
اتاع1تز:ه.ع تج 1ناء غته اناما ببابتابية 


99906-0-058-9 1582117 
د52 ا 





. العذوان الأصلي للكتثاب 


دتره ألا أه لدع ه15 


.زاطاأتدجق أه وق صد ص عطاد لصه ععتلتاوم 
لاط 


بطمعهل المععنج؟] 


(1999) عارملا للعلا ,ركامه80 وأعه8 


طبع من هذا الكتاب أربعون ألف تسخة 
مطابع الوطن ‏ الكويت 


>١١ مايو‎ ١1452: صفر‎ 


المواد المنشورة في هذه السلسلة تعبر عن راي كاتبها 
ولا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس 
















ا 1 
الفصل:الخامش: :. 
جماليةكثيفةووطنيةرقيقة ٠‏ 
١‏ |الفضل السادس:" 

الحكمة بالتجزئة... الجتون بالجمده :- 


الهوامش. 


الثقفون: من اليوتوبيا إلى انحسار البضر : 


287 


18490 


لاله 


215 


نخديم 


جه 


خلال السنوات التي عملت فيها في هذا 
الكتاب. كانت الأحداث السياسية الأمريكية 
الكبرى تتمثل في اتهامات بالاغتصاب في 
الجيشء ووقائع زنى في القوات الجوية, 
ومسلك جنسي غير لائق في البيت الأييض. 
وقد أعقبت هذه الاتهامات محاكمة مثيرة 
لبطل وياضي كهيير اكهم بعتل زوجت : ويطبيعة 
الحال لم تكن هذه الأحداث هي كل الأخبار 
اليومية. فثئمة أحداث أخرى, مثيرة للاهتمام 
أيضا ولكن ليس بالقدر ذاته. مثل التفيرات في 
قوانين الرعاية الاجتماعية:؛ أو الوصول إلى 
تسويات في القضايا المرفوعة على شركات 
التبغ. أما الموقف العالمي ‏ لو جرؤنا على 
لمهم تفن كان موقل غنيى باعيف بعلن 
السرور؛ أو هو باعث على الاكتئاب. وقد تميز 
بالتقدم نحو الوحدة الأورويية من جانب» 
وسقك الدماء لأسباب طائفية: وتفكك الدول: 
من الجانب الآخر. 





نهاية اليوتوبيا 


ومن المؤكد أن بوسع أي فرد أن يضع قائمة تؤكد الوجه الإيجابي: 
معاهدة السلام في أيرلندا الشمالية, أو الوجه السلبي: انتشار مرض 
الإيدز في أفريقيا. على أن عالم السياسة قد أضحى كثيبا ومعتماء 
وهو في الوقت ذاته ليس سليم العاقية. فالسياسات في أسوأ الأحوال 
أصبحت تتسم بالانهيار الاقتصاديء والحكم الاستبداديء والعنف 
المتمثل في تقاتل الإخوة. وفي أفضلها تتسم بمقاومة النظم الليبرالية 
للتحديات المطروحة من قبل الحركات الدينية والقومية الرجعية. 
وبشكل متزايد يطرح علينا الاختيار بين الحالة الراهنة للأمور, أو ما 
هو أسوأء ولا تبدو بدائل أخرى. لقد دخلنا حقبة القبول والإذعان, 
وفيها نقيم حيواتنا وعاثلاتنا وأعمالنا في ظل توقع ضكيل بأن 
يكون المستقبل أمرا مختئفا عن الحاضر. 

أو فلنضع الأمر على نحو آخر: لقد تلاشت الروح اليوتوبية؛ بمعناها 
المتمثل في أن المستقبل يمكن أن يتجاوز الحاضر. وهذه العبارة الأخيرة 
تغامر بأن تكون موضوعا لسوء الفهم المباشرء حيث إن كلمة «يوتوبيا» 
اليوم أصيحت تعني اليوم ضمن ما تعني «اللااتصال» بالواقع أو نوعا 
من «فصد الدم». كما أصبح ينظر إلى الشخص الذي يؤمن 
باليوتوبيات ‏ على نطاق واسع ‏ إما على أنه شخص معتل العقل أو 
منفصل عن الواقع. على أنني أستخدم كلمة «اليوتويي» بمعناها الأكثر 
رحاية والأقل مدعاة للتهديد. أعني: الاعتقاد بأن المستقبل يمكن أن 
يتجاوز الحاضر بصورة أساسية, أو أن نسيج الحياة والعمل؛ وحتى 
الحب في المستقبل؛ قد لا يحمل سوى تشابه ضثيل بما هو مألوف لنا 
اليوم. وأذا ألمح هنا إلى فكرة أن التاريخ يحمل إمكانات للحرية والمتعة 
لم تكد تُستغل بعد.“ 

هذه الفكرة قد شبعت موتا. وقليلون هم الذين يتصورون أن يكون 
المستقبلء شيئا سوى صورة مطابقة للحاضرء قد تكون أفضل في بعض 





تقديم 


الأحيان؛ لكنها أسوأ على وجه العموم. والنتائج العلمية حول سقوط 
الشيوعية السوفييتية تؤكد المشاعر الداخلية حول إخفاقات 
الراديكالية. ولقد ظهر إجماع جديد: لا بدائل أخرى. وهذه حكمة 
زماننا: زمن الإنهاك السياسي والتراجع. 

تتخلل هذه الاتجاهات كل مناحي الحياة. ويصبح لها الصوت 
الأعلى: فالعالم يبدو في عيون الشباب أقل فتنة وسحراء وبين 
الأوروبيين والأمريكيين الناعمين بالرخاء تبدو آفاق المستقبل كثيبة 
بائسة. وتشير التقارير الحديثة عن الانخفاض الحاد لنسب المواليد في 
الدول الأوروبية الثرية إلى اتجاه جديد نحو العدمية والتشاؤم. 
والشباب يشعرون بأن السحب الداكنة تتجمع في الأفق: ويذكر أحد 
الخبراء السويديين تفسيرا لانخفاض نسبة المواليد في السويد: «إنني 
أعتقد بأتنا نشهد تحولا أساسيا في السلوك الإنساني». فقد ضاع 
الاعتقاد بأن الممستقبل سيكون أفضل من الحاضر... «وييدو لدى 
الشباب الآن إحساس بأن الحياة ‏ يوما بيوم ‏ هي أفضل ما يمكنهم 
عمله...»: فأن يكون لديهم أطفال أمر مكلّف ومثقل بالمخاطر... وثمة 
' إدراك يشارك فيه شباب من بلاد مختلفة كل الاختلاف مثل السويد 
وإيطاليا يلخصه هذا التقرير بالقول: «إن ما كان ممكنا بالنسبة لأجيال 
سابقة لم يعد ممكنا لجيل اليوم...['). 

على أن موضوع انخفاض نسبة المواليد ليس هو محط اهتمامي. 
وإنما محط اهتمامي هو انهيار الرؤى والطموحات الثقافية. وإنني 
أرسم في هذا الكتاب لوحة للتراجع الثقافي: خسر الراديكاليون 
نصيبهم,ء وفقد الليبراليون عزاكمهم. وفي مواجهة قوة كبرى؛ أو خيرة 
التاريخ لا يصبح التراجع مخزيا أو مشيناء فالهزيمة «تسجيل لتجمع 
القوى وتكوكبهاء لا لكيفية الاستبصار أو النظرية أو حتى الممارسات». 
كما سبق أن كتبت في كتاب عن الثوابت المهزومة!"). وبالعودة إلى 





نهاية اليوتوبيا 


لوحات الرسم.: إلى النظر للماضي واعتباره. سنجد ثمة اختيارات 
جديرة بالتقدير. إن المشكلة ليست في الهزيمة: ولكن في الإنهاك 
الثقافي والتظاهر, والادعاء بأن خطوة إلى الوراء أو إلى أحد الجانيين 
إنما تميّز عشر خطوات للأمام. والتعلق بالتعددية الثقافية مثال ممتاز: 
إن الرجوع إلى فكرة التعددية المألوفة تُصوّر اليوم كما لو كانت اختراقا 
مفهوميا وسنيامنيا على العنواء. 

في فجر فرن آخر جديد: كتب صامويل كولريدج إلى صديقه وليم 
ووردزورثء. قبل مائتي عامء في 1755: يقترح عليه أن ينهض لمقاومة 
حال التبرم والنزعة السلبية السائدة: «أريد منك أن تكتب قصيدة من 
الشعر المرسل موجهة لهؤلاء الذين تخلواء نتيجة الإخفاق الكامل للثورة 
الفرنسيةء عن أي أمل في مستقبل أفضل للإنسانية» وغرقوا تماما ضي 
أنانية أبيقورية؛ يخفونها تحت أقنعة العناوين الناعمة للترابط الأسري. 
واحتقار الفلسفات المثالية والحالمة...,('). وأنا لم أكتب قصيدة: لكننى 
أميل إلى الاعتقاد في أن هذا الكتاب ‏ بدضاعه عن النزعة المثالية 
والحالمة - إنما يلبي على نحو جزئي. مطلب كولريدج. 


لوس | نجليس - يتاير 1199 





فعاية النعابية 
ل م نهاية الابديو ل جياء 


في سبتمير العام 1560: اجتمع عدة مئات 
من الكُّشّاب والباحثين. من رايموند آرون إلى 
آرثر شليسنجر الآبء في «متحف ميلان 
الوطني للعلم والتكنولوجيا» ليناقشوا موضوع 
«مستقبل الحرية». كان توجههم العام لييراليا 
معاديا للشيوعية؛ ومزاجهم العام سعيدا 
مبتهجا: فستائين كان قد مات؛ والسكرتير 
الآول الجديد في اللجنة المركزية للحزب 
الشيوعي السوفييتي: نيكيتا خروشوف» 
يتحدث عن الانفراج فضي العلاقات وعن 
السلام. كانت أوروبا الغريية والولايات المتحدة 
مزدهرتين» وريما كان للماركسية مستقبل في 
الدول النامية؛ أما في أي مكان آخر فقد بدا 
أن ساعتها قد انقضت. وقد لاحظ أحد 
المشاركين أن الجو العام يشيه «حفل ما بعد 
الانتصار». ولاحظ إدوارد شيلز أن ثمة «افتناعا 
عنيفا في بعض الأحيان. هادثًا في بعضها 
الآخرء بأن الشيوعية قد خسرت معركة 
الأشكار مع الغربء("). 





نهاية اليوتوبيا 


وفي خطابه الافتتاحي قرر آرون أن «الجدل الأيديولوجي في معظم 
المجتمعات الغربية قد خبا وخفت» وأن التاريخ قد «رفض الآمال المبالغ 
فيها والمتعلقة بالثورة», وهو يعترف بأن ثمة توترات لا تزال «قائمة» حول 
المساواة والعمالة والأجور والتضخمء لكن «المخاوف المعقولة التي تثيرها لا 
تؤدي إلى نشوب أي صراع أساسيء!"). والجادون المخلصون اليوم يوافقون 
على الإطار الأساسي لدولة الرخاء. 
بعدها بعدة شهور, روع خروشوف ممثلي الحزب بخطاب سري أدان 
ضيه ستالين. ووصفه بأنه قاتل وكذاب ومريض يجنون العظمة. وأعلن 
خروشوف أنه من بين ١15‏ عضوا في لجنة مركزية سابقة فإن سبعين فضي 
المائة منهم «ألقي القبض عليهم وأعدمواء. ثم واصل: «أو فلنتحدث عن 
جوائز ستالين. حتى القياصرة لم ينشئواجوائز ويطلقوا عليها 
أسماءهم!'". بعد عقود من تمجيد ستالين وتأليهه؛ فإن تلك الاتهامات 
قد روعت الممثلين وشدهتهم. ونصت نسخة الخطاب على أن الاستجابات 
كانت «حيوية في القاعة», «صخب في القاعة». 
ليس في القاعة وحدها. فقد أثارت أنباء الخطاب «السري» السخط 
بين الشيوعيين المخلصين في جميع أرجاء العالم. أما بالنسبة لنقاد 
كثيرين من بينهم أولتك المجتمعون في ميلان» فإن خطاب خروشوف لم 
يفعل سوى تأكيد التحلل الأيديولوجي. فضلا عن ذلك فإن الشيوعية 
لقيت ضريات أخرى حول منتصف الخمسينيات: احتجاجات واسعة 
النطاق في برئين الشرقية: اضطرابات في بولنداء غزو سوفييتي للمجر 
الإخماد ثورة. وقد آلهمت إضرابات برلين في ١‏ يونيو 1107 برتولد 
بريخت قصيدته اللاذعة «الحل»: 
بعد هبّة السابع عشر من يونيو 
وجد رئيس اتحاد الكتاب 
وريقات تورّع في المقر الستاليني 
تؤكد أن الناس 
قد فقدوا ثقة الحكومة 
ويستطيعون أن يستعيدوها 
إذا هم بذئوا جهودا مضاعفة. أليس من الأيسر 





نهاية الأيديولوديا 


بالنسبة للحكومة في هذه الحالة 
أن تقوم بحل الناس 
وتنتخب ناسا سواهه!*)و 
وقد كدر قدا رايموند آرون «أفيون المثقفين» الذي يحوي نقده 
للماركسية قيل مؤتمر الحزب مباشرة . وقد أطلق آرون ‏ الذي كان أحد 
المنظمين الأساسيين لمؤتمر ميلان ‏ القول «بنهاية عصر الأيديوئوجيا» أو 
«نهاية العصر الأيديولوجيء/”. من حيث إن الأيديولوجيا تعني الشورة 
واليوتوبية: وهدان قد انتهياء وليس هناك من يدعي وجود بديل 
للرأسمالية المتطورة. «إن المجتمع الغربي ناقص وغير عادل في مناح 
كثيرة... لكنه قد تقدم كثيرا بحيث تكفي الإصلاحات كي تكون واعدة 
بأكثر مما يعد به العنف والاضطراب, الذي لا يمكن التنبؤ بنتاكجه...», 
ولا نحن بقادرين على العودة إلى الاقتصاد الخاص لشعار «دعه يعمل»»؛ 
فالرأسمالية القحّة قد أصبحت شيئًا باليا كذلك. ولم تعد الليبرالية 
والاشتراكية عقائد خالصة أو نقائض خالصة. «والمجتمع الرأسمالي 
الغربي اليوم يحوي عددا من المؤسسات الاشتراكية»». فالأيديولوجيات 
القديمة قد انتهت. وفي تقديمه للطبعة الأمريكية من كتابه. وقد صدرت 
بعد خطاب خروشوف. تساءل آرون مندهشا: «هل ما تزال هناك حاجة 
لإدانة أفيون المثقفين؟ ألم يحمل ستالين معه إلى الموت لا الستالينية 
وحدهاء بل أيضا عصر الأيديولوجياة,!". 
وانضم آرون إلى جوقة من الأصوات في أورويا والولايات المتحدة, 
تصاعدت خلال عقد الخمسينيات. أعلن المؤلفون ‏ باحتفال عند بعضهم 
و رثاء عند بعضهم الآخر . نهاية الأيديولوجيا واليوتوبيا. إنهم لم يكتفوا - 
بيساطة ‏ بتمجيد الرأسمالية التي لا تفنيء لكنهم ‏ بالأحرى ‏ أكدوا أن 
الحقائق الاقتصادية والسياسية الجديدة تقدمت إلى ما وراء دم سميث 
وكارل ماركس معا. فدولة الرخاء التي تشمل السياسات,. والتي تُعِدّل _ لا 
كول - الرأسمالية الليبرالية: هي ما تحدد المستقبل: على أنهم كانوا 
يقيمون تأكيداتهم على أساس تلاشي الرؤية الراديكالية. 
وريما ظهر تعبير «نهاية الأيديولوجيا» للمرة الأولى في كتابات الروائي 
وكاتب المقالات الفرنسي ألبير كامي. ضفي العام 1947: كتب مقالة في 





نهاية اليوتوييا 


صحيفة «المقاومة» التي كان يصدرهاء انتقد فيها جهود الاشتراكيين 
الفرنسيين الحديثة لعقد مصالحة بين الماركسية والأخلاق. وعند كامي, 
فإن هذه المصالحة لا يمكن أن تتم؛ لأن العقيدة الماركسية التي ترى أن 
الغايات تبرر الوسائل تسبغ مشروعية على القتل. وعلى الاشتراكيين أن 
يختاروأ إما القبول وإما الرفض للماركسية من حيث هي «فلسفة مطلقة» 
وإذا أخذوا بالاختيار الأخير, فإن الاشتراكيين «سيكتشفون أن عصرنا 
يتميز بنهاية الأيديولوجيات. أي اليوتوبيات المطلقة التي تقوم: في 
الحقيقة. يتدمير ذاتها..("), 

يعدها بعدة سنوات استخدم أستاذ كبير فقي جامعة هارفارد هو 
ه. ستيوارت هيوز مصطلح «نهاية الأيديولوجيا» في بحث له عن مزاج 
المثقفين الأوروبيين. فقد لاحظ هيوز أن «المثقف الأوروبي اليساري» أصبح 
الآن على يقين «بقدر من الشعور بالصدمة» أنه يفضل الرأسمالية على 
الشيوعية «فنهاية صوفية اليسار هي أوضح الإشارات التي ظهرت» منن 
الحرب. وأكد في هذه المقالة عن «نهاية الأيديولوجيا السياسية». في العام 
١‏ أن «اليسار أصبح يفتقد الاقتناع والأفكان["). 

وقدم كثير من الدارسين والمعلقين حججا مشابهة خلال 
الخمسينيات: جوديث ن. شكلار ‏ في كتابها «ما بعد اليوتوبيا: انهيار 
الإيمان السياسي» ‏ وضعت للفصل الأخير منه عنوان «نهاية 
الراديكالية», وكتبت فيه إن الراديكالية «أصبحت اليوم «موضة» بالية 
تماما», من حيث إنها «تتطلب الحد الأدنى من الإيمان باليوتوبيا» بمعنى 
أن الناس قادرون على تحويل بيكتهم الاجتماعية؛ وهذه الروح هي ما 
أصبحت مفتقدة الآن. وقد «عجزت الاشتراكية عن استعادة الروح 
الفقودة للمثالية اليوتوبية, وأصبحت اليوم لا هي راديكالية ولا هي قادرة 
على غرس الأمل»». ومن ثم تستنتج: «إن كل ما نحن بحاجة إلى تقريره 
اللآن هو أن الاشتراكية لم يعد لديها ما تقول...» (3),. 

ويوافق سيمور مارتين ليبست على أن «السياسة اليوم قد أصبحت 
أمرا مضجرا ...» وقد بدأ كتابه «الإنسان السياسي» الصادر في العام 
باقتياس عن صحافي سويدي: «إن القضايا الوحيدة الآن هي ما 
إذا كان من حق عمال المعادن أن يحصلوا على أجر أكبر مقابل ساعة 





نهاية الأيدرولوجيا 


العمل أو ما إذا كان من الضروري ارتفاع أسعار الحليبء أو التوسع ضي 
تعويضات المتقدمين في السن...»: وعند ليبيست ‏ كما هو الأمر عند 
آرون ‏ فإن «المشاكل السياسية الأساسية للثورة الصناعية» لم تعد تؤدي 
إلى خلافات أيديولوجية. وهو يؤكد أن «هذا الانتصار ذاته الذي حققته 
الثورة الديموقراطية الاجتماعية في الغرب قد وضع النهاية للسياسة 
على المستوى الداخلي أو المحلي بالنسية تهؤلاء المثنفين الذين يجب أن 
تكون 6 أيديولوجيات أو يوتويبيات تدفعهم إلى العمل 
السيائت.:1) 

ودوة دائييل بيل في «نهاية الأيديولوجيا » أكثر المعادلات حدة: 
فأيديولوجيات القرن التاسع عشر القديمة قد «أنهكت». قوضتها أهوال 
الشيوعية العنوفييتية من جانب: ونجاح الراسمانية الليبرانية من 
الجانب الآخر. «إن كوارث مثل محاكمات موسكو والحلف النازي 
السوفييتي ومعسكرات الاعتقال وقمع العمال في المجرء تشكل ساسلة 
(من الأحداث): وتغيرات اجتماعية مثل تعديل الرأسمالية وقيام دولة 
الرفاه, تشكل سلسلة أخرى...». ومع نهاية الخمسينيات يقرر بيل إن 
«المشاعر القديمة قد انقضت» و«الراديكالية السياسية ‏ الاقتصادية 
القديمة قد فقدت معناها...» وبدا الأمر واضحا: دإن العصر 
الأيديولوجي قد انتهى». أو كما يصوغها بيل: «في العالم الغربي»؛ إدن» 
ثمة إجماع تقريبي بين المثقفين حول قضايا سياسية: قبول دولة الرفاه 
وتفضيل السلطة اللامركزية ونظام يقوم على الاقتصاد المختلط 
والتعسية السيانية 0 

وينتهي كتاب «نهاية الأيديولوجيا»: المنشور في العام :151١‏ بتأملات 
حول مصير المثقفين الأكثر شبابا في عالم قد أحال الراديكالية 
واليسوتوبية إلى التقاعد. إن الجيل الجديد «بذاكرة خلو» مسن 
خلافات الماضيء يجد نفسه في مجتمع يرفض «تلك الرؤى» 
التي تعتند على عفر الرؤيا» أو «عوة المسينم إلى الأرض» وييحف 
بحثا لا يهدأ عن راديكالية ثقافية جديدة» فلا يجد شيئًا: 
الأيديولوجيا «فقدت حيويتها الثقافية». والسياسة لا تقدم سوى 
«قدر قليل من الإثارة»» والإصلاحات الاجتماعية لا تقدم «حافزا 





نهاية اليوتوبيا 


للتوحد»»: «ويبقى ما إذا كان مثقفو الغرب يمكن أن يجدوا ما يثير 
مقا وهم تخارج الشياينة أسنالة فيها نكي" 

بعدها بعامين: أصدر بيل طبعة جديدة من «نهاية الأيديولوجيا» 
اشتملت على مراجعة طفيفة تمثلت في تسجيله لتغير حدث في الحقائق 
السياسية؛ ففيما بين العامين 115591955١‏ بدا في المشهد شيء جديد: 
إنه يسار جديد. «ولكي نتهي كتابا عن الأيديولوجيا». أضاف بيلء «فإن 
هذا لا يعني أن ندير ظهورنا إليهاء ما هو بالغ الأهمية الآن أن ثمة 
«يسارا جديد|» يتكون. ويحمل أقل ام عن الماضي». ويتساءل بيل: 
إلى أين يمضي هذا اليسار. وماذا تتضمن سياساته (' أو 

لأسياب قوية: كان التاريخ يتسارع أوائل الستينيات.:؛ ووحدت 
الراديكالية حياة جديدة: وقّوي الصراع الأيديولوجي بدل أن يضعف. 
اجتاح فيدل كاسترو هافانا في العام 1109: بعدها بعامين قطعت الولايات 
المتحدة علاقاتها مع كوباء وبدا كاسترو و رفيق سلاحه «تشي جيفارا» فضي 
عيون الكثيرين بطلين رومانسيين يلهمان الثورة في كل أرجاء الأمريكتين. 
والطلاب الذين كانوا يحتجون على الفصل العنصري في ولايات الجنوب. 
سرى إليهم ‏ مثل التيار الكهربي ‏ دعم الشباب في الشمال. إن سياسية 
جديدة كانت تنتشر في أرجاء الأرض. 

يتذكر تود جيتلين ‏ ضي تأريخه لسنوات الستينيات ‏ يوما في العام 
«كنت أسير عبر ميدان هارفارد» فرأيت ملصقا على أحد أعمدة 
الهاتف». كان يعلن عن اجتماع حاشد ضد الأساحة النووية؛ يلقي فيه 
إريك فروم خطاباء وتقدم موسيقى لكل من بيتر سيجر وجوان باينر, «ضي 
العام الماضي كنت أستطيع أن أواصل السير دون أن أعنى بإلقاء حتى 
مجرد نظرة إليه؛ أما الآن طلم أستطع المقاومة». إن شيئا ما قد تغير. 
بدا ارم يني لوه جيتلين مقط ففي تلك الليلة احتشد في الساحة 
ستة الاضفااءثت 0 

اليسار الجديد. وعقد الستينيات عصيان على التلخيص والإيجاز, 
وسيظلان موضع نقاش وخلافء. وعقد الستينيات حين بدأ لم يكن أحد 
يعرف ماذا سيحقق وإلى أين ينتهي. فعند بعض المحافظين يظل عقد 
الستينيات حيا من حيث إنه فترة توعك أمريكا ومشكلة المخدرات 





نهاية الأيديولوجيا 


والقهر الطبقي. والأكشر اعتدالا من هؤلاء سيشهدون بأنه عقد نهاية 
الحرب في فيام وبزوغ وعي جديد بأشكال عدم المساواة العنصرية 
والاجتماعية. وفلة ترى أن عقد الستينيات كان فترة جدل قاس. إنها لم 
تكن ثورة سياسية فقطء. بل ثورة في الحياة والقيم الأخلاقية: ونوقشت 
القضايا الجنسية بل ولوحقت أحياناء وكان شعار الستينيات «ما هو 
جنسي هو سياسي» يعني أن الحياة الخاصة: والتي كانت تعتبر يوما 
خارج دائرة السياسة: أصيحت موضو نقد وييانات. وخفت الحديث 
عن «نهاية الأيديولوجيا». 

على الأقل, هذا ما كان يعتقده الكثيرون. وبالقعلء في العام 157١‏ قام 
عالم الاجتماع الراديكالي س. رايت ميلز بتوجيه الاتهام لمناصري القول 
«بنهاية الأيديولوجياء بأنهم محافظون صريحون وليبراليون متعبون 
وراديكاليون ساخطون... «وضي النهاية, فإن القول بنهاية الأيديولوجيا يقوم 
على وهم التحرر من أي التزام حقيقي أو اث شتراكية حقيقية»»؛ وأنصاره 
«يعتقدون بأنه في الغرب ليس ثمة قضايا أخلاقية حقيقية... فالاقتصاد 
المختلط زائد دولة الرفاه زائدا الرخاء... تلك هي الصيغة التي توحي بأن 
الرأسمالية ما تزال قادرة على العمل». وعند ميلز فإن هذا أمر 0 
السخهرية: فالقول بنهاية الأيديولوجية «في سبيله إلى الزوال... 
يسار جديد يتشكل؛ وهو لا يخشى أن يكون و ... «ألم تكن 0 
مصدرا مهما من مصادر قوتنا... إن عملنا النظري هو في الحقيقة ذو 
طابع يوتوبي؛ وبالنسبة لي على الأقل ‏ فإن هذا أمر يتم عن عمد... وما 
هو بحاجة إلى أن يتغير ليس هذا التفصيل أو ذاك... (ولكن) بنية 
المؤوسسات وأساس السياسات!("). 

أما في العقود العديدة التالية: فقد تلقت مقولة نهاية الأيديولوجيا 
الضريات: فمع حركة الحقوق المدنية والقوة السوداء والاحتجاج ضد 
الحرب والنضال الوطني من أجل التحرر والحركة النسوية: بدا أن العالم 
غارق في الثورة وفي الأيديولوجيا. تساءل أحد المراقبين في العام /1971: 
«ما الدليل على تلك الموضة المتصاعدة المتمثلة في القول بانطفاء 
الأيديولوجيا في الغرب5»»: ولم يجد سوى القليل: ومن ثم قال في مقال 
كان عنوانه نهاية نهاية الأيديولوجيا... «إن الأيديولوجيا اليوم تتعاظم 





نهاية اليوتوبيا 


أكثر من أي وقت مضى...!' '). وذكر معلق آخر أن مقولة بيل تحمل نكهة 
الماضي.. . «فعقد الستينيات ‏ وقد قطع اليوم منتصف المسافة ‏ يشير لآن 
الحكم بالإعدام الذي أصدره بيل ربما كان فجا بعض الشيء....!"'). في 
حين كتب محلل آخر: «قبل سنوات ظليلة فقط كان يمكن تلمرء 0 
بنهاية الأيديولوجياء أما اليوم فإن حركة الطلاب البازغة تدحض هذه 
الفكرة...,10). 

وفي العام /1957ء اتخن كريستوفر لاش عبارة بيل ليصدر بها كتابه؛ ثم 
راح يطلق النار على فكرة نهاية الأيديولوجياء بدأ لاش بالقول: «إن كل 
المجتمعات الغربية تواجه إنذارات بالعصيان من داخلها... وقد فجرت 
فيتتام الإجماع حول الحرب الباردة. وأصبح التهديد بالشغب والإخلال 
بالأمن ملمحا دائما في حياة المدن...». فالمناضلون السود يهاجمون أمريكا 
ويدعمون ثورات العالم الثالث. والطلاب يتمردون في باريس وبرلين وروما 
ومدريدء وعند لاش فإن المجتمع بعد الصناعي يفجر صراعات جديدة 
ونحن نشهد «انبعاث الأيديولوجياء!(""). 

وفي العام 1977 لخّص أحد الكتّاب الأمر كما يلي: «قبل زمن ليس 

بعيداء كان رايموند آرون ودانييل بيل وسيمور مارتني ليبست وآخرون 

يتنبأون ‏ واثقين ‏ بانطفاء الوهج الأيديولوجي في البلاد الصناعية 
الغربية. وكان هذا 0 .فقد تميز العقدان السابقان بنمو وتكاثر 
الأيديولوجيات الكلية,!' '), "2 ولم يبد أن شيئا كان أكثر إفلاسا من فكرة 
الاتفاق الواسع حول دولة الرضاه والتعددية؛ ولم يبد أن شيئا كان أكثر 
يميفافن من إعلان انتهاء الانقسامات السياسية الأساسية, أي نهاية 
الأيديولوجيا. 

وحتى اليوم. في العام 1545: انهارت الشيوعية في أوروبا الشرقية, 
وسرعان ما تبعها تفكك الاتحاد السوفييتي. والتاريخ لا يعيد نفسه. لكن 
أحداثه تتقارب أحيانا. وحين عرف إريك هونيكر زعيم المانيا الشرقية, 
بأمر المظاهرات الجماهيرية التي خرجت في ليبزج في أكتوبر العام 
5 تساءل: مشيرا إلى إضرابات العام 1907: «هل هو ١1‏ يونيو 
6 ولم يكن ذلك فقطه بل كان أسوأء حيث إن الجماهير قامت 

هذه المرة بتفكيك الدولة وإدانة هونيكر بارتكاب جرائم ضد مواطنيها. 





تهاية الأيديولوجيا 


إن أحدات العام 1944 تمثل تحولا حاسما في روح العصرء لقد 
مضى التاريخ في خطوط متعرجة. وليس ثمة درس مستفادء لكن 
الواضح أن الراديكالية ‏ والروح اليوتوبية التي تغذيها ‏ لم تعد قوة 
سياسية؛ أو حتى تقافيةء أساسية: وليس لهذا الأمر علاقة بسيطة 
بأنصارها اليساريين. إن حيوية الليبرالية تستند إلى جناحها اليساري, 
الذي يقوم لها بدوري المهماز والناقد. وحين يتخلى اليسار عن 
رؤية ماء تفقد الليبرالية مفزاهاء ومن ثم تتحول إلى شيء رخو مترهل 

وقد أصاب بيل؛ لولا أنه لم يستخلص كل النتائج. وتَسَرّعَ في إطلاق 
النار. وإذا نحن استعدنا كلماته التي كتبها في العام ١97٠١‏ حول أن 
المفكرين السياسيين المسؤولين يؤمنون «بقبول دولة الرضاهء وتفضيل 
السلطة اللامركزية؛ ونظام يقوم على الاقتصاد المختلط والتعددية 
السياسية». فهل ثمة من يعترض على هذا القول اليوم على أي حال؛ فإن 


بيل قد فاتته المفارقة الأساسية وهي أن هزيمة الراديكالية تستنزف القوى 
الحيوية لليبرالية. 


والحقيقة أن قراءة روح العصر تفسح مكانا للجدلء فكثيرون 
يزعمون أن شيئًا لم يتغيرء بتبجح أو عماء يعيدون الأقوال المأثورة 
المعتادة. وفي العام ١4460‏ شجب بول لوتر ‏ وهو أستاذ يساري 
إنجليزي ‏ القول «بنهاية الآيديولوجياء». باعتباره صخبا يقوم على 
الدجل والشعوذة «لقد كان للأكاديمية داكما نصيبها من الدجالين 
والأضاقين والمنحطين... لقد أنتجوا طبعة آرية من الكلاسيكيات 
ودراسات متزاوجة زائفة... وتاريضا خاليا من الكتاية السوداء. فضلا 
عن تلك المقولة المفضلة عندي من اللغو الأكاديمي والمتمثلة في القول 
بنهاية الأيديولوجياء!""). 

ولا يقف لوتر في هذا وحده. على الرغم من ذلك فإن الدليل يأتينا من 
كل مكان بأن حكمة «المنحطين» تتحدث إلى الحاضر بأفضل من بيانات 
الأساتنة الإنجليز الأثرياء. إن تحولا ذا طابع زلزالي قد حدث في 
الحقائق السياسية والثقافية. ولنقل بصراحة إن موت الشيوعية قد انتزع 
القوة من الراديكالية وأضعف الليبرالية. 





نهاية اليوتوبيا 


وكتاب فرانسيس فوكوياما ‏ الذي حظي بمناقشات كثيرة ‏ «نهاية 
التاريخ والإنسان الأخير» يتصدىء في جانب منه؛ لهذه القضية. وقضيته 
هي إعادة صياغة ‏ ذات زخرف فلسفي ‏ لتلك الحجج المبتذلة حول 
«نهاية الأيديولوجياء!'"2. وقد أضاف فوكوياما هيجل وألكسندر 
كوجييف. وهو هيجلي روسي ‏ فرنسيء إلى دانييل بيل!*'). في مقالة 
سابقة لصدور الكتاب يكتب فوكوياما «إن انتصار الغربء والفكرة 
الغربية: إنما يتضح . أولا وقبل أي شيء ‏ من الإنهاك الكامل لأي بدائل 
متطلمة وقائرة على التحياة تليبرالية الخزئء!" "عقن اللقة الستخوفة 
تستدعي أصداء «نهاية الأيديولوجيا» الذي يحمل عنوانا فرعيا يشير 
إلى «إنهاك» الأفكار السياسية. 

وقد أحس فوكوياما بالتقارب بين موقفه ومواقف بيل: فحاول أن 
يبتعد عنه؛ كتب: «إن الانتصار النهاتي للديموراطية الليبرالية 
الغربية... لا يؤدي إلى «نهاية الأيديولوجياء أو إلى نقاط التقاء بين 
الرأسمالية والاشتراكية... ولكن إلى انتصار لا شبهة طيه لليبرالية 
الاكتمعادية والمتيا كي ريل '؟ر لعن هدذه بالشينط فى كهة يل 
لا «نقاط التقاء» بل انتصار الرفاه أو الرأسمالية الليبرالية. إن فوكوياما 
يساند الأطروحات تفسها. 

وهو يعترف بأن ثمة ماركسيين معزولين يمكن أن يوجدوا «في أماكن 
مثل ماناجوا أو بيونج يانج أو كامبريدج». لكن الراديكالية اليوم تفتقد 
القوة التاريخية أو المستقبل. غير أن الهواجس تشوش ابتهاج ضوكوياما. 
فموت المعارضة الراديكالية سيصحيه أيضا رحيل المثالية والعاطفة؛ ولن 
تبقى سوى التنظيمات التجارية والتعريفة الجمركية. وبالإشارة إلى حقيقة 
أن كوجييف الرائع أنهى حياته عاملا على تنظيم جماعة تجارية هي 
«السوق الأوروبية المشتركة» يأسف فوكوياما لأن «تزايد التسويق المشترك» 
يحدد المستقبل. وقد أنهى طوكوياما مقالته الأصلية بشعور يتمازج فيه 
الفرح والألم يعيد إلى الأذهان شكوك بيل؛: فهو يعبر عن لون من «الحنين» 
إلى تاريخ الأفكار الكبرى والأيديولوجيات القوية: 

«ستكون نهاية التاريخ حدثا جد حزين؛ فالتضال من أجل 
التميزء والمخاطرة بحياة الفرد من أجل هدف مجرد خالص: والصراع 





نهاية الأيديولوجيا 


الأيديولوجي على نطاق العالم الذي يستثير الجسارة والشجاعمة 
والمشالية والخيال؛ ستحل محلها جميعا الحسابات الاقتصادية 
والحلول التي لا تنتهي للمشاكل التقنية: والاهتمامات البيئية 
وإشباع المطالب المتحذلقاة للمستهلكين. في حقبة ما بعد التاريخ: ثن 
يكون ثمة شعرولا فلسفة, فقط الوصاية الدائسة على متحف 
التاريخ الإنساني....(""). 
وقد أآثارت دعوى فوكوياما نقدا مستفيضا وقاسياء لكن نصفهاء 
على الأقل؛ ثبت لهذا النقد!""2. وفي كتابه رأى «ثورة ليبرالية تشمل 
العالم» أو «تاريخا عالميا للإنسان في اتجاه الديموقراطية الليبرالية», 
وأعلن ليس فقط نهاية الأيديولوجياء بل نهاية التاريخ. وعلى أي حال 
فلم ينته التاريخ؛ ولا انتصرت الديموقراطية الليبرالية في كل مكان. 
ولا يزال للنظم الفاشية والمستبدة مستقبل زاهر. لقد أسرف ضوكوياما 
في استخدام براعته لتأكيد هذه القضاياء لكنه لم يلق اهتماما لتلك 
النتيجة المتناقضة لهزيمة اليسارية؛ آلا وهي ضياع الوضوح الليبرالي 
وصدق العزيمة. 
على أن القول بأن أوان الراديكالية قد انقضى يبدو صحيحا. بعيدا 
عن قلة من المتتمسكين بعنادهم: والضائعين في العواصم وباحات 
الجامعات: فإن المثقفين قد أصبحوا ‏ طوعا أو كرها ‏ ليبراليين: 
«في زمان أجدادناء كان كثير من الناس ذوو العقل والاتزان 
يتطلعون إلى مستقبل اشتراكي مشرق؛ يتم فيه القضاء على 
الرأسمالية والملكية الخاصة... أما اليوم؛ فعلى النقيض» نحن نجد 
صعوية في تخيل مستقبل أفضل ‏ على نحو جذري - مما تحن 
ضيه أومستقيل لا يكون ‏ بصورة أساسية ‏ ديموق راطيا 
ورأسماليا... وداخل هذا الإطاريمكن ‏ بطبيعة الحال ‏ أن تتحسن 
أموركثيرة تتعلق يمن لا مأوى لهم... الأقليات... الوظائف... 
ونستطيع أن نتصورعوالم في المستقبل تكون- على نحودال- 
أسوأ مما نعرف الآن؛ لكننا لا نستطيع أن نصور لأتفسنا هاما 
يختلف اختلافا أساسيا عن الحاضر الذي تحن فيه: ويكون أفضل 


في الوقت ذاته..., (1). 





تهاية اليوتوييا 


وقد أثبت فوكوياما حقيقة يأبى الكثيرون الاعتراف بها : اليوم لا يحلم 
الاشتراكيون واليساريون بمستقبل يختلف اختلافا كيفيا عن الحاضر. أو 
لنضع الأمر على نحو آخر: إن الراديكالية لم تعد اليوم تصدق ذاتها . وضي 
وقت من الأوقات تصرف اليساريون كما لو كانوا قادرين على إعادة تنظيم 
المجتمع بشكل أساسي. وعلى المستوى الثقافي غدَّى هذا الاعتقاد رؤية 
يوتوبية المجتمع جديدء وعلى المستوى السيكولوجي فقد كان يقوم على ثقة 
بالذات فيما يتعلق بمكان الإنسان في التاريخ؛ وعلى المستوى السياسي 
فقد كان يعتمد على إمكانات وتوقعات حقيقية. 

اليوم تقوضت هذه الرؤية: تبددت الثقة بالذات. ونضيت الإمكانات. 
وفي كل مكان تقريبا يتقلص اليسار وينكمش؛ ليس ببساطة على المستوى 
السياسي وحده؛ بل ربما بشكل أكثر حسما على المستوى الثقاضي كذلك. 
ولكي يتجنب إمعان النظر في الهزيمة وما تعنيه أصبح اليسار اليوم, 
بدرجة كبيرة, يتحدث بلغة الليبرالية: مصطلحات التعدد والحقوق. في 
الوقت ذاته يعاني الليبراليون؛ المجردون من جناح يساري. سقم الخيال 
وضعف الإرادة. 

في أفضل الأحوال يتصور الراديكاليون واليساريون مجتمعا مُمَّدِلا 
يتيح قضمة كبرى من الفطيرة لمزيد من الزبائن. لقد تحولوا إلى نفعيين 
وليبراليين واحتفاليين. يوما ما نبذ اليسار السوق من حيث هو استغلالي. 
وهو اليوم يمجد السوق من حيث هو عقلاني وإنساني. يوما ما أدان 
اليسار ثقافة الجماهير من حيث هي استغلالية, وهو اليوم يحتفل بها من 
حيث هي ثورية. يوما ما احتفى اليسار بالمثقفين المستقلين من حيث هم 
شجعان؛ وهو اليوم يهزأ بهم من حيث هم نخبويون. يوما ما رفض اليسار 
التعددية من حيث إنها سطحية؛ وهو اليوم يقدسها من حيث إنها عميقة 
المضمون. إننا شهود ليس فقط على هزيمة اليسار, بل على تحوله. بل 
ريما انقلابه من النقيض إلى النقيض. 

وبطبيعة الحال؛ فإن هذا التفسير للماضي القريب يمكن مواجهته. 
فلماذا تُحمّل الراديكاليين آثام الستالينية الرهيبة؟ ولماذا نتهم اليسار 
العريض بجرائم الماركسية السوفييتية؟ فخلال السنوات الأربعين الأخيرة 
كان اليساون على وجه اليقين في الولايات المتحدة ‏ يُكنّ أقل قدر من 





نهاية الأيديولوجيا 


التعاطف تجاه الستالينية والنظم الستالينية في أوروبا الشرقية. قم 
بتمحيص وغربلة أكوام الكراسات والصحف والمنشورات اليسارية خلال 
عقدي الستينيات والسبعينيات. وسيعجزك أن تجد كلمة واحدة تتوجه 
بالمديح نحو ألمانيا الشرقية أو بولندا. 

لقد اختصم اليسار الجديد مع اليسار القديم بسبب هذه المسألة على 
وجه التحديد: الستالينية. فقد شاء اليسار الجديد ألا تكون له علاقة 
بأولئك القادة المستبدين والموظفين البيروقراطيين وشيوعية الثكنات. 
ولهذا السبب لم يصدم اليسار الجديد الشيوعيين المحافظين وحدهم: بل 
صدم الشيوعيين البلهاء ومتبلدي الحس كذلكء ومن ثم اعتبر اليسار 
الجديد فوضويا إلى حد بعيد و استجابت الأحزاب الشيوعية في كل 
مكان تقريبا استجابات تتسم بالهلع تجاه اليسار الجديد. وفي 
السبعينيات. صدر كتاب يعد نموذجيا في هذا السياق بعنوان «أساطير 
معادية للشيوعية وراء أقنعة يسارية» يهاجم اليساريين الجدد باعتبارهم 
فوضويين وخلعاء فاسقين(”") 

ويمكننا أن نمضي أبعد. فقد أعان اليسار الجديد على تحطيم 
الستالينية. يكتب الناقد بول بيرمان في كتابه «قصة يوتوبيتين»: «هنا 
وهناك فإن قادة ثورات 44 من مثل فاسلاف هافل في تشيكوسلوفاكيا 
وآدم ميتشنك في بولندا ‏ كانوا هم أنفسهم هؤلاء الأشخاص البطوليين 
الذين قامواء وهم بعد راديكاليون شبان؛ قاموا بأدوار في قيادة حركات 
4 مما كشف عن الصلة بين هبة والهرة التالية عليها:..يذ' '), 

ميتشنك ‏ على الأقل ‏ يبدي نصف الموافقة: فقد كتب: «بالنسبة إلى 
جيليء بدأ طريق الحرية في العام 1974...» ويعترف بأنه «للنظرة الأولى» 
فإن «الطلاب المتمردين في بيركلي وباريس من ناحيةء وهؤلاء في وارسو 
وبراغ؛ من الناحية الأخرىء لم يكونوا يتشاركون في أمور كثيرة. الأولون 
يرفضون الحريات الديموقراطية؛: ويمجدون المشروع الشيوعيء والآخرون 
يمجدون لت ال وترتككم الشيوعية... على الرغم من 
ذلك أعتقد أنه كان ثمة خيوط مشتركة: الروح المعادية للاستبدادء والحس 
بالتتحررء والاقتناع بأنه (كي تكون واقعيا عليك أن تطلب 
المستحيل).. لكك 





نهاية اليوتوبيا 


وهافل أيضا وجد الدعم من ثقافة الستينيات: ويرجع جانب منه إلى 
زيارة قام بها إلى نيويورك في العام 1514. يكتب بيرمان إن حركة 
المنشقين التشيك كانت تأييدا «عرضيا لبعض النظريات الثقافية الأكثر 
عنفا التي أ صبحت رائجة عند اليسار الجديد الأمريكي حوالى العام 
5 ...» وحين حظرت السلطات التشيكية قيام جماعة متشددة: قام 
هافل وآخرون. من اليساريين الأقل تشدداء بحشد قواهم لمساندة تلك 
الجماعة في شكل لجنة تحولت إلى ما عرف بميثاق //ا؛ والتي أصبحت 
رأس الحرية في المعارضة السنوات العشر التالية. ولتأييد القضية نفسهاء 
قام هافل بعد أقل من شهر من توليه الرئاسة التشيكية بدعوة فرانك زابا 
إلى براغ حيث استقبله أنصاره استقبالا حافلا. «وبدا هيبيز العام ١974‏ 
محتفظين بخصائصهم كلهاء (كما يقول بيرمان)!''). ويلاحظ تيموثى 
جارتون آش «أن التشيك كانوا مبتهجين وهم يعلنون أن 89 هي 58 وقد 
انقلبت رأسا على عقب...(9). 

ولكن يبقى القول بأن اليسار الجديد قال بتحطيم الستالينية قولا 
مطاطا ومبالغا فيه. ربما لعب دورا صفيرا في هذا الشأن في 
تشيكوساوفاكيا وبولنداء ليس أكثر. كذلك ليست هناك حاجة إلى 
التبسيط الزائد ضيما يتعلق باليسار الجديد. فما قام به «هذا» اليسار 
خلال عشرين سنة ونيف لا يمكن تصنيفه في فثة محددة؛ فبعض 
الأغراد ازدروا اليسار القديم وتخلوا عنه. وبعضهم خرجوا من اليسار 
القديم ولم يتخلوا عن الستالينية أبداء وبعض الأفراد والجماعات 
المنشقة أعادت اعتتاقها . 

وعلى سبيل المثال؛ ذفي العام 19177 قامت دار نشر أمريكية شهيرة هى 
«دابل داي» بإصدار مجموعة كتابات ستالين أشرف على تحريرها أستاذ 
إنجليزي ينتمي إلى اليسار الجديد هو ه. بروس فرانكلين. وقد بدأ 
تقديمه كما يلي: «اعتدت أن أفكر في جوزيف ستالين ياعتباره طاغية 
وسفاحا سجن وقتل الملايين: وخان الثورة الروسية. وباع النضال من أجل 
التحرر...». ويواصل فرانكلين: «ولكن بالنسبة لبليون إنسان في عالم 
اليوم» ‏ بليون زائد واحد هو غرانكلين ‏ فإن ستالين «هو نقيض ما نتصوره 
نحن في العالم الرأسمالي». وطبقا لفرانكلين ‏ وهو اليوم استاذ كرسي 





نهاية الأيديولوجيا 


في جامعة روتجرز ‏ ضإن ستالين كان محررا عظيماء وقائدا حقيقيا يوقره 
العاملون في كل أرجاء العالم7” '). إن هذا الهراء كان يصعب تقبله فى 
العام 1417؛ وفي الحقيقة كان يصعب تقبله أيضا في العام 1487., لكنه 
ليس ممثلا لليسار الجديد. 

لا يهم. فالمهم الآن هو مواصلة تقديم تاريخ اليسار الجديد,؛ لأنه ما 
يزال مجهولا لمعظم الناس: فالفوضويون والتروتسكيون وأنصار اليسار 
الجديد قد يكونون محتقرين للستالينية؛ لكنهم جميعا يتشاركون في 
الوقوف تحت لافتة اليسار العريضء ويتشاركون في المصيرء هذا ما 
لا خلاف حوله. وقد أدى سقوط الاتحاد السوفييتي وحلفائه 
الشيوعيين إلى انتزاع القوة من فكرة الاشتراكية. والاحتجاجات 
الشقافية قوية الحجة باسم الاشتراكية غير الملوثة؛ أو الماركسية 
«الكلاسيكية» هي ضرورية ولا جدوى منها شي الوقت ذاته(' '). يكتب 
اليساري الفرنسي أندريه جروز: «إنه ليس مجرد سقوط لون من ألوان 
الاشتراكية هو ما حدث مع الانهيار النهائي للنظام السوفييتي... 
هما سقط أيضا هو مفهوم الاشتراكية (أو الشيوعية) الحقيقية 
الأصيلة..("), 

وقد شهد كثيزون من النقاد والمراقبين كتابات بخط اليد على 
الجدران؛ على الرغم من أن تفسيراتهم تختلف بعد ذلك. يعترف إريك 
هويسباوم: وهو مؤرخ ماركسي مقاتل: «لقد ثبت خطأ الذين اعتقدوا 
أن ثورة أكتوبر كانت بوابة الدخول إلى مستقبل التاريخ الإنساني...». ثم 
يسَلَّم بأنه في عالم اليوم «ليس ثمة أي مكان من العالم يمثل نظاما 
بديلا للرأسمالية...» التي «أثبتت مرة أخرى أنها تظل أكثر القوى 
دينامية وضاعلية في تطور العالم....!*'. ويتفق معه في الرأي روبين 
بلاكبورن محرر «مجلة اليسار الجديد» (نيو لفت ريفيو): «إن انهيار 
شيوعية الماركسية اللينينية كان شاملا بما يكفي لاستبعادها كبديل 
للرأسمالية: وللناقشة حلول وسطى حول شكرة الاشتراكية ذاتها . وكانت 
كارثتة الستالينية قد حتمت إصلاح الشيوعية: ولم تقدم أي فائدة 
للتروتسكية ولا للاشتراكية الديموقراطية؛ ولا لأي تيار اشتراكي على 
الإطلاق...(8). 





نهاية اليوتوييا 


وعن اليسار في أمريكا الجنوبية يكتب جورج أ. كاستانيدا: «إن سقوط 
الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية يمثل نهاية يوتوبيا 
نشيطة ومؤثرة ومفعمة بالحياة دامت حوالى القرن. والحقيقة أن 
التساؤلات دارت بعنف حول مجرد فكرة وجود بديل شامل للحالة 
الراهنة... بل إن فكرة الثورة ذاتها ‏ وقد كانت فكرة مركزية في الفكر 
الراديكالي لأمريكا اللاتينية خلال عقود ‏ فقدت معناها ...,[”*, 

وعلى وجه الدقة. ضريما لم تمت الاشتراكية. لكن الثقة في إمكان قيام 
مجتمع جديد ومختلف هي التي ماتت. وبدل تمجيد فكرة راديكالية عن 
مجتمع جديدء تراجع اليسار ‏ على نحو لا سبيل إلى تجنبه ‏ إلى أفكار 
أصغر, تهدف إلى توسيع قاعدة البدائل المتاحة داخل المجتمع القائم. 
وعقب ملاحظته مباشرة للرابطة القائمة بين 485 و +214 يلاحظ آش 
وجه الاختلاف بينهما المتمثل في غياب اشتراكية جديدة أو يوتوبيا. ولم 
يبلغ اليسار في أوروبا الشرقية حد التطلع إلى مجتمع جديدفيما وراء 
الرأسمالية, لكنه ‏ بالأحرى ‏ عمد إلى دعم الديموقراطية البرلمانية 
وسيادة القانون واقتصاد السوقء أي المؤسسات المألوفة في أوروبا الغربية 
وأمريكا الشمائية(!), 

ويتفق ميتشنك مع هذا الرأي. وهو يلاحظ «الخيوط المشتركة» التى 
تربط «18» و«86». لكنه يؤكد على التناقض. فهو يكتب عن الستينيات: 
«في ذلك الوقت»: حددنا أنفسنا كاشتراكيين ومن أهل اليسار...» أما 
الآن» فإن «هذه الصيغة» تؤدي إلى قيام لون من «الاحتجاج الداخلي». 
بعد أن عاش أربعين عاما في «يوتوبيا» شيوعية: أصبح غير قادر على 
«إقرار» أيديولوجيتهال' '). وليس ميتشنك وحده. فالأمر ذاته صاغه 
- على نحو ما الدارس الإنجليزي ‏ التشيكي إرنست جيائر قبل وفاته 
بزمن قصير: دلا أحد - حرفيا: لا أحد ‏ لديه كلمة طيبة بحق الماركسية 
ذاتها... لم يحدث من قبل أن كان ثمة سفينة غارقة أجِتّنبت يمثل هذه 
الخفة وهذ! الإجماع؛ ولم يحدث من قبل أن كانت ثمة تجربة أدينت 
على هذا النحو الشامل...,("), 

حتى ميشا جليني الذي يحاول في دراسته الحاظلة بالمعلومات عن 
الشروات في أوروبا الشرقية أن ينقنذ سفينة الاشتراكية من الفرق؛ لا 





نهايةة الأيديولوجيا 


يمضي في هذا طويلا. إن العنوان ذاته الذي يختاره «إعادة ولادة التاريخ» 
يعني أن فكرة فرانسيس فوكوياما عن «نهاية التاريخ» (والاشتراكية) إنما 
هي فكرة مضللة. وهو بالتأكيد على صواب إلى حد ما. وحين شهد 
ألكسندر دوبيتشيكء الذي أطاح به السوفييت قبل عشرين عاماء يلقي 
خطابه أمام نصف مليون من التشيكيين المبتهجين في العام 6 فقد 
أحس وهو وسط الحشود الفارقة في الدموع... «إنها كانت الطريقة 
الوحيدة كي أتفهم معنى ما أشهده: إنه ميلاد جديد للتاريخ الذي حسبت 
قوى الرجعية أنها قضت عليه للأيد ..» (48), 

ويواضظق مراقبيون آخرون على أن أحداث العام 1986 يمكن قراءتها لا 
على أساس أنها نهاية التاريخ: بل بدايته. فقد انقضى ليل القهر الشيوعى 
الطويل. هفي العام ١944‏ احتشد بضع ممات الآلاف من المجريين ف 
جنازة دولة جماهيرية لإعادة دفن رئيسهم إيمري ناجي الذي أعدم بعد 
الغزو السوفييتي في العام 1501. كان هذا عملا من أعمال التحرر 
والحزن. كتب أحد المؤرخين في وصفه: «إن هذا المزاج المعتم الحزين, 
وأحيانا الدامع؛ لهذا الحشد الضخم. كان شاهدا على ثقل العبء 
الانفعالي للإحساس بالإذلال وقلة الحيلة الذي عاناه المجريون منذ العام : 
0 وهم الآن يمسكون مصائرهم بين أيديهم. 

على الرغم من ذلك؛ وكما لاحظ دافيد ماركوان؛ فإن «الجماهير التي 
احتشدت في ساحات أوروبا الشرقية «كانت» تتصرف بوحي من الثورة 
الفرنسية أو الأمريكية, لا الثورة البلشفية؛ بل إنهم كانوا يحتجون «ضد» 
ثورة أكتوبر. ومرة أخرى: الماركسية...»1'/). حتى جليني يعترف بأن 
جماهير أورويا الشرقية «كانت توحد في المفردات التي تستخدمها بين 
الاشتراكية من جانب؛ والإخفاق الاقتصادي والقمع السياسي من الجانب 
الآخر...». ومن ثم فإن الاشتراكية, التي بقيت على قيد الحياة في أوروبا 
الشرقية لا تكاد تتجاوز كثيرا جملة من الشكوك حول طبيعة السوق: 
والرغبة في الإبقاء على شبكة للضمان الاجتماعي("). 

بكلمات أخرى: إن هذه «الاشتراكية» لا تختلف عن الليبرالية الغريية 
القائمة على نهاية الأيديولوجياء والمرتبطة بدولة الرفاه والتي تخطط 
لإدخال إصلاحات ضثيلة عليها. والنقطة المهمة هي أن اليسار في كل 





نهاية اليوتوبيا 


مكان قد أصيح عمليا ونفعيا وليبراليا. يكتب دوجلاس كيلنرء وهو 
أستاذ يساريء في مقالة بعنوان «هل الماركسية إلى زوال5» : «ريما كنا 
في حاجة إلى إعادة التفكير في مفهوم الاشتراكية وإعادة بنائه... 
ريما يجب علينا أن ننظر إلى الاشتراكية كمال معياري أكثر منها قوة 
قار للا 

ويرى نورمان برنباوم ‏ وهو يلقي نظرة عامة إلى مأزق الاشتراكية ‏ أن 
الفكر الاشتراكي في «موقف دفاعي» دون أن يكون له رصيد أو مشروعات 
أو آمال. والاشتراكيون الأوروبيون قد أصبحواهعلى تهذيب بالغ... قانعين 
بأنصبة بالفة الضآلة... يخشون أن يطلبوا أكثر من أنفسهم أو من 
تاحبيهه !”أ ويلشضن ستانلي أورنوفيتز الموقف: «الحقيقة المرة هي 
أننا لا نجد الكثير مما يميز اليسار في الولايات المتحدة عن ليبرالية 
الرضاه الاجتماعي بالأمس وفي الحياة اليومية... وما يروع أكثر هو أننا 
نعيش زمنا نضبت فيه أفكار اليسار...,!' '). ويستنتج واحد من أكشر 
المفكرين ضهما لليسار أن الموقف يبدو كثيبا... «فليس بين التيارات 
السياسية التي قامت لمناهضة الرأسمالية في هذا القرن تيار واحد لديه 
الروح المعنوية أو البوصلة الهادية...». هذا ما وصل إليه بيري أندرسون 
في حوار طويل مع فرانسيس فوكوياما: «إن الرؤية الاشتراكية قد تدنت 
إلى مستوى الشك الراديكالي...[١”),‏ 

وما يصدق على الاشتراكيين ليس في حاجة إلى جهد كبير كي يسري 
أيضا على هؤلاء القريبين من المركز: الليبراليين. ولم تكن الاختلافات بين 
هذه الفئات السياسية كاملة الوضوح في يوم من الأيام: لكننا نستطيع أن 
نفترض - ونحن آمنون ‏ أنه إذا كان اليساريون قد نيذوا الاعتقاد بإمكان 
فيام مستقبل مختلفء فإن الليبراليين يربطون أنفسهم ‏ أكثر من أي وقت 
مضى - بدولة الرضاه. أو كما يكتب الميلسوف ريتشارد روتي: «نحن 
الليبراليين ليست لدينا سيناريوهات معقولة وعلى مستوى كبير... 
للمستقبل؛ وليست لدينا أفكار مماثلة لتلك التي لدى أجدادنا... من أجل 
تغيير العالم...("0, يجب أن ننبت المشروعات الكبيرة والأفكار الكبيرة 
التي ضالتنا في الماضي. «وآمل أن نستطيع ابتذال مجمل مصطلح الفكر 
السياسي اليساري». يجب أن نسقط تعبير «الرأسمالية». «ونصل إلى 





نهاية الأيديولوجيا 


استتتاج أن دول الرفاه البورجوازية الديموقراطية هي أفضل ما يمكن أن 
تتطائع له 0 1 

في عصر لم يكن به يسار كان الفلاسفة السياسيون مثل 
ميشيل ج. ساندل يستخدمون قاموسا جديدا أو أعيد صقله من أجل 
إحياء الليبرالية. وهو يحدثنا في كتابه الذي استقبل استقبالا حسنا 
«سخط الديموقراطية» أننا بحاجة إلى «أجندة سياسية جديدة تهبها 
الحياة جديلة من الحرية المدنية...». فماذا يعني هذا القول5 إنه لا يعني 
الكثيرء ولا يعني أمورا واضحة: فعلى الرغم من أن الجدية والنوايا 
الحسنة هي ما تميز كتاب ساندلء إلا أن لغته زلقاء ملساء مع مطالبات 
دائمة بالفضيلة المدنية والحريات الجمهورية. إنه يكتب بحس من الإثارة 
المتصاعدة: «ومن شأن الأجندة السياسية التي تغذيها الاهتمامات المدنية 
أن تشير الخلافات حول معنى الفضيلة وأشكال الحكم الذاتي...». إذا 
كان هذا القول لا يكاد يقول شيئاء فإن ساندل يزيده إيضاحا بأن هذه 
الأجندة تواجه تحديين محددين... «الأول هو ابتكار مؤسسات سياسية 
قادرة على السيطرة على الاقتصاد العالمي؛ والثاني هو تنمية الهويات 
المدنية الضرورية لصيانة هذه المؤسسات وإمدادها بالسلطة المعنوية التي 
تتطلبها ...» أو «من أجل بعث الحياة في الجديلة المدنية المتعلقة 
بالحرية...». فإن على الأمريكيين «أن يجدوا سبيلا للتساؤل حول 
الإجراءات الاقتصادية التي تحسن التواؤم مع الحكم الذاتي: وكيف يمكن 
للحياة العامة في مجتمع التعددية أن تنمي عند مواطنيها الفهم الذاتي 
الشامل الذي تتطلبه الاهتمامات المدنية...». 

تلك هي الليبرالية وقد فقدت مراسيها. إن ساندل يفيض في الحديث 
عن السلطة الأخلاقية والولاء المدني» وهي مصطلحات تبدو مثقفة وذات 
طابع ديني غالبء لكن معانيها غامضة. إن الصفات تتدفق حتى تصبح 
أكواما صغيرة على الصفحات: الفضيلة المدنيةء الهوية المدنية, السلطة 
الأخلاقية:ء الهوية المشتركة. والحقيقة أن ساندل يحدد أحيانا أنشطة 
تمثل مواطنة جديدة. وتبدو الممارسات جديرة بالاهتمام: لكنها ليست 
طازجة أو أصيلة بوجه خاصء ولا هي تتطلب خطابا جديدا. إنه يشير 
أحيانا إلى «المروّضين الخائبين» الذين يعارضون أهالي الامتدادات 





نهاية اليوتوبيا 


السكانية العشوائية الذين يعارضون انتشار المحلات متعددة الفروع فضي 
مجتمعاتهم المحلية أو الحضريين الجدد الذين «يقيمون مجتمعات محلية 
اكثر حقاوة بالنحياة امدنية القعمة بالحيوية 170 

وليست هذه أمثلة شاردة لليبرالية جادة ومهتزة: فالثرثرة حول 
الفضائل المدنية والأهداف الجمهورية تملأ ما لا يحصى من المقالات 
والأحاديث. في قاعات محاضرات حسنة الإعداد يحتشد كثير من 
الأساتذة الذين لا تفصح وجوههم عن شيء: كي يناقشوا الأزمسات 
الأمريكية قبل أن ينفضوا لحضور مأدبة غداء فاخرة. وما يقدمونه ليس 
خاطقاء لكنه متعال وغامض. يكتب توماس أ. سبراجنس؛ وهو أستاذ 
جامعي كبير: «إن طبعة أكثر جماعية من الليبرالية يمكن أن تتيح لها 
استعادة بعض ما كان لها في بدايتها من تركيب معياري وثقل معنوي...». 
وسبراجنس ‏ مثل ساندل ‏ يرى أن هذه البلاغة تتضمن أمورا عملية: 
فاللييراليون «يسعون إلى تصميم مؤسسات وسياسات اجتماعية على نحو 
يعمل على تنمية الصداقة المدنية والإاحساس بوجود هدف مشترك... 
وعليهم أن يبحثوا عن وسائل تنمية مؤسسات مثل المدارس العامة التي 
تجمع أناسا من أطر مرجعية متباينة معا... وسيمجدون خطابا عاما حول 
الهوية المشتركة والشاملة..»[**). 

ويقوم المنظّرون السياسيون بحشد هذه المادة كلها في واجهة العرضء. 
لعل أحدا يرغب في شراتها. إن من الصعب أن تقف ضد العاطفة وروح 
الشعبء ولكن من الصعب أيضا أن تفهم ماذا يعني هذا كله سوى الدعم 
العام للدولة الليبرالية والسياسات الديموقراطية. والمشكلة هي أن 
الليبرالية قد باخت وابتذلت لأن اليسار الذي أبقى عليها مخلصة قد 
اختفى أو تحول إلى الليبرالية أو كليهما معا. إن اليسار كان يشكّل العمود 
الفقري الليبرالي؛ وحين تبخر اليسار وَهَن العمود الفقري. إن انهيار 
الليبرالية أو مصيرها المحتوم من دون اليسار يمكن إدراكه بنظرة خاطفة 
إلى المسافة التي قطعت منذ جون ستيوارت ميل؛ الذي يستدعي ليبراليو 
اليوم اسمه كثيرا. ١‏ 1 

وعلى وجه مبسطء يمكن القول إن كتابات ميل؛: صفحة بعد صفحة 

وجملة بعد جملة؛ توجه ضرية لم يستطع الليبراليون المعاصرون ملاقاتها . 





نهاية الأيديولوجيا 


فقد تبنى الليبراليون الجدد مصطلحا محلقاء لكنه ليس متعاليا أو 
متجاوزاء طريفا لكنه ليس عميقا. إن نشوء ليبرالية مَزقّة وهشة لا 
يصدرء ببساطة؛ عن نقص الموهبة أو العبقرية. الأمرء بالأحرى. أن 
مشاطرة ميل في عالم اشتراكي أدى به إلى اشتراكية يوتوبية: وإلى أن 
يكتب بدفء وتعاطف عن الاشتراكية!'*). 
وقد تكون سيطرته على الحقائق الاقتصادية أحد الأسباب التي 
أكسبت كتابته وأفكاره ليبرالية عملية تخلى عنها التالون عليه. وهذا مثال: 
إن ميل يدافع عن الملكية الخاصة:؛ لكنه يقف ضد لون غير مقبول منها هو 
«ملكية الأرض» أي الملكية الخاصة لمساحات الأرض: 
دحين نتحداث عن «قدسية ال ملكية» فيجب أن نتذكر دائما أن مثل 
هذه القدسية لا تسري بالقدر نفسه على ملكية الأرض. لا أحد قد 
صنع الأرض. إنها الملكية الأصلية لكل أنواع البشر. وملكيتها يجب أن 
تكون؛ على وجه العموم: للمنفعة العامة. وحين تكون الملكية الخاصة 
للأرض ليست للمنفعة العامة فإن هذا شكل من أشكال الظلم... إن من 
الصعوبة بمكان أن تولد في هذا العالم ثم تكتشف أن كل عطايا 
الطبيعة مملوكة ملكية خاصة... ولكي يتصالح الثاس حول هذا... 
فلابد من إقناعهم بأن ا ملكية المقصورة على أغراد أو جماعات إثما هي 
لصلحة النوع الإنساني كله وهم من بين أضراده؛ ولكن... ليس ثمة 


إنسان عاقل واحد يمكن أن يقتنع بهذا ...:[1"”). 


كن ين 


وفي كل مكان؛ نستطيع أن نرصد معالم العودة إلى السوق أو الفكر 
المدني. وفي حقبة التفكك الأيديولوجيء لا يقدم اليساريون إلا أكثر 
الأهداف والأفكار تواضعا. يكتب عالم الاجتماع جيفري ألكسندر: «إن 
كثيرين من المثقفين أصحاب الالتزام السياسي» يتبنون اليوم أفكارا عن 
السوق يمكن وصفها بآنها عقلية ومتحررة... «إننا نشهد موت بديل 
رئيسيء لا في الفكر الاجتماعي فقطء ولكن ضي المجتمع ذاته..»[*”). 

ويرى بعض المراقبين ذوي الأهواء اليسارية أن المقولات السياسية 
القديمة قد فقدت معانيها. يكتب ميشيل توماسكي في كتابه «متروك 





نهاية اليوتوبيا 


للموت» الذي يحاول فيه بعث الحياة في اليسار: «إن الزمن قد تقدم نحو 
تقليل الاختلافات بين اللييراليين واليساريين...»: «قلا أحد يمكنه أن 
يتحدث, الآنء حديثا جادا عن تفكيك الرأسمالية: وهو ما كان المشروع 
الأساسي لليسار في أمريكا من قبل... وبالمثل؛ فلا أحد يمكنه أن يتحدث 
حديثا جادا عن اشتراكية عالمية..(01), 

وعند توماسكيء فإن إجراء إصلاحات صغيرة في السوق هي الحد 
الأقصى للطموح السياسي... «إن المبدأ الأول في البرنامج اليساري 
الجديد هو وضع إستراتيجية لحماية عائلات العاملين في عصر 
العولة...». والمشكلة تتعلق بمحدودية الأهداف أقل مما تتعلق بمحدودية 
الوسائل المتاحة. ضفحيث إن رأسمالية العولة لا يمكن مقاومتهاء فإن 
توماسكي يرى أن على اليسار ألا يعارض اتفاقيات التجارة الدولية؛ بل أن 
يعمل على تضمينها «ضرائب هادفة إلى المساواة» بحيث إن البضائع التي 
تُنتّجٍ بتكلفة أرخص ضفي بلاد العالم الثالث لا يمكن أن تباع بأسعار أقل من 
البضائع الأمريكية. 

وقد لا نكون في حاجة إلى تأكيد أن فكرة التعريفة الحمائية ليست 
فكرة راديكالية؛ والحقيقة أن أي إشارة إلى تحول أساسي لا تتردد أبدا 
في صفحات كتابه. إن توماسكي يهاجم الشركات الكبرى وأولئك 
المسؤولين التنفيذيين الذين تدفع لهم مكافآت باهظة:؛ لكنه يعتقد أنه 
في زمن الضريات الموجعة,. هذا فإنه «ضقط حين يتحدث مرشح 
للركاسة أو زعيم حزب أو سواهما من الشخصيات الرئيسة» ويهاجم. 
مرارا وتكراراء العلل والممساوئ «يمكن لهذه الشروط أن تبدأ فضي 
التفير...». وكما هي اللحال في معظم الأحيان, تصيح لغة المصلح 
العملي لينة وفامضة. ويدعو إلى «خطاب... هادف إلى اجتذاب 
العاملين ليلتفوا حول فكرة إيجابية ‏ وهو الإمكان الذي يمتلكونه 
كشركاء سياسيين ‏ كي يجعلوا الشركات الكبرى ورجال السياسة 
مستجيبين لهم...[”1 , 

أما رويرت كتنر في كتابه «كل شيء للبيع». وهو أقرب إلى تيار الوسط 
الليبرالي: فيطرح فكرا أشد ضيقا ومحدودية؛ فكل ما يرغب فيه هو 
إجراء يعض التعديل في السوق. وهو يرى نفسه ناقدا لاقتصاد «دعه 





نهاية الأيديولوحيا 


يعمل...» بشكله الخاصء ومناصرا لما يُدعى «الاقتصاد المختلط»؛ وهو 
ابتكار يوازي في أمريكيته ألكسندر هاميلتون أو ليندون ب. جونسون. 
ويعستقد أن النظام الرأسمالي هو «أرقى شكل من أشكال التنظيم 
الاقتصادي...». وأنه يكون أحيانا في حاجة إلى بعض الإضافات أو 
التصويبات أو التعديلات؛ في مجال الرعاية الصحية, على سبيل المثال, 
وهو يقدم نقدا مقنما لذلك الاقتراح ‏ الذي يصبح حقيقة في الغالب ‏ 
القاضي بأن تقوم المؤسسسات التي تحقق الأرياح بمد يد العون إلى 
الاحتياجات الصحية للناس. 

مرة ثانية: إن لدى كتنر أشياء كثيرة معقولة ليقول؛ لكن أحدا لا 
يستطيع أن يزعم أنه يقدم رؤية جديدة مختلفة لأمريكا. إن كتاباته 
ومواقفه تحمل طابع الفكر المعتاد في واشنطنء وهو يناصر اقتراحا 
بخلق فكة جديدة من «الشركة المسؤولة» التي يمكن أن تحظى 
بتخفيضات في الضرائب في مقابل توفير موارد مالية لشؤون البيئة أو 
شؤون العاملين. وبين شروط أخرى. فإن قيام هذه الشركة «يقتضي 
الإسهام؛ على الأقل بنسبة "1 من قوائم الأجورء في خطة تعويض 
متحركة تقوم على الأسس المقررة ذاتها لتعويض المعلمين في 
الميزانية...». ويتطلب هذا الاقتراح أيضا «نظاما ضرائبيا خاصا على 
سندات التجارة قصيزة الأجل...». 

والفكرة؛ كما هي مصاغة في لغة بيروقراطيي واشنطن؛ هي أقل من 
أن تثير الاهتمام: وهي بصعوبة مفهومة لغير المعنيين. وبعض اقتراحاته 
الأأخرى على مستوى منخفض من حيث إمكاناتها العملية. فلمواجهة 
اللامبالاة السياسية الواضحة لدى الأمريكيين: يقترح كتنر «هيئة محلفين 
سياسية»: شيئا يشبه هيئة محلفين زائفة: يتحمل فيها «مواطنون عاديون» 
مسؤولية حل مشاكل سياسية عامة وعسيرة؛ فبعد أن يقدم الخيراء 
آراءهم يصل المحلفون إلى الحكم. ولا يتضح لنا السبب الذي يدفع 
الأمريكيين الضجرين. الذين ‏ بصعوية ‏ يصوتون في الانتخابات أو 
يطالعون الصحفء إلى أن يقضي الواحد منهم أسبوعا يستمع إلى آراء 
الخبراء حول خطط الصحة العامة أو تعديل قوانين الضرائب. وعلى 
أي حال؛ فإن كتنر له خبرة مباشرة بهذه العملية: 





نهاية اليوتوبيا 


«لقد شاركت في واحد من هذه الشؤون: كان موضوعه العجز في 
الميزانية. كنت الشاهد الخبير في مواجهة ممثل الجمهوريين شيني 
ويسر... وكل منا يستعين يفريق من الخبراء... وقضى اثنا عشر 
شخصا من ال مواطنين العاديين ‏ كانت مكافأتهم رحلة إلى واشنطن 
إضافة إلى مكافأة شرفية متواضعة أفضل أوقات الأسبوع عاكفين 
على دراسة مسائل تتعلق با مالية, وقد صوتوا هي نهاية الأسبوع الى 
جائب خفض تغقات الدطاء....[1١).‏ 
ويقرر كتنر بكل جلال ومهابة ‏ أن مؤسسة وقفية وجامعة يمكن أن 
توفرا النفقات اللازمة لهذه التجرية في الفضيلة المدنية. وليس المرء ضفي 
حاجة إلى أن يكون مناصرا للجناح اليميني كي يتساءل عما إذا لم يكن 
ثمة وجوه أخرى لإنفاق المال سوى استدعاء وإطعام فرق عدة من الخبراء 
واثني عشر شخصا عاديا لقضاء «أفضل أوقات الأسبوع». وليس في 
حاجة إلى أن يكون ساخرا لاذع السهرية كي يتساءل حول إقحام 
«المواطنين العاديين» في مثل تلك الشؤون. وعلى أي حال؛ فإن هذا 
الاقتراح تكاد لا تكون له صلة باللامبالاة السياسية. 
أما بول ستار ‏ وهو شريك كتنر في تحرير مجلة سياسية ‏ فهو يضع 
الأمر مباشرة وبوضوح. فالاشتراكية ألهمت الليبرالية» يوماء بأفكار 
طموح عن التحولء لا أكثرء وقد آن الأوان لكي تترك الساحة. والمشروع 
الاشتراكي «يلقى الشكوك على نطاق واسع»»؛ والليبرالية لم تعد في 
حاجة إلى الاشتراكية... «فالاشتراكية, ببساطة ليست قّدرنا 
المرسوم...». وعند ستار فعلى الحلم القديم أن يستسلم. والنقطة 
الأساسية هي التعديلء لا التحول «إصلاح الرأسمالية: نعم؛ أما إبدالهاء 
فلا» وهو يدعو إلى وضع نهاية لقصة الحب القديمة... «فحين كانت 
الاشتراكية شابة متوهجة؛ وقع بعض الليبراليين في هواها وهاموا بهاء 
وهذا شيء مفهوم... وقد آن أن تصل هذه الحكاية الرومانسية إلى 
نهايتها مرة واحدة وإلى الأيد..500), 
حتى الجهد الجاد لإنعاش الراديكالية, كما في كتاب رالف ميليبائد 
«الاشتراكية في عصر متشكك». فإنه يقدم نفسه بهدوء واعتدال: «إن 
الحكومة الاشتراكية يجب أن تعطي الأولوية القصوى لتحقيق العمالة 


6 





تهاية الأيديولوجيا 


الكاملة. وعليها أن تحول حق العمل إلى واقع»»؛ ويواصل: «إن جانيا 
أساسيا من سياستها يجب أن يتوجه نحو إتاحة تسهيلات هائلة لإعادة 
تدريب وإعادة تجديد المهارات...72''). وهكذا... ففيما مضى من 
الزمان كان اليساريون والراديكاليون يتحدثون عن تحرير العمل ضي 
حين يدور الحديث كله الآن عن العمالة الكاملة. وإعادة تأهيل وتدريب 
القوة العاملة. 

ويشرح إيرا كاتزنلسونء وهو عالم سياسة يساري؛ لماذا يؤمن بأن 
الاشتراكية «يجب أن تمر بعملية إنقاص قاسية.. ». بحيث تضع لتفسها 
حدودها الذاتية ويكتب ‏ في لغة أنيقة مهذبة ‏ أن الاشتراكية يجب أن 
تتخلى عن هذا الحلم المستحيل بوجود مستقبل يخلو من الاستغلال خلوا 
تاماء وأن تتبنى أهدافا «ذات طبيعة تحسينية»: «وفي ل ذاته تستعيد 


الليبرالية الخصائص الاجتماعية الكامنة المتمثلة فى تقديرها لاك 
الاستقلال الذاتي...» ('). إن كاتزنلسون بالنسبة للاشتراكية مثل ساندل 


ويؤيد اشتراكيون آخرون ‏ مرة أخرى ‏ النماذج الإسكندنافية المألوفة. 
يكتب الكاتب الاشتراكي بوجدان دينيتش في كتابه «بعد الطوفان»: دإنه 
من المفيد أن نحدد أكثر مسألة إمكان قيام اشترا تراكية قابلة للحياة في 
مجتمع صناعي متقدم» والمثال؟ «دولة ذات تقدم كبير مثل السويد»![*"). 
ويضسرب تشارلس ديربر ‏ في كتابه «ما هو اليسار»؟ ‏ المثال بالمؤوسسات 
التعاونية الباسكية في إقليم موتدراجون في إسبانياء فيكتب بروح من 
التفاؤل: «إن موندراجون ليس اسما مألوفا الآن» لكنه يجب أن يكون 
كذلك؛ وسوف يكون كذلك...», فقد وجد في موندراجون مؤسسات يملكها 
ويديرها العاملون فيهاء وهذا نموذج يمكن أن يضاهى!""). 

حتى الاشتراكيون المصلبون يؤيدون هذا التحول الشامل فى 
المشروعات السياسية. والاشتراكيون يقدمون أنفسهم اليوم باعتبارهم 
رجال أعمال ذوي طابع عملي. وهم قد أحلوا أنفسهم من المواقف 
الراديكالية واليوتوبيات الغارقة ضفي الضباب. يفتتح جون أ. رويمر ‏ وهو 
مفكر يساري مرصوق ‏ كتابه «مستقبل الاشتراكية» بانهيار الشيوعية 
السوفييتية. لكنه يقول إن هناك «اشتراكية بديلة» أو «اشتراكية سوق» ما 





نهاية اليوتوييا 


زالت ممكنة ومرغوبا فيها. وهو يريد اشتراكية تعمل على تحقيق هدضين 
معا «الكفاءة والمساواة»ء ويضع تخطيطا لنموذج واقعي؛ وهو تموذج 
يصفه أحد دعاته بأنه يقوم على «طريقة بسيطة نسبيا» وهو توزيع 
القسائم أو الكوبونات!""), 

لكن هذا التخطيط البسيط يبدو معقدا إلى حد ماء وهو يتطلب 
إصدار «كوبونات» غير قابلة للتحويلء توفر حصصا من الملكية في 
المؤسسات والشركات. وهي تمنح للمواطنين علي أساس من المساواة 
الكاملة. وتسترد في حال الوفاة؛ وهي تتيح للجميع ملكية متساوية في 
ثروة المجتمع؛ وهي غير قايلة للبيع أو التنازل» مما يحول دون نشوء صور 
جديدة من عدم المساواة. ومكاسب هذه الطريقة عدة: «إذنء لنا أن نتوقع 
أن يكون الفقراء هم الجماعة المسيطرة في معظم المؤفسسات. حيث إنهم 
يملكون أغلبية الكوبونات... وبالتالي فإن المؤسسات سوف تختار مستويات 
الأستكناز لصاحة الفقراء. لكا 

هل هذه الخطة عملية أو ممكنة؟ إنها تقترح مساواة تامة في إعادة 
توزيع الناتج؛ فكل المواطنين يحصلون على القدر نفسه من الكوبونات 
وملكية ثروة المجتمع. دونالد ترامب والعاملة في الفندق سيكون لهما 
نصيبان متساويان في الفندق الذي كان ترامب يملكه وحده. ما إمكانات 
النجاح لمثل هذه الخطةة لا شيء. بعبارة أخرى: تلك إصلاحات عملية 
تستلزم قيام ثورة. 

ويقدم هذا المخطط نفسه باعتياره مشروعا محدودا تم التفكير فيه 
على نحو منهجيء؛ مثالا لاشتراكية جديدة: غير يوتوبية: وواقعية الطابع. 
والحقيقة أن رويمر يضيف ملحقا يحسب فيه حتى أعشار السنت ‏ 
الأرباح التي كان يمكن أن يبنيها كل فرد بالغ في الولايات المتحدة لو طّبق 
«اقتصاد الكوبون» في العقود التي تلت الحرب العالمية. وعلى سبيل المثال, 
فهو يقدر أن كل فرد في العام 5 كان يحصل على مبلغ 7٠١,515‏ 
دولارء وهو أقل كثيرا مما كان عليه الأمر في العام حين حصل كل 
فرد على 8١,7414‏ دولور[5), 

لقد تقلصت الاشتراكية هنا لتقتصر على فكرة المساواة كما تحددها 
الكويونات والحوافز والمنافسة. ناضل من أجل الاشتراكية ثم احصل على 





نهاية الأيديولوجيا 


0 دولار. ويعترف رويمر أن الاشتراكيين يمكن أن يعتبروا أنفسهم 
«منتصرين» إذا استطاعوا أن «يضعوا نظما تتيح درجة من المساواة في 
الدكل ومبحسوى شو الخمسات الننامة ماق :ما جواه ووش 
الديموقراطيات الاجتماعية لدول الشمال..(:0. ١‏ 

وليس هذا مثالا شاردا: فكثيرون من الاشتراكيين المعاصرين 
يحاولون أن يكونوا عمليين حسب مقتضيات السوق. ويؤكد اث شتراكي 
آخر أن «اشتراكية السوق البراجماتية» ذات علاقة واهية ياشتراكية 
الماضي. جيمس أ. يونكرء وهو أستاذ للاقتصادء يقترح اشتراكية 
مقرسسة كماما للمعباواة: تكركنكيها سلطة الؤمنحة او "الشركة فيتها 
يدعوه «مكتب الملكية العامة». وهو يأسف لأن الاشتراكيين في الماضي 
كن آداتوا الزاسمائية بعد المدوا وطلى الرغع من إن عدههم كان 

تقوية تيار دعم الاشتراكية: «إلا أن تلك الاتهامات قيزر الحسوينة حت 

الراسمالية قد تكون أضعفت قضنية الأشخراكية من خلال الأيخاء يان 
أنصارها كانواء في معظمهم. متحمسين طائشين مدفضوعين 
يخيالات 0 

أما «الاشتراكية اليراجماتية حسب مقتضيات السوق»»: فهي: من 
الناحية الأخرى: «صياغة محافظة وبالغة الدقة للاشتراكية». ويوضح 
يونكر مدى محافظتها؛. فاشتراكية السوق عنده سوف تزيد «بشكل ما» 
المساواة في توزيع الدخلء مع التأكيد على تعبير «بشكل ما». وهذا كل 
شيء... «ولن يكون لها بالضرورة أي تأثير مفيد ذي دلالة على المشاكل 
الاجتماعية القائمة... مثل الاغتراب أو الجريمة والمخدرات والعنصرية 
الجنسوية وتدهور البيئة والعسكرية والإمبريالية...!'"). إنها اشتراكية 
ملاكمة للرأسمالية. 

ويزعم دونالد وايسء؛ وهو أستاذ يساريء في كتابه «طيف الرأسمالية 
ووعد مجتمع بلا طبقات» أن الأحداث الأخيرة قد أطاحت بالكثير من 
الماركسية,؛ لكنها لم تطح بها كلها . وفكرة مجتمع بلا طبقات «ليست 
مرغوبية فقطء بل تتزايد احتمالات معقوليتها...». كيف يمكن تحقيق 
مجتمع بلا طبقاتء. في حين يعمل كل شيء ضده؟ بأسهل مما ظن حتى 
رويمر: تفكيك نظام التعليم العام. 





نهاية اليوتوبيا 


فعند هذا الماركسيء فإن التعليم العام يخلّد الفروق الطبقية... «إن 
السوق التنافسي في التعليم سيجعلنا أقرب إلى هدف المجتمع اللاطبقي 
مما يمكن أن يجعلنا التعليم العام...». فالاشتراكية؛ أو ما يبقى من الفكرة 
الاشتراكية؛ وهو بالتحديد المجتمع اللاطبقيء يمكن تقديمه عن طريق 
«نظام ضمان... وهو لحظة اقتصادية أساسية في الإطاحة 
بالطبقات...('"). مع «نهاية القرن» تبحث الماركسية عن حياة بعد الموت 
كرأسمالية أكثر اكتمالا. 

وثمة مغامرة أخرى للنفخ في النار التي لن يتدفاً بها أحد؛ يقوم بها 
ميشيل ألبرت؛ وهو كاتب وناشر اشتراكي قديم: في كتابه «التفكير في 
المستقبل» الذي يحوى مزيجا من الإثارة والثرثرة الأكاديمية مع رؤية فقاتمة 
للمستقيل. والدرت د مبتهجا بفكرة «اقتصاديات المشاركة» لامك الوط 
685 لدرجة أن يعطيها اسما مركبا من الشقين الأولين للكلمتين 
 )81180011(‏ باريكون ‏ وبإحساس عميق بأهميتها يجعلها في عناوين 
الفصول الأخيرة من كتابه: «ردود الأضعال نحو باريكون» و «ماذا بعد 
باريكون5». وهو يريد أن يميز هذا «الباريكون» عن اشتراكية السوق. 

وينتابنا لإحساس بالطابع الغريب للفكرة وهو يصف الهدف: «أن 
نخفض إلى الحد الأدنى (إلى الصفر لو أمكن) إمكان التقدم الذاتي 
السلبي النتيجة اجتماعياء بمعنى منع بعض الناس من أن يعيشوا «حياة 
أفقضل» من الآخرين ما لم يكونوا قد قدموا تضحيات شخصية أعظم». 
وإذا بدا لنا هذا الأمر وحشيا أو كثيباء فهو يؤكد لنا أن «التقدير والمكانة 
الاجتماعية لتلك القدرات المتميزة التي تحقق فواتد اجتماعية عظيمة 
للآخرين سيكون على مستوى عال جدا ...». وخشية ألا يكون هذا كافيا 
لدفع الجماهير إلى الفعل؛ فإن نثر ألبرت البليغ سيثيرهم: «وما يميز 
اقتصاد المشاركة عن كل ما سبقه من قبل ليس أن أحدا لن يكون عليه أن 
يؤدي عملا ما لايحبه. ولكن إذا وجد عمل في سياق وظيفة أحد ما 
لا يرضيه؛ فهو موجود لأن من غير العدل أن يكون غاتبا...» (""), 

إن أولتك الذين لم يقعوا في الحب أبدا لديهم قليل مما يخافون. 
وريما لهذا السبب ب فإن جانبا من أعنف النقد الموجه إلى السوق لا 
يصدر عن الاش تراكيين أو الليبراليين. بل يصدر عن المحافظين 





نهاية الأيديولوجيا 


المتحررين من الإثم والاعتذار. وريما لم تكن المصطلحات هنا دقيقة: 
فما المحافظة اليوم؟ مهما يكن الأمرء فإن ثمة كاتبين يرتبطان بمجلة 
«أسبوعية الأعمال» (اءه/71/ ودهمز85) شنا هجوما شجاعا على 
رأسمالية السوق لم يصدر عن كاتب من اليسار المعاصر كله. إن ويليام 
ولمان وآن كولامسكا لم يكتفيا في كتابهما «اقتصاد يهوذا: انتصار رأس 
المال وخيانة العمل»»؛ لم يكتفيا بالدفاع عن العاملين بأجرء بل طرحا 
للتساؤل مسألة نجاح الرأسمالية غير المقيدة. إن انحلال الإمبراطورية 
السوفييتية كان يعني انتصارا للغرب في الحرب الباردة: لكنه أيضا 
«دمر إمكان تدخل الدولة بأشكال أكثر رقة؛ تتراوح ما بين الاشتراكية 
الديموقراطية؛ وتلك الإصلاحات الرقيقة في السوق مثل النيوديل 
الأمريكي». ليس ورثة ماركس فقطء بل أيضا ورثة فرانكلين د. روزفلت 
وليندون ب. جونسون باءوا بالخسران. 
ولليوم؛ نجد حتى أحزاب اليسار تمجد القطاع الخاص وتطرية؛ 
وتتشكك في قدرة الحكومة على الخدمة العامة. على الرغم من ذلك 
فإن ولمان وكولا موسكا يذكّران بحقيقة يعمد اليسار إلى خفض صوتها : 
.إن الأمراض الاقتصادية في الدول الشيوعية والاشتراكية لا 
تقيم في ذاتها الدليل ضد الحكومة. لقد فعلت الحكومة ما يكفي 
من الخير وفعل السوق الحر غير المقيد ما يكفي من الشرضي الدول 
الصناعية الغربية خلال القرن العشريسن. مما يثيرقلقا جادا 
حول التأثير النهائي لانحراف السياسة الاقتصادية نحو 
اليمين في كل أرجاء العالم الصناهي...» 
ومن المؤكد أن هذين الكاتبين لا ينطويان على رؤية بعيدة ال مدى للمستقبل» 
وهما يستبقان وجود الأزمات والعمالة المحدودةء لكنهما يدعوان إلى 
إصلاحات محدودة «تقوم على ما هو ممكن»: توازن أفضل بين العمل ورأس 
المال. باختصار: إنهما يعتقدان بوجوب «إنقاذ الرأسمالية من نفسها...» (*"). 


د 


هه - 3 0 
المسألة هي سقوط رؤية يوتوبية تشرَّبها اليساريون والليبراليون ذات 
يوم. النقطة المهمة هي أنه يصعب القول بأن تحسين الحالة السائدة أو 





نهاية اليوتوبيا 


زيادة الرفاه أو توسيع الديموقراطية هي أمور سيئة في ذاتها. السؤال ‏ 
بالأحرى هو المدى الذي يمكن أن يؤدي إليه الالتزام بإجراءات معقولة 
إلى الالتزام بأخرى ليست كذلك. بل خيالية ومدمرة. هل يمكن لليبرالية 
أن يكون لها عمود فقري إذا كان اليسار متهافتا5 هل يمكن للراديكالية أن 
تستمر إذا هي اقتصرت على الوسائل والطرائق: هل يمكن لليسار أن 
يبقى إذا تخلى عن أي أمل يوتوبي أو خطة يوتوبية؟ قبل عدة سنوات قال 
ت. و. أدورنو: «إن فكرة اليوتوبيا قد اختفت تماما من مفهوم الاشتراكية, 
ومن ثم تغلبت الأجهزة والوسائل على أي مضمون محتمل..» (5), 

ومن المؤكد أنه حتى أولتك محدودو الألفة بالماركسية يعرفون أن 
مؤسسيها قد أدانوا الاشتراكية «اليوتوبية». وقدروا التورجهات «العلمية» 
والعملية. هذا نصف الحقيقة فقطء فالماركسية واليوتوبية لم يوجدا 
أبدا كنقيضين بسيطين!' ". على أنه يبقى صحيحا أن الروح اليوتوبية 
ظلت حية بوجه خاص بين اليساريين المنشقين من بول لافارج ووليم 
موريس إلى والتر بنجامين وأرنست بلوخ. فقد رفض هؤلاء المفكرون 
تصور المستقبل على أنه صورة معدلة من الحاضرء حيث لا يتم إلغاء 
العمل أو الهبوط به إلى الحد الأدنى؛ ولكن زيادة التعويض عنه فقط. 
حول هذه القضية ذاتها كتب لافارج؛ زوج ابنة ماركس: كراسة لاذعة ضي 
العام 187 يهاجم فيها عبادة العمل؛ وجعل عنوانها «الحق في أن 
تبقى كسولا». 

يرى لاغارج أنه ليس رجال الاقتصاد والأخلاقيون وحدهم الذين 
يعتقدون أن المزيد من العمل هو شفاء كل الأدواء الاجتماعية والشخصية: 
بل كذلك الاشتراكيون والعمال الكادحون. وهو يستهل كراسته بمحاكاة 
ساخرة لاستهلال «البيان الشيوعي»: «إن وهما غريبا يتملك الطبقات 
العاملة... هذا الوهمم هو حب العملء العشق الطاغي للعمل...». إن 
ديانة العمل قد انتشرت في المجتمع كله بحيث أعاقت الأفراد وعوقتهم. 
على الرغم مما يلاحظه لاضارج من أن الأغنياء يعظون الآخرين بالعمل 
ويختارون هم أوقات الفراغ. 

وعلى الرغم من أن العالم القديم كان ينظر إلى العمل باعتباره لعنة, 
إلا أن المجتمع الصناعي الحديث ينشر عبادة العمل على نطاق واسع. 





نهاية الأيديولوجيا 


ويأمل لاضفارج ‏ دون أمبل ‏ في أن تقوم الطبقة العاملة برخض 
عبادة العملء وأن تطائبي «بحقوقها في الكسل». فتتحدد 
ساعات العمل بثلاث؛ «وينفق العمل بقية ساعات النهار والليل ضي 
الفراغ والاستمتاع»: 
«إن على الطبقة العاملة أن تستأصل من قلبها تلك الرذيلة التي 
تسيطرعليها ونتحط من طبيعتها؛ وعليها... لا أن تطالب بحقوق 
الانسان, ولا تطالب بحقوق العمل التي ليست سوى حقوق التعاسة... 
بل أن تصوغ قاتونا صارما يمنع أي إنسان من العمل أكث رمن ثلاث 
ساعات كل يوم... حجينذاك سوف تشعر الأرض... الأرض القديمة 
المرتعشة بالفرحء بوثبة جديدة تتخلل كل أرجانها...» (77). 
في الموضوع نفسه ‏ أيضا ‏ فقد أدان والتر بنجامين الاشتراكيين 
التقليديين الذين «بعثوا» تلك «الأخلاقية البروتستانتية المتعلقة بالعمل»», 
والذين يعتقدون بأن العمل في المصانع يمثل «التقدم التكنولوجي». وضي 
مواجهة هذه الأفكار ضيقة الأفق يعود بنجامين إلى اليوتوييات القديمة, 
مثل يوتوبيا شارل فورييه «الذي تبدو خيالاته؛ التي تم تسخيفها دائماء 
تبدو الآن معقولة بشكل مدهش...» نا 
وبالنسبة لعالم عملي؛ فإن كتابات فورييه تبدو لعنة حقيقية: فقد كان 
يحلم بكواكب مستثارة» ونظام جنسي متحررء وفردوس من الطعام. حتى 
أفقر الفقراء يمكن أن يتناول الطعام خمس مرات كل يوم؛ ويكون له حق 
الاختيار من اثني عشر صنفا من الحساءء واثني عشر نوعا من الخبز 
والنبيذ» واثني عشر طاقما من اللحوم والخضر. وعلى خلاف كتنر الذي 
كان يقترح وجود محلفين سياسيين: يوصي فورييه بمحلفين في تذوق 
الطعام؛ فقد كان كما أثبت كاتب سيرته ‏ يحلم بيوم «تستبدل فيه حروب 
الحضارة بما يمكن أن يبلغ مباريات مطولة في الطهي..., (*". ولا أحد 
قد هاجم دين التجارة كما هاجمه: «إن الحكمة والفضيلة والأخلاق قد 
أصبحت كلها موضات بالية: وكل شخص يتعبد الآن لمقام التجارة. وعظمة 
الأمة الحقيقية: والشيء الذي يعتبره الاقتصاديون مجدها الحقيقي؛: هو 
أن تبيع زوجا من السراويل أكثر مما باعت الإمبراطورية المجاورة. بدل أن 
تشتريه منها..» (:4), 





نهاية اليوتوبيا 


على طول السنين؛ وفي مواجهة الحكمة التقليدية؛ غذَّى اليوتوبيون 
رؤية للحياة تتجاوز شروط السوق. وسط الجيشان الثوري الذي أعقب 
الحرب العالمية الأولى» صاغ المفكر المجري جورج لوكاتش نظريته حول 
«الثقافة القديمة والجديدة»؛ وفيها أكد أن الاقتصاد الاشتراكي لم يكن هو 
الهدفء بل كان ببساطة ‏ شرطا أوليا كي تتقدم الإنسانية نحو ثقافة 
إنسانية جديدة. وأغلب الراديكاليين ‏ فيما يقرر لوكاتش ‏ لا يتفهمون أن 
السلطة السياسية وإعادة التنظيم الاقتصادي ليست أهدافا في ذاتها 
إطلاقاء فليس الهدف نظاما اقتصاديا جديداء لكنه التحرر من التسلط 
المرضي للاقتصاد: 
«ونستطيع أن توضح هذا بمثال بسيط: هذا إنسان يجهد عقله 
في مشكلة علمية صعبة: لكنه يتعرض ضي أثناء عمله لألم قاس في 
أستانه. واضح- في معظم الحالات ‏ أنه لن يستطيع متابعة أفكاره 
ومواصلة عمله ما لم يتخلص أولا من هذا الألم المباشر. وهكذاء فإن 
القضاء على الرأسمالية وإعادة بناء الاقتصاد على أسس اشتراكية 
إنما يعني التخلص من كل آلام الأسنان للإنسانية كلها...:(87). 
«التخلص من كل آلام الأسنان للإنسانية كلها...»: هذه المقولة لم يعد 
أحد يفكر فيهاء ولم يعد أحد يصرح بهاء وهو ما يشي بنهاية اليوتوبيا. 








خراذة التعدديه التقاذيهة 


تساءل أ. ب. هاريسون الكبير عالم 
الكلاسيكيات:؛ في كتابه عن «الهوية الثقافية 
الأمريكية»: «لماذا نضع وصفة إعداد كرات الجبن 
على الأعلام الثورية؟» كان يشير إلى الشعار 
القومي «تتتنتصنا كناناتساط 18» (أي: «واحد من 
كشيره أو «من الكثير واحد») الذي يظهر على 
العملة والرموز الرسمية في الولايات المتحدة. 
وحسبما يقول به هاريسون. فإنه مقتبس عن 
قصيدة لفيرجيل؛ يقدم فيها وصفة إعداد كرة 
الجبن: التي كان يفضلها المزارعون الرومان: 
«يقول فيرجيل: ضع كل مكونات كرة الجبن في 
برميل: واخلطها معاء وبسرعة سيكون عندك 
واحد من كثير..0("), 

والأمر الغريب أنه لا يكاد يوجد اتفاق حول 
مهيز هنذا الشتعان أو ونان" وزدا فنا 
فرجيل هو المصدر النهائي له. فإن نص هذه 
الجملة لا يوجد في أشعار الشاعر الروماني. 
بل لا يوجد في أعمال أي كاتب لاتيني على 
الإطلاق. ومؤسسو الخاتم الكبير للولايات 
المتحدة, الذين أقروا هذا القولء هم جيفرسون 





نهاية اليوتوييا 


وآدامز وفراتكلين؛ وقد عهدوا إلى فنان فرنسي ‏ سويسري بتصميم 
الخاتم: فإما أنه هوء أو فرانكلين: من اقتبس هذه الكلمات عن صحيفة 
. إنجليزية شهيرة كان اسمها «مجلة السيد» صقصيع ا امء0 عط1) 
(84382212, كانت تضع هذه الكلمات 11117ل] 5لا2[1111 18 على صدر 
صفحتها الأولى. 
و«مجلة السيد» ‏ بدورها ‏ قد التقطت هذه الكلمات عن دورية قديمة 
كان يصدرها في لندن البروتستانتي الفرنسي (الهوجونت) بيير 
أنطوان مونتييه الذي يبدو أنه ابتكر هذا الشعار. وحين أضاف مونتييه 
امنا وتاطتتباط 8 إلى صحيفته؛ فقد كان يعني على وجه التقريب 
عكس ما يتردد الشعار عادة ليعينه. كتب مونتييه في 157 1, مشيرا إلى 
هذه الكلمات: «إن إضافتها إلى مطبوعة منوعات تعني أنه لو تُقُبّل موضوع 
واحد فقط من موضوعاتها الكثيرة, فإنها تلقى القبول من كل 
القراء...ء'). بالنسبة لمونتييهء إذن؛ فإن الكثير لا يصنع واحداء الأمرء 
بالأحرى؛ أنه كان يعتقد أن مجلته تُمد ناجحة إذا لقي موضوع واحد من 
موضوعاتها الكثيرة إعجاب القراء. 
أما إدوارد كيف. محرر «مجلة السيد» فيبدو أنه كان يعني شيئا آخر 
حين قبنى هذا الغنسان طدجلة كيف كانت تقوم غالبا على فشر مواد 
مختصرة عن مصادر أخرى, ومن ثم كان هذا الشعار يعني عنده إعداد 
موضوع واحد من عديد من المواد المختلفة: وهي ممارسة كانت شائعة 
وقتذاك؛ وكانت المجلات الإنجليزية تضع شعارات تشير إلى تنوع مادتهاء 
وكيف نفسه وضع أيضا شعارا وأكر كن نيك الكم: ؛ وأعظم تنوعا من أي 
كتاب من حيث النوع والسعرء!). استخدامه؛ إذن. تلكلمات وناطترن]2 8 
«طنال] لا تكاد تكون له علاقة يصنع كرات الجين. بل له. بالأحرى, 
علافة بالإعلان. 
وكيف. الذي كان معتادا 0 سرقة وتبديل وتزييف الموضوعات 
المحلية؛ عرف بأنه قرصان أدبي!”. فضلا عن أن مونتييه الذي ابتكر 
الشعار, عاش حياة لا يمكن أن توصف بالاستقامة؛ ولقي حتفه مختنقا في 
0 . باختصارء إن شعار 80052[] 5نا8!116 8 المرفوع كشعار للتعددية 
الثقافية الأمريكية؛ ليسء فقطء. مفتقدا تراثا كلاسيكيا واضحاء بل 





خرافة التعددية الثقافية 


مختلطا أيضا بالغموض والفضيحة: وهذا أحد مؤرخي القرن التاسع 
عشرء حين بحث في هذا التاريخ الشاكتك: وجده أمرا مخزيا: 
«لقد كنا غير محظوظين: بشكل استثنائي: في اختيار هذا 
الشعار» ومن الصعب أن نتجد شعارا آخر أكثر ابتذالا وأقل لياقة من .11 
نالآ ذنا11نا1[ط» بالتاكيد: ليس ثمة شعاريمكن أن يكون نابيا 
وبلا دلالة مثله... شعار ذو أصل حديث مبتذل لا علاقة له بأصل 
كلاسيكي... شعاربلا مستدعيات أدبية أوتاريخية... شعار مجرد 
تماما من أي صدى ديني أوأخلاقي... شعار يمكن أن يعني الانتحاد أو 
التفكك وفق أهواء كل فرد... ولسوء الحظ غائيا ما يعتي ا معنى 
الأخير لدى واضعيه الأصليين... وكل مواطن يحمل في قلبه مصالح 
وطته لايد أن يأسف لسو . ء اختيار هذا الشعارالذي لا يلائم 
جمهورية عظيمة على الاطلاق...(0. 
وعلى أي حال: فإن هذا الشعار غير اللائق؛ والتعدد الذي يعنيه., أو 
يعتقد أنه يسيء تقديمه؛: فد فتن الجمهورية الأمريكية منن البداية. وحدث 
ما لا يزال يحدث في زمننا الحديث؛ حين يتحول الاهتمام إلى عصاب(, 
قضايا قليلة فقط هي التي لقيت مثل هذه الحماسة الواسعة للتعدد 
وتجلياته في التعدد الثقاضي والتنوع الثقافي والثقافة المتعددة: ضهذه 
العبارات تتصدر آلات الخطب والمقالات: وتظهر في مئات الموضوعات 
والكتب. والمسؤولون في الحكومة: وعمداء الكليات: ومديرو الشركات 
الكبرى؛ والقيّمون على المتاحف؛ ومسؤولو المدارس العليا ‏ وسنكتفي 
بالقليل فقط ‏ يعلنون التزامهم بالتعددية الثقافية. وإحدى الأمارات 
الحديثة هي أن يصدر «المجلس الأمريكي للتعليم» دليلا لبرامجه 
ومطبوعاته عن التنوع الثقاضي تبلغ صفحاته الأريعمائة/"). 
حتى المحافظونء الذين يتوقع أن يسبحوا ضد هذا التيارء غالبا ما 
يلقون بأنفسهم في لجتهء محددين اعتراضاتهم على تشوهات هامشية, لا 
على الأمر نفسه: وهم في العلن على الأقل -يترددون طويلا في إبداء 
احتجاجهم القوي على التعددية الثقافية الكبيرة, ولكي يقدموا أوراق 
اعتمادهم أصدرت مؤسسة محافظة مجلة باسم «التنوع» يحررها أمريكي 


- أفريقي اسمه ديفيد س. بيرنشتاين!''). 





نهاية اليوتوبيا 


ويواصل الليبراليون واليساريون عرضهم. إنهم يحددون أنفسهم 
بحماسهم للتعددية الثقافية: كلما زاد تأييدك لهذه التعددية؛ زاد 
نصيبك من الفضائل. وكتاب لورانس ليفين «انفتاح العقل الأمريكي» ‏ 
وهو الرد الليبرالي على كتاب بلوم «انغلاق العقل الأمريكي» ‏ يفيض 
حماسة للتعددية الثقافية. «لقد أعدنا اكتشاف هذا الحس بالإثارة, 
الحس بالإمكانات التي لم تتحقق بعد... لقد شرع الباحثون - أخيرا 8 
في اس تكشاف وتنقيح وتوسيع مضامين التعددية...,('' 2 وعند 
الليبراليين واليساريين فإن معارضة التعددية تماثل تماما التساؤل عن 
دورة الأخلاك. 

على أن التعددية لم تكن على هذا القدر من الشيوع دائما . فقد ذكر 
هوراس م.كولين ‏ وهو الذي صاغ؛ حرفياء تعبير «التعددية الثقافية» ‏ 
في العامة 197 أن هذه الفكرة «لم تكن شائعة في أي مكان من الولايات 
المتحدة»؛ وكان يعرف السببء فالهجرات الواسعة والحرب العالمية 
الأولى زادت حدة مشاعر الخوف العام من الأجانب؛ ومن ثم أصبحت 
كلمات السر هي الأمركة والتمثل: لا التعددية والتنوع. وعند كولين: فإن 
انبعاث هذه ال «كوكلوكس كلانء!*) العائدة من جديد جسدت امتقالا 
أمريكيا كابيحا... «كان البديل أمام الأمريكيين هو الكوكلوكس كلان أو 
التعددية الثقافية..["0), 

وبعد سيعين عاماء أصبح الجميع ‏ عدا بعض المحافظين المنشقين 
القليلين ‏ يشاركون كولن الاحتفال «بالتعددية الثقافية». يؤكد ناثان جليزر: 
«كلنا مؤمنون بالتعددية الثقافية» ويمكن «أن نستمرفي منافشة التفاصيل»: 
لكن التعددية جاءت لتبقىء وانتصارها كان «تاما ["'). ويكتب المؤّرخ 
دافيد أ. هو لينجر: «حدث أن كانت التعددية الثقافية حركة صغرى في 
تاريخ الثقاضة الأكاديمية والأدبية الأمريكية...» أما فى عقد التسعينيات 
فقط «حدث تغير هائل»»: ومنذ المناقشة القديمة «فإن أكثر الاختلافات 
أهمية» هو «الانتصار المطلق... للإيمان بأن على الولايات المتحدة أن تغدّي 
لا أن 5 تضّعف ‏ هذا التتوع الهائل من الثقافات المتميزة...» والآن «فإن 


ا «الكوكلوكس كلان»: : جمعية سرية نشأت في الولايات المتحدة بعك الحرب الأهليةلترسيخ 
ميطرة البيحى علن الزتوي, 














خرافة التعددية الثقافية 


مناوئي هذه الفكرة هم غالبا في مواقف الدفاع عن السياسات القومية 
ووسائل الاتصال الجماهيري والتعليم العام والبيئة الأكاديمية...,(؟'). 

حتى مناصرو التعددية الثقافية والراديكالية؛ الذين يعلنون المتغير 
الليبرالي» يزعمون أنهم يمتطون ذروة التاريخ. كريستوفر نيوفيلك وأغيري 
ف.جوردون: وهما أستاذان في جامعة كاليفورنياء يُعَتّمان المعلّق المحافظ 
راش ليمباو على مهاجمته للتعددية الثقافية؛ وهما يلاحظان أنه «يشعر: 
مصيباء أنه على هامش تنوع هائل هو الحقيقة الثابتة في مجال 
الثقافة..(09), واللغة هنا كاشفة. فالتنوع يسود المجرى الركيسي للتيار, 
والمحافظون الرافضون هم على الحواف. 

فكيف حدث ما حدث. ولماذاة هل كان ثمة برنامج يدعمه كولين وقلة 
من المثقفين المنشقين الآخرين استطاع أن يكسب الجميع إلى صفه5 هل 
أدت هجرة جديدة متتوعة إلى ضرورة الإقرار بالتفنوع الشقافي؟ هل 
أصبحت الجماعات الثقافية أكثر ثقة ويقينا والأمريكيون أكثر ميلا إلى 
السماحة والليبرالية والعالمية؟ هل الحفاوة بالتعددية الثقافية حكاية نجاح 
مطردء وحماسة متزايدة لأمريكا أكثر تنوعاة أو أن الأمر كما يعتقد 
ناثان جلازر ‏ جاء نتيجة «الإخفاق في ضم قسم أكبر من السود إلى 
المجتمع المشتركء,8!' ') في كل من هذه التفسيرات قدرٌ من الحقيقة؛ لكن 
جانبا مهما من الحكاية ما يزال ناقصا. 

إن التعددية الثقافية تقوم أيضا بسد ثغرة ثقافية ضاغرة: فالليبراليون 
واليساريون؛ وقد جردوا من اللغة الراديكالية؛ والأمل اليوتوبي؛ تراجعوا 
باسم أنهم يتقدمون للاحتفال بالتتوع. ولأن لديهم أفكارا قليلة حول 
الكيفية التي يتشكل بها المستقبل؛ فقد احتضنوا كل الأفكار؛ ومن ثم 
يصبح التعدد هو السلة التي تحوي كل شيء؛ بداية الفكر السياسي 
ونهايته. وحين يلبس ثياب التعددية الثقافية؛ يصبع أفيون المشثقفين 
الواهمين؛ أيديولوجية عصر بلا أيديولوجية. 

والمسألة ليست التعددية الثقاضية ذاتهاء ضافكار التنوع (وأقاريها: 
التعددية, والاختلاف, والكثرة الثقافية؛ والتعددية الثقافية) ليست أفكارا 
خاطئة ولا هي محل اعتراض. على العكس. هي أفكار صحيحة وذات 
جاذبية؛ والاختلاف والتنوع يميزان العوالم الطبيعية والفيزيقية والثقاطية, 





نهاية اليوتوييا 


ونحن عادة ما نبتهج للاختلافات أكثر من التماثل؛ ومعظم الناس؛ وريما 
معظم الفلاسفة كذلكء يفضلون التعدد والاختلاف على الكلية 
والإطلاقية. وقد شكا وليم جيمس - على سبيل المثال ‏ من «تخمة 
الواحدية» بما تعني من دوجماتية وجمود؛ تلك التي يهددها «أدنى شك في 
التعددية واقل تنيدب تسو الاسخلال. .07 

المسألة؛ إذن. ليست تفضيل التعددية؛ لكن عبادتها . فعيادة الأثر تلك 
تؤدي إلى تخريب البحث المتزن عن الحقيقة عن طريق ال ميل بها إلى الولع 
الأمريكي بالكم. واللغة الخاصة لاتعددية هي تذييل لهذا الإدمان 
الأساسي المتمثل في أن الأكثر هو الأفضل: أشياء أكثر. عناصر أكثر, 
سيارات أكثر, ثقافات أكثر. التعددية الثقافية لا شك أفضل من الأحادية 
الثقافية؛ وعالم من الاختلاف يفوق عالما من التماثل. ولكن ما هي 
بالضبط ‏ التعددية الثقاطية؟ 

لقد أصبحت أفكار التعددية الثقافية وتعدد الثقافات والتنوع أفكارا 
مقدسة: لقد أصبحت «شيكات على بياض» «قابلة» للدفع لأي شخص 
وبأي مبلغ؛ دون معنى أو مضمون ٠.‏ لقد أصبحت لا تعني سياسات فقط. 
لكنها حلت محل السياسات, على أي حال حتى لو أضيفت إليها 
صفات مثل «راديكالية» أو «تحولية». خما السياسات التي تعنيهاة بعيدا 
عن الرغبة في إضافة مزيد من الأصوات إلى المنهج: أو وجوه مختلفة 
إلى الإدارةء فإن التعددية الثقاضية لا تعني رؤية ما. وثمة تعبير يتم 
تقاذفه في مناقشة التعددية الثقافية, هو «الشمولية». الذي يعني 
«المطابقة» أو وال 

وكان عنوان الوثيقة التي قدمها النشطاء لإصلاح التعليم في ولاية 
نيويورك «منهج المطابقة». وقد يكون هدف جذب مزيد من الناس إلى 
المجتمع القائم هدفا جديرا بالثناء. لكنه لا يبدو هدفا ها زاديكاليا .إن 
صعود التعددية الثقافية يرتبط بانهيار اليوتوبياء إنه مؤشر على إنهاك 
الفكر السياسي. 

ثمة أسثلة عدة نادرا ماتطّرح: وأندر من ذلك أن يجاب عنهاء ظيما 
يتعلق بالتعددية الثقافية: ما قدر التعدد في التعددية الثقافية؟ ما الفروق 
الحقيقية بين الثقافات؟ ماذا تعني كلمة «الثقافة» وماذا تعني كلمة 





خرافة التعددية الثقافية 


والتعدد»ة كيف ناذا بحل التحليل الثقافي محل مناهج التحليل الاقتصادي 
والاجتماعية ما العلاقة بين السياسة والتعددية الثقافية؟ 
وقد يتطلب توضيح كلمتي «الشقافة» و«التعدد» مجلدات بأكملهاء 
خاصة الأولى منهما. ولسنا نملك هنا سوى مناقشة بعض خيوط القصة 
ما يترتب عليها. 


لني دن ينح 


«حين أسمع كلمة «الثقافة» أتحسس سبل سبي ...6 هذه الكلمات 
الشهيرة مأخوذة عن مسرحية ألمانية هي «شلاتر» (67]ء501138) للمؤلف 
الألماني هانز جوست في 1177 . وثمة قراءة أكشر دقة للنص الألماني كما 
يلي: «حين أسمع كلمة «الثقافة» أزيح صمام الأمان عن «البراوننج!», 
واسم «يراوننج» أصبح - في أوروبا أكثر مما هو في الولايات المتحدة ‏ 
مرادها للبنادق الآلية ونصف الآلية التي صممها الأمريكي جون م. 
براوننج. وقد امستخدم جافريلو يرينسيب. الذي أطلق شرارة الحرب 
العالمية ية الأولى باغتياله الأرشيدوق فرانز فردينائد مسدسا نصف آلي» 
1 
جوستء, ع ال كان كاتبا مسرحيا وشاعرا تحول عن تعبيرية الحرب 
العالمية الأولى إلى نازية الحرب العالمية الثانية. وقد أهدى مسرحيته هذه 
إلى أدولف هتلر «بحب وإخلاص وولاء لا يهتز...» وتعكس المسرحية 
احتقارا نموذجيا ذا طابع قوميء ومعاديا لليبرالية, مغلفا في فكرة 
«الثقافة»: هذا أحد مقاتلي الحرب العالمية الأولى يعنّف صديقه لأنه 
سقط في هوة الليبرالية: 
«آخرشيء يمكن أن أدافع عنه هو أن تنتصرهده الأفكارعلي!... 
إنتي أعرف هذه القمامة من العام 18 ... اللأخوة... المساواة... 
الحرية... الجمال... الكرامة!... لا... فليظلوا بعيسدين عني مع 
فوضاهم الأيديولوجية تلك... إنني أطلق عليهم الرصاص الحي... 
حين أسمع كلمة ٠‏ الثقافة» أزيح صمام الأمان عن البراونتج1 (18). 
«الثقافة» هنا تعني الليبرالية والاستتارة وكل ما يحتقره النازيون. على 
الرغم من ذلك» فإنه لم يكن أقصى اليمين فقط هو الذي يحتقر الثقافة, 





تهاية اليوتوييا 


بل أقصى اليسار كذلك. في صياغة ذات صلة مثيرة للقلق بصياغة 
جوست:؛ يكتب الطبيب العقلي المارتنيكي فرائز فانون في كتابه «معذيو 
الأرض»: حين يسمع المواطن ابن البلد حديثا عن الثقافة الغربية فإنه 
يشهر مديته, أو يتاكد؛ على الأقل؛ أنها في متناول يده...»!' ') هذه النظرة 
للشقافة تكاد توازي نظرة جوست: إن الحديث عن الأخوة والمساواة 
والجمال والكرامة يدفع المواطن إلى العنف. 

لكن احتقار الثقافة الذي يبديه كلّ من جوست وفانون ليسا 
متطابقين. كلاهما يحتقر خداع الثقافة: ولكن لأسباب متتاقضة؛ عند 
جوست الثقافة في ذاتها خداع ودجل وحديث رخيص للضعقاء. أما 
عند فانون؛: طإن الثقافة خادعة لأنها تحنث بوعودها . جوست والنازيون 
يكرهون الثقافة ذاتهاء أما فانون فيكره نفاقهاء وهذا أمر مختلف 
كل الاختلاف. 

والليبراليون كذلك شجبوا الثقافة. جون بريت: خطيب وعضو ليبرالي 
في البرلمان: من القرن التاسع عشرء يشكو من «أن الاين حين يتحدثون 
عما يسمونه بالثقافة؛ فإنهم يعنون ثرثرة بلفتين ميتتين ن: الإغريقية 
واللاتينية...». ويتفق معه فضي الرأي أحد أتباع كونت والوضعية هو 
فريدريك هاريسون: «ريما كان أمسخف لون من ألوان الرياء في عصرنا هو 
ذلك المتعلق بالثقافة... فالتقافة حين تُطبق في مجال السياسة تتحول 
ببساطة إلى التفرغ لاكتشاف الأخطاء الصغيرة والولع بالراحة الأنانية 
وعدم الحسم في العمل...»('"). 

وتصوب كل الأطراف طلقاتها نحو ما يمكن أن نسميه الفكرة 
الكلاسيكية عن الثقافة التي بزغت مع التنوير. فالأفكار الخاصة 
بالتعليم والحضارة والتقدم قد أشبعت مفهوم «الثقافة» الذي كان ينطوي 
على فكرة التقدم. كتب موسيس ماندياسون في 17/84: «إن كلمات 
«التنوير» و«الشقافة» و«التعليم» من الوافدات حديثا إلى لغتنا.. 
والاستخدام اللغوي... الذي يبدو أنه يميل إلى التمييز بين هذه الكلمات 
المترادفة... لم يأخذ الوقت الكافي؛ يعدء كي يقيم الحدود بينها.. 1 
وكتب كَانْطُ بعده بخمسة عشر عاما: «إن كل التقدم الثقاضي يمثل تعليم 
الإنسان... وأكثر الموضوعات أهمية بالنسبة للثقافة هو الإنسان الذي 





خرافة التعددية الثقافية 


وهب العقل...»؛ وقد أسمى كائّط هذه العملية «أن تصبح متحضرا عن 
طريق الثقافة,!'"). وعند فيخته فإن الثقافة هي «ممارسة كل القوى من 
اتدل هوقا التحرنة الكامدد .+40 ١‏ 

هذا المفهوم للثقافة, الذي يلقى الهجوم من اليمين واليسارء وصل 
مترنحا إلى القرن العشرين لكنه لم يُعمَّرء فقد رآه المحافظون ليبراليا 
أكثر مما يجبء ورآه اليساريون نخبويا أكثر مما يجب, ثم قامت 
الأنثروبولوجيا اللييرالية بتوجيه الضربات القاضية إليه. في ١507‏ 
نشر عالما الأنشروبولوجيا أ.ل. كروبرء وكلايد كلاكهون مسحا تاريخيا 
يحدد معالم التقلبات التي لقيها هذا التعبير: الثقافة: «إن أكثر المعاني 
عمومية وشمولا للكلمة ‏ في اللغة اللاتينية وضي كل اللغات التي 
اقتبمت عن الجذر اللاتيني ‏ هو المعنى الأولي المتعلق بالزراعة أو 
الإنبات أو التعهد بالرعاية... وثمة مفهوم آخر للكلمة الألمانية 
لا اأناءاء والتي تعني ‏ على وجه التقريب ‏ القيم «العليا» للتتوير ضي 
المجتمع...»(*"). 

وحسب كروبر وكلاكهونء فإن المعنى القديم والضيق لكلمة الثقافة 
أخلى مكانه ببطء لمعنى أكثر علمية وشمولاء وقد أرجعا بداية هذا 
التعريف العلمي إلى كتاب أ.ب. تيلور الذي صدر في القرن التاسع عشر 
بعنوان «الثقافة البدائية»؛ والذي قدم تعريفا أكثر هدوءا ورصانة للثقافة 
من حيث هي «كلّ مركب يشمل المعرفة والعقيدة والفن والقانون والأخلاق 
والممارسات. وأي إمكاتات أو عادات يكتسبها الإنسان كعضو في 
المجتمع...»؛ وبقيت الاستخدامات القديمة التي تفترض نظاما تراتبيا في 
التلكؤ حتى «الدوائر الثقافية وشبه الثقافية» بقيت على التعريف القديم 
الملتخلف. لقد أراد كروبر وكلاكهون الإسراع في تحقيق الانتصار لمفهوم 
أكثر موضوعية ومرونة للثقافة؛ فتلك كانت النقطة الأساسية في كتابهماء 
وقالا «إنه لم تكن ثمة حاجة لمثل هذه الدراسة:؛ لو أن الناس استخدموا 
التعبير العلمي»"). 

وجاء العمل الأساسي الذي قضى على التعريف الكلاسيكي في كتاب 
روث بنديكت «أنماط الثقافة» الصادر في 1514: وهو أحد أكثر الكتب 
الأنثروبولوجية رواجا في القرن العشرين(!'"). قامت بنديكت بعملية مسح 





نهاية اليوتوبيا 


لثلاثة شعوب: الهنود الأمريكيين في قرى الجنوب الغربيء وأولئك على 
الساحل الشمالي الغربيء ثم شعب «الدوبو» في ميلانيزياء وهي ليست 
ضد الحتمية البيولوجية فقطء ولكنها أيضا ضي صف النسبية الثقافية أو 
نسبية الثقافة؛ وقد وصلت إلى أنه «فيما يتعلق بالفكر الاجتماعي فى 
الوقت الراهن. فليس هناك واجب أكثر أهمية من اعتماد التفسير الملائم 
للنسبية الثقافية.. ,[4"), 

بعدها بخمسة وعشرين عاما لاحظت مارجريت ميد أن بنديكت حين 
بدأت كتابها عن «أنماط الثقاضة». فإن تعريفها للثقافة كان ينتمي فقط 
«إلى حفنة فنية قليلة العدد من الأنثروبولوجيين المحترطين,0"'). أما اليوم 
فقد أصبح شائع الاستخدام. منذ تلك الملاحظات؛ ضإن المفهوم 
الأنثروبولوجي للثقافة قد استوعب المفهوم القديم تماماء قطعت «الثقافة,» 
صلاتها بالإنبات وبالعقل: وأصبحت تهني أي منظومة من الأنشطة. 
والأمر كما صاغه أحد المؤرخين: إن القائلين بالتعددية الثقافية اليوم هم 
«الأحفاد المثقفون لروث بنديكت..[0), 

لكن التعريف الجديد لم يربح المعركة دون معارضة. من عمل ماتيو 
أرنولد «الثقافة والفوضوية» إلى عمل تسن .إليوت «ملاحظات نحو 
تعريف الثقافة» حاول عدد من الدارسين والنقاد الإيقاء على مفهوم 
«الشقافة» في عالم التعليم والفن والتقدم. على سبيل المشال؛ ضي 
العشرينيات كتب عالم الكلاسيكيات فيرنر جيجرين إن المصطاح الجديد 
قد أدى إلى «تسطيح المستويات» بحيث تصبح ثقافة المصور القديمة 
مجرد «ثقافة» بين أخريات: «ضالمفهوم الأنتروبولوجي» قد جعل الثقافة 
«مجرد مقولة وصفية يمكن أن تسري على أي أمة؛ حتى يمكن القول 
«بثقافة البداتيين...,(١"),‏ 

هذه الحركة المضادة ‏ التي قادها المحافظون بشكل أساسي - كانت بلا 
جدوى: فقد رفض الليبراليون واليساريون وعلماء اللاجتماع والنفس 
والأنشروبولوجي وآخرون أي نظرة تراتبية للثقافة من حيث هي نظرة رجعية, 
أوأي محاولة للفصل بين «ثقافة» النخبة و «حضارة» العامة. ولم يجد 
الماركسيون ولا المحللون النفسيون أي مبرر لفصل «الشقافة» عن 
«الحضارة». كتب هرويد: «إنني أزدري التمييز بين الثقافة والحضارة!"). 





خرافة التعددية الثقافية 


وكان الكسب واضحاء باسم الليبرالية والعلم نجح الأنثروبولوجيون في 
القضاء على الفهم الضيق والمتحيز للثقافة: والتي كانت تنطوي على 
عنصرية ظاهرة أو خفية. فالتعريفات القديمة:. المرتبطة بأفكار عن 
القعايم والكهننيت: تتصمن احكاما بالطحرؤرة وسن الس منات 
والجماعات يمكن أن تكون أقل تهذيبا؛ أو أقل من حيث ممارستها لفنون 
الحرية. أما المفهوم الجديد فلا يتضمن أي تقويمء والثقافات لا يمكن أن 
تتراتب أو تتدرج؛ فهي جميعا متساوية. والثقافة تصبح حقيقة من حقائكق 
الحياة. وعند كثير من الأنشرويولوجيين فإن هذا المفهوم الجديد قد وجه 
ضربة مميتة إلى العنصرية التي تضع قناع العلم. 

ومنذ بداية عمله حتى وفاته في 1547: وقف فرانز بوس, 
الشخصية الرئيسة في الأنثروبولوجيا الأمريكية. بصلابة مع القول بأن 
الفروق بين البشر هي ثقافية وليست بيولوجية. في 15١7‏ دعاه وأ .ب. 
دوبوا ليلقي خطابا أمام جمهور من السود في جامعة أتلانتاء فامتدح 
الأنثروبولوجي قدرات الزنوج الأمريكيين وأشاد بها... «وهوّلاء الذين 
يزعمون بأن ثمة نقصا ماديا في العنصر الزنجي يعملون على تثبيط 
عزائمكم بمزاعمهم تلك... ويوسعكم أن تجيبوهم بثقة أن التاريخ 
الماضي لعنصركم لا يؤيد مزاعمهمء بل على العكسء يمنحكم الثقة 
والشجاعة...». فليس ثمة دليل علمي يؤيد هذا النقص المزعو.!"". 
يكتب المؤّرخ كارل ن. ديجلر: «إن أثره في ميدان القضايا العنصرية لا 
يمكن الانتقاص منه؛ لقد أدى رسالته من خلال تأكيده الذي لم يهداً 
ولم يتوقف لمفهوم الثقافة...,(*/. 

ويشيع المفهوم الأنثروبولوجي للثقافة روحا من الشعبية الليبرالية 
القائمة على التساويء تلك دعواه وحقيقته؛ على الرغم من ذلك فإن 
الثقافة أيضا فقدت كل خصوصية؛ أصبحت كل شيء ولا شيء. فحين 
تُعَرّف الثقافة بأنها «نظام من الأدوات والقوانين والطقوس ومظاهر 
السلوك». يصيح لكل ناسء بل لكل جماعة؛ بل لكل جماعة ضرعية 
«ثقاضة». وأدى الميل إلى المفهوم الرمزي من جانب الأنثرويولوجيين إلى 
مزيد من امتداد الأرض وتسطيحها: فلم تعد الثقافة «منظومة» أو 
«نظاماء من الأنشطة لدى الناس؛ بل إن «أي» نشاط «لأي» جماعة 





نهاية اليوتوبيا 


يمكن أن يشكل ثقافة أو ثقافة طرعية. فكل شيء ثقافة. وثمة مقالة 
للأنشروبولوجي كليفورد جيرتز يحلل فيها «الذوق العام» باعتباره «نظاما 
ثقاهياءل” '". وقد أقرٌ كروبر وكلاكهون بأن أي شيء يمكن أن يكون 
«ثقافة», وما يحدد ثقافة خاصة هو بيساطة _«الملاءعمة» 
و«مستوى التجريدء!! "). 

وتبدو الخسارة النظرية قليلة. فما الخطر المتمثل في أن ننظر إلى كل 
جماعة باعتبارها «ثقافة»؟ وإلى كل نشاط باعتباره «ثقافيا»5 إن خطوة 
قصيرة؛ على أي حالء هي التي تفصل بين اعتبار الذوق العام نظاما 
ثقافياء وبين تناول «ثقافة» مدمني العقار أو مهاويس كرة القدم أو المولعين 
بالسضر بين النجوم؛ ولدى كل منا قائمته الخاصة بطبيعة الحالء لكن 
الجوهر هو أن كل جماعة متشكلة هي ثقافة؛ على أن هذا يمكن أن يكون 
محل تساؤلء فالسمات المختلفة يمكن ألا تشكل ثقافة متميزة. 

كذلك أعان هذا المفهوم المرن للثقافة على تقويض التعصب والتركز 
حول العنصر. وأي خسسارة لم تكن واضحة, وهي ‏ من الأساس ‏ غير 
عه . لكن الجدوى الاجتماعية لإا تعادل الحقيقة. وثمة صك نظري لم 
يدضع: وعلى مر السنين تصاعدت تكلفته. إن الرجوع إلى مفهوم تراتبي 
للثقافة أمر غير مطلوبء لكن التقدم نحو شيء من الدقة والتحديد قد 
يكون مطلوبا. ما لم نضع في الاعتبار ما يميز ثقافة عن أخرى, سيهوي 
الحديث عن التعددية الثقاضية إلى مهاوي الخراضات والأوهام؛ وإذا كنا لا 
نستطيع أن نحدد ما يميّز ثقافة ماء فكيف يمكننا أن نفهم العلاقة 
ثقافتين أو أكثرء أو التعددية الثقافية؟ ولنضع الأمر على وجهه الصريح: 
إن التعددية التقافية تقوم على أصل ثقافي: هو الرفض أو العجز عن 
تحديد ما الذي يشكل الثقافة. 

في ظل هذه الهزيمة النظرية, اتسمت الثقافة بطايع ذاتي أو 
شخصي. أصبحت الثقافة هي ما تريد أي جماعة أو أي باحث أن 
تكون. ولا أحد يجادل في أن أي جماعة من الناس تشكل ثقافة 
مستقلة. في الوقت ذاته؛ فإن الرطانة حول التنوع الثقاضي تؤدي إلى 
تعتيم الحقائق الاجتماعية والاقتصادية؛ بأن تجعلها إما غير ذات دلالة 
وإما غير مهمة. فالقائلون بالتعددية التقافية ينظرون إلى الثقافة 





خرافة التعددية الثقافية 


وحدهاء ولا يكادون يلقون بالا للحاجات والشؤون الاقتصادية. وكيف 
يمكن للثقافة أن تتغذدى وتبقى بعيدا عن العمل وإنتاج الثروةة وإذا كان 
هذا غير ممكن: فكيف يمكن فهم الثقافة من دون أن نضع في الاعتبار 
تشابكها والحقائق الاقتصادية؟ 

إذا وضع الهيكل الاقتبصادي للثقافة على الطاولة فريما توقفت 
الثرثرة حول التتوع, فسوف يتضح أن الثقافات المتنوعة تعتمد على 
البنية التحتية نفسها. فماذا يعني أن ثقاضتين مختلفتين تتشاركان فى 
أنشطة اقتصادية متطابقة5 وما الذي يعنيه أن تكون نفس الوظائف 
والمساكن والمدارس وطرائق الترفيه والحب تغذي ثقافتين «اثنتين»؟ 
لنضع الآمور على نحو مختلف: ما الذي يعنيه التعدد الثقافى فى غياب 
التعدد الاقتصادي؟ 000 

ريما يبدو هذا التساؤل بلا معنى. ويبقى أن الحاجة الواضحة 
للمعنى تشير إلى تراجع ثقافي. إن البناء الاقتصادي للمجتمع ‏ سمّه 
المجتمع الصناعي المتقدم أو الرأسمالي أو القائكم على اقتصاد السوق ‏ " 
هو العامل الثابت غير المتغيرء فقلةٌ هم القادرون على تخيل مشروع 
اقتصادي آخرء والموافقة الصامتة على هذا تقول الكثير عن التعددية 
الثقافية؛ وليس ثمة رؤية سياسية أو اقتصادية أخرى تفدّي التتوع 
الثقافي. من أكثر المدافعين صلابة عن الأفارقة: إلى أكثر المدافعين 
صلابة عن حقوق المرأة. كل الفرقاء لديهم معتقدات متشابهة فيما 
يتعلق بالعمل والمساواة والنجاح. إن سر التنوع الثقاضي كامن ضي التمائل 
السياسي والاقتصادي. والمستقبل مثل الحاضر مع مزيد من 
الاختيارات؛ والتعددية الثقافية تعني موت اليوتوبيا. 

ولا يعترض أحد على أهمية الوظائف والأجور في الحياة اليومية, 
ولكن حتى بقايا الماركسيين لم يعودوا يأبهون بهذه الأمور. لعقود متتالية 
ظل النقاد ينعون على الماركسية ماديتها الضيقة: وكثير من هذا النقد 
كان صوابا. وقد نجح هؤلاء النقاد بأكثر مما دار في أحلامهم, 
شفأصيحت الماركسية الاقتصادية ماركسية ثقافية. وانتهى النقد 
الصحيح لتلك الماركسية المختزلة باستسلام تام لجوهرها المادي. 
وماركسية اليوم تتعامل مع الأرواح والنصوص والصور والأصداء, 





نهاية اليوتوييا 


وتزدهر في أقسام الأدب واللغة. وكتاب دريدا عن ماركس يحمل عتوانا 
ملائما تماما هو:«أشباح ماركس», ويتعامل مع الأشباح والانعكاسات. 
كانت ماركسية القرن التاسع عشر ذات طابع مادي وحتمي؛ أما 
ماركسية نهاية القرن العشرين فأصبحت مثالية ومفككة[("). 

وخارج الماركسية؛ تسود الاتجاهات ذاتهاء فالثقافة أصبحت ذات طابع 
جنسيء. وأصبحت الاقتصادات شيئًا مبتذلا. ويلاحظ ستانلي أرونو فيتز أن 
الجدل حول العمل والأجور يبدو شيئا مضجراء أما الصراعات حول الشواذ 
أو السحاقيات أو المرأة فهي تستثير الاهتمام أو النقاش... «وعلى العكس فإن 
الإضراب الوطني لعمال المناجم في 1441., لم يجد مكانا إلا إلى جوار أعمدة 
النعي في الصفحات الأخيرة من الصحف اليومية....!*'). ويتساءل ديفيد 
برومويتش مندهشا عما إذا كان مثقفو اليوم يمكن أن يعارضوا العبودية 
الاقتصادية إذا كانت تفتقد بعدا عنصريا أو ثقاضيال' ". ولا يكاد يُناقّش 
الموضوع ياعتباره ظلما اقتصاديا قاسيا وخشنا. 

بالقدر الذي تصنف فيه الثقافة كل شيء تفقد السياسة معناها. وبطبيعة 
الحال فإن أنصار التعدد الثقافي يكتبون دائما حول سياساته. إنهم يرددون, 
دون توقف؛ قضية أن المجتمع وكل أبنيته سياسي: النصوص؛ السياقات: 
القراءة: المؤلفين الكتب. المناهج. ولكن حين يكون كل شيء سياسياء فلا شيء 
أكشر سياسية من أي شيء آخر. فإعادة تدوين نص من النصوص محمل 
بدلالة سياسية شأنه شأن إعادة تنظيم سلطة الدولة. وواضح أن التعددية 
الثقافية شأن سياسيء ولكن... كيف على وجه التحديد؟ بشكل أساسي؛ وكما 
ذكر الراديكاليون والأكاديميون فإن السياسة تصبح ‏ ببساطة ‏ سلسلة من 
الشعارات حول التهميش والسلطة والخطاب والتمثيل. هذه المصطلحات 
تشير إلى مشكلات حقيقية:؛ ولكنها تفشل في تحديد أي سياسات معينة. 
الجماعات الهامشية والمهمشة تطالب بالسلطة أو التمثيل: ولكن كيف يعكس 
هذا الأمر اختلافا ثقافيا أو رؤية بديلة؟ 


عد كد 


وفي خاتمة المطاف لا يمكن الانفصال بين التاريخ الثقافي والتاريخ 
السياسي والاجتماعي. فنهوض النازية في الثلاثينيات ونشوب الحرب 





خرافة التعددية الثقافية 


الباردة في الخمسينيات قد أثرا على مصير فكرة التعددء. فقد صعدت 
هذه الأحداث بالتعدد إلى السطح من حيث هي نقيض لمصطلح جديد: 
وربما حقيقة جديدة: الشمولية أو الكلية. 

وكلمة «الشمولية» من حيث إنها تعني الفاشية الإيطالية ظهرت للمرة 
الأولى ضفي العشرينيات. وبعد 1557, مدها بعض الكتاب إلى النازية 
وبرنامجها المعروف (عسطتقطعقطءع 11 6), أي التناسق الكامل للمجتمع 
و«الدولة الكلية» ٠‏ والنازية يمكن وصفها - عن حق - بالشمولية. على أن 
هذا العنوان وجد طريقه إلى الخطاب المدرسي والخطاب العام منن أن 
دخل الاتحاد السوفييتي إلى نطاقه. ومن حيث المبدأً يبدو الاتحاد 
السوفييتي وألمانيا النازية مختلفين اختلافا أساسياء وقلة قليلة فقط هي 
الك يمكن أن تجمعهما معا في إطار نظري واحد . والحقيقة أن البلدين 
كانا يُعدان عدويّن معظم سنوات الثلاثينيات. 

ويطبييمة الأمر, فقد تغيرت هذه الحال تغيرا دراميا في أغسطس 
6 حين وفعت معاهدة عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفييتي. 
يعد هنة! التاريخ. اعتبر كثير من المفكرين الليبراليين أن النازية والشيوعية 
السوفييتية ة هما نظامان متقاريان: ووجدوا أن تعبير «الشمولية» هو 
الأقرب لوط ينا معا( 0 ٠‏ في حلقة دراسية عقدت في فيلادلفيا بعد 
توشيع المعاهدة مباشرة: أشار أحد المتحدثين إلى أن دائرة المعارف 
الأساسية في العلوم الاجتماعية قفزت من كلمة «إلحاق الضرر 15:ه1'0» 
إلى كلمة «طوطمية 2 دون ذكر لكلمة «الشثمولية 
مسستصة عم ل 1 ويكتب أبوت جليسون ‏ وهو أستاذ في تاريخ 
روسيا. أنه خلال شهور قليلة فقط دخلت الكلمة إلى الخطاب العام. في 
العامين٠ ١51‏ و١94١‏ أصبحت كلمتا«شمولي» و«شمولية» عملة متداولة في 
لمعف و لدو ونانف 1 

حول هذا الوقت؛ أعاد المراقبون اكتشاف التعدد والتنوع كجوهر 
لليبرالية التي تقف على نقيض «الواحدية» الصلبة في النظم النازية 
والشيوعية. وشي الحلقة الدراسية لسنة 1589 تلك اعتبر أحد المتحدثين 
أن «معاداة التعدد» مبداً من مبادئ الدول الشمولية و«الواحدية»... 
«فالتعدد؛ وهو المبدأ الذي يدافع عنه الليبراليون؛ ينقي الطابع ذاته الذي 





تهاية اليوتوبيا 


يميّز الدولة الشمولية...2!"*). وخلال العقود العديدة المتتالية سادث هذه 
النظرة إلى الشمولية والتغني بالتعددية الغريية وحققت نجاحا هائلا: 
ولعل مما أعان على إحداث هذا التأثير حقيقة أن كبار قادتها كانوا 
بالفعل من لاجثئي النازية الأوروبية والشيوعية الأوروبية؛ دارسين ذوي 
ثقافة معتبرة وشهرة:؛ مثل هانا أرندت وكارل بوير وف. أ. هايك وجاكوب 
تالمان وإشعيا برلين!؛*). 

ولأسباب عدةء ظلت معظم الكتابات عن الشمولية توجه نيرانها نحو 
الماركسية والشيوعية: لا النازية؛ فالماركسية تحظى بمصداقية وثقل 
تقافيين؛ غائبين في النازية التي هي ليست سوى خليط مضطرب من 
الأفكار القومية ومعاداة السامية. وبالتسبة للدارسين الذين يحللون 
مصادر الشمولية تقدم الماركسية شيئا يمكن الإمساك به؛ أما الجوهر 
الثقافي للنازية فكان معدوما. فضلا عن أن الشيوعية سبقت النازية 
وبقيت بعدها؛ فبعد ١1540‏ ونشوب الحرب الباردة كانت الشمولية تعني 
الاتحاد السوفييتيء والنازية قد اختفت. يكتب المؤرخ أندرزيج واليكي: 
أصبح تعبير «الشمولية» ينطبق على كل بلب فيها حزب يسمي نفسه 
شيوعيا يتولى السلطةء!”') وبالنسبة لليبرايين الغربيين: فإن الخطر 
الحقيقي على الحرية إنما يأتي من الماركسية والشيوعية. 

في دراسة عن «الشمولية» صدرت في ١107‏ للمؤرخ البولندي ‏ 
الإسرائيلي جاكوب تل مان الذي يقدم نفسه بأنه واحد «عاش الخبرات 
الصادمة للنازية والشيوعية». لا تكاد تجد شيئا عن النازية('*). كتب تالمان 
في الفقرة الأولى من كتابه «أصول الديموقراطية الشمولية»: دمن هذه 
النقطة المتميزة في منتصف القرن العشرين؛ يبدو تاريخ الماكة والخمسين 
سنة الأخيرة كأنه إعداد متنهجي ومنظم لهذا الصدام المتهور بين 
الديموقراطية العملية والليبرالية من جانب؛ والديموقراطية الشمولية من 
الجانب الآخر..(1), 

والديموقراطية الشمولية تعني الشيوعية, لا النازية. هذه القراءة 
للتاريخ فد أدهشت حتى بعض تلامذة تالمان وأتباعه. لقد انتهت النازية 
والإبادة الجماعية. يقتبس يهوشي أربيلي ‏ ركيس مؤسسة تالمان 
التذكارية ‏ هذه الجمل الافتتاحية نفسهاء ثم يعقّب: «إن ظاهرة 





خرافه التعددية الثقافية 


الهولوكوست كمفتاح لفهم الشرط الإنساني الحديث قد أأسّقطت على 
تحو مدهش...»: وهي للا تصلح لهذا «الحساب التفسيري» الذي يقدمه 
تالمان للماكة والخمسين سنة الأخيرة..(48), 

وقد افترضت الكتابات عن الشمولية تكافوًا ذجا بين النازية والشيوعية, 
فكلاهما نظام شموليء يقيّد الحياة والفكر بقيود أشبه بسترة المجانين. وعلى 
أي حال؛ ضحين تكون الماركسية, لا الفاشية. هي هدف الدراسة, يحدث نوع 
من التحول في الاهتمام: وريما في المنطق أيضا. كانت التعددية تُمَجَّد في 
مواجهة اليسارء وعلى نحو تدريجي غير محسوس. أصبح شجب النظام 
الشمولي شجبا لليوتوبياء كما لو كان الارتباط بينهما واضحا للعيان. ظهل 
هماء حقاء كذلك؟ الحقيقة أن الشمولية واليوتوبية ليستا مرتبطتين 
بالضرورة. على الأقل ما لم يُضَّخَّم مفهوم اليوتوبية لدرجة الغموض 
والإبهام, فسيكون من الصعب أن تجد اليوتوبية داخل النازية. على 
الرغم من ذلك فقد نجح الإجماع الليبرالي في إقامة تكافؤ فج بين 
اليوتوبية والشمولية: وجعلهما معا ضد التعدد الليبرالي. فأصبح لعن 
الشمولية يعني لعن اليوتوبية. 

وقد وجدت هذه الأفكار أوسع انتشار لها في كتاب من أكشر الكتب 
رواجاء نشر في نهاية الحرب العالمية الثانية بعنوان «العودة إلى العبودية» 
من تأليف ف. أ . هايك؛ وهو اقتصادي وفيلسوف نمساوي كان قد استقر 
في إنجلترا. وعند هايك. فإن الشيوعية والفاشية ليستا سوى «تنويعين 
على الشمولية نفسها...» قال هذا في فصل عنوانه «اليوتوبيا العظيمة». 
على أن اهتمامه الأساسي كان الوجدان الاشتراكي المتصاعد في موطنه 
الجديدء ومخاطر دولة الرفاه. وقد أسمى كتابه «تحذير للمشقفين 
الاشتراكيين»: وكان يعتقد أن «الاشتراكية الديموقراطية» تقوم على أفكار 
عامة يوتوبية» وضعت النهاية للحرية الفردية"*). 

كذلك عملت كتابات كارل بوبر الكثير لإشاعة الاعتقاد بأن 
اليوتوبية تعادل الشمولية؛ وأنهما معا تقوضان التعددية. ومثله مثل 
تالمان وهايكء: توجه الجدل ‏ بصفة أساسية ‏ نحو اليسار. 
وكتايه «المجتمع المفتوح وأعداؤم». الصادر ضي م يبدأ بأغلاطون, 
ثم فصول سخية عن هيجل وماركس.ء ولكن في المجلّدين كليهما لا تكاد 





تهاية اليوتوبيا 


تجد ذكرا للنازية: وينتهي بدفاع طنان عن «حضارتنا الغربية»» من حيث 
هي «تعددية في جوهرهاء!'*). 

هذا بالإضافة إلى هانا أرندت وكتابها «أصول الشمولية» الذي 
هاجمت فيه النظامين السوفييتي والنازي من حيث اعتمادهما على 
أيديولوجيات «شمولية,!'*). كما تجب الإشادة بأشعيا برلين لأنه اعتبر 
التعددية عقيدة ليبرالية, لقد انتقد - بعنف ‏ التهج الشمولي 
والأيديولوجي. ٠٠‏ «المشروع المفرد الذي يحتضن الجميع ويصفي الجميع 
ويشبع الجميع...». وكان يخشى أن يتأدى المجتمع المخطط تخطيطا 
شاملا إلى «الإطاحة بالتتوع اللانهائي للبشر..("0). 

وقلة من الأفكار ضي تاريخ الفكر السياسي التي حظيت بمثل النجاح 
الذي حظيت به مقولات برلين عن «مفهومين للحرية»» لقد أثارت من 
التعليقات ما يملأ رفا كاملا من رفوف المكتبة. كان يرى أن التاريخ شهد 
نوعين من الحرية: السلبي والإيجابي. الأول يشكل مملكة عدم التدخل؛ 
حيث يتحرر الفرد من السيطرة الخارجية, أما الثاني فيقوم على صورة 
من الحرية لابد أن تؤدي إلى اتجاه السيطرة ووضع التنظيمات لحياة 
الناس. وحيث إن كل الأضراد لن يدعموا الخطة نفسها أو يروا الرؤية 
نفسهاء فإن الحرية «الإيجابية» تتطلب القسر والإكراه. وعند برلين فإن 
هذه الحرية «الإيجابية» تمثل «قلب كثير من العقائد القومية والشيوعية 
والاستبدادية والشمولية في زماننا .. »»٠‏ وينهي «مفهومين للحرية» بإطراء 
التعددية وإدانة الخطط الشمولية؟©. 

وحقق برلين وبوير وآرندت وآخرون انتصارهم: وفي الأربسينيات 
والخمسينيات كانت الحكمة السائدة تقول إن التنوع والتعدد هما القسمات 
المحددة للمجتمع الأمريكي على وجه الخصوص.ء وللتراث الواسع لليبرالية 
الأنجلو ‏ ساكسونية على وجه العموم. والمجتمعات الشمولية القائمة على 
«الأيديولوجيا» و«اليوتوبياء هي دكتاتورية بالأصالة. في حين أن «التعدد 
خصيصة تميز الديموقراطية» التي تعادي المجتمعات «المتماثلة ا 
والشمولية...». هذا ملخص ما انتهى إليه إجماع الدارسين!؟*). و 
تراجعت الحرب العالمية الثانية إلى الماضيء زاد تركيز تحليل ا على 
الماركسية والاتحاد السوفييتي: ثم جاءت الحرب الباردة لتريق فكرة التعدد . 





خرافة التعددية الثقافية 


مرة ثاتية» إلى برلين فهو الأكشر تمشيلا. على الرغم من أن نقده 
للشمولية ظل تجريدياء إلا أن الأمثلة العيانية التي يضريها تأتي عادة من 
الماركسية. والحقيقة أن كل دعواه حول الحرية «الإيجابية» التي تفرض 
السيطرة الشاملة بالضرورة. لا يكاد يكون لها معنى بالنسبة 
للأيديولوجيات النازية أو العنصرية أو القومية: فهذه المذاهب لا تفترض 
حرية «إيجابية» تسعى إلى فرضهاء لأنها لا تفترض أي حرية على 
الإطلاق. إن عمل برلين موجه نحو الشيوعية والماركسية: لا نحو النازية 
والفاشية؛ موجه نحو اليسارء لا نحو اليمين. بعيارة أخرى: إن عمل برلين 
يشارك في الحرب الباردة. 

لقد كان بالأحرى؛ وحسب إحدى الروايات ‏ فخورا بأن يكون بين 
«ليبراليي الحرب البادرة»!**). والحقيقة أنه لا يمكن الاعتراض على أوراق 
اعتماده. وخلال حرب فيتنام لم يشأ برلين أن يوجه نقدا إلى الأمريكيين. 
بل كتب: «إنه شيء مرعب أن يكون من. الضروري قصف القرى الفيتنامية 
وقتل الأبرياء... لكن الأشد رعبا هو التخلي عن الشعب... فكيف يضمن 
المرء أن انسحابا أمريكيا عاجلا وشاملا لن يؤدي بحكومات أخرى في 
جنوب شرق آسيا إلى إغراء الاستسلام والخضوع لنظم مكروهة ‏ على 
وجه اليقين ‏ من مواطنيهاة..(01). 

لقد شكلت الحرب الباردة التعدد الأمريكي ولونته. وحسب التفسير 
النموذجيء فإنه في مواجهة الشمولية.ء قامت سلسلة من الجماعات 
المناضلة والمتنوعة بتشكيل ما يمكن تسميته بالروح الحارسة للمجتمع 
الأمريكي المتمثلة في التعدد المرموق. هذا القول الذي يتردد دائما يفسر 
لماذا تحول نقاد ودارسو الستينيات نحو التعددية بهدف الثأر. أصبحت 
التعددية متوحدة بالنظام أو المؤسسة. ومع قيام حركة الحقوق المدنية 
وحرب فيتتام:. اعترض النقاد من الجيل الشاب على صورة أمريكا المعتدلة 
التي تدافع عن العالم ضد الشمولية. 

وماشآن التعدد بالفصل العنصري أو قصف هانوي دون إعلان 
الحرب؟ لقد بدا أن فكرة التعددء وننيضها الشمولية ليستا شأنا يتعلق 
بالنظرية؛ قدر ما هو دفاع ملائم عن المجتمع الأمريكي. وبالتحديد حين 
قامت الاحتجاجات على العنصرية وضد الحرب بتحدي الاستقامة 





تهاية اليوتوبيا 


الأخلاقية الأمريكية. كتب ألفريد ج. مايرء المتتخصص في الشؤون 
السوفييتية: «من الواضح أن استخدام نموذج الشمولية من جانب الباحثين 
الأمريكيين إنما كان دفاعا عن «الأمريكية» وخضوعا ‏ في الوقت ذاته ‏ 
لهيستريا الحرب الياردة...[07). 

وفي التأريخ لكلمة «الشمولية» يقدم أبوت جليسون تفسيرا نشوئيا 
لتحرر أيديولوجية التعدد من الوهم. يكتب: «بدأ رخفضي الأساسي لهذه 
الأفكار (عن الشمولية والتعدد) في الجامعة. ثم اتخذن قواما أكثر 
تماسكا من حركة الحقوق المدنية» (و) استمر خلال معارضة حرب 
فيتنام...»: وقد وصل الطلاب المحتجون إلى الاقتناع بأن القوى المالية 
والسياسية الكبرى في الغرب ‏ الرأسمالية ذاتها ‏ تنتزع القوة من فكرة 
التعدد. «لقد وصل كثيرون من الباحثين الشباب إلى أن هذا التقسيم ذا 
الطابع «المانوي» إلى خير وشرء ذوي قبعات بيض وذوي قبعات سود, 
ديموقراطيين وشموليين؛ إنما هو أمر لا يصدق. ثم لا يحتمل... وتعبير 
«العالم الحر» الذي يُستخدم غالبا كنقيض لما هو شمولي؛ يبدو تعبيرا 
قارعا على تجو سكزان د 00 

وشكل نقد التعددية العمود الفقري لكثير من الكتابات السياسية 
اليسارية منذ الستينيات. وثمة مجموعة من المقالات «المنشقة» حول 
السلطة والجماعة, وكلها توجه سهامها نحو «خرافة» أن المجتمع الأمريكي 
مجتمع «تعددي»... «إن التيمة الأساسية التي تجمع بين كل هذه المقالات 
هو رفضنا لتلك الخرافة: واقتناعنا بأن الديموقراطية التعددية أصبحت 
غطاء أيديولوجيا يتسم بالغموضء ذلك أن نظامنا السياسي ليس تعدديا 
بالأصالة؛ ولا هو ديموقراطيا داكما.. (*"), 

ويذكر هنري س. كاريل في كتابه دسقوط التعددية الأمريكية» الصادر 
في 1411 أن الدولة والشركات الكبرى قضت على التعددية!'' 2 ويفتتح 
ميشيل روجن؛ وهو عالم سياسي من بيركلي: دراسته عن الماكارثية, 
الصادرة في 15117, بالهجوم على فكرة التعدد. ويلاحظ أن المشثقفين 
الأمريكيين قد انجذيوا نحو التعدد تحت تأثير ما ساد الخمسينيات من 
نزعة إلى التمائل وعداء للشيوعية!''). وفكرة «التعددية» تعني التراجع 
السياسي. أما المؤرخ جون هيجهام فقد لاحظ ‏ في المسح الشامل الذي 





خرافة التعددية الثقافية 


قام به أن «أولئك الراديكاليين الذين اهتموا بنظرية التعدد قد 
أنكروها.. 0 . هذه المراجع يمكن أن تتضاعف بسهولة. لعدة عقود 
عملت فكرة التعدد على نشر التماثل السياسي والعداء للشيوعية المرتبط 
بالحرب الباردة على أوسع نطاق. وجاء جيل جديد من الدارسين؛ بلغ سن 
الرشد في الستينيات: فأدانها. 

لن نطيل» فقد ساد تفسير الشمولية الذي أدان اليوتوبية جنبا إلى 
جانب مع النازية والشيوعية. كانت صيحة الحرب من أجل التعددية التي 
اجتاحت بيسر جميع المحطات. لم يكن ثمة سجناء؛ ولكن لم يكن ثمة 
جنود كذلك. أما نقاد التعددية الذين أفرخوا في الستينيات فقد تلاشوا 
دون أترء لماذاة ليس هناك من سبب مفرد يفسر تجدد شيوع التعددية, 
فالموت السريع للاشتراكية قطع الأنفاس الثقافية لليساريين. فافتقدوا 
الثقة أو الاعتقاد بأن إعادة بناء المجتمع كله أمر ممكن؛ ومن ثم تراجعوا 
إلى الاقتناع بأمور جزئية؛ بثقافات جزثية, أي بالتعددية. أما الليبراليون 
هلم يكونوا في بحاجة إلا إلى دفعة صغيرة. فهم منجذبون داكما نحو 
أفكار التعددية. وقد تحرروا من النقد الحناد لهم من جانب اليسارء 
فضاعفوا انتماءهم. 

وأصبحت التعددية: التي هي أيديولوجية السوق والفردء هي المبدأ 
الأساسي العميق لليبراليين واليساريين. تعود التعددية حين تنحسر 
الراديكالية. وليس بوسع كل عصر أن يقدم أفكارا جسورة عن المجتمع: 
وريما كانت التعددية؛ في صورها المتنوعة, فافخلا يقدر عصرنا 
على تقديمه. وعلى الرغم من أن هذا التراجع يصور كما لو كان تقدما 
مذهلا. التعددية فكرة عادية وإن لم تكن مبتذلة: وهي حافة قاطعة ناعمة 
الملمس. وإذا زيْنت بالثقافة؛ أو عمدت باسم «التعددية الثقافية»: أصبحت 
أسطورة زعاننا: 


نك تنك ينا 


وتحوي المواد المتراكمة عن التعددية كثيرا مما هو معقول وضروري. 
ومن الإنصاف القول ‏ على وجه اليقين ‏ إن ثمة تواريخ مختلفة ‏ أهملت 
طويلا - يجب أن تجد مكانا في المناهج الدراسية: ومن المرغوب فيه أن 





نهاية اليوتوبيا 


و الناس: من كل الأعمار والمستويات ‏ بالقصص التي يقرأها الأطفال 
والكتب التي يدرسونها. نريد للطلاب أن يعرفوا أنه كان هناك علماء من 
السود. ورجال عصابات من اليهود وغنانات من النساء. نريد من المناهج 
الدراسية أن تعكس تعقد التاريخ والمجتمع. 

وتبقى تلك المشروعات ملحة ومشروعة. غير أنها تشكل قسما فقط من 
قضية ثقافية متعددة الجوانب تتجاوز إعادة النظر في المناهج الدراسية 
بحيث تشمل قطاعات أوسع من الحياة والمعرضة. خارج المناقشات حول 
المناهج (وأحيانا داخلها) فمن السهل أن تفقد التعددية الثقافية مدلولاتها. 
مدفوعة بفهم تجريدي «للثقافة» وفهم «شكلاني» للتعدد, تؤدي التعددية 
الثقاضية إلى نشوء برامج وأفكار تقع بعيدا كل البعد وراء التطورات 
الاجتماعية والاقتصادية. مئات المقالات عن «الهوية الثقافية» تطرح إحالات 
إلى دريدا وفوكوء ومردودها محدود حول موضوعهاء ومناقشات لا 
تنتهي حول التعددية الثقافية تنطاق كلها من افتراض يفتقد الإثبات بأن 
ثقافات عدة متميزة ة تكون المجتمع الأمريكي. 

قلة من المؤرخين والمراقبين فقط هم الذين يفكرون بأن العكس 
يمكن أن يكون صحيحاء بأن العالم والولايات المتحدة يمضون من دون 
توقف نحو التمائل الثقافي؛ لا الاختلاف. وعلى التفكير الجاد في 
قضية التعدد الثقاضي أن يضع ضي اعتباره ‏ على الأقل ‏ تلك القوى 
التي تدفع ‏ دون هوادة ‏ نحو التجانس الثقافيء وأن يطرح الأمسكلة: 
«كيف يمكن أن يوجد التعدد في إطار التمائل5»: دما إمكان قيام ثقافات 
متعددة داخل مجتمع استهلاكي واحدق وأن تطرح السؤّال يعني 
جزئيا ‏ أن تجيب عنه؛ لأن من الممكن أن يكون التنوع الشقاضي 
والتجانس الاجتماعي مرتبطين على نحو معكوس. وقد تنشآ الدعوة 
إلى الهوية الثقافية كردة فعل لانطفائها . 

ليست هناك جماعة قادرة ‏ وقلة من الجماعات هي الراغبة ‏ على 
الوقوف بصلابة في وجه القوى القادرة الداضعة إلى التجانس في 
المجتمع الصناعي الملتقدم. إن كل الأمريكيين من ذوي الأصول 
الإفريقية إلى ذوي الأصول الإغريقية ‏ يشترو, يشترون السلع نفسهاء 
ويتفرجون على أفلام السينما والتلفزيون تفضهلة ويمارسون الأنشطة 





خرافة التعددية الثقافية 


نفسهاء ولديهم - بدرجات تزيد أو تنقص - الرغبات نفسها في تحقيق 
الجاع من زاوكة التسبويق: قن تكمايز هذه السوتاضاث مو سيت 
استهلاكها للموسيقى أو الرياضة: لكن هذه التمايزات لا تكاد تشكل 
هويات أساسية. لم تختف كل الفروق بين الجماعات: وهذا واضح. 
لكنها قد تتلاشى على نحو متزايد. ولهذا السبب ‏ بالضبط ‏ مهم 
يسبغون أهمية متزايدة على الأغراد . إن الذين يفتقدون الجدور, وليس 
الذين يمتلكونهاء هم الذين يبالفون في تقديس جذورهم. 

وقد يكون انبعاث الهوية العنصرية وسط انهيارها الفعلى أخبارا 
جديدة لدى الجامدين من أنصار التعددية الثقافية؛ لكنها ليست كذلك 
عند مؤرخي الهجرة والتمثل. وقد صاغ أحد مؤرخي الهجرة الذين يلقون 
تقديرا كبيراء وهو ماركوس لي هانسن «قانونا» متعلقا بالأجيال يتناول 
هذه المسألة. وأسمى هذا القانون «ميداً اهتمامات الجيل الثالث» ويمكن 
تلخيصه في الحكمة التالية: «ما يود الابن أن ينساه هو ما يود الحفيد أن 
يتذكره...». 

وحسبما يقول به هانسن: فإن الجيل الأول من المهاجرين: المثقلين 
«بهموم مادية» يبدون اهتماما قليلا بثقافة «العالم القديم الذي جاءوا منه. 
أبناؤهم وبناتهم الذين يلقون السخرية من الأمريكيين أهل البلد. يريدون 
أن يهريوا من اللفة الأجنبية. ومن عادات الأسرة والدين؛ ومن ثم يتبنون 
«سياسية النسيان». «لم يكن أحد أكثر تأمركا من شخص له أصول 
أجنبية...». إنه الجيل التاليء أي الثالث: هو الذي يتذكر جذوره وتراثه 
المشترك بفخار("'). بالمصطلح السائد: إن الجيل الثالث هو الذي يفدّى 
بعث الهوية الثقافية والحماسة للتعددية الثقافية. 

ومنذ صاغ هانسن «قانونه» هذا في 19537ء وهو يلقى اهتماما ونقدا 
كبيرين!*'). وتبدو قضيته بالغة البساطة من وجوه عدة, على الرغم من 
ذلك فهي تقتئص ملمحا مهما من ملامح الهجرة: وتبقى وثيقة الصلة 
بالموضوع: انتبعاث الهوية الثقافية في سياق انهيارها الفعلي. إن الأبناء 
والبنات الذين يريدون أن يتذكروا ماضيهم ويمجدوه هم أمريكيون من 
الجيل الثالث: ولدوا في أمريكاء وتعلموا فيهاء ومن ثم لم يعودوا «يعانون 
أي مشاعر بالنقص». 





نهاية اليوتوبيا 


إن ثقتهم في هويتهم الأمريكية؛ ريما ارتياحهم لهاء هو ما يسمح لهم 
بأن يستنيتوا ماضيهم. إنهم يحملون هويتهم القومية أو العنصرية 
بفخارء غماذا يعني هذا؟ إنهم أيضا قد تم تمثلهم: تنقصهم اللفة 
والعادات والممارسات التي كانت لأجدادهم. الأمريكيون البولنديون لا 
يتكلمون البولندية, والأمريكيون الإفريقيون يعرفون القليل عن إفريقياء 
وتلك حقيقة لا تعرفها التعددية الثقافية الراهنة أو لا تريد أن تعرفها. 
فانضع الأمر بوضوح حاد: إن التعددية الثقافية ليست نقيض التمثل, 

وكثيرون من القائلين بالتعددية الثقافية يميلون إلى أن يُحمّلوا 
تصريحاتهم بأقوال محفوظة غيبا عن «البوتقة» والتمثل. لكن نظرة 
أكثر قريا واستخداما أكثر دقة للكلمات تجعل حججهم موضعا 
للتساؤل. إن كتاب ناتان جلازر ودانييل مونيهان «ما وراء البوتقة» 
الصادر في ”157ء ييدأ ‏ على نحو مسطح تماما ‏ بالقول: 
«والنقطة المهمة حول اليوتقة... هي أنها لم تحدث...,!*"). من 
السهل أن تقول هذاء لكن تفحصا أكثر دقة للكلمات والمعاني سيميل بك 
- على الأرجح ‏ لأن تقول العكس: النقطة المهمة حول البوتقة هي أنها 
حدثت؛ وتحدث. 

والحقيقة أن جلوزر ومونيهان واضحان: إنهما لا يعنيان أن «لغة 
وعادات وثقافة متميزة» تدوم أو تتكاثر في المجتمع الأمريكي؛ بل إنها 
«تضيع» مع الجيل الثالث. وهما يشيران إلى حقيقة أن السود أو اليهود 
أو الإيطاليين في نيويورك يستعيدون هوياتهم كمغائم أو جماعات 
ضغطء وهم يتركزون في وظائف معينة ومناطق جغرافية معينة. وعن 
طريق مسح ارتباطات الجوار والمناصب السياسية بالرفاه أو فرص 
التعليم توصل جلوزر ومونيهان إلى أن الهوية العنصرية موجودة. على 
الرغم من ذلك فهما ينكران أن تكون لهذه الجماعات أي مكونات 
ثقافية خاصة. ولا يتطرقان إلى فكرة أن تلك التجمعات العنصرية تقدم 
أي رؤية سياسية مختلفة اختلافا أساسياء بل على العكسء فإن 
الجماعات:العنصرية في نيويورك تسهم في التيار الرئيسي للحياة 
السياسية. مثل انتخابات عمدة المدينة. 





خرافة التعددية الثقافية 


الدراسة الكلاسيكية الثانية من آوائل الستينيات هي دراسة ميلتون م 
جوردون «التمثل في الحياة الأمريكية», وهي تتخن ساحة أرحب كثيرا من 
مدينة نيويورك؛ وتصل إلى نتاكج مشابهة على وجه التقريب: الهويات 
العنصرية تبقى «صامدة» على نحو مثيرللدهشة؛ لكن جوردون أيضا يعني 
المدلول الاجتماعيء لا الثقاضي. بعيدا عن «تعديلات طفيفة في الطهي: 
وأنماط الترفيهء وأسماء الأماكن, والحديث. والأثاث المنزلي, ومصادر 
الإلهام الفني؛ وربما مجالات أخرى قليلة...». يؤكد جوردون «إن انتصار 
المثاقفة في أمريكاء عبر الأجيال: كان ساحقا...». وحيث يعوّق فإن هذا 
يكون على المستوى الاجتماعي؛ وهذا يعني عند جوردون ‏ أن لكل جماعة 
عنصرية أو دينية أو قومية «شبكتها الخاصة من الحلقات والنوادى 
والمنظمات والمؤسسات...[01). ١‏ 

ويسمي جوردون هذا «تعددا بناثيا» على عكس «التعدد الثقاضي» الذي 
لا يكاد يوجد . وقد تكون كلمة «البنائي» مضللة. من حيث إنها تعطي لهذا 
التعدد كثافة لا يعنيها جوردون. فهو قد وجد أن الجماعات تنفصل على 
طول خطوط أنماط الصداقة والارتباطات:؛ ولكن ليس ثقافيا. والانفصال 
«البنائي» لا يقوم على الانفصال الثقافي. السود يخرجون مع السود: 
ويتعبدون في كنائس السود. واليهود يخرجون مع اليهودء ويتعبدون فضي 
الكنيسء لكن هذا لا يعني أن تلك الجماغات تمثل ثقافات مختلفة. أو على 
نحو ما يقول جوردون أن بوسع جماعات مستقلة «أن تواصل وجودها حتى 
لو ظلت الاختلافات الثقافية بينهم في تناقص مطرد؛ يل حتى لو تلاشى 
القسم الأكبر منها....["2. 

وفي ١58١‏ نشر عالم اجتماع آخر هو ستيفن شتاينيرج كتايا ينحو 
منحى واقعا في التفكيرء بعنوان «خرافة الإثنية أو العنصرية». يَقوّم فيه 
الحديث عن الصعود المفاجي للعنصرية: والهوية الثقاضية. يبدأه بالقول: 
«إن القضية المطروحة هنا هي أن هذا الانبعاث العنصري ليس إلا «شهقة 
الموت» من جانب الجماعات العنصرية المنحدرة عن موجات الهجرة الكبرى 
في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. بعبارة أخرى: إن هذا 
الانبعاث لا يعني عودة أصيلة من جانب العنصرية إلى الحياة؛ لكنه ‏ 
بالأحرى ‏ أعراض ضمور التق افات العنصرية وانهيار الجماعات 





تهاية اليوتوبيا 


العنصرية . وإذا وضعنا هذا الانبيعاث في منظوره التاريخيء بدا محكوما 
عليه منذ :لكيه للإييك بكي اج اماك طل دحتا و مؤثرة لعدة 

عند ها عند سواه من المعلقين ذوي الجد والرصانة ‏ 
فإن الجماعات الثقافية والإشية أو العنصرية لا تستطيع أن تبقي على 
وجودها في وجه القوى الدافعة إلى التجانس في المجتمع الأمريكي... 
«على دحو متزايد. تتشكل القيم الثقافية وأساليب الحياة نتيجة مؤثرات 
من 0 البيئة الإقنية: وسائل الاتصال الجماهيرية والثقافة الشعبية 
الأخرف: .. وما يتبقى لا يعدو عنصرية رمزية وواهنة(” 0( ٠‏ وفي تقديم 
جديد «لخرافة العنصرية» نعى شتاينبرج ما اعتبره «الإإخفاق الكامل» 
لكتايه في إزاحة «الخرافة وسوء الفهم» ل العنصر والعنصرية 
«فمواجهة مثل هذه التيارات الأيديولوجية يشيه السباحة ضد التيار: 
يبدأ المرء باندفاعة قوية, ويتقدم قليلا للأمام. ثم ما يلبث أن يستسلم 
لقوة التيارات التحتية..1"(0), 

وثمة عالم اجتماع آخر هو ريتشارد د. ألياء أثبت أيضا تعذر مقاومة 
فوى التمثل: وقد استخدم مؤشرات من اللغة المنطوقة والتجاور في السكن 
والزواج المختلط» وهو يرى «أن الأسس الاجتماعية للتمايز العنصري تتأكل 
بين الأمريكيين ذوي الأصول الأوروبية... ومع تقدم العمر يحل محل 
الأجيال الأكثر عنصرية أبناؤهم وأحفادهم. الذين هم في المتوسط ‏ أقل 
عنصرية: ومن ثم تصبح الجماعة كلها أقل عنضرية :20" ولاشيء في 
هذا القول يسهل نقضه. 

ويستبعد باحثون آخرون هذا الفزع المنتشر بأن المماجرين الجدد 
يهددون مكانة اللفة الإنجليزية. يكتب عالم الاجتماع جيوفري نانبرج : «إن 
المهاجرين الجدد يتعلمون الإنجليزية بالفعلء ويمعدلات تتجاوز .ما فعله أي 
من الأجيال السابقة من المهاجرين: وبحماسة أكثر. حسيما تشير كل 
الدلائل. وأيا ما كان معنى «التعددية الثقافية» عند 00 قلا شك في 
أنها لا نعني رفض الإنجليزية كلسان قومي مشترا وعلى سبيل 
المثال» فإن الأرقام الحديثة تثيت أنه بالنسبة 2 الجدد من إسبانيا 





خرافة التعددية الثقافية 


والبرتغال... «فأن تصبح أمريكيا لا يعني إتقان الإنجليزية فقط؛ بل نبذ 
لغة وثقافة الأبويّن كذلك...(71), 

هذه الحقائق البسيطة ‏ وربما ذات المذاق السيئّ ‏ تمضيء عملياء دون 
تعليق في هذه الثرثرة الدائرة حول التعددية الثقافية. إن الولايات المتحدة 
لا تسير في طريق أن تصبح متعددة اللغات؛ بل في الطريق المعاكس. فهو 
مجتمع أحادي اللغة ‏ على نحو لا يهدا ‏ بأكثر مما عليه مجتمعات أخرى, 
والمثال المفضل عند كالين لمجتمع متنوع ومتناغم هو سويسراء حيث تشيع 
ثنائية, بل ثلاثية: اللغة. أما في الولايات المتحدة ‏ على النقيض ‏ فإن 
عددا قليلا من الطلاب ‏ يزيدون قلة ‏ هم الذين يستطيعون أن يدرسوا 
ويحققوا لونا من التقدم بلغة أجنبية. 

وفي دراسة تدين المناهج الدراسية الأمريكية بعنوان «سائحون فى 
بلادنا» أثبت كليفورد أولمان؛ من قسم التعليم بالولايات المتحدة, الانهيار 
السريع في الدراسة الجادة للفات. وقد نتصور أن يفزع الدعاة 
المتحمسون للتعددية الثقافية لهذا الأمر. حيث إن اللغة والثقافة ‏ بعد 
كل شيء - يُفدّي كلّ منهما الآخر, لكنهم نادرا ما يشيرون إليه. يشكو 
أوتلان: «في كل المناقشات المعاصرة حول «التعددية الثقافية» و«تنوع 
الثقافات»», فإننا نسمع أقل القليل: وربما لا نسمع شيئا بالمرة: عن اللغة 
الوطنية, وصيانة اللفة. خل جانبا أولكك الذين يتحدثون الإنجليزية من 
حيث هي لغتهم الوطنيةء والذين يسعون لأن يغمروا أنفسهم في ثقافة 
أخرى عن طريق اكتساب لغة ثانية...». ويقول إنه من دون دراسة لغة 
أخرىء فإن الناس «لن يزيدوا عن كونهم سائحين...!""). في صياغة 
أخرى: ما لم تكتسب لغة أخرى؛ وهذا ما تفعله قلة من الأمريكيين. فإن 
معرفة شيء عن إفريقيا عن طريق احتفالات «الكوانزا» يشبه معرفة 
شيء عن ألمانيا عن طريق احتفالات «أكتوير فاست». 

وقوى الأمركة التي لا يمكن الهروب منها لا تضمن أن تشارك كل 
الجماعات في المجتمع بالدرجة نفسها من النجاح. وأولئك المستبعدون 
نتيجة مظالم عنصرية أو إثنية لا يشكلون؛ بالضرورة؛ ثقافة متميزة. 
فالمعاناة لا تود ثقافة. في 1505ء وبكل النوايا الطيبة صّك عالم 
الأنشروبولوجي أوسكار لويس تعبير «ثقافة الفقر» كي يسبر أغوار 





نهاية اليوتوبيا 


الإفقار المتوطن لدى العائلات المكسيكية. ولويس نفسه قضى حياته 
كلها عالما في الاجتماع؛ وكانت لديه مخاوف من معاداة السامية دفعته 
إلى أن يفير اسمه من لوفكويتز. في البداية وضع لكتابه عنوانا فرعيا 
«خمس حالات». ثم «أنثرويولوجيا الفقر».ء لكن العنوان للكتاب المنشور 
كان «دراسة حالات مكسيكية في أنثرويولوجيا الفقر»». وقد انتشر 
الكتاب؛ وانتشر المصطاح «أنثروبولوجيا الفقر» على نطاق واسع: على 
أي حال؛ فإن النقاد قد هاجموا لويس بقوة لأنه اعتبر أن سمات ثقافية 
معينة, لا الشروط الاقتصادية: هي المؤدية إلى الفقر0"". 2 2 

على أن منهج «ثقافة ال...» أحرز نجاحا لا يوازيه نجاح. فقلة هم 
الذين يلتفتون نحو المضمون الاقتصادي «للثقافة». كذلك ‏ وعلى نحو ما 
أوضح الأنثرويولوجي تشارلس أ . فالنتين بجلاء قبل سنين ‏ فإن اهتماما 
قليلا يُوَجه نحو علاقة الثقافة. أو الثقافة الفرعية, بالمجتمع الأكبر... 
«وتصنيف مثل هذه الأمور تأخر عن موعده طويلا. وقد أصيح من 
الأساليب الثقافية المعتادة اكتشاف «الثقافات» في كل مكان من الحياة 
الوطنية والدولية...». عن طريق المنطق أو الملاحظة نجد «شيئا ما» 
يجعل «جماعة فرعية» منفصلة عن المجتمع الأكبر أو الثقافة الأكبر. ما 
هذا الشيء بالضبط؟ من دون أن نضع الإطار الأوسع في الاعتبار» فإن 
ما يبدو متميزا ستستمر «أسطرته». كما لو كانت كل جماعة تعيش في 
كون مستقل(*؟"). 

عند كل من يعنيه أن يرىء توجد الأدلة في كل مكان على أن 
الثقاضات المتمايزة ليست على هذا القدر من التمايز. في كتابه المثير 
عن الأطفال الفقراء السود في فيلادلفياء وعنوانه «على الحافة»: وجد 
كارل ه. نايتتجيل أن أولكك الأطفال يتزايد استسلامهم لمجتمع 
استهلاكيء يعتدي على قابليتهم للجرح والإيذاء. وعلى وجه التحديد 
لأنهم مستبعدون ومستذلون: فقد أصبحوا عشاقا متعصيين لوسم 
الأسماء والسلاسل الذهبية والسيارات باهظة الثمن؛ أى الشارات 
الدالة على النجاح الأمريكي. ١‏ 

يذكر نايتنجيل: «ما أن يصبحوا قادرين: يسارع الأطفال إلى طلب 
«مكعبات البناء» من العدة في الدرجة (ب). وما أن يصبحوا فضي 





خرافة التعددية الثقافية 


الخامسة أو السادسة؛ فإن كثيرين منهم يستطيعون أن يذكروا كل قائمة 
متعة الكبار: من «جوسي» إلى «إيفان بيكون» إلى «بيير كاردان»: ومن 
«المارسيدس» إلى ال «بي.إم. دبليو». ومن سن العاشرة. يستغرق 
الأطقفال تماما في طقس أحذية «نايك» و«ريبوك».... بعدها يأتي 
الانبهار بالمجرمين والمتعاملين بالمخدرات. وتكشف «شرائط المجرمين 
ذوي القدرة الكلية» انشغالا «بالاستهلاك والرغبة في الاكتساب لم تكن 
أبدا من سمات الأرواح القديم وضريات د. وب...». ويعود إغواء 
المتعاملين المحليين مع المخدرات إلى «تمجيدهم للسواد... مع 
بعض العروض الفنية التي تتسم بالاستهلاك المفرط...». ويخلص 
نايتنجيل إلى أن «طقس عيادة الاستهلاك قد تخلل الحياة العاطفية 


وليست هناك جماعة تود أن تسمع أنها تفتقر إلى الثقافة: لكن هذا 
ليس هو الموضوع. السؤال ‏ بالأحرى ‏ هو عن كيفية اختلاف الثقافات 
العديدة كل عن الأخرىء وعن الثقافة الأمريكية السائدة. وعلى سبيل 
المثالء فقد أثبت الدارسون؛ من ملفيل هرسكوظيتس إلى سترلينج ستاكي: 
استمرار وجود الحكاية والأغنية واللفة الإفريقية في خبرة الأمريكيين 
السودل'"). وهذا جهد صائب وثمين: لكنه لا يعني أن الأمريكيين 
الإفريقيين اليوم يمثلون ثقافة متميزة: بأكثر من الأمريكيين الإيطاليين أو 
الأمريكيين اليابانيين أو الأمريكيين اليهود. 

ولا تكاد توجد أدلة توحي بأن هناك جماعة: اللهم إلا أكثر الجماعات 
هامشية وجموداء يمكن أن تكون لهاء أو حتى تود أن تكون لهاء ثقافة 
متميزة في المجتمع الأمريكي. هذه الجماعات موجودة: لكنها ‏ على نحو 
نمطي - تلعب دورا ضئيلا في التعددية الثقافية: لآنها تريد أن تبقى 
بعيدا عنها لا أن تدخل فيها. وعلى سبيل المثال؛ فإن جماعة «الآميش» لا 
يكاد يكون لها وجود في المناقشة حول التعددية الثقافية: وليس السبب - 
بيساطة ‏ أنها جماعة قليلة العدد؛ ولكن لأنها بعيدة جدا عن التيار 
الركيسى وغيايهاء علق آى تحال يلقي الوم علي التمافل: المسكوت 
عنهء للتعددية الثقافية: التي تريد فيها الثقافات المتعددة ‏ بدرجة تزيد 





نهاية اليوتوبيا 


أو تنقص - الأشياء ذاتها. وعلى خلاف «الثقافات» الأمريكية الأخرى, 
يرفض أغراد «الآميش» استخدام الكهرباء والسيارات ومعظم السلع 
الاستهلاكية الحديثة, وثيابهم ‏ في معظمها ‏ قد نسجوها بأنفسهم: ولم 
تكد تتفير خلال قرن, ٠‏ وهم بوجه عام في مرحلة ما قبل الصناعة 
ويعيشون حياة الكوميونة. 

وقد يبدو هذا الأمر لغرباء كثيرين محببا أو جديرا بالاهتمام: ولكن 
لا شيء أكثر. وكما كتب واحد من دراسي «الآميش» إن الساحئين 
«مفتونون» بالآميشء ويمتدح الأكاديميون صحتهم النفسية وصداقتهم 
للبيئة. يذكر راندي تيستا لذي عاش وسط الآميش: «على الرغم من 
هذه الإشادات كلها» فإن قلة من الغرباء فقط هم الذين يمكن أن 


يطرحوا 1 عنهم «الملاءعمة التكنوتلوجية» كي «يخضعوا أنفسهم 
للنظام 0 فضي حياة الآميش.. 2“ ( ٠‏ فإن تكون من «الآميش» ليس 
«أسلوب حياة». 


«إتني لا أود أن أصبح من رالآميش». ولا أنا قادر على هذا إن 
الإنسان يستطيع أن يتحول إلى الكاثوليكية؛ ويظل»؛ على الرغم 
من ذلك؛ يستخدم سيارته, أويضع أمواله في أحد البتوك؛ أو 
يملك غرفة استقبال جميلة... ومثل هذه الاهتمامات غير 
موجودة في مجتمع الآميش... أن تكون من الآميش فهذه عقيدة» 
وأسلوب حياة شامل. والتحول إلى عقيدة اللآميش:؛ وسواء أكان 
تحولا إلى الأفضل أم إلى الأسوأء إنما يعني أن تتخلى عن دنيوية 
الحبياة الدنيا...[04). 

إن الحقائق البسيطة للتأمرك أو الأمركة لن تدهش مؤسسي فكرة 
التتوع الثقافي. «والتعددية الثقافية» ‏ على نحو ما صاغ كالين الأمر قبل 
ثمانين عاما ‏ قد تكون جهدا شجاعا من أجل الحفاظ على الهوية 
الثقافية في وجه الأمركة القاهرة, كانت هذاء كانت شيئا أكثر لا أقل. 
كانت خطوة وسطى نحو التوافق الثقافي الذي لا يمكن تجنبه. :. 

وكالين؛ المولود في سيليسياء جاء به إلى الولايات المتحدة أبوه الذي 
كان حبرا يهوديا أصوليا. ولأنه أكبر الأبناء. وقد ظل الابن الوحيد بين 
ثمانية أطفال: فقد كان متوقعا أن ينهج نهج أبيه ليصبح حَبّرا أصوليا. 





خرافة التعددية الثقافية 


لكن الصبي رفض عالم أبيه. الديني القاسي؛ ورأى أن الأب «جامد» 
و«متسلط»: ويعترف كالين بأنه لم يكن يحبه؛ وتكرر هروب الصبى من 
البيت؛ ولم يتصالحا إلا حين كان الأب على فراش الموت؛ وكتب كالين عنه 
متذمرا: «لقد كان آخر رجال المدرسة القديمة بين اليهود» الذين رخضوا 
أن يقدموا أي تنازل نحو بيئتهم..["/, 

أراد كالين من اليهودية أن تقدم التنازلات نحو البيئة؛ وأن تتقدم 
باتجاء التيار الرئيسي بأن تصبح «علمانية وإنسانية وعلمية ومشروطة 
بشروط الاقتصاد الصناعي دون أن تتوقف عن كونها يهودية حية...», 
وقد حقق كالين ‏ ومن انضموا إليه في برنامج «التعدد الثقافي» مثل 
الأمريكي الإغريقي آلان لوك نجاحا أكثر مما أراد. واليلوه: فإن 
تعبيرات مثل «التعدد الثقافي» أو «الثقافات المتعددة» أو «التنوع» لا 
تعني حياة مختلفة: بل تعني أسلوبا مختلفا للحياة في المجتمع 
الأمريكي. فكل الثقافات «المتنوعة» تحلم وتخططء وأحيانا تحقق: 
النجاح الأمريكي نفسه. أيديولوجيو التعددية الثقافية وحدهم لم تبلغهم 
هده الأنباء. 


د #6 مإ 


إن المناقشات الراهنة حول التعددية الثقافية تتميز بالخصائص 
التالية: ندرة التحليل الاقتصادي والاجتماعي:؛ وتضخم المناهج الثقافية: 
وافتراض أن الثقافات تختلف اختلافات أساسية:ء وإخفاق أو عجز تقدير 
قوى التمثل والتجانس؛ وافتقاد وجود رؤية أو بديل سياسي. ومن ثم فإن 
السياسات التي تصدر عنها إما أن تمضي إلى المبالفة في تقدير مشاعر 
مألوفة (وجديرة بالتقدير) حول احترام كل الجماعات: وإما أن تنحو 

وثمة مجموعة حديثة تجسد المفهومات الواهنة والسياسات الحامدة 
للتعددية الثقاضية الليبرالية. ومؤّلفو «التعددية الثقافية» يفترضون أن بين 

2 6 

المطالب المتهادية. ويتمجور المجلد حول «سياسات الاعتراف» وهو عنوان 
مقالة لفيلسوف ليبرالي جدير بالتقدير هو تشارلس تايلور. وعند تايلور 





نهاية اليوتوبيا 


فإن «الاعتراف» ليس مجاملات يتبادلها أحدنا مع الآخرء لكنه «حاجة 
إنسانية حيوية» تقوم على أساس أن الحياة «ذات طابع حواري» وأننا نعيّن 
أنفسنا عن طريق الاتصال بالآخرين . ولسوء الحظ «فمع قدوم العصر 
الحديث...» أصبحت «الحاجة إلى الاعتراف» غالبا لا تلقى الإشباع. 
و«الاعتراف الخاطئ» يتضمن ما هو أكثر من عدم الاحترام «فهو يمكن أن 
يحدث جراحا خطيرة: ويثقل ضحاياه بكراهية معوقة للذات..». 

ثمة ما هو أسواًء فالليبرالية الكلاسيكية تقيم الاعتراق على أساس 
المساواة. وقد حاولت على الأقل ‏ ونجحت أحيانا ‏ أن تتجاهل اختلافات 
الطبقة والنوع والعنصرء ولسوء الحظء فإن مبدأ المساواة يتصادم وفكرة 
جديدة أو احتياجا جديدا هو ما يسميه تايلور «سياسات الاختلاف» التي 
وضع أساسها في «عصر الأصالة» الذي يتحدد تاريخه يدءا من روسو 
وهردر. وعند تايلورء فإن الأصالة هي الفكرة القائلة «بأن هناك طريقة 
معينة كي أكون | إنساناء هي طريقتي «أنا»» فأنا مدعو لأن أحيا حياتي بهذه 
الطريقة. ٠.‏ ولكي أكون صادقا انعد فهذا يعني أن أكون صادقا مع 
أصولي...» ويسعى تايلور إلى عقد مصالحة بين «الاعتراف المتكافئّ» 
الذي تهبه الليبرالية الأساسية والاعتراف الخاص الذي تتطلبه «الأصالة» 
الكامنة وراء التعددية الثقافية. 

ويبدو تايلور سعيدا وهو يحفر حول المسألة: كيف يمكن لليبرالية 
الكلاسيكية القائمة على المساواة أن تتصالح مع التعددية الثقافية التي 
تتطلب اعترافا خاصا بثقافات محددة؟ على أنه كي يحصل على الثمرة 
يعلق على موضوعات جادة. وكبداية: ما الأصالة وكيف يمكن أن تتحقق؟ 
وعند تايلور فإن الأصالة تغذي الاختلافات التي تشكل التعددية الثقافية, 
لكنة يضفي مسحة الأسطورة على المفهوم: وهو المفضل لدى الوجوديين 
الأوروبيين مثل مارتن هيدجرء وعلى الفيلسوف الكندي الحصيف أن 
يشتبك وأتباع هيدجر الغارقين في الضياب. 

وكما قال ت. و. أدورنو في كتابه الجدئي ضد الهيدجريين «رطانة 
الأصالة» إن «الأصالة» ذاتها مفهوم مشتبه؛ يدعي عمقا ليس له. ثم إن 
هذا التعبير يستثير نزعة باطنية جذرية: ويفترض شكلا ذا طابع أسطوري 
وشكلي وفارغ. أن يكون شخص ما «أصيلاء أو لا يكون: على أي أساس5 





خرافة التعددية الثقافية 


يكتب أدورنو: «هنا تتبن الموضوعية, وتصبح الذاتية هي الحكم على 
الأصالة...» وتنتهي فكرة الأصالة إلى الحشو والتكرار. فالذات هي 
الذات؛ «والإنسان هوء وهو ما يكونه». كما كتب هيدجرء النصير الأول 
لعبادة الأصالةل"). 

وعلى الرغم من أن صياغات تايلور ينقصها ذلك العمق الساخر الذي 
يميز الهيدجريينء إلا أنهم. جميعاء يتشاركون المنطق والرطانة أنفسهما. 
فالأصالة «تضفي أهمية أخلاقية على لون من الاتصال بذاتي... بطبيعتي 
الداخلجة الشناصة:: إنها تزيد ب ندرجة عطيمة - من اهمئة الاتصال 
بالذات لأنها تقدم مبدا الجدة, وكلّ من أصواتنا لديه شيء متفرد 
يقوله له إن الأغيالة تقفو على الذات مسة اسطورية, وهى قن انوا 
الأحوال تتبع الأوامر. حتى عبارات تايلور تفضح الخدعة: 000 لأن 
أحيا حياتي بهذه الطريقة...» فمن دعاهة تزعم الأصالة فردية راديكالية, 
على حين أنها تسحب موائد السلالة كي تطرد غير الأصلاءء, إنها تعبق 
برائحة الغموض والطابع البوليسي. 

فضلا عن ذلكء ينزلق تايلور من خرافة الأفراد الأصلاء إلى 
الثقاضات الأصيلة. وهي فكرة أكثر غموضا والتباساء فيفترض أن ثمة 
ثقافات معينة في حاجة إلى اعتراف خاصء أي ثقافات وأي نوع من 
الاعتراف؟ بععيدا عن الإحالات المنتظمة إلى كويبك؛ وهم أسلاف 
غارقون في الضباب. ومثل معلقين كثيرين يفترض تايلورء ببساطة «كل 
المجتمعات تصبح ذات تعدد ثقافي على تحو متزايد ...». كما لو كانت 
هذه حقيقة تثبت نفسها بنفسهاء كما يفترض أن ثقافة الأغلبية تهدد 
ثقافات الأقليات: دون أن يزعج نفسه بأن يقول لنا ما ثقافات الأقلية 
التي يتحدث عنهاء وبم تتميزة 

إنه حتى من المشكوك ففيه أن تمثل كويبك ثقافة متميزة. إن اللفة 
الفرنسية هي السائدة في كويبك؛ ولكن هل تصنع اللفة الثقافة؟ لاء 
ليس صحيحاء حسب رأي كثير من المؤرخين؛ فاللفة ‏ كما يقول إريك 
هوبسباوم ‏ «مجرد طريقة واحدة, وقد لا تكون الطريقة الأولى, للتمييز 
بين الجماعات الثقافية... والمطالب السياسية بالاستقلال في بولندا 
ويلجيكا لم تكن قائكمة على أسس لغوية... ولا حركة الأيرلنديين في 





نهاية اليوتوييا 


بريطائينا. 1“ والمارك الاغوية لآ فتن د والكترورة ب طم امنا بين 
ثقافتين. وإذا ما أصبحت كوييك بلدا مستقلاء فهل بوسع أي مراقب أن 
يستنتج أن مونتريال وتورنتو تمثلان ثقافتين مختلفتين؟ 

وعلى أي حالء يفشل تايلور في أن يمضي إلى بعيد . فشكرة أن 
الحياة «ذات طابع حواري» وأنها تتطلب الاعتراف المتبادل لا يمكن 
الاعتراض عليها., لكنها كذلك قد لا تكون في حاجة إلى إثبات. 
والاعتقاد بأن «التوقف عن الاعتراف يمكن أن يكون صورة من صور 
القهر...» فليس سوى ترثرة ذات طابع سيكولوجيء إنه الصياغة 
الفلسفية لذلك الهذر الخاص بتقدير الذات. مطبقا على الثقافات 
ككل. إن ما يشوه الناس هو عدم وجود وظائف أو وجود وظائف سيئة, 
والمجتمعات المنهارة» والعلاقات الإنسانية الرثة: والتعليم القاصر, 
لا «الاعتراف الخاطيئّ» مهما كان معناه. 

على أي حالء فإن الواقع يصيب تايلور وزملاءه الفلاسفة بالفزع, 
فتايلور يستمد حديثه عن تيارات «التجانس» في المجتمع من «مفهوم» 
الحقوق المتساوية؛ لا من الحقائق الاجتماعية. ويلتقط معلقوه الهراوة, 
ويروحون يتعاملون مع «الأفكار» عن الثقافة التي تهدد والتي هي موضع 
تهديد, لكنهم د يقتّرون داكما في التفاصيل. يقول لنا ميشيل والزر إن 
الثقافة السائدة تعرض ثقافات الأقلية للخطر... «بعض القوميات أو 
الاتحادات 0 أو الجماعات الثقافية هي في خطر أكثر من 
سواها...». ولئن بدا هذا القول غامضاء فإنه يتصدى ‏ بجرأة ‏ لتوضيحه: 
«فالثقافة العامة في الحياة الأمريكية هي أميل لأن تدعم. فلتقل: هذه 
الطريقة في الحياة أكثر من تلك...». «فلنقل» هذه مجانية تماما. يعلن 
الفيلسوف عن اقتحام جسورء في حين أنه ما زال يخلط الأوراق في دفتر 
محاضراته القديم. 

إن تايلور وزملاءه يتوجهون نحو صراعات حقيقية؛ لكن الرطانة عن 
الاعتراف والأصالة وتقدير الذات الثقاضية تلقي بالأوحال ضي المياه. 
إنهم يكادون لا يتفكرون في: ما يكون الثقافة وما التعددية الثقافية 
داخل مجتمع واحد؟ والحقيقة أنهم ينزلقون من التعددية الثقافية إلى 
الاختلافات الثقافية؛ من «طرائق الحياة» وحتى «طرائق رؤية العالم»... 





خرافة التعددية الثقافية 


كما لو كانت كلها الشيء ذاته. وهذا ما يتيح لمعلقين كثيرين أن يكتبوا 
عن النساء «كثقافة محرومة» تعاني اعترافا فاشلا. ما الثقافة التي 
تمثلها النساءة وهل تختلف من مجتمع إلى آخرة إن وَهن المفهومات 
عند أولئتك الفلاسفة الحكماء يتيح للحجج أن تنكشف؛ فمن الأيسر, 
بكثيرء أن تكتب عن الاختلافات الثقافية في مجتمع صناعي متقدم: 
وهي موجودة بوضوح. عن أن تكتب عن الثقافات المختلفة: والتي قد 
لا تكون موجودة. 

على سبيل المثال؛ يمكننا أن نتناول أعياد «الكريسماس» و«الشانوكام» 
و«الكوانزا» باعتيارها تمثل اختلافات ثقافية؛ وأقل من ذلك إمكانا أن 
ننافشها باعتبارها تمثل ثقافات مختلفة دلخل المجتمع الأمريكي. 
والنظرة المتزنة إلى أيام العطلات هذه قد تنتهي إلى تسجيل نقاط 
التشابه. لا الاختلاف. بينها. في العالم الأنجلو ‏ مركي كانت أعياد 
والكر يسام تطرون اطمالات شدرية لكنها ظلت؛ حتى القرن التاسع 
عشرء لا تتضمن التسوق وتبادل الهدايا. و«سانتا كلوز» نفسه ظهر نتيجة 
«مركب متعدد الألوان» من الصور أصبح بمقتضاه مانحا للهدايا. يكتب 
المؤرخ لي أريك شميدت: «إن أصحاب دكاكين اللعب والحلويات هم الذين 
مهدوا الطريق أمام استخدام «سانتا كلوز» نتيجة أرباحهم حين يصيح 
الأطفال سوقا لمبيعاتهم..(""). 

بعض السبب في أنه يأتي في ديسمبر؛ وأصبح «الشانوكام»» وهو يوم 
عطلة صفرىء يوم عطلة كبيرى لليهودء وأخذ شيئًا من زخرف 
«الكريسماس» في تقديم الهداياء الذي لم يكن أصلا من طقوسه!0). 
وقد ابتكر أستاذ نشط أسود عيد «الكوائزا» وهو يع بين «الكريسماس» 
و«رأس السنة الجديدة». ليقدم للأمريكيين الأفارقة بديلا عن 
«الكريسماس»: وقد قصد به أن يظل احتفالا لا علاقة له بالتجارة: مثل 
أن يتم فيه تبادل هدايا مصنوعة في البيوت:؛ لكنه سرعان ما خضع 
لقوى السوة[*"). 

هذه الحقائق لا تتطفل على المطلب الفلسفي في الأصالة والاعتراف. 
ويصارع تايلور أحجيته: فيستتنتج: «يجب أن يكون هناك شيء ما ضي 
منتصف الطريق بين المطلب غير الأصيل الداعي إلى التتجانس؛ في 





نهاية اليوتوبيا 


الاعتراف المتكافئ من ناحية, والحصار الذاتي داخل المعايير المتمركزة 
حول العنصرء من الناحية الأخرى...» يجب أن يكون: لكن تايلور يقدم 
احترازا: «إن الافتراض [المتعلق بالتكافوقٌ] المطلوب ليس نوعا من الأحكام 
القاطمة وغير الأصيلة... وإنما هو رغبة في أن ننفتح على الدراسات 
الثقافية المقارنة من النوع الذي يزيح آفاق التكتل الحاصل..»[*"), 

إن النتائج الجيانة واللغة الباهتة والمفهومات الدرداء ليست نادرة 
عند فلاسفة السياسة فهي زادهم الذي لا يجدون كفايتهم منه. 
والمعلقون على مقالة تايلور ‏ وهم معلقون متميزون ‏ يتابرون في 
الحماسة لهاء فهي «جديرة بالإشادة»: وهي «ثرية بشكل غير عاديء كما 
تصفها سوزان وولف. أستاذة الفلسفة بجامعة جونس هويكين؛ وهم لم 
يسبق لهم أن قرأوا شيا بمثل أهميتها. إن المجموعة كلها توحي 
بليبرالية فقدت عظمها ولحمها. 

على الرغم من ذلك. يبقى تايلور والفلاسفة الليبراليون مفكرين أكثر 
وضوحا وشرفا من التالين عليهم باتجاه اليسار. في بحر التعددية 
الثقافية. يبحر اليساريون عن طريق الهمهمة والتمتمة عن السلطة 
والاختلاف والتهميش. إنهم يسودون مقالات وكتبا لا نهاية لها بالحديث 
عن التعددية الثقافية الراديكالية والمتحولة. أما ما الذي يتحول فلم يتحدد 
أبدا. وتكرارهم الداكم لمصطلحات مثل: «السيطرة المضادة» و«التمزق» 
و«النضال». يثير الشكوكء, لابد أن تتكرر هذه المصطلحات في كل جملة؛ 
حتى لا ينهار الصرح كله. هومي ك. راهابهاء الأستاذ بجامعة شيكاغو. 
ممارس جيد لهذا الأمنلوب: 

٠‏ يجب ألا يفهم الاختلاف الثقافي على أنه لعبة حرة القطبية 
والتعددية... وتصادم المعاني والقيم الذي يتولد خلال عملية 
التفسيرالثقافي إنما هو نتيجة التعقد والارتباك الذي يسود 
الفضاءات اللاشعورية في مجتمع قومي... ويسهم الاختلاف الثقافي 
- من حيث هو شكل من أشكال التدخل في منطق التدمير الإضافي 
الشبيه بإستراتيجيات خطاب الأقلية. وتواجهنا مسأئة الاختلاف 
الثقافي بقضيتي نقل المعرفة أوتوزيع الممارسة وهما دائما توجدان: 
إحداهما إلى جوار الأخري: وهذا ما قد يعني شكلا من أشكال 





خرافة التعددية الثقافية 


التناقض أوالعداء الاجتماعي. وهوما يجب التشاوض حوله: له 

استبعاده. والااختلاف بين المواقع الفاصلة والتمشيل في الجحياة 

الاجتماعية يجب أن يناقشا دون صعود موجة المعاني والأحكام غير 

المتقارية: والناتجة عن عملية المفاوضات عبر الثقافات....[07). 

والبرنامج الراديكالي للتعددية الثقافية يمكن وصفه بأنه رطانة 
مرتبطة بآلة لضغط الهواء. وثمة مجموعة حديثة بعنوان «خرائط 
التتعددية الثقافية» تمثل هذا النوع. يريد محرروها أن يشبتوا أن 
التعددية الثقافية الحقيقية تتجاوز التمثل أوالتعدد الليبرالي. التعددية 
الثقافية الحقة هي أكثر قوة وتهديدا . وهم يقدمون مقياسا من ثلاث 
نقاط يمكن عن طريقه التقاط ماهو حقيقى (لإ00© ©381) من حشد 
الأدعياء: الأولى هي أن التعددية الحقيقية تكون دائما «مضيافة» «لدى 
كامل من المنظورات»... «عن النوع والمسائل الجنسية والعنتصريات 
الشاملة الجديدة ود«الأمم الجديدة» مثل «أمة اللواطيين». بأكثر من 
التعددية العادية. الثانية هي أن التعددية الحقيقية تدعم دائماء وبقوة, 
هويات الجماعات القائمة على أسس عنصرية؛ وتعادي القول 
«بالجوهرية» في ذات الوقت. وأخيراء فإن «التعددية الثقافية المتحولة» 
تنشد «المساواة السياسية»... «إن تعددية ثقافية حقيقية تتطلب 
التضمين السياسي والثقافي معاء تتطلب المشاركة في السلطة مع 
الجمعات ذات الصلة..“(07), 
وهذه المادة في حاجة إلى صفحات عدة كي نحل خيوطهاء هي في 

أفضل أحوالها ‏ تمثل ليبرالية مألوفة تتظاهر بأنها أكثر من ذلك. وإذا 
كانت التعددية الثقافية تتحدد بأنها «منفتحة» على «منظورات جديدة», 
فإن قليلين هم الذين يمكن أن يعترضوا على هذا . وهي ‏ في أسواً 
أحوالها ‏ تمثل كابوس الليل الذي تحقق في النهار: نسبية بلا عقل. 
التعددية الثقافية تعني احتضان أي شيء ينخر الطريق الرئيسي للتاريخ, 
وأي شاحنة على الطريق يمكن أن تُسمى «ثقافة»؛ بل إن بعضها يمكن أن 
يأخن صفة «الأمة». مثل «أمة اللواطيين». والسؤال هو: كيف يمكن لتوع 
أو لعنصرية شاملة أن يشكل ثقافة جديدة؛ فما بالك بأمة5 في إجابة 
هذا السؤال لا يقول لنا المؤلفون شيئا. يتطلب الفكر النقدي عناية ودقة 





تهاية اليوتوبيا 


في المفهومات,. وفي هذه الأيام. استّبدل هذا بالتهليل والرطانة 
الأكاديمية الجوفاء. 

أما القول بأن التعددية الثقافية ثُقر ‏ بالحماسة نفسها ‏ الجماعات 
العنصرية وغير العنصرية (بلُغتهم: معاداة الجوهرية), فإنه يقوم على 
لعبة خفة يد قديمة: إذا لم تستطع أن تحدد الورقة المطلوبة ضاختر 
الورقتين كاتيهما. ومطلب السلطة السياسية والمساواة هو جوهر 
المسألة. وعلى أساس المساواة يمكنك أن تطالب بمزيد من النساء في 
القوات المسلحة؛ أو مزيد من الأمريكيين الإفريقيين في الحكومة؛ أو 
مزيد من اللاتين في الشرطة. ولكن... ما علاقة هذه الأمور 
بالتعددية الثقافية؟ 

ودينامية التعددية الثقافية تفترض - وإن كان هذا لا يُشرح إلا نادرا - 
أن الآفراد يبدون حاملين لثقافات مختلفة. فهي تفترض أن رجل الشرطة 
الأمسود ‏ شأنه في هذا شأن أستاذ القانون الأسود ‏ يمثل ثقافة مختلفة 
عن زميله غير الأسودء ويدّعي أنصار التعددية الثقافية أنهم يذيبون 
التعميمات الخاطئة في حين أنهم يستبدلونها فقط. 

حتى أن تعبيرامثل «التمركز حول الذات الأوروبية» يلقى الاعتراض. 
فهو يفترض وجود ثقافة أوروبية متجانسة:؛ وأن أدولف هتلر وآن غرانك 
يمثلان أوروبا نفسهال”"). ولا هو صحيح من الوجهة التاريخية. يكتب عالم 
الكلاسيكيات كارل جالينسكي: «بعيدا عن التمركز حول الذات الأوروبية, 
فإن العالم الإغريقي ‏ الروماني كان يشمل كل البلاد المتوسطية؛ بما فيها 
شمال إفريقيا ومصر ومعظم الشرق الأدنى؛ وفي أوقات معينة: كانت 
أجزاء معتبرة من الشرق الأوسط تمتد حتى أففانستان ووادى 
الوتن لكك ١‏ 

لا شيء من كل هذا يهم: فالهدف الرئيسي هو السلطة أو التمكين أو 
الوظائف أو مصادر الثروة. ويبدو طلب السلطة راديكاليا وجادا خاصة 
حين يقترن بالتعددية الثقافية. والحقيقة أن السلطة حين تكون خلوا من 
رؤية أو برنامج فهي لا تعني سوى القليل؛ تعني مطلب أن يحصل أناس 
معينون على مزيد من السلطة والأهداف. مرة ثانية: إن زيادة تمثيل 
النساء أو الأمريكيين الإضريقيين في مجالات مختلفة يمكن الدفاع عنها 





خرافة التعددية الثقافية 


باسم المساواة, وقدر ما يكون مثل هذا الهدف مرغويا. فهو لا يوحي إل 
بالقليل من التعددية الثقافية؛, وأقل القليل من التدمير. هل يمثل العمّد 
من السود ثقافة مختلفة؟ أو القاضيات في المحاكم العلياة وهل يجب أن 
يكونواكذلك5 بعد أن يتساقط ثوب البلاغة المنمقة؛ فإن طلب السلطة, 
وصورتها السيكولوجية القبيحة: التمكين؛ يوحي باتباع سياسات تميل 
إلى التركيزء يعني أحادية الثقاضة. إن كل واحد يريد قطعة أكبر من 
الفعل ذاته. 

وبطبيعة الحال؛ أشعل المحاربون عاصفة نارية من البلاغة الثورية. 
فإلى جانب الاقتراحات المعقولة بإعادة تخطيط المناهج الدراسية والمراجع 
الدراسية» فإن المطالب لا تكاد تكون لها علاقة بالتعددية الثقافية. وعلى 
سبيل المثالء ثمة أستاذان يريدان تعددية ثقافية تمضى إلى ما وراء 
الدراسة اللطيفة للجماعات المختلفة أو «التعرض الذي يغلب عليه 
التبسيط للثقافات المختلفة...», الأمر بالأحرىء وفيما يطالب به تيد 
جوردون وواهنيما لو بيانو - أن التعددية الثقافية تتطلب «إعادة التفكير 
وإعادة اليناء للطرائق التي تنظم بها المعرفة» «والاعتياد على أن تدعم 
الفروق غير المتساوية في القوة...». وهذا يعني أن «أولكتك من بيننا 
المتهمين بالتعددية الثقافية المتحولة لابد أن يصروا على أنها لا يمكن أن 
توجد إلا داخل نطاق السيطرة...». 

إن اللغة الملتبسة غير المحددة تعكس سياسات ملتيسة غير محددة. 
فماذا يمكن أن يعني القول بأن التعددية الثقافية «لا يمكن أن توجد إلا 
داخل نطاق السيطرة؟» أهي دعوة إلى الثورة؟ أهي دعوة إلى التدميرة 
ليس تماما ... «من المهم أن يكون أهل الأقلية جزءا من «كل» مستويات 
سلسلة الإدارة في الجامعة: وأن يكون لهم حضور متمكن على مستويات 
صنع السياسة...»: وعلى «التعددية الثقافية المتحولة» أن توجه «علاقات 
الساشحة بييكة الساملين كيه وكرج انهم المتميرية والتوعنية 
والطيقية..“ل*), 

هذه المواقف؛ شديدة الشيوع: تكشف عن قدرة غير محدودة على 
إضفاء طابع الأسطورة, أو «الأسطرة»: فالمشاركة فضي صنع السياسات 
تمثل تعددية ثقافية ثورية» وتحدي «تنظيم المعرفة» قد يكون أمرا مرغويا. 





نهاية اليوتوبيا 


ولكن: ماذا تعني هذه الأمورة وما علاقتها بالتعددية الثقافيةة مثل آخرين 
من أنصار التعددية الثقافة الراديكالية يشير جوردون ولو بيانو إشارة 
غامضة إلى الأقلية والمعرفة غير الغربية. كما لو كانا مسؤولين: ضمناء 
عن تدمير السيطرة والتراتبية. كيف هذا؟ هل دمرت الثقافة الصينية 
التراتبية5 هل فعلت الهندوسية هذا؟ 

وتحسين العلاقات مع هيئة العاملين وزيادة إمكانات الأقلية قد تكون 
أمورا مرغوبة جداء ولكن... ما علاقتها بالتعددية الثقافية5 هل 
العاملون في هيئة الجامعة يمثلون ثقافات مختلفة؟ مع لو بيانو وسواها 
من المتحمسين تصيح التعددية الثقافية اختزالا لأي شيء مرغوب. طهي 
تكتب: «إن التعددية الثقافية الراديكالية يمكنها أن تضم محاولة التأثير 
في القرارات؛ مثل: هل يجب التركيز على البحوث المسكرية في 
التكنولوجيا المتطورة. وتعاقدات وزارة الدفاع. وتفذية صناعة 
المتتفجرات. بدل المساهمة في البحث القائم لتلبية حاجات 
الإسكان..(1"), 

وما دامت الثرثرة تدور حول التجانس والاختلاف والسيطرة؛ تتحدد 
السياسات ضي التعيينات والوظائفء والمطلب غير الثوري بأن تصبح جزءا 
من بيروقراطية الجامعة أو العالم المشترك. بعبارة أكثر خشونة: يريد 
القائلون بالتعددية الثقافية الراديكالية أن يحصلوا على نصيب أكبر من 
سواهم في المنظمة؛ وهذا أمر مفهوم تماماء لكنه ليس راديكالياء وهو شأن 
سياسي واضح ثم إنه يوحي «بالمحسوبية» لا بالثورة. 

وغالبا ما تقدم المناقشات عن «التهميش» الأدلة على نية سيئة 
وفاسدة. فأنت تستطيع أن تقول عن «الآأميش» أو عن «اليهود 
الهاسيديين» أنهم مهمشون. لكنهمء هم أنفسهم: لا يقولون إنهم 
مهمشون: إما لأنهم لا يرون أنفنسهم كذلكء وإما أن هذا الأمر لا 
يزعجهم.: قلا مصلحة لهم في اللحاق بالتيار الرئيسي. .من الناحية 
الأخرى. ضإن القائلين بالتعددية الثقافية الراديكالية مُتَظّرِي ما 
بعدالكولونيائية؛ وسواهم من مَتَظّري «الحافة القاطعة». يتدفقون في 
الحديث عن التهميش بهدف مضمرء وأحيانا يكون معلناء هو الانضمام 
إلى التيار الرئيسي. إنهم يتخصصون في التهميش ليرفعوا أسعارهم 





خرافة التعددية الثقافية 


في السوق. مرة ثانية: إن هذا أمر مفهوم: فالفقير المستبعد يريد 
أن يكون ثريا وغير مستبعد. ولكن فيم الحديت عن التعددية 
الثقافية أو التدمير؟ة 

على سبيل المثال» يستنكر أحد أنصار الدراسات الأمريكية القومية 
الاستعمار التعليمي المتمثل في التعليم المتمركز حول الذات الأوروبية, 
ويرى أن «التراث القوميء. يتحدىء ومن الجذور «هذا البناء السائد 
التابع» و«التجانس الاجتماعي» لسيادة الأمريكية ‏ الأوروبية. وحتى 
الآن فإن «التمركز حول الذات الأوروبيية» يؤدي إلى «تهميش الدراسات 
الإثنية أو العنصرية عن الأمريكيين ‏ الهنود أو دراسات النوع...». هكذا 
يقرر م. أنيت جيمس جويريروء الأستاذ في جامعة كاليفورنيا. ما الذي 
يجب أن نفعل5 هل نضرب في الأرض؟ ننسف مؤسسات التيار 
الرئيسي؟ ليس تماما «إن الدراسات عن الأمريكيين الهنود في حاجة 
إلى أن تكون قادرة على الوقوف على قدميها كمنهج دراسي يلقى 
التصديق الكاملء وله مكانته الإدارية. بل يجب أن تكون له مؤوسسات 
أقوى 007 

هذا مثال نموذجي لا يضيع لحظة واحدة. الدراسات الإثنية مهمشة: 
وهي تهدد قلب السيطرة الغربية؛ والنتيجة؟ إننا نريد من السادة الغربيين 
أن يمنحونا مزيدا من الدعم والمال. يُحكى أن الثوريين حاولواء أو زعموا 
أنهم حاولواء أن يقوموا بثورة» وأضمروا رؤية لعالم مختلف أو مجتمع 
مختلف. وها هم الآن يدعون إلى تعددية تقافية راديكاليةء ويطالبون 
بمناصب أكبر وأكبر. 

وثمة جهد آخر لصياغة تعددية ثقافية راديكالية: بل حتى اشتراكية؛ 
تقوم به نانسي فريزرء وهي منظّرة سياسية مرموقة؛ وعلى الرغم من 
حماستها الشديدة: فقد استسلمت إلى الرطانة والتفاهة. وريما كان بعض 
السبب في إخفاقها راجعا إلى السذاجة التاريخية: فهي تقرر ‏ على نحو 
حاسم أن «التراكب الداخلي بين الثقافة دوالاقتصاد السياسي هو لحن 
متكرر دائما في أعمالي...»: وأيا ما كان يعنيه «التراكب الداخلي»» فإن 
فريزر تبدو غير واعية بأن عددا كبيرا من المفكرين السياسيين الآوائل 
مثل إميل دوركايم وماكس فيبر قد اشتبكوا في صراع مع العلافة بين 





نهايةاليوتوبيا 


الثقافة والاقتصاد السياسيء إن عالمها الثقافي لا يكاد يرجع لأبعد من 
عقد الثمانينيات. 

وفريزر ليست سعيدة بهؤلاء. أمثال تايلورء الذين يرون التعددية 
الثقافية قائمة على «اعتراف» فاشل؛ لأن هذا يعني أن مزيدا من التقدير 
أو التفهم سيضع نهاية لكل المظالم. وهي تريد أن تقدم النظرة «الثقافية» 
الشاملة؛ مع التهديف إلى «الظلم الاجتماعي ‏ الاقتصادي». إن الناس 
عات اففماد الوظافضه والشلوك» وسو الضحة: ؛ والاعتراف الثشقاضي لن 
يرفع عنهم شيئًا منها. وتفصل فريزر بين البعدين: الظلم الثقافي والظلم 
الاقتصادي. الأول يدعو إلى «لون من التفير الثقاضي أو الرمزي». أو ما 
تدعوه هي «بالاعتراف» وهو مصب اهتمام تايلور. أما الثاني فيدعو إلى 
«إعادة البناء السياسي ‏ الاقتصادي بشكل ما ...». أو إلى «إعادة التوزيع» 
الذي تطالب بيه. 

ومن حيث إنها عالمة جيدة في السياسة:. فهي على يقين بأن العالم لن 
يخضع للمقولاتها. وهي تعرف أن معظم الجماعات أو الجمعيات هي «ذات 
ولاء مزدوج»: وهي تعاني المظالم الثقافية الاقتصادية جميعاء 
فالأمريكيون الإفريقيون: مثلاء ليسوا ‏ ببساطة ‏ هدف إهانات ثقافية 
فقطء بل لمظالم اقتصادية أيضا. والفرق بين الليبرالية والراديكالية (أو 
بلغتها هي: العلاج الإيجابي والعلاج التحويلي) يدور على محور علاج 
هذا العناء «المزدوج». فالتيار الرئيسي ضي التعددية الثقافية يدعم العلاج 
الإيجابي؛ وهو يمكن أن يقضي على عدم الاحترام؛ لكنه يبقي على البناء 
الأمساسي دون مساس. أما العلاج التحويلي؛ الذي يدفعه إعادة اليناء, 
فيغيّر الأساس الكامن. 

كيف يمكن أن يتحقق هذا؟ ها هي تجيب: «عن طريق هز استقرار 
هويات الجماعات القائمة. هذه العلاجات (التحويلية) لن ترفع؛ فقطء 
التقدير الذاتي عند أعضاء الجماعات غير المحترمة الآن: بل ستغير: 
أيضاء من إحساس «كل ضرد» بذاته...». وتتفوق فريزر في الشرثرة 
الليبرالية ذات الطابع السيكولوجي فيما يتعلق «بتقدير الذات» بأن تعد 
بأن تتغير ذات كل فردء و«بهز استقرار» الجماعات بالإضافة إلى ذلك. 
وهي تعرف غموض برنامجهاء لذلك تساعد بضرب مثال واحد: الجنسية 





خرافة التعددية الثقافية 


المثلية والخوف من الجنس نفسه. فالعلاجات الليبرالية تسعى إلى «إعادة 
تقويم الهوية اللواطية والسحاقية...». أما منهجها هي فيعد بما هو أكثر. 
فالعلاجات التحويلية المرتبطة بسياسات الشواذ تسعي إلى «تحطيم ثنائية 
ما هو مثلي وما هو غيري... حتى يتحقق هز استقرار كل الهويات 
الجنسية الثابتة...». والهدف... «إقامة مجال جنسي يقوم على 
الاختلافات المتعددة, اللاثنائية. السائلة, المتغيرة على الدوام...». هكذا 
ينتهي مثالها التوضيحي. 

هل يجب أن ينشأ الأطفال في عائلة تفتقد الهويات الجنسية 
الثابتة؟ بطبيعة الحال: فإن مثل هذا الاهتمام المبتذل لن يعكر صفو 
هذا التنظير المتقدم؛ وفريزر -ببساطة ‏ تفترض أن الراديكالية تتطلب 
اختلافات أكشر من حيث هز استقرارها وسيولتها وتعددهاء لماذاة هل 
هذه دائما مرغوبة أو دافعة للتحررة على الرغم من أن هذه قد لا تكون 
حجة مضادة:ء إلا أن من المحتمل أن يفكر الناس في أنهم يعانون الكثير 
من عدم الاستقرارء ولماذا يعمد المشروع الراديكالي إلى أن يجعل كل 
شيء سائلا ومتعددا؟ 

ليس ثمة شيء واضح حول هذه الأمورء لأنها لا يمكن أن تكون 
واضحة. فالفكر الراديكالي ‏ على الرغم من ادعاءاته النظرية ‏ يصوغ 
دائما ذلك الكليشيه المراهق بأن كل ما هو ثابت فهو سيئٌ. وكل ما هو 
متحرك فهو جيد . وفريزر تكرر بانتظام أن الراديكاليين يعمدون دائما 
إلى هز ثيات النوع والعنصر. ودعوتها النسوية تقوم على إبدال 
«الانقسامات النوعية» «بشبكة من الاختلافات التي تعلو على 
التقسيمات,. ولا تتكتل؛ بل هي في تغير دائم...». ولا يتضح لنا ما تلك 
الاختلافات التي تعلو على التقسيمات» ولا لماذا هي مرغويةة إن 
إلهامها الحقيقي يأتي من السوق؛ ومن النزعة الاستهلاكية» حيث يشكّل 
الكم والتغير والزيادة قواعد اللعبة. 

وما زالت فريزر تستخدم أحيانا كلمة «الاشتراكية»» بل ومرة واحدة 
استخدمت كلمة «اليوتوبيا» لكنهما تغرقان في اصطلاحاتها الخاصة. 
ولكي تجعل برنامجها يبدو سياسياء فهي تلقي ببعض الشعارات وتكررها 
على نحو مبتذلء كي توقظ اليساريين الذين أخذتهم سنة من النوم خلال 





نهاية اليوتوبيا 


استعراض «التراكب الداخلي». أما اللغو الأكاديمي والهراء السياسي 
فيبدو أنهما يسيران معا دون صدع بينهما: 
«وإعادة التوزييع التحويلي لمواجهة الظلم العنصري في 
الاقتصاد., تتكون من شكل من أشكال الاشتراكية الديموقراطية 
المعادية للعنصرية؛ أوديموقراطية اشتراكية معادية للعتصرية. أما 
الاعتراف التحويلي للواجهة الظلم العنصري في الثقافة: فيتكون من 
إعادة البناء المعادية للعنصرية: التي تهدف إلى تفكيك التمركز حول 
الذات الأورويية عن طريق هزثبات الانقسام الثنائي 
العنصري...,!'1). 
إن اليساريين والليبراليين؛ لأنهم مسجردون من الأفكارء يتتحمسون 
للحفاوة بالتعددية الثقافية لملء الفراغ. وهم يُسُلكون معا كلمات طنانة 
مثل: الهوية الثقافية؛ الأصالة, التجانس المضاد, التمثيل؛ التحولية, هز 
الثبات. والهدف منها انتزاع إيماءات الموافقة من معسكر الأنصار: ثم هم 
يضيفون ععددا من الشعارات السياسية دليلا على صوايهم السياسي. هذا 
التراث الهاثل تغذيه رؤية هزيلة ضامرة. إن موت اليوتوبيا يفسح الطريق 
أمام حزب التعددية الثقافية. 








3 . ثقانة الجماهير والفوضوية 


«هل يمكن لأحد أن ينكر أن العيش في 
مجتمع من الأنداد المتساوين يميل بالإنسان ‏ 
على وجه العموم ‏ لأن ترتفع معنوياته؛ وأن تعمل 
إمكاناته بيسر وفاعلية؟ وهل يمكن لأحد أن ينكر 
أنه لو عاش في مجتمع يجعله في إحساس دائم 
بامتياز الآخرين عليه. وبأنه بلا قيمة على 
الإطلاقء فإن من شأن هذا الإحساس ‏ على 
وجه العموم كذلك ‏ أن يجعله مكتئبا وعاجزا 
شبه مشلول6». هذا ماثيو أرنولدء شاعر وناقد 
القرن التاسع عشرء في مقالة له عنوانها 
«الديموقراطية». نشرها مترادفة مع أخرى 
عنوانها «المساواةء!'). هاتان القطعتان أمدتا 
اقتناعات أرنولد في المساواة والديموق راطية 
بالروح والقوة. 

بالنسبة لمعتادي «الحروب الثقافية» الحديثة, 
قد تبدو هذه الإحالة مدهشة: فأرنولد الذي 
رشح إلينا عبر هذه المناظرات يبدو مدافعا صلبا 
لا يرضى بأنصاف الحلول عن الثقافة العليا ضد 
الثقافة الشعبيةء هو عنوان نموذجي للنخبوي 
المعادي للديموقراطية. وهو عند المحافظين بطل» 





نهاية اليوتوبيا 


يدافع بصلابة عن التثقف والتعليم. وثمة أعمال كثيرة: من عمل ويليام ج. 
بينيت «ترويض أسطورة» إلى عمل دينيش دوسوزا «التعليم الليبرالي 
السيئ». وعمل روجر كيمبون دولاية الراديكاليين» , كلها تمجد أرنولد 
المتمسك بمعايير التراث. صخرة القرن التاسع عشر في وجه ثقافة 
الجماهير ونسبية أواخر القرن العشرين. 

هذا نص نموذجي: «بدل التطلع إلى تحقيق معرفقة عميقة (كما قال 
الشاعر والناقد الفيكتوري ماثيو آرنولد في : نص شهير): بأفضل ما فكر 
فيه الناس وأفضل ما قالوه». فإن هذه القوى الجديدة في الأكاديمية 
تعمد إلى طمس الفرق بين الثقافة العالية والثقافة الشعبية....("). إن 
آرنولد ‏ الذي دافع عن «أفضل ما فكر فيه الناس وأفضل ما قالوه» ‏ 
والذي عرف الثقافة بأنها التوق إلى «الجمال والنور» هو آرنولد عند 

وعلى العكس؛ هو عند اليساريين وبعض الليبراليين نخبوي ورجعي 
كريه. وهم يرون عمله الأساسي «الثقافة والقوضوية» ليس سوى دفاع 
يضع قناعا ثقيلا عن المؤوسسة القديمة ضد المجتمع الديموقراطي 
الجديد . ويبدو أن ماثيو آرنولد - كما قال أحدث كتاب سيرته د«قد أصبح 
اختزالا سهلا لفكرة التعالي الثقافي البارد ... والازدراء النخبوي لثقافة 
الجمامين!. 

وبرغم أن كلا اليمين واليسار قد أساء قراءة آرنولد ‏ هذا إذا كانوا قد 
قرأوه ‏ فإن القضية قد لا تعني آرنولد قدر ما تعني فهم ثقافة الجماهير. 
فعلى امتداد العقود, تزايد إغراء وإبهار ثقاضة الجماهيرء واتسع أنصارها 
ومشاهدوها في كل اتجاه. أما الموقف الذي اتخذه بعض المحافظين. 
ا يتغير عبر السنين؛ فهو يتحدث عن نفسه. إنهم يوافقون 
على تقوية السياج الفاصل وتحصينه. أما موقف الليبرائيين واليساريين. 
والذي تغير, فهو الذي يثير التساؤل. ذات يوم آمنوا بثقافة جديدة وأفضل 
للناس. لا نطيل. باسم الديموقراطية كرسوا الانتقال اليومي لوسائل 
التسلية وأفلام السينماء وتبخرت ثقتهم بالمستقبل المتغير. 

إن آرنولد يصلح رمزا في الحروب الثقافية, لكنه يستحق ما هو 
أفضل. لقد قدم منهجا لثقافة الجماهير جديرا بآن نبعث فيه الحياة. إنه 





ثقافة"الجماهير والفوضوية 


- جنبا لجنب جون ستيورات ميل وألكسيس دي توكفيل ‏ أقر 
الديموقراطية والمساواة. في الوقت ذاته كان كبار المفكرين الليبراليين ضي 
القرن التاسع عشر لايقدسون هذه المقولات؛ بل ظلوا منتبهين «للنتائج» 
و«السياقات». يهاجمون «تحديد المستويات» و «طفيان الأغلبية» أو 
«التماثل». كانوا يفهمون أن دعم المساواة والديموقراطية لا يتضمن 
المواضقة على كل تشكيلاتهما. بل على العكس؛ كانوا يعترضون على ما 
يسمى في لغة اليوم ثقافة الجماهير. كانوا ديموقراطيين ودعاة مساواة 
يريدون أن ينتقدوا الثقافة اليومية والآراء اليومية. بصرف النظر عما إذا 
كانت شائعة أو محاصرة. 

وفي المناخ الراهن؛ تيدو إرادتهم هذه كما لو كانت نخبوية غير 
مقبولة. إن المفكرين السياسيين المعاصرين يفتقدون جسارة ليبراليي 
القرن التاسع عشر. أن يكون الناس متساوين: وأن يتم التعامل معهم 
على قدم المساواة. فهذه مسألة. أما أن تكون أفكارهم وممارساتهم 
متساوية: فتلك مسألة أخرى. وهذه الأخيرة لا تصدر عن الأولى: أو, 
على الأقل؛ لا تصدر عنها مباشرة؛ فيجب أن تمر أولا خلال التاريخ 
والمجتمع. وهذا يعني أن مبدأً المساواة الإنسانية, والتعبير العياني عنه 
في المجتمع: ليسا الشيء ذاته. وبفضل التعليم الأقل: أو الشروط 
المدمرة؛ فإن الناس المتساوين يتطورون على نحو غير متساو. وهذه 
ليست إهانة. إنها ملاحظة ‏ وهي في الحقيقة ملاحظة يتمحور عليها 
نقد المجتمع. وكان آرنولد وميل يتفهمان هذا جيداء شأنهما شأن نقاد 
القرن العشرين مثل دوايت مكدونالد . أما اليوم: فيبدو أن هذه الحكمة 
قد ضاعت. 

إن الباحثين والنقاد مستسلمون لمنطق متصلب عن المساواة. يجري 
استدلالهم على النحو التالي: «حيث إن كل الناس متساوون فيجب أن يكون 
كل شيء يفعلونه متساويا كذلك...». ووفق هذا المنطق فإنهم يرفضون نقد 
ثقاضة الجماهير باعتباره نخبوياء من حيث إنه يفترض وجود أشياء تمتاز 
عن أخرى. وهم يعتبرون نقد الثقافة الذي يقدمه آرنو أو مكدونالد حاطًا 
من شأنهما. بدل النخبوية القديمة؛ يتقبل النقاد الجدد ثقافة الجماهير 
باعتبارها مجالات مركبة للصراع والتدمير. 





نهاية اليوتوبيا 


هذه المناهج فتحت الأبواب أمام دراسة موضوعات من موسيقى الجاز إلى 
الكتب الكوميدية؛ وهي تلك التي كان الباحثون السابقون يتجاهلونها. وهذا 
شيء طيب. لكنهم حين يطرحون جانبا مقولات الفردية والكمال» وهي تلك التي 
حفزت آرنولد وميل؛ فإن نقاد اليوم أيضا يغلقون الأبواب أمام مستقبل مختلف. 
فهم يقرون بالحالة القائمة للأمور باسم الديموقراطية. فرغم آنهم يطالبون 
بالتدميرء إلا أنهم يدمرون. فقطء محاولة المضي إلى ما وراء المجتمع القائم؛ 
إنهم يعوقون الدافع اليوتوبي الذي تخلل نقد ثقافة الجماهير. 

وقد تقصى جون ك. أولين. الباحث في عصر النهضة:؛ فكرة يوتوبية 
في دعوة آرنولد إلى أن «نطلق تيارا طازجا وحرا من الأفكار على مخزون 
عاداتنا وأفكارنا ».-٠‏ وفي أمله أن تصبح «الثقافة»؛ من حيث هي تطور 
الكمال «المون الأكبر لنا في مواجهة صعوباتنا الراهنة...». كتب أولين: 
«كان آرنولد يطالب بتنوير ثقافي وأخلاقي. ..وهذا مثال اجتماعي 
ديموقراطي...,(*) . لقد أدان ناقد القرن التاسع عشر ثقافة عصره باسم 
شيء أفضلء باسم ثقافة أعمق فكرا وأكثر جمالا. واليوم: يرفض معظم 
المراقبين والباحثين هذا المطلب باعتباره نخبويا وساذجا. وهم بتفنيدهم 
النقد والنخبوية» يعودون القهقهرى إلى عالم لا مخرج منه. 


ا 


قيل ثلاثين عاما على وجه التقريبء أبدى الشاعر والكاتب الألماني 
هائز ماجنوس انزنسبرجر تذمره مما دعاه «تخلف الأساليب الثقافية لدى 
اليسار». وقد وجه الاتهام بأن اليسار الجديد يقوم بتحليل وسائل الإعلام 
الجماهيرية: أو «الميديا» من خلال مفهوم واحد هو التلاعبء؛ مما يعني أن 
الجماهير حشود من الحمقى. وعند انزنسبرجر؛ ليس مفهوم التلاعب 
وحده هو القاصر. بل يعني أن الشباب النشطين سياسيا يرفضون بازدراء 
أن يتعاملوا مع التلفزيون. مفضلين وسائل ما قبل الحقبة الصناعية. 
والسخرية كامنة في أن اليسار ‏ الذي يقدم نفسه باعتبار أنه المستقبل ‏ 
ينظر للوراء. إن اليساريين الشبان يدينون وسائل الاتصال الجماهيرية. 

وبطبيعة الحال؛ ليست هذه الحكاية كلها. فمن الملاحظ أن بعض 
النشطاء. مثل آبى هوفمان وجيري رويين في الولايات المتحدة, كانوا 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


يستخدمون وسائل الاتصال الجماهيرية تلك, خاصة التلفزيون. يقول 
روبين عن الاضطرابات المنهمرة في الجامعات نهاية الستينيات: «إنها لم 
تأت عن طريق الأساليب التقليدية للتنظيم السياسى: قراءة الكتب 
والحصول على النشرات والاستماع إلى المناقشات. بل أتت نتيجة أشياء 
شاهدوها في التلفزيون...». ورغم أن هذا قد يكون ‏ فى جانب منه ‏ 
وهما ذاتياء إلا أن حماسة روبين للتلفزيون كانت تعبر عن رأى الأقلية!*). 
لكن ملاحظة انزنسبرجر اقتتصت الإحساس المنتشر على نطاق واسع. 
فقليلون هم الذين اهتموا بماهية «الميديا» وكيفية عملها. أما اليسار 
الجديد ‏ على وجه العموم ‏ فكان يتصورها أرضا خاضعة لسيطرة العدو. 
وضي بيركلي لاحظ انزنس برجر أن الطلاب كانوا يهاجمون أجهزة 
«الكمبيوتر» باعتبارها رموزا للقهر: 
«خلال أحداث مايو (19518) في باريس:؛ تميز- بوجه خاص - 
الرجوع إلى أشكال متخلفة من الإنتاج. فبدل أن ينشروا موادهم 
الاثارية بين العمال عن طريق طباعتها , بالأوفست,, عمد الطلاب 
إلى طبع ملصقاتهم باستخدام المطابع اليدوية في «مدرسة الفنون 
الجميلة»» وكانت شعاراتهم السياسية مرسومة باليد... ولم يسيطر 
المتمردون على مقر الاذاعة: بل سيطروا على مسرح الأوديون...,(0). 
اليوم تغير الموقف تغيرا تاما. قليلون هم الذين يصدقون أفكار 
التلاعب: وأقل منهم من يحتقرون وسائل الاتصال الجماهيري. وتطور 
«التخلف الثقافي» الذي كان يزدري هذه الوسائل إلى «دراسات ثقافية» 
يسارية تحتفي بها بدرجة تزيد أو تنقص. وبطبيعة الحال ليس ثمة 
خط مستقيم يصل ما بين عداء الستينيات لهذه الميديا واحتضانها 
بعد ثلاثين عاماء ولا كانت الدراسات المستفيضة هي الحصاد 
الوحيد للستيتيات. 
على أن تحولا أساسيا في الحساسيات الثقافية قد. حدث. والمسافة 
التي قُطعت تبدو أوضح ما يكون في الدراسات الثقافية؛ التي هي يسارية 
الطابع في أصلها وتوجهاتها. وتتأبى هذه الدراسات الثقافية على الوصف 
الموجزء فهي تشمل مجالا أكاديميا واسعا ورحبا يضم تخصصات عدة, 
كعولك فين دراي أعمال الثقافة الرفيعة في الماضي إلى تحليل الثقافة 





نهاية اليوتوبيا 
الشعبية المعاصرة من المواد الإباحية إلى الرياضية. يتخلل المجال كله حافز 
ديموقراطي وشعبي . 

حتى أكثر النظرات سطحية إلى مختاراتها الجديدة ستجد مقالات 
مطولة وجديرة بالتفهم عن شرائط الفيديو وأليسة الرجال وعروض 
التلفزيون القائمة على الحوار ومسلسلات ربات البيوت. وثمة مجموعة 
حديثة تضم دراسات كتيها «الجيل الثاني» من الأساتذة «الذين لم يعودوا 
مضطرين لأن يعتبروا أن المسلسلات (التلفزيونية) ليست موضوعات 
ملائمة للبحث المدرسي». إن مقالات مثل «دور مسلسلات ريات البيوت ضي 
تطور المعرضة التلفزيونية النسوية» تشير إلى عالم جديد تماما من 
الدراسات الأكاديمية". بالنسبة للحساسيات القديمة فإن فكرة «المعرفة 
التلفزيونية النسوية» هي ذاتها فكرة متتافرةء فما بالك بدور مسلسلات 
ربات البيوت داخل هذه المعرفة. 

هذا التحول ‏ ببساطة ‏ ليس دلالة على الارتداد؛ فكما أشار 
انزنسيرجر فإن القول بأن المديرين الأشرار قد خدعوا الجماهير 
السلبية أصيح يعاني من وجوه ضعف عدة. كان التقاد القدامى غاليا ما 
يقرون هذا الافتراضء كتب مارشال كلوين في دراسته عن الإعلان في 
0١‏ :«إن عصرنا هذا هو أول عصر يتخذ فيه آلاف الناس من ذوي 

. العقول المدرية تدريبا جيدا من هذا العمل شاغلا لكل وقتهم: 

الدخول إلى العقل الجمعي العام... من أجل مخادعته واستغلاله 
(و) السيطرة عليه.. .["), 

وقليلون اليوم هم الذين يوافق ون على هذه العبارة من «العروس 
الميكانيكية», حتى ماكلوين نفسه سرعان ما تراجع عنها؛ فقد ذكرء بعد 
سنوات قليلة أخرى. أنه كان يحاول إقامة «دفاع عن ثقافة الكتاب ضد 
الوسائط الجديدة... كانت إستراتيجيتي خاطئة... لأن اهتمامي الزائد 
بالقيم الأدبية قد أعماني عن رؤية الكثير مما يحدث بالفعل...,('). أو كما 
قرر بحماسة أكثر فيما بعد أنه تخلى عن القيمة الأخلاقية «للعروس 
الميكانيكية» من أجل «لا وجهة نظر...»1' ')» وبرغم أنه يصعب القسول بأن 
ماكلوين هو الذي أحدث هذا التحول إلا أنه راد الطريق؛ وانزلق. خلال 
سنوات قليلة؛ من ناقد لوسائل الاتصال الجماهيرية إلى مناصر متحمس لها. 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


ويمكن أن نقدم أسبابا عدة لهذا التحول الواسع بين النقاد والدارسين. 
فقد أقنعت حرب فيتنام المتشككين بأن السياسات تُعرض إلى النهاية في 
وسائل الاتصال الجماهيرية؛ من شرائط يبلغ طولها بالأقدام عن الحرب 
يعرضها التلفزيون؛ إلى أوراق البنتاجون تنشرها الصحفء أيقن النشطاء 
والراديكاليون أن وسائل الاتصال الجماهيرية يمكن لها أن تشكّل الرأي 
العام. وفي الوقت ذاته. فإن الجيل الذي توصل لهذا الدرس نما مع هذه 
الوسائل وأصبح يقدرها تقديرا كبيرا. ْ 

في كتايه عن «المثقفين والثقافة الشعبية» وعثوانه «دون احترام», 
يحدد أندرو روس معالم ما يسميه التحول من «آخر أجيال المأقفين 
الأمريكيين الذين أدوا قَسّم الولاء الكامل للكلمة المطبوعة ولتعاليم 
الذوق الأوروبي...» إلى جيله هو الغارق في الثقاضة الشعبية الأمريكية, 
وعلى خلاف الجيل السابق فإن الجديد لا ينين «الطابع التجاري» أو 
«إبداع الاستهلاك»(١',‏ ومع التقدم في العمر مع التلفزيون تشكل 
أساس فهم جديد له إنه لم يكن صادماء كما كان بالنسبة لاجيل 
السابق؛ بل كان فاتنا ومغريا. يكتب جيمس ب. تويتشل في كتابه «ثقافة 
الكرنفال»: «إن ثقاضة التلفزيون هي ثقافتي... لقد شاهدته طوال 
حياتي... وفٌطمت (عن أبوي) على ذلك الأوج (الذي بلغه حضوره في 
حياتنا). فعند نقطة غامضة في عقد الخمسينيات: كف التلفزيون عن 
أن يكون شيئا إضافيا لا أهمية له؛ ودخل في مجرى الدم؛ لقد أصبح 
نحن؛ وأصبحنا نحن ما هو...,("0), 

ويكتب ديفيد مارك في كتابه عن التلفزيون ومعرفة القراءة والكتابة: 
«لقد شاهدت التلفزيون عدة ساعات كل يوم في معظم أيام حياتيء: وهذا 
يعني عشرات الآلاف من ساعات العمر تنقضي أمام هذا الجهاز...». 
هذه الخبرة؛ التي يشاركه فيها الكثيرون من أبناء جيله. عملت على خلق 
اتجاه مختلف كل الاختلاف عن اتجاه النقاد القدامى. فقد أزعج 
التلفزيون أولئك النقاد القدامىء أو. كما يقول مارك: «كلهم خافوا من 
الاستيلاء الكامل على الثقافة, وما يؤدي إليه من أن تصبح مهنتهم وقد 
عفى عليها الزمن. «نحن» كانت تعني الثقافة... و «هم» كانت تعني 
التلفزيون...,("0), 





نهاية اليوتوبيا 


و «نحن» هذه كانوا نخبويينء وهم غالبا من اللاجئين الأوروبيين: مما 
كان يجعل نقدهم لثقافة الجماهير معرضا للتساؤل. هؤلاء التخبويون 
داكما جعلوا الأمريكيين غير مرتاحين. وقد أضاف علماء اجتماع مثل 
هربرت جانس وإدوارد شيلي خبرتهم إلى هذه الشكوك. ولم يكن نقاد 
وسائل الاتصال الجماهيرية نخبويين فقطء؛ بل كانوا نخبويين يفقدون 
مكانتهم في المجتمع الأمريكي السيّال. إن هؤلاء النقاد كانوا ينتمون إلى 
نظام سابق على البورجوازية؛ نظام فيه بلاط ورعاةء وهو ما تهدده 
الديموقراطية الأمريكية. ولكي يستردوا مكانتهم: قدسوا إبداع النخبة 
واحتقروا التظارة الأكثر. 

لقد واجه النقاد «حراكا اجتماعيا هابطا بقسوة»» وبالتالي عملوا على 
«إنتاج أيديولوجية» للمقاومة «تعبر عن نفسهاء في صيغة نقد ثقافة 
الجماهير...». وعند جانس فإن هذا الأمر لم يكن أمريكيا على وجه 
الحسم. فهو يلاحظ أن معظم هؤلاء النقاد كانوا «أوروبيين أو أمريكيين 
متحدرين عن النخبة الأوروبية: أو صاغوا أنفسهم على طرازها ....!9", 
أما الأمريكيون الحقيقيون فهم يحبون ثقافة الجماهير. 

وضي نص يقتّبس في الغالب يؤكد شيلي أن نقد ثقافة الجماهير إنما 
يصدر عن ل سياسية مقيظة» ونوع من «الامتعاضص » تجاه المجتمع 
الأمريكي.. ٠٠‏ «فعلى حين أن في وسع الشخص المتعلم الذي ينتمي لطبقة 
عليا في أوروبا أن يتفادى الوعي بحياة أغلبية الناس في بلاده... فإن 
هذا مستحيل في الولايات المتحدة... وما هو استياء غامض في أورويا 
لابد أن يصبح ازدراء معلنا على نطاق واسع في أمريكا...0*'), أو كما 
صاغ المسألة معلق آخرء فإن الولايات المتحدة «لا تقدم محرابا مهيأ 
للمثقفين (الأوروبيين) ولا تمنحهم الحماية أو امتيازات الطيقة التي يرون 
أنها من حقهم...»!' '). وعند الدارسين الأمريكيين. خاصة الذين ظهروا 
بعد الحرب العالمية الثانية. فإن نقد ثقافة الجماهير يعكس تنفجا ودفاعا 
عن الامتيازات. 

ويرى أحد المؤرخين أن تلك «الهجمات المتخلية والمتسرعة ضفي الغالب» 
التي يقوم بها المثقفون القدامى على ثقافة الجماهيرء إنما يجب النظر 
إليها باعتبارها «أضعالا هادفة إلى الإقصاء وتحديد الذات»؛ إنهم 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


يستعرضون سلطتهم عن طريق استنكار ثقافة الجماهير...» ولكي تكون 
مثقفا جادا في أمريكا يجب أن تكون معارضا لقوى الإغواء والتسطيح 
في ثقافة الجماهيرء أما إبداء مزيد من الاحترام لهذه الثقافة فهو 
يمكنء. حتى؛ أن يثير الشكوك حول جدارة الإنسان الثقافية...». هذا ما 
يراه جورج كوركين. هذا 0 يعمي المراقبين عن رؤية خراء الثقافة 
الشعبية والجماهيرية»!" لوعل وكين المتحرر من هذا القلق. 
يحتضن ثقافة الجماهير. 
وتعكس أعمال دوايت ماكدونائد الكاملة, والاستقبال الذي لقيته. 
تحول النظرإلى ثقافة الجماهير!"'). بفضل صحافته ومقالاته يُعد 
ماكدونالد: الذي مات في 3 واحدا من طبقة كبار المثقفين الأمريكيين 
في القرن العشرين. إن مقالته التي نشرها في صحيفة «النيو يوركر» فى 
571 بعنوان «الفقير الخفي»؛ ووجه فيها الانتباه إلى كتاب ميشيل 
هارينجتون الذي كان يلقي الإهمال وعنوانه «أمريكا الأخرى». يشار إليها 
دائما باعتبارها أعادت إشعال الجدل الأمريكي حول الفقرا" '). ويظل 
العديد من مقالات ماكدونالد أقسى الهجمات التي لا تعرف التهادن على 
ثقافة الجماهيرء وعن طريق مراجعات عديدة متتالية؛ زاد من تشدد 
موقفه لا تليينه. وهذا ما يتضح: على سبيل المثال: في إعادة تسميته 
«نظرية في الثقافة الشعبية»». فقد أسماهاء أولا «نظرية في ثقافة 
الجماهير». ثم «ثقافة الجماهير وثقافة الأوساط» ليعبّر عن عدم افتتانه 
بهاء وهو يفسر موقفه: «إنها تسمىء في بعض الأحيان. الثقافة 
الشعبية...». ويعترف بأنه. هو نفسه؛ استخدم هذا التعبير... «لكنني 
أعتقد أن مصطلح «ثقافة الجماهير» هو أكثر دقة؛ لأن سمتها الفارقة 
والمميزة أنها ‏ على نحو كُني ومباشر ‏ مادة لاستهلاك الجماهيرء شأنها 
شأن «مضع اللبان...("؟) 
وماكدونالد؛ اليساري المنشق على جماعته: يلعن ثقاقة الجماهير من 
حيث إنها هابطة واستغلالية؛ وهو لا يحاول أن يشكم نقده خشية أن يلوث 
أوراق اعتماده الديموقراطية: حين يوجه النقد إلى سيد من سادة ثقافة 
الجماهير لانخفاض قيمة ما يقدمه:ء فإنه يحتج على نحو آلي: «لكن هذا 
ما يريده العامة. فماذا بوسعي أن أعمل6». هذا الرد من جانب المدعى 





نهاية اليوتوبيا 


عليه لا ينطلي على ماكدونالد لأنه لا يضع في الاعتبار أن «ما يريده 
العامة» لا يأتي على نحو تلقائي» بل هو مشروط ومصنوع.؛ في تعبيراته 
الأولى والأكثر ماركسية. كتب: 
«إن ثقافة الجساهير مفروضة من فوق؛ يضعها الفنيون 
المستأجرون لرجال الأعمال؛ وجمهورها مستهلك سلبي» تنبحصر 
مشاركتهم في الاختيار بين أن يشتروا أو يُشتروا. إن سادة «الكيتش» 
باختصارء يستغلون الاحتياجات الثقافية للجماهير من أجل تحقيق 
الأرباح.و/أواستمرارسيطرة طبقتهم...!١").‏ 
وكان ماكدونالد واعيا كل الوعي للاتهامات بالنخبوية: «لسيب من 
الأسبابء فإن الاعتراضات على خط أن نقدم للعامة ما تريده؛ تّهاجم 
غالبا باعمتبارها متنفجة وغير ديموقراطية. ولكن لأنني أؤمن إيمانا 
حقيقيا بإمكانات الناس العاديين» فإنني أهاجم ثقافة الجماهير...»؛ ولم 
يكن قادرا على أن يفهم كيف يدافع اليساريون عن ثقافة الجماهيرء أو عن 
الجماهير... «في مواجهة «عبادة ماركس للسلع» فإئني أستطيع أن أضع 
في المقابل عبادتنا الحديثة, وهي عبادة الجماهير....!''). وضي 1104 
أدلى بحديث عن ثقافة الجماهير إلى مجموعة من الطلاب سرعان ما 
لعبوا أدوارا في اليسار الجديدء وقد أدهشته استجاباتهم: 
«مالم أكن متهيئا له هورد فعلهم إزاء هجماتي على ثقافة 
الجماهير عندنا. فهذه كان يتم رفضها باسم الديموقراطية: وقد 
كانت هوئيوود يالنسبة لي إنما تعني مثالا للاستغلال اكثرمما كانت 
تلبي أذواق الناس؛ لكنها كانت بالنسبة لبعض من تولوا التعقيب على 
حديثي تعبيرا أصيلا عن الجماهيرء ويبدو أنهم كانوا يعتيرون نقندي 
لأغلامنا السينمائية والتلفزيونية مظهرا من مظاهر التنفج... ,!"). 
هذه الاستجابة من جانب أولئك اليساريين الجدد المبكرين كانت 
استباقا للمستقبل. ورغم ظهور عدد من الكتابات عن سيرة حياة 
ماكدونالد التي تتعاطف معه: إلا أنه عند أصحاب الدراسات الثقافية 
المعاصرين ‏ لا علاقة له بالأمز. في أفضل الأحوال؛ وفي أسوثها غير 
مقبول. في كتابه «مثقفو اليسار والثقافة الشعبية» يوضح المؤرخ الشاب 
بول ر. جورمان الحكمة التقليدية الجديدة. وهو يقول لنا إن «ماكدونالد 





ثقافة الجماهير والفوضوية 

اليوم يتظر إليه باعتباره نموذجا «للخطأ» في نقد ثقافة الجماهير..... 
أما النقاد والكتاب المعاصرون «فهم يوافقون بشكل عام على أن التحليل 
الذي قدمه ماكدونالد وتابعوه من النقاد كان مضللا...». والأبحاث الأكثر 
دقة ووحداثة «تنفي أن يكون الناس مخدوعين بشكل مباشر...». والتالون 
على ماكدونالد يتعاملون «بمفهوم أكثر مرونة للثقافة»؛ وينكرون إصدار 
الأحكام حسب «قيم ثابتة»؛ ويرحب جورمان بهذه المرحلة الجديدة 
ويدعوها «انهيار النقد ...2" , 

وربما اتضحت بداية هذا الإعلان بالتخلي عن تعبير «ثقافة الجماهير» 
باعتباره ينطوي على النخبوية والازدراء. يكتب المؤرخ باتريك برانتلنجر: 
«إن تعبير ثقافة الجماهير ظهر أساسا خلال مناقشة حركة الجماهير 
وآثار الحملة الدعائية والسينما والراديو قبل نشوب الحرب العالمية الثانية 
بوقت قصير...». ويلاحظ أنه كان ينطويء منذ البداية. على «مضمون 
سل !0 ويبدو أن مصطلح «ثقافة الجماهير» أفرخته أفكار «مجتمع 
الجماهير» المشتق ‏ بدوره ‏ عن «الجماهير». والتي كانت تُصور دائما 
باعتبارها شيئا خطيرا. فالمصطاح كان «قابلا للاستبدال بتعبير «العامة», 
الفوغاء؛ الرعاع: العامي الكبير....0""). 

ولدى المراقبينء من القرن التاسع عشر وحتى اليوم: فإن «الجماهير» 
شأنها شأن مجتمع الجماهير وسيكولوجية الجماهير وثقافة الجماهير 
كلها تعني تهديدا للحضارة. فالجماهير كانت في بعض الأحيان: مرادفة 
للحشود.ء والغوغاء والرعاع. وكراسة فرويد الصادرة في ١1977‏ بعنوان 
«سيكولوجية الجماعة وتحليل الأنا» تعتبرها تهديدا للحضارة, ومن الأدق 
أن يترجم عنوانها إلى «سيكولوجية الجماهير وتحليل الأنا...»("). 
حتى ماثيو آرنولد استخدم المصطلح بحذرء حيث إنه ينطوي على قدر 
كبير من الازدراء. ففي حديث عن الثقافة الزائفة التي تقدم للشعب 
الإنجليزي قرر أن «عديدا من الناس سيحاوئون بيع الجماهير وهم 
يتادون باسعها :200 

ونادرا ما اهتمت الأجيال السابقة من اليساريين بنقد تقافة 
الجماهير لأنهم كانوا يعتقدون أن وجوه الضعف والخلل فيها واضحة 
في ذاتهاء فضلا عن أن كثيرين منهم كانوا مقتنعين يأن الثقافة السائدة 





نهاية اليوتوبيا 


سوف تزول مع زوال البورجوازية نفسها. فالثقافة الشعبية وثقافة 
الجماهير ليست سوى ثقافة بورجوازية. أما في مجتمع المستقبل؛ 
فسيستمتع الجميع بثقافة النخبة. وقد استعاد أحد مناضلي الحركة 
الشيوعية التعليمات التي استمع إليها وهو شاب: «إن الساكسفون ليس 
آلة موسيقية حقيقية... والجاز والموسيقى الشعبية كلها ليست - على 
وجه اليقين - سوى تعبيرات رأسمالية... وفي عقلي المراهق كنت أنتظر 
يوما تجيء فيه الثورة, فتختفي الموسيقى الشعيية... ويستمع الجميع 
إلى بيتهوفن...,0"). 

وكان آخرون يعتقدون أن الطبقة العاملة لا تجسد فقط نظاما 
اقتصاديا واجتماعيا أرقى؛ بل ثقافة أرقى كذلك70' '). وضي أكثر صور هذا 
الاعتقاد خشونة فإن أنصار حركة «الثقافة البروليتارية» السوفييتية كانوا 
يفترضسون أن على العمال أن «يبدعوا ضورا ...» أشكالهم «الاشتراكية 
الخاصة في الفكر والشعور والحياة اليومية...(' '). ودعا المخلصون 
«للواقعية الاشتراكية» إلى القطيعة مع التفسخ البورجوازي والتشاؤم 
البورجوازيء وقالوا إن الفن الثوري الجديد يجب أن يكون «متفائلا» 
و«بطولياء و«باعثا للفرح»!'". حتى أولتك البعيدون عن النهج السوفييتي 
كانوا يعتقدون أن ثقافة الطبقة العاملة مختلفة عن ثقافة الطبقة الوسطى 
وأرقى منهاء وكانوا يتطلعون إلى مستقبل أكثر إنسانية. 

واليوم؛ أصبح قليلون هم الذين يؤمنون بهذا ليس بينهم ‏ على وجه 
اليقين ‏ أنصار الدراسات الثقافية. وهنا بالضبط تكمن المفارقة: إن 
الدراسات الثقافية المعاصرة؛ بتفسيراتها المتماطفة لثقافة الجماهير: إنما 
تعود بأصولها ‏ إلى حد كبير ‏ إلى الاشتراكية البريطانية التي عمدت 
دائما إلى إبقاء ثقافة الجماهير في موقف الدفاع: ققد حاول الراديكاليون 
البريطانيون استخلاص ثقافة متميزة قائمة على أساس طبقيء. وناصروا 
فكرة ثقافة الطبقة العاملة؛ ورأوا أنها مهددة من جانب ثقافة الجماهير, 
فحسب أحد التفسيرات «إن تهديدى الجياة التقليدية للطبقة العاملة كان 
حاسما فيما يتعلق بالتطور المبكر للدراسات الثقافية...[71), 

ويشار إلى كتاب ريتشارد هوجارت «ضوائد معرفة القراءة والكتابة» على 
أنه عمل مؤسيس في الدراسات الثقافية؛ كان يحتفي بثقافة الطبقة 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


العاملة؛ ويهاجم ثقافة الجماهير لأنها تغرقهاء وبالنسبة لليساريين 
المعاصرين, فريما بدا هوجارت الاشتراكي محافظا: 
«إن معظم التسرية الجماهيرية هي» في التهاية: ما وصفها د.ه. 
لورانس بأنها ,معادية للحياة», فهي مملوءة بالبريق الفاسد والدعوات 
غيرا ملائمة والمراوغات الأخلاقية... وهي تميل إلى رؤية للعالم يكون 
التقدم فيها مرهونا بالبحث عن التملك المادي؛ وا مساواة هي التسطيح 
الأخلاقي؛ والحرية أساسالمتع غير مسؤولة بغيرنهاية... وهي تميل 
نحو التمائل... والرجال العاملون تقدم لهم باستمرار, حوافز تدفعهم 
نحو التماثل اللاشعوري... ولم يبد هذا فارغا أجوف بمعظم الناس 
بعد لأنه يعبّرعنه في الغالب باعتباره دعوة للمشاركة ضي لون من 
التفاهة: حتى لوكانت تفاهة مركزية ضخمة...,(4"). 
وقد أصبح هوجارت مدير مركز برمنجهام للدراسات الثقافية 
المعاصرةء وهو مركز بالغ الأهمية في تقدم الدراسات الثقافية. وثمة 
مسهمون أساسيون آخرون في الدراسات الثقافية مثل أ. ب. تومسون 
ورايموند ويليامزء من الذين كرسوا جهودهم لتوثيق ثقافة الطبقة العاملة 
والدفاع عنها. وكتاب تومسون الكلاسيكي «صنع الطبقة العاملة 
الإنجليزية» يعد دفاعا طويلا عن مركزية ثقافة الطبقة العاملة يبدأ 
بقوله: «إن صنع الطبقة العاملة حقيقة من حقائق التاريخ السياسي 
والثقافي: كما هو من حقائق التاريخ الاقتصادي....0*"). 
وقد كرس وليامز شطرا كبيرا من حياته لمناهضة ثقافة الجماهير. 
يتذكر وليامز الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية: «أعتقد أن 
حكومة العمال كان عليها أن تختار: إما آن تعيد بناء المجال الثقاضي 
حسب شروط رأسمالية أو أن تمول مؤسسات التعليم الشعبي وا 
الشعبية التي يمكنها أن تقاوم... الإعلام البورجوازي... وما زلت أعتقد 
أن الإخفاق في تمويل حركة الطبقة العاملة ثقافيا هو ما أدى إلى 
انطفائها في الخمسينيات...,(ا ). 
كما أنفق وليامز أيضا خمس عشرة سنة معلما في نظام تعليم 
الكبار.ء معظمها تحت رعاية «المجلس التعليمي للعمال»». وحسب أحد 
التفسيرات «فإن وليامز كان يحب أن يعمل في تعليم الكبارء بسبب 





نهاية اليوتوبيا 


الولاء الطبقي والتوحد...»!"). لا ولم يكن استثناء. فقد كرّس 
هوجارت وتومسون أيضا جهودهما لتعليم الكبارء وألزما نفسيهما 
بتعليم (والاستماع إلى) جمهور من الكبار: يتكون معظمه من أفراد 
الطبقة العاملة ممن لم يجدوا الوقت والمال الضروريين للانتظام ضي 
التعليم الجامعي. كان هؤلاء المعلمون يأملون في استخلاص ثقافة 
الطيقة العاملة. أو على نحو ما صاغها وليامز: «لقد كانت على وجه 
التحديد ‏ مهمة أكثر منها وظيفة, أن يمضي أناس مثلنا إلى تعليم 
الكبار: تومسون وهوجارت وأنا...,[4"). 

إن جماعة تعليم الكبار البريطانية؛ هي ذاتها نتيجة حركة التعليم ضي 
صفوف الطبقة العاملة؛ أدت إلى نشوء الدراسات الثقافية. ويلاحظ توم 
ستيل - الذي كتب تاريخا لأصولها ‏ أن الدراسات الثقافضية «يدأت 
كمشروع سياسي للتعليم الشعبي في صفوف الكبار». ويواصل: إن آثارا 
طفيفة لهذه الولاءات ظلت على سطح الدراسات الثقافية المعاصرة. ويظن 
الطالاب اليوم أنها قد «بزغت مكتملة السلاح من أحد أقسام اللفة 
الإنجليزية في الجامعة». إن ممارسي الدراسات الثقافية يجهلون: ينسون 
أو يتجاهلون, السبب الأساسي والدافع الأساسي(*). 

في محاضرة ألقاها قرب نهاية حياتهء حاول وليامز أن يثيت السجل 
الصحيح: «إنني أخشى أننا نبدأ الآن مطالعة مقالات ذات طابع موسوعي 
تحدد ميلاد الدراسات الثقافية بهذا الكتاب أو ذاك من كتب نهاية 
الخمسينيات. لا تصدقوا كلمة واحدة من هذا كله. إن التحول ني 
المنظور... قد بدأ في تعليم الكبارء ولم يحدث في أي مكان آخر...,('*). 

أما حين تتحدث اليوم عن تعليم الكبار أو استخلاص ثقافة الطبقة 
العاملة كمشروعات سياسية؛ فإن حديثك سيبدو طريفا وغريبا. ويشير 
أحد التقديرات لتأثير المدرسة البريطانية إلى أن الأفكار عن الطبقة «لم 
تعد مركزية في الطراز السائد من الدراسات الثقافية»!'2). وضي أفضل 
الأحوالء فإن ثقافة الطبقة العاملة هي من التاريخ؛ وإذا بقي أنصار 
مخلصون لتومسون ومدرسة الدراسات الثقافية «الأصلية» فسيكونون بين 
مؤرخي الحركة العمالية؛ الذين يودون تسجيل ماضي نضالات الطبقة 
العاملة. وهم يودون ما هو أكثر من التسجيلء؛ فهم يعتقدون أيضا أن 


7 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


الطبقة العاملة كانت لديها رؤية متميزة أو «ثقافة عمالية قادرة على 
الحياة...» ويمكنها أن تقف ضفي وجه «ليبرالية كثيبة»4). 

وعلى أي حال. فإن قليلين فقط الذين يمكنهم القول ببقاء ثقافة 
متميزة للطبقة العاملة في الدول الصناعية الفرييةل”*). وكما قال أحد 
المؤرخين العماليين: «الحقيقة هي أن ثقافة الجماهير قد انتصرت؛ وليس 
هناك شيء آخر...!: ). هذه المقولة لا تصدر عن حاجة إلى الاستقامة 
الثورية أو صلابة المفهومات. بل هيء بالأحرى. تصدر عن ملاحظة يصعب 
نقضها هي انهيار حركة الطبقة العاملة وانطفاء ثقافتها المتميزة. من 
حيث الأعداد والنسب يتتاقص عمال المصانع أكثر فأكثر بالنسبة لجمهور 
العمال. وثقافيا تمتزج الطبقة العاملة بالمجتمع الواسع. فمن يحاجج جاداء 
بأن الطبقة العاملة تمثل ‏ اليوم ‏ كينونة ثقافية متميزة؟ 

ما الذي يحدث للدراسات الثقافية حين يتبخر موضوعها الأصلي» وهو 
ثقافة الطبقة العاملة؟ وإذا كانت الطبيعة لا تطيق الفراغ فإن المثقفين 
كذلك؛ هكذا تقدمت نظريات التوقف الفرنسية وجرامشي سابق التجهيز 
لملء الفراغ؛ وتغير توجه الدراسات الثقافية من النقد إلى التفسير والقراءة 
والتفكيك؛ مع تزايد تمجيد ثقافة الجماهير. يلاحظ سيمون ديورنج, 
أستاذ اللغة الإنجليزية والدراسات الثقافية الذي يُقر هذا التحول: «إن 
المنهج بدأ يحتفي بالثقافة التجارية... فتحول عن الهجمات النظرية 
العالمية... إلى القول بأن بعض نتاجات الثقافة الشعبية ‏ على الأقل ‏ لها 
آثار إيجابية شبه سياسية...». ويضرب المثال بتفسير لمادونا من حيث إنها 
تقدم المتعة «ونقدا للأيديولوجية النسوية» لمعجبيهاء وعند ديورنج فإن هذا 
«عمل منعشء لأنه ينبذ التراتبية التي تدعم الثقافات الأحادية...»: كما 
أنها «لا تتعالى عن الممارسات الفعلية للثقافة الشعبية...(405), 

إلى أين يؤدي هذاة لاعتناق ثقافة الجماهير. يبدا جورمان كتابه 
«مثقفو اليسار والثقافة الشعبية» بشجب أوائك الذين يهاجمون التلفزيون: 
«إن توجيه الضريات إلى التلفزيون ليس إلا أكثر التعبيرات حداثة عن 
تعصب عام ضد التسرية الجماهيرية يتمسك به المثقفون الأمريكيون ضي 
العصر الحديث...!' *). وقد تجاوز الأساتنة الأكثر جدة وشبابا هذا 
التعصب واستساغوا ثقافة الجماهير. ويلخص آلان وولف هذا التحول: 





نهاية اليوتوبيا 


«. «الرول» بيتهوفن»,: تلك هي الأنشودة. وأيا ما كان الذي استنذكره 

رجال الأدب يوماء فإن الدراسات الشقافية عليها أن تدعم: الروايات 

الرومانسية: رحلات النجوم, ديزني لاند: رقصات الروك المصارعة, 

موزاك؛ دالاس... وإذا كانت مراكز التسوق معدة لجيل أسبق من الرموز 

الماركسية لعبادة السلعء فإن المناصرين المعاصرين للدراسات الثقافية 

يحدون أنها «ساحقة ومتناقضة».: وإذا كان رامبو لا يعدو أن يكون صانعا 

للمال... فهو أيضا يمثل قابلية الذكر الأمريكي للجرح....(51). 
على أن الاختيارات لم تكن أبدا إما... وإما...: إما الاحتفاء بالثقافة 
«العليا» وإما تمجيد ثقافة الجماهير. ومن السهل تحريف هذا أو نسيانه 
إذا قام مناصرو ثقافة النخبة ‏ ببساطة ‏ باستبعاد ثقافة الجماهير أو 
الثقافة الشعبية. والحقيقة, فإنهم كانوا دائما يناصرون العلاقة التكافلية 
بين الثقافة العليا والثقافة الشعبية. ويتفجعون من أجل الصدع بينهما. 
فإن ويك بروكس - الذي أشاع تعبيري «الثقافة الرفيعة هئ طعنط» 
و«الثقافة الهابطة 017  »1018/‏ يعتقد أن هذا الانقسام ضار: فقد كتب 
في سنة 1516: «قبل عشرين سنة؛ أو حتى عشر سنوات»؛ كان يفترض 
على نطاق عالمي أن الأمل الوحيد للمجتمع الأمريكي كامن في العمل 
بشكل ما على رفع عناصر «الثقافة الهابطة» إلى مستوى عناصر 
«الثقافة الرفيعة»...». أما اليوم فقد أصيح «واضحا» أن الثقافة الرفيعة 
في ذاتها تنتج «جمودا كاملا يفتقد المرونة يؤدي إلى إصابة الحياة 
بالشلل...»: وأن «المستويات الهابطة فيها إنسانية خاصة:؛ ومرونة 
وواقعية...». أو على حد تعبيره: «إن العامية لديها مخزون تقدمه لما يدعي 
بالثقاطة: بقدر ما أن لدى الثقافة ما تقدمه للعامية..(40), 

والجدل بين أنصار الثقافة الرفيعة وأنصار الثقافة الشعبية هو بلاغي 
أو خطابي أكثر منه جوهريا. أو على الأقل فإن الموضوع بصياغاته 
النظرية الكبيرة أقل قدرة على الإقناع من الدراسات المحددة. وعلى 
المستوى التجريدي فإن قضية أن المؤسسات تدير الثقافة الشعبية من أجل 
تحقيق الربح؛ وقضية أن الناس يفعلون أكشر من الاستقبال السلبي 
للنتاجات الثقافية. هما قضيتان صحيحتان. كذلك لا يمكن رفض الدعوة 
التي توجهها الدراسات الثقافية لمزيد من إدراك الفروق الدقيقة في قراءة 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


ثقافة الجماهير. على العكس, فإن الانفتاح يجب أن يمنح الحياة لأي 
دراسة. ولكي نضع الأمر على نحو أكثر قوة: إن حجة أخن مفردات الحياة 
اليومية والثقافة: الأيقونات والطقوس والصور بجدية أكشثرء ليست 
استشاء. على العكس؛. حجة رفض اعتبار الثقافة الشعبية تعمل على 
تخريب الفكر. 

وليست المشكلة هي العزم على أخن الثقافة الشعبية مأخن الجدء 
ولا هي في إسقاط الاسم في المقدمات النقدية للكتب؛ مع إشارات كثيبة 
إلى بارت وفوكو وجرامشيء المشكلة بالأحرى هي الفشل في قول أي شيء 
مضيء. إن العلة ليست في ابتذال الموضوع؛ ولكن في ابتذال التحليل. هذا 
قلب المسألة. إن القطيعة الراضية عن نفسها مع النخبوية القديمة يمكن 
احتمالهاء بل ويمكن الإشادة بها أحياناء أما التكرار الذي لا يتوقف لتلك 
الملاحظات العادية والتافهة التي يقول بها الأكاديميون الجدد فهو خيانة 
للقضية. إنهم ليسوا دارسين ذوي جسارة يحرثون أرضا جديدة: لكنهم 
أناس حذرون يقومون بتهذيب الأعشاب في حدائقهم الأمامية. 

وتصدر التفاهة ‏ على وجه العموم ‏ عن رطانة نظرية تخنق أي فكرء 
وإصرار على وجود التدمير أو التعقيد في كل مكان. وهذا يلقي بظلال من 
التلفيق على كثير من الكتابات عن الثقافة الشعبية. والمقال النموذجي 
يجدل معا إحالات إلى أساتذة النظريات؛ ويعتني بأولئك الأساتذة الذين 
مهدوا الطريق. وعادة ما يكونون ‏ قبل بضع سنوات ‏ يمتدحون جسارة 
المشروع: وأخيرا يصلون إلى الموضوع المطروح فيأتون بخط متصل من 
الصيغ عن التناقض والالتباس والهدم. 

وبرغم أنه من السهل تقديم صورة كاريكاتورية لنقاد ثقافة الجماهير 
القدامى؛ إلا أن أولئك النخبويين ذوي النزوات أخذوا مفردات الحياة 
اليومية والتسرية مأخذ الجد الكامل: ومقالاتهم غاليا ما تزخر بالبصيرة 
والذكاء. فقد ظل ماكدونالد يكتب عن السينما في مجلات صغيرة منذ 
الثلاثينيات: ثم في مجلة «سكواير» في الستينيات, كتابة ذات طابع عملي 
ظلت واضحة من حيث نظريتها ودعاواها. وقد شكا مرة من أن «المشكلة 
مع معظم النقد السينمائي اليوم أنه ليس نقداء هو بالأحرىء تذوق: 
احتفاء؛ إعلام: يقدم يه «أناس من الداخل» قادرون على أن «يتحدثوا 


3 





نهاية اليوتوييا 


حديثا طويلا عن أي جانب من جوانب الفيلم: لكنهم يتجاهلون الإجابة عن 
سؤال عما إذا كان فيلما جيدا». «بل قد يبدو لهم السؤال على درجة من 
السذاجة: أو لا علاقة له بالموضوع...(43). 
وقد يكون ماكدونالد شهيرا بنقده لثقافة الجماهيرء لكن جدارته 
الحقيقية بالشهرة إنما تتمثل في مقالاته عن مؤسسات وموضوعات 
محددة مثل الروائيين الشعبيين (جيمس جولد كوزنس).: أو «الكتب 
العظمى»؛ أو «الطبعة الثالثة (غير المختصرة) من قاموس ويستر الدولي», 
أو العشق الأمريكي لسلسلة كتب «كيف يمكنك أن...». وعلى سبيل المثال, 
إن ققّرة من مقاله «انتصار الحقيقة» تمضي كما يلي: 
«إن ثقافتنا الجماهيرية وقدرا معتبرا من ثقافتنا العليا أو 
الجادة يسودها التركيز على البيانات... وال ع جاب الواضح 
بالمعلومات والازدراء العسير للخيال والحساسية والتأمل. نحن 
مهووسون بالتكنيك؛ معذبون بالحقائق؛ واقعون في عشق ا معلومات. 
يجب على روائيينا الشعبيين أن يقولوا لناكل شيء عن الخلفضيات 
التاريخية والمهنية لعرائسهم... ولوردات الصحافة عندنا يريحون 
الملايين لأنهم يقولون لناكل يوم حيقة يومنا... وطرية تنا في 
«متابعة» رياضة ما هي أن نكداس قدرا غيرعادي من البيانات عن 
متوسط الضربات والمباريات السابقة والياردات التي كُسبت...الخ» 
لدرجة أن كثيرين من الأمريكيين الذين لا يستطيعون أن يقرأوا دون 
أن يحركوا شفاههم لديهم ميزانية منح لدراسة الرياضة....(00), 
على النحو نفسه. قد يبدو الإطار النظري لكتاب ماكولين «العروس 
الميكانيكية» بسيطاء لكن الكتاب نفسه ينطوي على تأملات: ويفيض 
بالاستبصارات والإحالات والنكات. عن وسائل الإعلان المطيوعة. ثمة 
إعلان عن أحد معجونات الحلاقة يبدأ بالسطر التالي: «من أجل الرجل 
الواحد من سبعة رجال الذي يحلق كل يوم.... أتاح لماكلوين أن يتحرك 
على مدى واسع حول موضوع الاقتراع الحقيقي والزاكف. وأن يتأمل القول 
المعتاد بأن «اثنين من كل ثلاثة» قد فعلوا هذا الشيء؛ أو ابتدعوا ذاك 
الشيء: وأن ينظر في «الرباط الوثيق بين استطلاعات الرأي وعمليات 
المسح للمستهلكين», وأن يقتبس عن جروترود شتاين قولها إن «أطرف» 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


شيء اكتشفه المنفيون في باريس عن أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية 
كان استطلاعات جالوب: «حين يقوم فرد باستطلاع؛ ويأتي ليقول ما يفكر 
فيه كل فردء فهذا يعني أنه لم يعد هناك فرد يفكر على الإطلاق...», 
وعبر ماكلوين عن أن «الجهاز السياسي يريد أن تتوافر له معرفة مضبوطة 
عن كيفية وزن برنامجه الانتخابي». بالطريقة نفسها التي يقوم بها كبار 
أصحاب الأعمال بسبر رغبات مستهلكي إنتاجهم في كيفية تعديله. 
ويستدعي كلاهما العلماء «وفي حين أنه من الصعب الحصول على عيّنة 
من الدم الاجتماعي أو النسيج الاجتماعيء فليس من المبالفة القول بأن 
أولكك الذين يخرجون لاستطلاع الآراء ومعهم قوائم أسئلتهم إنما يطلبون 
هذا الدم: وبعد أن يحصلوا على العينة. يقومون بتحليلهاء ثم يرفعون 
النتائمج إلى سادتهم؛ الذين يقررون عندئن أي نوع من الطلقات يريد 
الجمهور أن يضعها في السلاح...,(١0).‏ 

حتى أولئك النخبويون غير المتهادنين من «مدرسة فرانكفورت» التي 
ضمت عددا من الباحثين الماركسيين الجدد مثل هريرت ماركيوز و ت. و. 
أدورنوء كتبوا تقييمات حادة لظاهرة ثقافة الجماهير. واعتير سيجفريد 
كراكورء الذي ينتمي إلى الدوائر الخارجية لتلك المدرسة: أن «فتيات 
تيللر»: وهن مجموعة من الراقصات تزامن ظهورهن في العشرينيات: 
كمؤشر إلى قوى اجتماعية أكبر. وكان يعتقد أن المجتمع يمكن فهمه أقل 
بدراسة فلاسفته؛ وأكثر بإنعام النظر في «تلك التعبيرات الخفية تحت 
مستوى السطح» مثل الأزياء و «الموضات»؛: «فبفضل طبيعتها اللاشعورية» 
تضيف هذه الظواهر الشعبية «إضافات دون وسيط إلى الطبيعة 
الأساسية للحالة التي تكون عليها الأمور...("*). 

كان شأنه شأن الآخرين من أعضاء مدرسة فرانكفورت الذين أخذوا 
هذه القضية مأخذ الجد الكامل. كتب كراكورء بدفء وحدة, عن أفلام 
السينما وردهات الفنادق وأكثر الكتب مبيعا. كتب في تقديم كتابه «نظرية 
الفيلم»: «كنت ما أزال صبيا صغيرا حين شاهدت فيلمي الأول...»» ودفع 
تأثيره «المسكر» بالصبي الصغير إلى كتابة أفكاره في قطعة جعل لها 
عنوانا طويل النفس: «الفيلم من حيث هو مكتشف للمعجزات في الحياة 
اليومية....(”*). وخلال تاريخه العملي تفحص كراكور الثقافة الشعبية, 





نهاية اليوتوبيا 


فنشر في سنة 6؟5١ ‏ على سبيل المثال ‏ دراسة عن الرواية اليوليسية: 
وأهداها إلى ت. و. أدورتو(02), 

أدورنو نفسه كتب عن التلفزيون والراديوء كما كتب دراسة طويلة عن 
عمود النجوم في «لوس أنجيلوس تايمز»: «اجعل مظهرك أكثر جاذبية 
مبكراء ثم اتصل بالعاملين معك. وضّع خططا أكثر كفاءة وترتيبات أكثر 
انسجاما لعملك الروتيني في المستقبل...»: هذا ما اقتبسه عن التنبق 
لبرج الحمل في 1901. وحسب أدورنو فإن النجوم تنصح دائما في اتجاه 
أكثر عملية وتماثلا. وبرغم أن المؤرخين قاموا بدراسة التنجيم؛ إلا أن 
باحثين قليلين هم الذين تتاولوا دلالة التنجيم الحديثل*”*: وها هو 
أدورنوء النخبوي الأصيل؛ يغوص في تنبؤات «لوس أنجيلوس تايمز» ثلاثة 
شهور كاملة؛ كي يشير إلى ما تعنيه «منشورات التنجيمء!'*). حتى اليوم 
لم يتبعه إلا قليل. 

كذلك كتب ليو لوينتال ونوريرت جترمان عن ثقافة الجماهير؛ فقد 
نشرا دراسة في حجم كتاب عن خطابات خبراء الدعاية في الجناح 
اليميني الأمريكي؛ وقد أذيع منها كثير في الراديول”*). وضي 1547 قام 
لوينتال بتحليل التحول في الذوق المتعلق بنشر السير الشخصية في 
المجلات الشعبية: من هم الأفراد المختارون؟ وما هي السمات التي 
تسلط عليها الأضواءة وكيف تغيرت عبر السئين؟5 ويلاحظ أنه «من 
المدهش أن هذه الظاهرة لم تحظ باهتمام كبير». وقد توصل إلى 
استنتاج أنه على حين كان الأبطال المختارون هم من رجال الأعمال 
والصناعة في مطلع القرن. فإن «الأبطال الجدد» أوائل الأربعينيات 
جاءوا من عالمي الرياضة والترفيه(""). 

' ومن المؤكد أنه ليست كل كتابات أدورنو وزملائه عن ثقافة الجماهير 

متميزة: بل يمكن أن تكون جائرة أو متمسكة بأفكار خاطئة. وما زال ثمة 
خلاف يجيش حول أسباب سوء فهم أدورنو لموسيقى الجازل؟"). برغم ذلك 
فإن نقاد ثقافة الجماهير لم يتجاهلوا الظاهرة: وكتبوا في الفالب 
تحليلات مثيرة. وعلى العكس؛ فإن الشعبيين الجدد تنتابهم الهواجس حول 
ثقاقة الجماهيرء ويلهون بالايتذال. وليست المشكلة في أطرهم النظرية 
المبالغ فيهاء ولكن فيما تحمله في دراسات خاصة. فهؤلاء الطلاب الجدد 





ثقافة الجماهير والفوضوينة 


ليسوا مخطئين في أن يأخذوا قضية ثقافة الجماهير مأخن الجدء لكن 
المشكلة في النتائج التي يصلون إليهاء ومناهجهم لا يمكن الحكم بتخطتتها 
على وجه العمومء ولكن على وجه الخصوص. وهم يطوقون مقالاتهم 
بادعاءات الجسارة: وينقلون فيها كل الهراء الأكاديمى فى زماننا . والأمثلة 
لا نهاية لها. ل 

وثمة مجموعة من النقد الجديد للتلفزيون بعنوان «خطاب القنوات» 
قيل إنها تمثل «قطيعة أساسية» مع «النقد التقليدي أو قبل البنيوي», 
فال مناهج التقليدية كانت تسعى لأن «تثبت حقائق عن العالم». أما النقد 
المعماصر ضيرى المعنى من حيث هو «ناتج اشتباك بين نص وقارئ أو 
مجموعة من القراء»؛ ويرى «العوالم مقامة من خلال النص 
وداخله..[0, والمغزى واضح. يتمثل في الحركة بعيدا عن الشجب 
المألوف باسم معايير ثابتة نحو تفهم تعقيد التلفزيون. مرة أخرى: قد 
يكون هذا مقبولا كصيغة واسعة:؛ لكن الضعف الحقيقى يكمن فى 
الدراسات الخاصة. ١ ١‏ 

المقالة الأولىء مخلصة لهذا الشكل؛ تنفق معظم صفحاتها في إعادة 
صياغة أفكار السيموطيقيين قبل أن تقرر قوة نظرية الأكتون العالي: 
«السيموطيقا تتيح لنا أن نصف عملية الدلالة. علاقات العلامات داخل 
النظام. وطبيعة العلامات ذاتها ...», وتعطي الكاتبة مشثالا: «تحليل 
سيموطيقي للمشهد الافتتاحي الذي يحمل أسماء مُعدي «عرض 
كوسبي»...»: المشهد يستغرق دفيقة واحدةء والتحليل سبع صفحات. تكتب 
إلين سيتر: «وقد اخترنا مشهد كوسبي لأنه يمكن أن يشاهد مرات ععدة: 
لا من جانب علماء السيموطيقاء الذين يجب أن يرجعوا إليه عددا هائلا 
من المرات كي يحللوه. فقط. ولكن أيضا من جانب المشاهد العادي». 

هذا «العدد الهاكل من المرات» الذي عانت فيه سيتر هذا المشهد قادها 
إلى ملاحظات كما يلي: «مؤشر: لوحة مرسومة بالكمبيوتر تشابه ظلة 
مسرح مضاءة بالنيون... مؤشر: شعار تلفزيون ©7818» أو: «لقطة مقرية: 
لقطة واحدة: كوسبي يحني رأسه مع الموسيقى؛ يبتسمء يرفع عينيه...» 
وتمضي على هذا النحو بضع صفحات قبل أن تستظهر النظرية ثم تثبت 
النتيجة: «توضح السيموطيقا...»: هكذا تقول لنا: «إن التكوين البنائي 





تهاية اليوتوبيا 


لمشهد الافتتاح يمكن وصفه بأنه «تيمة» و«تنويعات» حيث إن كوسبي هو 
التيمة. وكل طفل ‏ كذلك زوجته ‏ يبدو كتنويع....!١").‏ 

وبقية المقالات تتبع الصيغة نفسها: نظرية مميتة, تتبعها استنتاجات 
كسيحة. وأحيانا الموت. تحدثنا أ. آن كابلان عن كريستيفا ولاكان 
و«مناصري النسوية الماركسيين قبل التوسير»» كل هذا قبل أن تصل إلى 
تناول إنتاج تلفزيون 8/1177: «ضي حالة /8113, على سبيل المثال؛ فبدل أن 
تثير القناة جوانب من مفهوم لاكان عن «مرحلة الصورة المثالية للمرآة»... 
فإنها تثير قضايا الذاتية المنقسمة؛ مع ما تتضمنه صورة المرآة من 
اغتراب...». وقد لا تكون النظرية الفرويدية ملائمة للتطبيق هنا لأن 
شرائط الفيديو بالغة القصرء وبدهاء تشير كابلان إلى أنه «ليس ثمة 
إمكان خلال هذا الجزء الذي لا يستفرق سوى أربع دقائق للارتداد إلى 
صراعات المركب الأوديبي الفرويدي...». 

على أنه حتى الأستاذة كابلان ليست على يقين مما إذا كانت الأمور 
فوق أو تحت: «ومن العسير في الغالب أن تعرف بدقة ماذا يعني شريط 
فيديو الروك؛ لأن مؤشراته لا تترابط معا على طول سلسلة منطقية 
مترابطة» تؤدي لإيصال رسالة غير ملتبسة...». برغم ذلك فإنها 
تحاول: وتقدم تحليلا لشريط فيديو لمادونا «هي فتاة دنيوية, 
وهو مفيد بشكل خاص... لأنه يقدم نموذجا لقيام لون فريد من 
علاقة التناص...». 

وهي تصف اللقطات والمشاهد مع تعليقات من نوع ما يلي: 
«وباستخدام تعبيرات جيمسون: فإن الحاجة إلى النقد (بالنسبة للفيديو) 
يجعل العملية أقرب إلى المعارضات منها إلى التصوير الساخرء وتضعها 
في نمط ما بعد الحداثة. كما أن تلطيخ المساحات أكثر يوحى يما بعد 
الحداثة, كما يفعل اختلاط العبارات المنطوقة في الشريط المرئي...»: ثم 
تنتقل من الفيديو إلى الشخص فتستنتج كابلان أن مادونا تمثل ما بعد 
الحركة النسوية «فهي لا تتحدد. على وجه الخصوص: باعتبارها ذكرا ولا 
باعتبارها أنثى؛ بل تيدوء أساساء هي ذاتها ...». 

وتؤكد الأستاذة كابلان على الاختراق الذي أنجزته: «هذا التحليل 
«للفتاة الدنيوية قد كشف عن التباس المواقف ال معلنة في شريط الفيديو. 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


وهذاء بدوره. مسؤول عن الالتباس في تجسيد صورة الأنقى..(""2, أو 
كما يذكر جون فيسك في مقال آخر عن مادونا أيضا: «إن صورتها ‏ 
بالتالي - لا تصبح نموذج المعنى للفتيات في ظل النظام التراتبي؛ بل موقعا 
للصراع السيموطيقي بين قوى السيطرة التراتبية وقوى المقاومة النسوية, 
بين الرأسمالية والخضوع. بين الراشد والشاب..(1). 
ويقدم محررو مجلة «الدراسات الثقافية» مقالا عن مراكز التسوق 
المجمعة بتسميتها «ذات مدى واسع» و «مثال نموذجي للدراسات الثقافية 
المعاصرة...»: لكن المقال في الحقيقة؛ وهو بقلم ميجان موريس. مثال 
نموذجي لكيفية احتشاد الرطانة؛ والثرثرة النظرية: والإحالة الدائمة إلى 
الذات: كي تملأ خمسا وعشرين صفحة. 
والمقال يدور عبثا حول ما يمكن أن تكون عليه دراسة مراكز التسوق: 
«صعوبتي في مشروع مراكز التسوق لن تكونء ببساطة. علاقتي كمثقفة 
بالثقافة التي أتحدث «عنهاء». بل ستكون من الذي أتخيل أنني أوجه 
حديثي إليه... وعلى أي حالء فإنني في طرحي لهذه المسألة؛ تجنبت 
أيضا مشكلة النساء «الأخريات» (ليس «العاديات» بالأحرى). كما تجنبت 
تكرار القول ما أصيح اليوم حالة تقليدية وهي أن صورة امرأة تتسوق 
ليست «حقيقية»... وكان علي أولا أن أدور حول نتائج الاستطلاع التي 
حصلت عليها من النساء «الأخريات»...». الملاحظة الوحيدة: حرفيا التي 
أبدتها موريس هي أنها لاحظت أن المقاعد الطويلة في مراكز التسوق 
الخاصة بمجموعة «التلال الخضر» كانت «ملونة بألوان مشرقة»» مما 
يعني إقرار موتيف الحديقة. 
هذا الاكتشاف يستدعي إحالة إلى والتر بنجامين وإلى مسفهوم 
«التسكع» الباريسي: 
دأود أن أقول إن هذا التثاوب المعلن كا هو هام بما هو خاص فَوقَ 
هذا الأسغلت ال مزروع بالنباتات في أسواق ا مدينة هو - على وجه 
التحديد - ما يتيح اليوم, لا «التسكع»» لأن هذا مغهوم ينطوي على 
مفارقة؛ ولكن ممارسة للحدائة من جانب النساء: ضمن الهم عندهن 
لا أن يبدأن بالتوحد بالبطلات والضحايا (حتى فيما يتعلق بالصراع 
ضد بارانويا الرجال): بل تناقض وجداني عميق نحو تفير الأدوار». 





نهاية اليوتوبيا 


وكمالوآن هذا القول واضح أو صريحٍ في ذاته. فإن موريس 00 
إلى أن تضيف: «حتى هنا. .. يجب أن نفرق مرة أخرى.. 0 10 
مجالا آخر هو بذل مجهود سيموطيقي «لحل شفرة» الإفطار الأمريكي. 
لا بالنظر إليه باعتباره وجبة «بل هوء بالأحرى. نظام - مجموعة من 
الوحدات أو العناصر لها «تكوينها» على نحو ما... فثمة ما يمكن أن نعتبره 
شفرة الإفطار»؛ ويرفض الكاتب فكرة المناخ أو الشكل أو اللون كشفرة:؛ بل 
حل الشقرة هو في التحول من الصلب إلى السائلء والعكسء بالنظر إلى 
الإفطار الأمريكي النموذجي اكتشف الأستاذ آرتور آسا برجر: 
«عصير البرتقال صلب تحول إلى سائل؛ والقهوة شراب مصنوع 
من مادة صلبة هي حبّات البن... والسكرمادة صلبة تتحول إلى سائل 
شم تعود صلبة مرة أخرى... ورفقاق القمح مادة صلبة تتحول إلى سائل 
ثم تعود صلبة مرة أخرى. والزيد مادة سائلة تتحول إلى صلبة... 
والبيض سائل يصبح صلبا. والعناصر الأخرى: الخبز ولحم الخنزير 
القدد والبطاطس مواد صلية وتبقى صلبة؛ في حين أن اللين والقشدة 
هما مادتان صلبتان (حيث إن الأبقارتتغذى على الحشائش) 
تتحولان إلى سوائل...». 
ما خلاصة هذه الملاحظات؟ إن الأمريكيين يتناولون الإفطار كي 
يحولوا اوم بالطريقة نفسها التي يتحول بها طعامهم إلى مواد سائلة 
أو صلبة «إن رسالة الإفطار الأمريكي التقليدي هي عملية تحول خفية لا 
تنتهي. .20 '. وريما فكر الأستاذ برجر في التحول لدراسة وجبة الغداء. 
ويرى عدد من أساتذة الدراسات الثقافية أن الفيديو قد أحدث تغييرا 
في تجربة المشاهدة بأن شجع على «التحكم في عملية السرد»: فيقتيس 
هنري جينكنز عن زميل له قوله «إن الفيديو أتاح للتلفزيون نوعا مؤكدا من 
الإعادة ذات الطايع البريختي...». ويضيف: «إن هذه العلاقة الجديدة 
بالصورة المذاعة تتيح حركة الهاوي اللاشعورية ما بين علاقة القرب 
الشديد من ناحيةء وأخرى تقف على مسافة ساخرة من ناحية أخرى... 
وإذا لم يكن هذا القول واضحا بما يكفي نراه يورد القول التالي لهاو رأى 
فيلم «حرب النجوم» مرات عدة: «في كل مرة أشاهده فيها ٠‏ يتكشف لي 
مستوى جديد أو فكرة جديدة عن شيء فيه. أما التشكي بأن شخصيات 





تقافة الجماهير والفوضوية 


الفيلم ضحلة؛ وألا خلفية لها فلا يعني شيئاء هذا جزء من طرافتها ...». 
ويخلص جينكنز إلى أن «فهمها للفيلم يزيد على نحو مطرد مع كل 
مشاهدة جديدة: لآنها تصل إلى استنتاجات تمضي بها إلى ما وراء 
المعلومات التي تقدم بوضوح... إن «حرب النجوم» قد يكون من أكشر 
الأمثلة غير العادية لحصيلة العملية التفسيرية.. (01), 

وقد أصبح عجز أصحاب الدراسات الثقافية اليوم عن كتابة جملة 
واحدة ملاحظة مكررة, لكنها تستحق الإعادة هنا لسبب واحد على 
الأقل. فنصف الهالة التي تحيط بالدراسات الثقافية إنما يرجع لزعمها 
أنها مكتوبة لمصلحة الناس؛ وأن ممارسيها يعلنون قطيعتهم مع نخبوية 
قديمة كانت تستبعد الثقافة الشعبية: لكن النخبويين القدامى. مثل 
ماكدونالد؛ كانوا يكتبون جملا مشرقة وواضحة يستطيع أن يقرأها أي 
متعلم. أما أنصار الدراسات الثقافية فهم يستخدمون إنجليزية مهشمة, 
ورطانة يمكنها أن تستدر دموع أي معلّم للإنجليزية: إنهم يسحقون 
الثقافة التي يزعمون أنهم يحبونها. تبدأ مقالة ماكدونالد عن سلسلة 
كتب «كيف» على النحو التالي: «الطريقة التي يمكنك بها تجنب 
استخفاف سائق الباص أو النادل و الفتاة البائعة هو أن تكون غير أناني؛ 
واثقا بنفسكء. حكيماء متحمساء سعيدا . والطريقة التي يمكنك بها أن 
توقف متحدثا أطال في حديثه حتى الإملال هي أن يقف رئيس الجلسة 
ويشكره على إسهامه الرائع: ويقود الجمهور في تصفيق عاصف. 
والطريقة التي يمكن بها مقاومة إغواء الرجل هي أن تجلس السيدة على 
مقعد مستقيم بلا مساند وأن تضع في فمها حبة من اماء المائح كلما 
شرع الرجل في تقبيلها... المعلومات السابقة هي مغرفة واحدة من 
المخزون الأمريكي الهائل «لتعلم كيف...». 

ويبدأ موريس حديثه عن مراكز التسوق كما يلي: «أول شيء أود أن 
أفعله هو أن أقتيس تعريفا للحداثة. وهو لن يأتي عن المناقشات الحديثة 
حول النظرية النسوية: أو الجماليات. أو الدراسات الثقافية: إنما عن 
ورقة عمل عنوانها «تطور في مشهد البيع بالتجزئة» قدمها في بيرت سنة 
١‏ جون لينين من «مراكز ماير للتسوق»: وقد بدأ حديثه (في ندوة 
نظمها «المعهد الأسترالي للدراسات الحضرية»)....!''). ولسنا في حاجة 


كم 


نهاية اليوتوييا 


إلى مزيد من التأكيد: إن الهراء الذي يزعم القطيعة مع النخبوية: والهدم, 
والالتزام الشعبي لا يبالي إلا بالانعزال والتمائل. 


»د يد 


ويستحق آرنولد الاهتمام من أجل ما قاله؛ ومن أجل ما أوضحه عن 
المناهج السائدة نحو الثقافة. وبرغم أنه لم يكن فيلسوها احتراضياء إلا 
وبعض المشكلة أن اليمين واليسار كليهما أساءا قراءة آرنولد. وباختصار 
تقول إن آرنولد امستطاع أن يجمع معا ما ظن كثير من المفكرين 
المعاصرين أنه لا يمكن أن يجتمع: نقدا صارما للثقافة الشعبية والتزاما 
ضيازها بالديموقراظية, 

وآرنولد معروف جيدا بكل تأكيد. كتب عنه ليونيل تريلينج قبل ستين 
عاما: وكان آرنولد 0 تأثيرا في عصرهء ويجب أن نؤكد هذا على 
نحو لا جدال فيه... ''. ولأكشر من قرن كامل فإن قليلين هم الذين بلغوا 
مكانة وتأثيرا يمكن 00 بما بلغه. وأثيتت نت إحدى الدراسات قبل ثلاثين 

سنة: «ليس هناك ناقد أجنبي آخرء وربما قلة من النقاد أهل البلاد فقطء 

هم الذين اكتسبوا مثل هذه السمعة, ومارسوا مثل هذا التأثير شي الثقافة 
الأمريكية....0''". وكتب المؤرخ لورانس ليفين قبل عدة سنوات فقط: «إن 
آرنولد كان أكثر من بذروا البذور أهمية في مجال الثقافة...('"), 

على أن آرنولد ما يزال غير معروف. إن حياته والتزاماته قد تفجّر 
التصنيف التقليدي: المحافظون يأخذون عنه فكرة واحدة هي أهمية 
الثقافة العلياء ٠‏ لكنهم ‏ في الوقت ذاته ‏ لا ينطقون بكلمة واحدة عن 7 
آرنولد المستميت عن التعليم العام والمساواة الاجتماعية, أو هجومه العنيف 
على فكرة الفسوق؛ وكل هذا يدعم تبريره للثقافة العالية.من الناحية 
الأخري بمنله الليبراليون واليساريون بفكرة أساسية وراديكالية عند 
آرنولد هي نقده للفرديةء وضمنا لثقافة الجماهير. ٠‏ وهم في استبعادهم له 
يدمرون الرؤية اليوتوبية التي تدعم فكره. 

وفيما عدا كتاب السيرة والمؤرخين. لا يلدفت أحد إلى حياة آرنولد 
وعمله كرجل من رجال التعليم؛ وكمفتش على المدارس يوجه خاص. 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


فالمحافظون الذين يحبون الاقتياس عنه نادرا ما يشيرون إلى هذاء وثمة 
دراسة أساسية عنه بعنوان «ماثيو أرنولد والشقاضة الآمريكية» تخلو 
فهارسها تماما من أي مداخل تحت «مدارس» أو «تدريس» أو «تعليم», 
برغم أن آرنولد قضى خمسة وثلاثين عاما «مفتش الدولة على المدارس». 
ولم يكن هذا منصبا شرفياء بل كان يكدح ويفحص ويسألء كان هذا عمله 
اليومي. علاوة على أنه كان يتحدث دائما عن التعليم. ليس ضقط في 
تقاريره المنتظمة؛ بل أيضا في محاضراته ومقالاته وكتبه. ومعظم أعماله 
الكاملة تتناول التعليم: بما ضيها أطول كتبه بعنوان «المدارس والجامعات 
في القارة (الأوروبية)»: ولم تكن هذه الاهتمامات بعيدة عن كتبه الثقاطضية 
المقروءة على نطاق أكبرء على العكس؛ فإن أفكاره عن التعليم تتخلل أشهر 
أعماله «الثقافة والفوضوية!١"),‏ 

لم يكن آرنولد اشتراكياء ولم يكن محافظا كذلك. في سياق الفكر 
الأنجلو ‏ أمريكي كان راديكاليا بهذا الصدد. كان يؤمن بأن الدولة يجب 
أن تتولى مسؤولية تعليم الناس؛ بل مسؤولية الثقافة بوجه عام. وكان يؤمن 
كذلك بالمساواة؛ ويعارض التفاوت الحاد في الثروة. ولم تكن هذه قضايا 
منفصلة عند آرنولد. عنده يترابط تعليم عام قوي ومساواة اجتماعية 
صلبة وثقافة حية نشطة. ورسم صورة حقيقية لآرنولد لا تستقيم مع 
تصوره نخبويا متخايلا. 

في ١1801؛:‏ حين كان شابا في التاسعة والعشرين: يفتقد الحماسة 
الكافية عين ماثيو آرنولد مفتش الدولة عن التعليم؛ مسؤولا عن التفتيش 
على المدارس والطلاب وكتابة تقارير منتظمة عن ذلك. يقول آرنولد بعد 
أن تقاعد: «برغم أنني ابن معلم مدرسة:؛ إلا أنني أعترف بأن التعليم ضفي 
المدارس أو التفتيش عليها لم يكن خط الحياة الطبيعي الذي سأختاره 
لنفسيء لكنني ارتضيته كي أتزوج بسيدة معونة 10" لقد طاف كذلك 
بالمدارس الأورويية عدة مرات وكتب النتاكج التي توصل إليها . 

كان تقريره الأول بعد زيارته المدارس الابتداتية الإنجليزية يتناول 
موضوعات لم يتخل عنها أبدا فيما بعد. فقد شكا من أن كثيرا من 
المدارس في محافظته لا تحصل إلا على الحد الأدنى من المعونة 
الحكومية؛ وتفرض على الطلاب رسوما باهظة؛ وهذا «يؤدي إلى استيعاد 





نهاية اليوتوبيا 


أطفال هؤلاء الأشد ضقرا...». حتى حين تتخذ الإجراءات كي يدفع 
الطلاب الفقراء رسوما أقل؛ فإن هذا لن يؤدي إلى موقف أفضلء 
فالمعلمون يهتمون بأولتك الذين يدفعون أعلى الرسوم... «فهؤلاء الذين 
يدفعون أقل يتعلمون أقل...» وبالتالي «يتم تجاهل» أولئك الطلاب الأكفاء 
الفقراء. أما هؤلاء الذين يدفعون أعلى الرسوم ضهم في أعلى الدرجات. 
«سواء كانوا ملائمين أم لا...». وأشار آرنولد إلى أنه «من الصعب تصور 
خطة أكثر إحكاما لإفساد التعليم في المدرسة وتشويشه...,(77 

إن الالتزام بالتعليم العام لخدمة الرعاية الوطنية يسري في عمله كله, 
فقد اقتبس سطرا عن المفكر الإنساني الألماني ولهلم فون همبولد ليصدر 
به كتابه «المدارس والجامعات في القارة»: «ليس الأمر هو ترك المدارس 
والجامعات تمضي في طريقها العاجز والكسولء لكن الأمر هو رفع ثقافة 
الأمة أعلى وأعلى عن طريقها....0*". لقد رفض طوال حياته وضع 
التعليم على أساس الدفع النقدي . إن الدولة يجب أن تدعم التعليم لرفع 
مستوى كل مواطنيها. 

إن توقه إلى الديموقراطية والمساواة هو ما يسري تحت السطح في 
كتابه الذي صدر في 185١‏ بعنوان «التعليم الشعبي في فرنسا». وهو 
حصاد زيارة لأوروبا أشرف عليها «المجلس القومي للتعليم». وهو يبدأ 
الفصل الأول منه بإثبات العقيدة الإنجليزية بأن الدولة هي ذات طبيعة 
استبدادية كامنة. وأنها يجب ألا تؤتمن إلا في أقل القليل. ولا يوافق 
آرنولد على هذاء ويرى أن هذا النهج كان يكفي حين كانت 
الأرستقراطية تملك القوة والرغبة في حكم البلاد. أما في إنجلتراء فإن 
هذا الزمان قد راح. ولم تعد النخبة قادرة على الادعاء بأنها الطبقة 
الأرقى؛ وأنها لا تقوى على الوقوف في وجه التيارات الديموقراطية 
العتيدة التي يباركها آرنولد. 

يكتب آرنولد : «الديموقراطية هي محاولة «تأكيد الجوهر الإنساني» 
وأعني بهذا تطوير الوجود الفردي بحرية وامتلاء؛ أن يكون لديه النور 
والهواء الفسيحان. ألا يكون موضع تضييق أو تجاهل...»: إن عبارات مثل 
«النور والهواء الفسيحان» التي ستتردد بعد ذلك في كتابه «الثقافة 
والفوضى» تبدو هنا مشبعة بروح شعبية وديموقراطية. عند آرنولد فإن 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


الديموقراطية والمساواة يكمل كل منهما الآخر. وكلاهما ينعش الأمة 
ويقويهاء وهذا هو المثال في فرنساء حيث انتصرت الديموقراطية 
والمساواة ومن ثم اكتسب الناس العاديون «احتراما للذات» و«استتارة 
للروح»؛ ويقرر آرنولد : «إن الناس العاديين يبدون لي أغفضل الناس فضي 
الأمة الفرنسية...,(*"), 

ولم يكل آرنولد أيدا من إدانة عدم المساواة. بل لقد أصبح أكثر حدة ‏ 
على نحو متزايد - في نقده لوجوه عدم المساواة المادية والاقتصادية. وقد 
قام؛ في العقد الآخير من حياته؛ بتوجيه خطاب إلى «أكبر كلية للعمال» 
في إنجلترا. وحقيقة هذا الحديث - في ذاتها - لا تكاد تتسق وصورة 
آرنوتئد من حيث هو عاشق الجمال المعزول. وقد قال لجمهوره من الطبقة 
العاملة إن إنجلترا تواجه ثلاث مشاكل رئيسة: أولاها «صور عدم المساواة 
الرهيبة في الملكية وشروط الحياة بيننا ...10"), 

وكما أوضح في مقالته فإن الجميع في إنجلترا يطالبون «بالمساواة أمام 
القانون»؛ لكن العقبة الكأداء هي في «المساواة الاجتماعية» التي يعارضها 
الجميع في إنجلتراء فإنجلترا هي وطن «دين اللامساواة» ويعتقد آرنولد 
أن «عدم المساواة الرهيب» في الملكية إنما يرجع إلى «عدم المساواة 
الفاحش في الطبقة والملكية» الذي كان سائدا في العصور الوسطى؛ 
وانتقل خلال العائلات؛ فحرية «التوريث عن طريق التوصية» يدعم عدم 
المساواة. ولهذا السبب قيدت أمم أوروبية كثيرة هذا الحق؛ ولكن ليست 
إنجلترا . لماذا؟ لأن الإنجليزء من حيث المبداً, لا يؤمنون بحقوق المساواة 
الطبيعية أو المجردة. هكذا يوافق آرنولد. 

«ولا يمكن أن يتكرر هذا القول: ليس للعمال والفلاحين أي حقوق 
طبيعية؛ ولا حق واحد. فقط يجب علينا أن نضيف على الفور: إن الملوك 
والنبلاء ليس لهم هذه الحقوق أيضا...». والسبب بسيط: فا ملكية 
«يخلقها ويصونها القانون»؛ وهي بالتالي ليست حقا مجرداء ومن ثم 
يمكن تنظيمها «فسلطة تحويل الملكية أو نقلها يجب أن تكون: عملياء غير 
محدودة: ما دام عدم المساواة هائلا إلى هذا الحدء أو أن درجة عدم 
المساواة الممسموح بها في زمن معين تستمر إلى ما لا نهاية. وهذا ما 
لا شك فيه. يا" 





تهاية اليوتوبيا 


ومضى آرئولد إلى القول بضرورة تنظيم حق انتقال الملكية عن 
طريق التوصية؛ أو تحويلهاء تنظيما صارما من أجل القضاء على عدم 
المساواة وتحسين حال المجتمع. وأول كل شيء يجب العمل على «تحسين 
أحوال الكثيرين» ليس لهذا الهدف في ذاتهء ولكن لمصلحة الفرد:. فلا 
أحد يستطيع أن يحيا حياة رخية أو سعيدة أو. حتى؛ آمنة وسط 
البؤس. وهنا بالضبط يبلغ آرنولد قضيته المألوفة: 
«من اليسير أن ذرى أن نناط الضعف في حضارتنا إئما ترجع إلى 
عدم المساواة بيننا ‏ بعيارة أخرى: إن عدم المساواة الشاسع من حيث 
الطبقات وا ملكية: الذي جاء إلينا من العصور الوسطى؛ والذي نحافظ 
على بقائه لأن لدينا دين عدم المساواة: أقول: إن هذه الحال قد أدت 
إلى نتيجتها الطبيعية والضرورية: ضفي ظل الشروط الراهنة, نحن 
نضفي طابعا ماديا على الطبقة العليا وطابع الابتدال على الطبقة 
الوسطى: وطاببع الوحشية على الطبقة الدنيا' وهذا كله يعني إخفاق 
حضارتنا...[14) 
إنه يقول هنا «من اليسير أن نرى...»: وفي مكان آخر يقول «من 
الصعب أن نرى...».: لكن النقطة الرئيسة تبقى هي هي: :دلا أحد في 
إتجلترا يريط بين حقيقتين: نقاط الضعف ضفي حضارتناء وعدم المساواة 
الشاسع بيننا. والناس يمكنهم أن يعترفوا بكل من هاتين الحقيقتين على 
حدة؛ وفي الحقيقة فإنهم لا اع ود إنكار حقيقة عدم المساواة, 
لكنهم لا يريطون بين الحقيقتين...» وريظ اركولد شفيينا ٠‏ إن نقده 
لخشونة الثقافة وغلظتها إنما يصدر عن ميوله نحو المساواة. ضحياة 
فقيرة في شروط صعية لا تعين على اليذر والنماء. ٠‏ ولنضع 
الأمر بصياغة الخبرى: إن نقد آرنولد لثقافة الجماهير يضرب 
بجذوره إلى حسنه الشعبي والديموقراطي وبهذا الحس ذاته 
يضيف قضيتين مرتبطتين ارتباطا وثيقا ل مهنا تزعج 
المحافظين: إن الدولة يجب أن تدعم التعليمء وإن الأفراد ذواتهم 
يفتقدون المصادر التي يمكن بها علاج أدواء المجتمع. كلتا القضيتين 
تدمر الروح الإرادية أو الذاتية التي تشكل البروتستانتية الإنجليزية 
والحياة الإنجليزية كذلك. 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


وكان آرنولد على يقين بأن الدفاع عن حق الرأي الحر والبروتستانتيين 
المنشقين إنما هو خدمة «لا تقدر بشمن». على أن عدم الثقة بالدولة 
وعقيدة العون الذاتي يخذلان معظم الناس. في خطابه إلى «كلية العمال» 
ضرب آرنولد المثل بفاعل الخير الذي يشير على المضطهدين المسحوقين 
بتجنب الدولة. وتقوية «الاعتماد على الذات والعون الذاتي»» ويرى آرنولد 
أن إنجلترا تعاني الكثير نتيجة إتخامها بأيديولوجية الاعتماد على الذات 
والعون الذاتي: 
«من ذلك الحين أصيبحت قادرا على رد ما أفكر فيه وهو أن تللك 
التحذيرات والنصائح قد تمس الحاجة إليها في مكان آخر, لكن 
تقديمها دون اتقطاع في إنجلترا هو أشبه بمن ينقل الفحم إلى 
نيوكاسل. إن عدم جدوى كثير من السياسيين الليبراليين» عدم 
جدواهم العميقة في الحقيقة: إنما يأتي من ترديدهم الدائم - 
كالببغاوات ‏ عبارات مثل:... تأكد أن الإنجلي زلا يميلون إلى أن 
تتدخل الدوئة أكثرمما يجب... إن الأخطار التي تتهددنا هي في 
الجاتب الآخرهالمبالغة فضي الإشادة بالارادة الذاتية وتأكيد 
الذات..! 0 
نقد المعونة الذاتية, والفردية؛ والبيوريتانية, تشكل العمود الفقري لنقد 
آرنولد الثقافي. لقد عارض الفكرة - التي تنتشر اليوم أكثر من أي وقت 
آخر ‏ بأن السبب الذاتي هو آخر ساحة للاستتئناف؛ وأن ما يشعر به 
الفرد أو يريده أو يرغب فيه لا يحتمل أي مساءلة. كان آرنولد يرى ‏ مثل 
كثيرين من أصحاب الفكر الاجتماعي - أن الفرد لا يهبط من السماء: بل 
يصدر عن شبكة اجتماعية. ومقولة «أنا أريد» أو «أنا أحتاج» هي أيضا 
مقولة اجتماعية. وقد يكون هذا واضحاء لكنه يعني أيضا أن العقل 
النقدي يجب ألا يقف ساكنا إزاء نزوات الناس ورغباتهم. 
كتب في «الديموقراطية»: «إن روح الفردية» يجب ألا تفهم على نحو 
ةب ::إنه لأمرعطية أن تكون قادرا عن أن كنكن كما اتشساء. 
ولكنء بعد كل شيءء سيبقى سؤال مهم: ما الذي تفكر فيه؟». هناء فإن 
كل الحرية والصناعة في العالم لا تضمن «العقل السامي والثقافة 
الرفيعة». وقد تناول هذه الفكرة في فصل عنوانه «أن تفعل كما تشاء» 





نهابية اليوتوييا 


في كتابه «الثقافة والفوضى»: «إن الفكرة السائدة بيننا هي... إنه شيء 
بالغ السعادة والأهمية أن يكون الإنسان قادرا على أن يفعل كما يشاء... 
لكننا لا نهتم كثيرا يهذا الذي يمكن أن يفعله حين يكون حرا في أن 

ويُصر آرنولد على أن نضع في الاعتبار الغايات: وليس الوسائل فقطء 
في تحديد ما نهدمهء إن القضية ليست ببساطة وجود حرية شكلية: بل 
مضمون هذه الحرية. كتب آرنولد موجها حديثه إلى المواطن عي 
«أنت تظن أنك تغطي كل شيء حين تقول: «نحن أحرار... نحن أحرار. 
صحفنا تستطيع أن تقول ما تشاء!...». وعند آرنولد فإن هذا لا يكفي «إن 
الحريةء مثل الصناعة: جواد صالح لأن يُمتطى ولكن لأن يُمتطى في مكان 
بعينه ويبدو أنك تظن كل ما عليك هو أن تمتطي حصانك «الحرية» أو 
حصانك «الصناعة».: وأن تنطلق به بأسرع ما يمكنك؛ واثقا بأنك سوف 
تبلغ هدفك المقصود ...». 

وقد أشار إلى «مخزون الحجج لإنبات عظمة وسعادة إنجلترا» عند 
أحد القائلين يمذهب المنفعة من البريطانيين: : «أليست هي أن يقول كل 
شرد في إنجلترا ما يشاءة يسأل السيد روييّتك داكماء وهو يعتقد أن هذا 
ني تماسا ومين يقول كل قر في [تجلترا مايشاءء يجب أن تتحقق 
آمالنا. لكن آمال الثقافة... لا 3 تتحققء إلا إذا كان ما يقوله الناس؛ حين 
يمكنهم أن يقولوا ما يشاءون؛ جديرا بأن يقال؛ ولأن فيه الخيرء وفيه من 
الخير أكثر مما فيه من الشر...» 

على هذه الأسس بالضيط هاجم آرنولد. بضراوة: أبناء الطليقة 
الوسطى الذين يحبون الشروة والماكينات لذاتهاء دون أدنى فكرة عن 
أهدافها أو أغراضها: 

«إن إنسانك من الطبقة الوسطى يظن أنه بلغ أرقى درجات التطور 
والمدنية حين تقل خطاباته اثنتي عشرة مرة في اليوم من ايسلنجتون إلى 
كامبرولء ومن كامبرول إلى ايسلنجتون؛ وحين تسير قطارات السكك 
الحديدية بينهما كل ريع ساعة. وهو لا يلقي بالا لأن هذه القطارات إنما 
تحمله من حياة ضيقة وكتيبة في إيسلنجتون إلى حياة ضيقة وكثيبة فى 
كامبرول؛ وآن الخطابات لا تقول له سوى آن الحياة هكا هناك...(١0),‏ " 





ثقافة الجماهير والفوضويظ 


العجز عن تقويم الغايات وعبادة الوسائكل هما ما يميزان ما يدعوه 
آرتولد «عدم الثقافة والتقدم عمهنادزاتطم ©)»: وقد جاء هذا المصطلح 
في مقالة له عن هايني؛ ومنه استمد هذه الكلمة: «ربما لا توجد هذه 
الكلمة عندنا (نحن الإنجليز) لأن عندنا الكشير مما تعنيه...». إنهم 
أعضاء نكدون ومحدودون من الطبقة الوسطىء انغلقوا على الأفكار 
الجديدة والخبرات الجديدة: إنهم «أشخاص مملون مضجرون: عبيد 
للروتين: أعداء للنورء أغبياء مستبدون. لكنهم. في الوقت ذاته, 
افونا حواب اا 
برغم ما قد يبدو من أن آرنولد يدافع عن فكرة الحياة الطيبة ذات 
الطابع الروحيء إلا أن الحقيقة تكاد تكون على النقيض تماما. فهو 
يهاجم: بضراوة: البيوريتانيين والزهادء لأنهم يضيّمون الروح والحواس. 
إنهم لعنة إنجلترا. لقد ازدهرت الثقافة في العصر الإليزابيثي...» 
ويعدها بسنوات عدة دخلت الطبقة الوسطى الإنجليزية العظيمة, لب 
الأمةء مسجن البيوريتانية؛ وأغلقت الباب على روحهاء وتركت المفتاح 
هناك مائتي سنة...,(""). 
قتلت البيوريتانية الإنجليزية البهجة والروح. والحقيقة أن أحد 
الأشياء القليلة التي قدرها آرنولد في الولايات المتحدة كان «البهجة 
والاستمتاع»., والتحرر من «القيود». وهو ما تفتقده الطبقات الوسطى 
الإنجليزية!*"). والنقطة الأساسية هي أن آرنولد لا يدافع عن «الجمال 
والنور» كأهداف طيبة مجردة: لكنه يدافع عن عالم مبهج ضد حياة كثيبة 
تنفق في العمل والمال. وهو يقتبس عن طبيب كتب أن مواطني ليفربول 
الموسرين يموتون من الضجر والضمورء وأنهم في حاجة إلى الإثارة. هذا 
صحيح تماما عند آرنولد؛ فالناس يعانون من «سأم عنيف»؛ وهم في 
حاجة إلى الإثارة والعاطفة: 
«إن الصحة لا يمكن تحقيقها - على وجه العموم - دون إثارة 
عصبية... جمع ا مال ليس كافيا بذاته. الصناعة ليست كافية يذاتهاء 
الجدية ليست كافية بذاتها... إن حاجة الإنسان إلى الفكر والمعرفة, 
ورغبته في الجمال؛ وغريزته نحو المجتمع... كلها تتطلب الإحساس 
بمثيراتهاء الإحساس بها واشباعها...,01*). 





نهاية اليوتوبيا 


وأفكار آرنولد حول الثقافة يمكن أن تعد أهجيات قاسية» وكان هو يعي 
هذا وعيا جيدا!'*). وفي نهاية حياته أبدى أسفه لأن العبارات التي صكها 
كانت تفقد معناها. قال: «لست سوى رجل آداب مرهقء لديه عبارات 
مبهرجة حول الجمال والثون يرئ الأشياء كما هي في الحقيقة: يعرف 
أفضل ما تم التفكير فيه؛ وأفضل ما قيل في العالم: ولم تكن لديه أبدا 
عبارات ذات مسعان صلبة, وقد فقد الآن تماما جاذبية وفتنة 
الحداكة: 01" .يرهم ذفك قن افكاره هده منظورا بيالح للحكم تعلن 
الثقافة الشعبية. 

ولا شك في أن الخوف من اضطراب سياسي يطفو على سطح كتابات 
ازقولده بخاسه ه كتابه:«الثقاقة والعوضى»: على أن هذا 'الخوف يطفن 
على سطح الكتابات لكنه لا يحددها. كان آرنولد - بشكل أساسي - ناقدا 
لحياة الطبقة الوسطى وثقافتهاء ولهذا السبب تزيد أهميته كناقد اليوم, 
لأن ثقافة الطبقة الوسطى قد انتصرت. وقد قارن مرة بينه وبين ويليام 
كوبت. وهو راديكالي إنجليزي كان مدافعا عن الطبقات العاملة: وكانت 
سياساته تحكمها فكرة واحدة رئيسة هي الشرط الرديء للعمال 
الإنجليز». أما آرنولد ففكرته الرئيسة هي «الحضارة الرديئة للطبقة 
الوسطى الإنجليزية../08). 

هنا بالضبط يختلف آرنولد عن سواه من المفكرين الليبراليين فضي 
القرن التاسع عشرء والذين كانوا يتخوذون من تزايد التجانس والتماثل ضي 
المجتمع الديموقراطيء فقد لاحظ توكيفيل أن كثيرين من معاصريه كانوا 
فزعين من التغير الدائم, أما هو فكان يخاف من العكس تماماء من الركود 
الدائم الذي يجعل الناس متشابهين أكثر وأكثر من حيث آرائهم وأفكارهم. 
ويوافق ميل على هذاء فقد كتب إلى توكيفيل: «إن الخطر الحقيقي الذي 
يهدد الديموقراطية ليس هو الفوضى أو الولع بالتغيير, لكنه الركود 
الصيني وفقدان الحراك..(78/, 

انتقد ميل ثقافة الطبقة الوسطىء لكنه لم يتذبذب أبدا تجاه مشاعره 
ئحو المساوأة والديموقراطية. وفضي مناقشته كتاب توكيفيل «الديموقراطية 
في أمريكاء. قال ميل إن الرجل الفرنسي قد خلط بين «آثار 
الديموقراطية» وآثار «المجتمع التجاري الحديث» وطبقته الوسطى. كان 





ثقافة الجماهير والفوضوية 


ميل يشارك توكيفيل اهتمامه «بالطفيان على العقل» و «تنامي فقدان 
الفرد لأهميته في مواجهة الجماهير»: لكن هذاء بييساطة. ليس بسيب 
الديموق راطية... «إن كل الآثار الشقافية التي ينسبها توكيفيل إلى 
الديموقراطية إنما تحدث في ظل ديموقراطية الطبقة الوسطى...,['5), 

وما زالت كتابات آرنولدء مثل كتابات ميل مترددة الصدى. إن النقد 
الديموقراطي للثقافة الديموقراطية يكتسب مزيدا من الأهمية مع انهيار 
الراديكالية. واعتراضاته على تمجيد ثقافة الجماهير باسم النسبية 
والحرية إنما تتحدث إلى الحاضر. وقد أثبت «أن ثمة لونا من النظرية 
الفلسفية ينتشر بيننا على نطاق واسع:؛ يؤدي إلى أنه ليس هناك ما يمكن 
أن د يعد ذاتا أفضل أو عقلا أرجح.. 6 وبالتالي؛ فإن علينا أن نتقيل 
«التهدد اللانهائي للأفكار». وأن نوقن بأن الحكمة تتمثل في «الأخن 
والعطاء الدائمين» دون حكم بأن هذا مخطيّ وذاك مصيب. وعند آرنولد 
فإن «أعظم من يُرَوجون لهذه الأفكار الفلسفية هي صحفنا...». معلنة 
بصوت عال أن إنجلترا تتمتع بحرية لا توازيها حرية؛ ويقتبس آرنولد عن 
«التايمز»: ملا جدوى بالنسبة لنا في أن نحاول أن نفرض على جيراننا 
الأشياء العديدة التي نحبها وتلك التي لا نحبهاء يجب أن نأخن الأمور على 
ما هي عليه؛ فلكل شخص رؤيته الصغيرة الخاصة...(3). 

ولم يتقبل آرنولد هذا التخلي الثقافي الذي يشكل التعددية؛ وهي التي 
توجداليوم في كل مكان. كذلك فهو لا يوافق على ما يعتقده الكثيرون - عن 
خطأ ‏ بأن عكس التعددية هو الشمولية أو النخبوية. يعتقد آرنولد - 
بالأحرى ‏ أن بوسع كل فرد ‏ في ظل الديموقراطية ‏ أن يكون جزءا من 
النخبة. وقد رفض الحل الخاص أو الفرديء فالثقافة إما أن تكون عامة 
وإما لا تكون: 

«فالثقافة تتأدى بنا إلى إدراك أنه ليس ثمة اكتمال يمكن أن يوصف 
بأنه حقيقي ما لم يكن «عاما»؛ يضم كل رفاقنا الذين علينا أن نتعامل 
معهم. فهذا التعاطف وحده هو ما يربط الإنسانية معاء فنحن ‏ كما يقول 
لنا ديننا ‏ أعضاء في جسد واحدء إذا تألم عضوء تداعى له سائر 
الأعضاء . والاكتمال الفردي يستحيل إذا لم يكن بقية أفراد النوع الإنساني 
مكتملين معنا.. 0 





نهاية اليوتوبيا 


قدم آرنولد شيئًا كان مفتقدا دائما هو النقد الديموقراطي للثقافة 
الديموقراطية. وتناول عمله يشير إلى ضمور الفكر السياسي الراهن. 
فخلا المحافظون ولا الراديكاليون بقادرين على التمسك بمفكر لا يتلاعم 
ا مع التصنيفات المعاصرة. فالمحافظون يتجنبون الول حيث 
جد الدولة والتعليم العام والمساواة الاجتماعية, وحيث يهاجم السوق 
بضراوة. أما الليبراليون واليساريون فهم لا يرون سوى النخبوية في 
هجومه على الفردية ومعاداة الثقاقة والتقدم حولم )15[تطم, ولم يعودوا 
يستمتعون بنقد ثقافة الجماهير. برغم ذلك كله. فإن النخبويين 
القدامى مثل آرنولد وماكدونالد أبقوا على حياة رؤية للتحرر يخمدها 
النقاد الجدد باسم التاس. 








4 


المشقفون: من اليوتوبيا 
إلى انحسار الببصر 


من المثقفون؟ إذا نحن عرّفناهم ‏ ببساطة ‏ 
بأنهم المتعلمونء فإن المثقفين كانوا موجودين من 
آلاف السنين ككهنة وكتية وتُسساح. وسيظلون 
كمعلمين وأخصائيين وفنيين. كتب مراقب 
باريسي من القرن الثالث امك عل هن 
الأدوات التي يحتاج إليها الكُتّاب: : «كتب: طاوئة 
للقراءة والكتابة. مصباح مسائي يوقد بالزيت, 
ممحداق: مشعكاف دواة مليكة بالسين ريشة 
للكتابة؛ قلم رصاص؛ مسطرة لتحديد السطورء 
ماكتاة مقرعة مقعد» سيورة حجر م الحعاف 
مع ممحاةء طباشير...». اقتبس المؤرخ جاك 
لوجوف هذا الوصف في دراسته عن «المثقفين 
في العصور الوسطى». وحسبما يقول به 
لوجوفء فإن المثقفين قد نشأوا في مدن القرن 
الثاني عشرا'). 

على أي حالء فإن التعريف الواسع قد يكون 


مضللا. وقد لا تكون المسألة هي المدة التي 


أنقضت منن وجود الكتبة والمدرسينء. بل هي 
متى التأموا كجماعة واكتسبوا الوعي بذاتهم» 





تهاية اليوتوبيا 


واسما دالا عليهمء وهذا تطور حديث نسييا. في دراسة من «المثقفين» 
في العصور القديمة؛ يقر بول زانكرء وهو أستاذ متخصص في الآثار 
الكلاسيكية؛ «بأنهم لم يكونوا موجودين كوحدة معترف بها». لم يعترف 
الإغريق ولا الرومان «بالمثقفين» كجماعة محددة داخل المجتمع...("). 
لقد ظهر المصطلح والجماعة معا في وقت أكثر حداثة: أواخر القرن 
التاسع عشر في أوروبا وروسياء وفيهما معا أخذ المثقفون هيثئة 
المنشقين والثوريين. 

والتجرية الروسية ملهمة ومضيئة: إنها لم تقدم الاسم فقط 
«الإنتلجنسيا 515أدع1[18أء]10ف»ء بل مناقشات مكثفة ومتوهجة كذلك., فذقد 
لعبت الإنتلجنسيا ‏ نقادا وروائيين وثوريين ‏ دورا ركيسا طوال القرن 
التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ونبذة من التاريخ مفيدة هنا: ففي 
يقظطة ثورة 11+60: ظهرت مجموعة من المقالات عن المثقفين وبأقلام 
المثقفين عنوانها «معالم الطريق» ولقيت نجاحا كبيرا . 

ويكلمات محررها فإنها كانت تسعى لأن «تقول لإنتلجنسيا الحقيقة 
المرة عن ذاتها....1" وقد تصارع المشاركون حول معنى الإنتاجنسيا 
ودورها . بيكر ستروفه الماركسي الليبرالي أو «الشرعي» يلاحظ أن لهذا 
التعبير استخدامات متعددة, وهو لا ينوي أن يدمج الإنتلجنسيا و«طبقة 
المتعلمين», وإذا فعل هذا فإن «الإنتلجنسيا كانت موجودة في روسيا منن 
زمن بعيد» ولم تكن «تمثل شيئا متميزا...»: الآمر؛ بالأحرى؛ عند ستروف 
إن الإنتلجنسيا الروسية قد ميزت نفسها «بقوتها الأيديولوجية 
والسياسية» و«باغترابها عن الدولة وعدائها لها...» كذلك «بإسقاطها 
الدين». هذه الخصائص ظهرت على سطح انجذاب الإنتلجنسيا نحو 
الفوضوية والاشتراكية!"). 

وقد يكون هذا تبسيطا للأمور في روسيا وفي فرنسا حيث ظهر 
تعبير «المشقفين» في أثناء قضية دريفوسء وقد بدوا نقادا للدولة 
والمجتمعء وكانوا في أغليهم اشتراكيين وماركسيين. وقد رُويت قصة 
ظهور المثقفين في أثناء قضية دريفوس مرارا. لقد ظهر «الشاهد 
الكلاسيكي» للمثقفين ضفي خطاب إميل زولا المفتوح «إني أَنّهِم...» الذي 
كان يطالب بالعدالة والحقيقة؛ وقد اختتم بسلسلة من الاتهامات الموجهة 





من اليوتوييا إلى انحسار اليصر 


ضد الدولة وعملائها: «إنني أتهم الجترال ميرسييه... أتهم خبراء 
الخطوط الثلاثة... أتهم وزارة الحرب... أتهم المجلس العسكري 
العالي... ليست لدي سوى رغبة واحدة: أن أرى النور... باسم الإنسانية 
التي عانت ولها الحق في السعادة...,("). 

ويوجز إريك كام: أحد مؤرخي القضية: 

«شهدت القضية؛ إذن؛ مولد الفكرة الجديدة للمثقف الملتزم كعضو في 
جماعة, تتكون من الكتاب والفنانين وكل المشتفلين بالثقافة... إن المثقف 
الملتزم يقع خارج أبنية السلطة في المجتمع: ويعبر عن رأيه باسم مبادئ 
أخلاقية أو ثقافية عليا... دون اعتبار للحقائق الرسمية...(1). 

وورث اليسار هذه الفكرة عن المأقف؛ ومن حيث المبدأ فقد تعاطف 
ودعم المثقفين؛ والمنشقين المستقلين الذين يدعون إلى مفهومات عالمية. 
على أن التاريخ لم يكن رحيما بهذا النموذج. فخلال القرن العشرين هاجر 
المثقفون إلى المؤسسات ليصبحوا اختصاصيين ومهنيين: وفي الوقت ذاته 
تحولوا إلى التشكك في تلك المفهومات العالمية من حيث هي غير علمية أو 
من حيث هي قاهرة. ويتساءل برنارد هنري ليفي عما إذا كنا ستجد مثل 
هذا التعريف في قواميس المستقبل (الفرنسية): «مثقف: اسم مذكرء 
مقولة اجتماعية وثقافية؛ ولد في باريس في أثناء قضية دريفوسء ومات 
في باريس نهاية القرن العشرين....("). 

ويرتبط مصير الرؤية اليوتوبية بمصير المثقفين: فإذا كانت اليوتوييا 
قد وجدت مأوى؛ فلم يكن إلا وسط المفكرين الأحرار رواد المقاهي. 
وبالقدر الذي لا يعود هؤلاء موجودين: تذوي الرؤية اليوتوبية. والحقيقة 
أن هذا موضوع مثقل بالأسطورة والأسئلة. فهل حدث حقا أن تجمّع 
المثقفون في المقاهي؟ وهل انطبع هذا المحيط على فكرهم وكتابتهم؟ وهل 
ثمة انجذاب بين اليوتوبيا والمثقفين المستقلين؟ وإذا كان المثقفون قد 
فوضوا خيامهم ورحلوا من مأواهم القديم إلى الندوات وغرف الموؤّتمرات. 
هما الأرياح وما الخسائر؟ 

أحد جوانب هذا التحول يضيء كسوف اليوتوبية بين المثقفين. وتسجل 
اللغة والفكر الشروط الخاصة لهذا الحمل. لا أحد يستطيع أن يتجاوز 
التاريخ. فأن تعيش في القرن الثامن عشرء كاتبا مستقلاء تعمل على إنتاج 


2 


د 
325 


تهاية اليوتوبيا 


مشروعاتكء فأنت تؤثر في اللغة والفكر على نحو من الأنحاء. وأن تعيش 
هن الشرن العشرين: في وظيفة أسكاة جامفي: تعمل على إعداد 
محاضراتك. وأوراقك التي تتقدم بها إلى المؤتمرات. فأنت تؤثر في اللغة 
والفكر على نحو آخر. في كتابه عن صامويل جونسون ودحياة الكتابة» 
يعدد بول فوسل الأنواع العدة التي أنجزها هذا الناقد من القرن الثامن 
عشر. وتحوي قاموسا وتراجيديات ومقالات وكتب رحلات وشهعرا 
ومواعظ. ولكي تحذو حذو جونسون اليوم فتبدأ عملك الأدبي بقصيدة 
قصصية أو كتاب رحلات فهذا يعني أنك «لن تبدآ عملا أدبيا على 
الإطلاق... فالحقيقة أن طموحات الفرد إلى الحرية ليست هي المهمة, 
فالكاتب. أساساء يكتب ما يكتبه الآخرون..(0), 

وقد يكون فوسل على صوابء ولكن ليس التماثل مع الموضة أو 
التوقعات فقط هو ما يحدد النوع؛ بل المؤوسسات والسوق وأشكال أوقات 
الفراغ وشروط العمل كلها أيضا تحدد الإمكانات: فهي التي تغذي المقالة 
الشفافة أو الكتاب المعتم. كما أن مادة النثر نفسها تتغير من مقالات 
جوزيف أديسون في القرن الثامن عشر إلى الدراسات الموجزة التي يعدها 
الأساتذة في القرن العشرين. الأولى تنضح بانفتاح المقاهي وعدم 
رسميتهاء والثانية بتراتبية الجامعة وتكوينها. 

كتب أديسون في «هدف المشاهد»: «قيل عن سقراط إنه أنزل الفلسفة 
من السماء وأسكنها بين الناسء ولدي طموح لأن أقول الشيء ذاته عن 
نفسيء فقد أخرجت الفلسفة من المعازل والمكتبات والمدارس والجامعات, 
وأسكنتها النوادي والجمعيات وموائد الشاي والمقاهي...1'). اليوم: لم 
يتغير الطموح وحده؛ بل ربما إيقاع اللغة ونسيج الفكر أيضاء ضالكتابة 
الأكاديمية الراهنة غالبا ما تزعم أنها حققت جسسارة وحداثة غير 
مسبوقتين, لكنها تنم في العادة عن إذعان وانعزال: إلى جانب شبكة 
متداخلة من المقدمات والكليشيهات. وثمة نقد حديث لأقسام اللغة 
الإنجليزية وما يسودها من رطانة واحترافية. تحمل عنوانا ملاكما تماما: 
«موت أديسون وستيل...»[" 0 

ولم يكن أديسون ولا جونسون يوتوبياء ولا يمكن القول بأن نصاعة 
الفكر واليوتوييا مرتبطتان: على نحو مباشر على الأقل. وعلى سبيل 





من اليوتوبيا إلى اتحسار اليصر 


المثال فإن كتابات شارل ضورييه؛ اليوتوبي الباهر والمحلّقء كانت غائبا ما 
تربك قزاية .على أن كثيرا من رسائله كانت محلقة: وثمة روح من التحرر 
لا تَبَاوَى تفعم عمله بالحياة. وربما كان التفكير اليوتوبي يتطلب مساحة 
تصورية أو واقعية و فورييه ‏ الخارجي الدائم والأبدي ‏ كان له فيض وافر 
منها. يكتب صاحب سيرته: «منذ بدايته؛. كرجل منعزل عاكف على تعليم 
نفسه بنفسه لا يعترف به أحدء حتى سنواته الأخيرة, كمرتاد غريب 
للمقاهي وقاعات المطالعة في «الباليه رويال»: كان يعاني عناءً عظيما كي 
يفصل نفسه عن الأفكار السائدة والمفكرين السائدين.. الا 

دون وجود المثقفين؛ أو في وجود مثقفين أعيدت صياغتهم. تخبو 
اليوتوبيا وتذوي. واليوتوبيا هنا لا تعني فقط رؤية مجتمع المستقيل؛ بل 
تعني رؤية صاضية بسيطة: وقدرة» ريما رغبة: على استخدام مفهومات 
رحبة لرؤية الواقع وإمكاناته رق تكون مساحة التنفس العقلي ضرورة 
لتعزيز خطوط النظرء وكما تمتص البيروقراطية الحياة الثقافية؛ فإن 
الخطوط تنكسر إلى مجالات وأقسام: ومن ثم تتقلص رؤية وكتابة 
المثقفين؛ ويتحول الفكر والنثر إلى الضيق والالتواء. وباسم التقدم: يتراجع 
المثقفون إلى مفهومات أضيق ومجالات أصغرء ويترفعون عن وضوح 
الفكر. الذي هو صنو النور والاستنارة. 

كتابان صدرا أواخر المشرينيات يدلان على تحول في التزام 
المثققين: كتاب جوليان بندا «خيانة المثقفين»؛ وكتاب كارل مانهايم 
«الأيديولوجيا واليوتوبيا». كان بندا متعلقا بنموذج ثقافي في حالة 
كسوفء أما مانهايم فنموذجه في حالة صعود . كان بندا ‏ الذي كانت له 
مداخلة في قضية دريفوس - يطالب المأقفين بأن يظلوا على ولاء 
للأفكار العالمية عن الحقيقة والعدالة؛ وكان يرى أن هذه رسالة روحية. 
واتهم المأهفين «بالخيانة» إذا اقتصر ولاؤهم على أمة بعينها أو طبقة 
بعينها أو عنصر بعينه. إن هؤلاء المثقفين «شرعوا في تقوية رغبة الناس 
في الوعي بذواتهم كمتميزين عن الآخرين: وإعلان أي ميل نحو العالمية 
بامكبارة آميرا كديرا بالزرانة والامتقار .ا وكان يندا يشش أن 
المثقفين في تناولهم للأهواء السياسية قد يتسبيون في «الذبح المنظم 
للأمم أو الطبقات...50). 





نهاية اليوتوبيا 


إن الخيانة التي استبصر بسدا الحديث عنهاء والتيى استدعت 
فلاسفة التنويرء يمكن رؤيتها من حيث إنها تلخص تراثا في سبيله إلى 
النهاية. إنه لم يقتبس عن فولتيرء وكان يجب أن يفعل. فأهل الأدب ‏ 
كما كتب فولتير ‏ «كتاب معزولون»»: لم يحدث «أن تجادلوا على مقاعد 
في الجامعة؛ أو قالوا أنصاف الحقائق في الأكاديميات. وكانو | كلهم 

من المضطهدين...»: وأضاف: إنك لو كتبت قصائد تتغنى فيها 

بالملك «فسوف تسُتقبل استقبالا حسناء أما لو حاولت أن تنوّر الثاس. 
فسوف تسسحق...!"'). أو كان بوسع بندا أن يقتبس عن اليوتوبي 
العظيم كوندورسيه الذي مجد «تلك الطبقة من الناس» التي تكرس 
أنفسها «لتعقب صور التعصب في أماكن اختفائهاء حيث الكهنة 
والمدارس والحكومات وكل المؤسسات التي أقيمت منن أمد طويل؛ قد 
جمعتها وهي تحميها...». هؤلاء الذين أطلقوا «صيحة الحرب: العقل,» 
التسامحء الإنسانية!؟'). 

وإذا كان كتاب بندا قد سجل انقضاء نمط ثقافي؛ فإن كتاب مانهايم 
جاء يبششر بالنوع | الجديد: المحترف فيما وراء الأيديولوجيات واليوتوبيات. 
إن مانهايم لم يقتنص هذا التحول إلى مثقف ما بعد اليوتوبيا في كتاباته 
فقطه بل إن حياته الخاصة أيضا عبرت عن هذه التحولات التي احتفل 
بها وتحسر عليها معا. كان ينتمي إلى جيل من الفلاسفة والشعراء 
والماركسيين في المجرء. مثل جورج لوكاتش وآرنولد هاوزر, الذين تجمعوا 
في بودابست مع نهاية الحرب العالمية الأولى: ٠‏ يبحثون عن «ثقافة جديدة» 
تعالج أدواء المجتمعل”'2. لم تنته بعد تلك الأيام العنيفة التي تفككت فيها 
الإمبراطوريات واندلعت الثورات . أصبح مانهايم لاجنًا مرتين: مرة من 
المجرء والثانية من المانياء وانتهت حياته العملية أستاذا للتعليم في جامعة 
لندن؛ يدعو الى التخطيط الديموقراطي!"). 

في «الأيديولوجيا واليوتوييا» تبرير الشكوك حول اليوتوييا التي 
أصبحت من ذلك الحين عملة متداولة. دعا مانهايم إلى اقتراب علمي من 
الأيديولوجيا والسياسة؛ وضيه أن كل المعرفة «موالية وخاصة».: وليس لأيها 
قوة فائقة لامتلاك الحقيقة: وقد قصر ال ماركسيون الأيديولوجيا على 
الآفكار التي يعارضونهاء مفترضين أن أفكارهم.: هم. هي الحقيقة. 





من اليوتوبيا إلى انحسار البصر 


مانهايم لا يستثني أي أفكار من لافتة الأيديولوجياء والمثقفون لم يعودوا 
مسؤولين عن البحث عما هو حقيقيء وما هو ليس كذلك؛ هم بالأحرى ‏ 
أصبحوا شكاكا محترفين: يبتعدون ‏ بالقدر نفسه ‏ عن الأيديولوجيا 
واليوتوبياء وضي النهاية لا يثقون بالعقل والحقيقة. 


كد عاد 


والقول بأن اليسار قد دعم المثقفين صراحة ودون تردد قول يجافي 
الحقيقة التاريخية؛ فقد كان ينظر إليهم ‏ غالبا باعتبارهم نخبويين 
ومتلاعبين ويوتوبيين. الفوضويون من باكونين في القرن التاسع عشر إلى 
شومسكي في القرن العشرين كانوا يتشككون في أن المثقفين يفتقدون 
الانضباط والغيرية والتواضع؛ وكلها صفات أساسية في العمل السياسي 
الجاد. ويرون أنهم نخبويون جائعون للساطة. ولا يكاد الماركسيون يختلفون 
كثيراء فقد كانوا ينظرون إلى المأقفين باعتبارهم متهربين: إن لم يكونوا 
متعاطفين بورجوازيين. 

ومع بداية القرن ظهر فوضوي بولندي ‏ روسي هو جان ماشاجسكي 
باعتقاد أنه اكتشف سبب الهزائم السياسية الحديثة؛ وهو المثقفون: يتطلع 
إليهم العمال كي يقودوهم, في حين أنهم يشكلون طبقة خاصة بهم 
ويطلبون السلطة لأنفسههم!"'). وقد طور ماشاجسكي ما يمكن أن نسميه 
نقدا ماركسيا للماركسية؛ فباسم الماركسية يسعى المأقفون إلى تحقيق 
مصالحهم الاقتصادية: إنهم قادة أقل ثورية: بقدر ما هم باحثون عن 
المناصب وتحقيق المصالح الخاصة. وفي احتفال العمال بعيد أول مايو 
٠‏ دعا ماشاج سكي العمال إلى «التخلي عن المشقفين» لأنهم 
يستخدمون حركة العمال للحصول على «وظائف سهلة» في الدولة!""). 

كان راديكاليا مغموراء لم تكد كتاباته تُترجم إلى غير الروسية (وقد 
نُشرت أساسا في سويسرا) على الرغم من ذلك فإن فكرة ماشاجسكي عن 
المثقفين وتكوينهم طبقتهم الخاصة لقيت رواجا مدهشاء وظلت تُدعم عبر 
العقود . وعند الكثيرين من الفوضويين واليساريين المنشقينء إن مقولة 
ماشاجسكي تفسر ما حدث للثورة الروسية: خطفها المثقفون. أما نقاد 
الستالينية من ليون تروتسكي إلى المنشق اليوغوسلافي ميلوفان دجيلاس 





نهاية اليوتوبيا 


فإنهم يرددون أصداء ماشاجسكيء ويقولون بأن المثقفين شكلوا جماعة 
جديدة من البيروقراطيين استولت على الدولة وألقت بالطيقة العاملة 
جانبا!'').وفئ أكثر صياغات هم المقولة تظرطا؛ كما تطوزت عند نضير 
أمريكي هو ماكس نوماد. فإن ماشاج سكي يضيء ما يحدث في كل 
المشروعات الثورية: إن المثقفين يتلاعبون به ويحولونه إلى أهدافهم الخاصة. 

إن نوماد. وهو شخصية هامشية في دوائر نيويورك اليسارية» يعي بأن 
مقولته هذه يمكن أن تكون «قمحا في طاحونة الرجعيين الذين يستمتعون 
بالحط من أقدار أولتك أصحاب الثقافة الرفيعة...»: وقد أبدى احتجاجه 
لأن أحد ا 0 واحدا من كتيه السابقة بأنته «رمح 2 بقوة 
نحو المثقفين...!' '), وأكد نوماد أنه يقف إلى جانب المتمردين والمعدمين, 

لكنه. وكما يحدث لكثيرين من الفوضويين؛ قادته شكوكه العميقة في 
المثقفين إلى المأزق» فأدان قراءه وجمهوره؛ واتهمهم بأنهم جائعون إلى 
السلطة ولا يمكن الوثوق بهم. وهو في كتابه «قاموس التشكك السياسي 
ودليل المتحررين من السحر» ا المثقف بأنه «سليل المداوي والكاهن أو 
الساحر. الذي أبدل العلم والأدب بهراء آبائه»: والمثقف إما أنه «شريك 
راض» عن السلطة؛ وإما حالم «بتتويجه الخاص على مقاعد السلطة 
ومقاصي الأذا و ا" 

وما تزال الشكوك الحادة حول المأقفين حية وفاعلة لدى معاصرين 
مثل ناعوم شومسكيء الذي يشير ماضيه السياسي إلى مشاركته في عالم 
ماشاجسكي ونوماد واليسار الفوضوي. إن شومسكي يدين الأحزاب 
الماركسية باعتيارها مجرد «جماعات من المثقفين...,("أ), ويلاحظ أحد 
اللفويين أن ثمة «عداء» ‏ «لأساب مفهومة» يفصل بين المشقفين 
والفوضويين... «فالفوضوية لا تقدم مكانة أو امتيازا أو سلطة للمثقفين, 
بل هيء في الحقيقة؛ تسعى إلى تدمير هذه المكانة...0"), 

وأكثر مقالات شومسكي ذيوعا مثل «مسؤولية المثقفين» و«الموضوعية 
والثقافة الليبرالية» ترسم خطوط خيانة المثقفين. والمجلد الذي يضم هذه 
المقالات ويحمل عنوان «السلطة الأمريكية والمشقفون الجدد» 169( 
ةا يحددها يدقة. وعنده فإن طادرين» هم مثقفون: أساتذة 
في الغالب؛ يعملون في خدمة السلطة الأمريكية. وعنده أيضا فالمثقفون لا 





من اليوتوييا إلى انحسار اليصر 


يمكنهم أن يتجنبوا «الموقف النتخبوي» في سعيهم «لإدارة» الملجتمع 
«والسيطرة عليه»2''. وخمة إدانة صريحة للمذقفين تتخلل كتاياته: وهو 
يشير إليهم باعتبارهم «تعاويذ بلا عقل لدعاية الدولة». ويشير إلى 
«معاييرهم المنحطة في الخطاب التعليمي...». ويقول إن المثقفين «نموذج 
لمن تم تلقينهم» وهم بالمعنى العميق ‏ أكثر الجماعات جهلا...0*'). 

ولم يكن الماركسيون أكثر كرما من الفوضويين:ء بل كانوا أيضا لا يثقو 
بالمثقفين باعتبارهم بورجوازيين متعاطفين ونخبويين يفتقدون العزم 
الصادق والالتزام. وفضي مقولة نموذجية. فإن أوجست بيبل: أحد قادة 
الاشتراكية الديموقراطية في ألمانيا نصح أعضاء حزيه بأن يلقوا نظرة 
فاحصة إلى كل رفيق في الحزب أما إن كان أكاديميا أو مثقفاء غلا تكفي 
نظرة واحدة؛ بل لابد من نظرتين أو ثلاث..(""), ١‏ 

في كتابه الحافل بالمعلومات عن المشقفين. وعنوانه الفرعي «تاريخ 
إهانة»» جمع دايتنر بيرنج: الأستاذ في فقه اللغة الألمانية, النعوت التي 
اعتاد الماركسيون إطلاقها على المشقفين: المرتعشون: الانتهازيون: 
الفردانيون, المتذبذبون؛ الخونة. خدم البورجوازية!"'". ويستعيد كثير من 
المثقفين الشكوك التي أثاروها داخل الأحزاب اليسارية. يذكر كريستوفر 
أشروود مقابلته لمسؤول شيوعي أل ماني في برلين : «هل أنت مهتم 
بحركتنا؟ وقاستتي عيناه للمرة الأولى. لا؛ لم يبد اندهاشاء لكنه وبالقدر 
نفسه؛ لم يستنكر. وفكر: مثقف بورجوازي شاب متحمس داخل حدود 
معينة؛ متعلم داخل حدود معينة... لا جدوى منه إلا في حدود صغيرة... 
واعشسة!:الشمل هن الأعمات 1 

ويستعيد ريتشارد رايتٍ تجريته مع الحزب الشيوعي في شيكاغو التي 
حدتت بعد عدة سنوات: «صدمت حين عرفت أنني, الذي لم يتجاوز المدرسة 
الملتوسطة؛ قد تم تصنيفي كمثقف. ما المثقف؟ إنه كان يعني ضمنا عدم 
الاعتماد عليه. بعدها يفترة أشار أحد الرفاق إلى أنه يجب أن يترك الحزب؛ 
وقال برزانة: «المثقفون لا يلائمون الحزب. يا رايت... إننا نحتفظ بتسجيل 
للمشكلات التي واجهناها مع المثقين في الماضيء وقٌّدر أن 1/11 منهم فقط 
هم الذين يستمرون في الحزب...»: ثم أضاف بلهجة منذرة بالسوء: «كان 
على الاتحاد السوفييتي أن يطلق النار على كثيرين من المثقفين....[*"). 


تهاية اليوتوبيا 


أو أن يعلقهم على المشانق. تبدأ رواية ميلان كونديرا «كتاب الضحك 
والنسيان». التي كُتبت بعد ذلك بعدة عقود في تشيكوساوفاكيا السوضييتية, 
بحدث تاريخي هو شنق نق قادة الشيوعيين التشيك. ويجد يطل كونديرا 
الرئيس نفسه متهما من جانب صديقة قديمة له بأنه كان يمارس الحب 
«مثل مثقف»: 

«وفي الرطاتة السياسية التي سادت آنذاك. كانت كلمة «المشقتف» 
تجديفا: كانت تعني شخصا أخفق في فهم الحياة. ومعزولا تماما عن 
الناس. وكل الشيوعيين الذين شنقوا وقتذاك على أيدي شيوعيين آخرين 
كانت هذه اللهنة معلقة فوق رؤوسهم. وعلى خلاف الناس الذين تثبت 
أقدامهم فوق الأرضء كان ب يفترض أنهم معلقون في الهواء. بمعنى من 
المعاني, إذن: فد كان عدلا أن 3 تسحب الأرض من تحتهمء مرة وللأبد؛ وأن 
يتركوا معلقين فوقها بقليل..(:0. 

حتى أنطونيو جرامشيء الذي يؤلهه الماركسيون؛ وبعض السبب في أنه 
واحد من القلة الذين كتبوا بتعاطف عن المثقفين (وبعض السبب في أنه 
مات في أحد سجون موسوليني): لا يختلف اختلافا أساسيا عن سواه من 
الماركسييد(١)‏ . كان يأمل في أن يحل محل المثقفين «التقليديين» للكنئيسة 
والأكاديمية نمطا جديدا من المثقف: «في العالم الحديث. فإن التعليم 
التقني؛ المرتبط ارتباطا وثيقا بالعمل الصناعي... لابد أن يضع الأساس 
لنمط جديد من المشقف...», هذا التمط الجديد لن يعرف عن طريق 
«البلاغة» ولكن «الإسها لصم الحياة العملية. من حيث هو مُصمم 
وبثّاء ومنظم و«محرّض دائم... 

فضلا عن ذلك. 9 خضوع المثقفين للحزب الثوري 
والطبقة العاملة يبقى أمرا أساسيا عند جرامشقي. وأكثر 
الأسكلة أهمية هو: دما الطابع الذي يتخذه الحزب السياسي إزاء 
مسألة المثقفين5»): وكانت إجايته هي : «إن الحزب السياسي هو 
بالتحديد ‏ الميكانيزم الذي يقوم بلحم المثقفين العضويين معا... وهو 
يقوم بهذه الوظيفة باعتماد كامل على وظيفته الأساسية. .011 وعي وكما 
يقول المؤرخ جون باتريك ديجنسي: «سواء أأسميتهم مثقفين أو موظفين 
كبارا (ماندرين) أو مؤلفين أو كتبة... فإن وصفات جرامشي تميل إلى 





من اليوتوييا إلى اتحسار اليصر 


أن تهبط بهم ليصبحوا أدوات للتنظيم والتحريض... كان جرامشي 
ينصح المثقفين بالامتزاج بالناس...,(”", 

وبطبيعة الحالء فإن اليسار يمتد فيتسع لأكثر من الفوضويين 
والماركسيين: وليست هناك صيغة واحدة تعبّر عن علاقته بالمثقفين... مرة 
ثانية» يمكن النظر إلى مانهايم باعتباره شخصية نموذجية؛ لقد رأى نفسه 
مدافعا عن المثقفين المستقلينء وهو كلاجيٌ كان يحس أنه بلا جذور 
ولا وطن. كتب: «إننا نريد أن نجد وطناء عالّماء لأننا نشعر بأنه لا مكان 
لنا في هذا العالم...(؟). وقد سعى مانهايم إلى تحويل عدم الاستقرار 
هذا إلى فضيلة؛ ومن ثم رفض وجهة النظر اليسارية المعيارية التي كانت 
تصف المثقفين بأنهم بورجوازيونء ولا كان يرى أنه يمكن اعتبارهم 
بين الطابقة العاملة. المثتقفونء بالأحرى: «متموضعون بين الطبقات». هم 
منفصلون غير متصلين أو «في طفو حر...0*). 

كتب مانهايم: «حتى الآن؛ فقد تم التركيز على الجانب السلبي 
«لانفصالء» المشقفين؛ بما يعني «عدم استقرارهم» وحاجتهم إلى 
التصميم: وقد حاول المثقفون أن ينأوا عن هذا الموقف المقلقل بأن 
يريطوا أنفسهم إلى طبقة أو حزب. وبالنسبة ليهودي مجري لاجن. 
فقد كان هذا الاستقلال فضيلة لا عائقاء فهو قد يتيح للمثقفين أن 
يروا «المشهد كاملا». وريما «أن يلعبوا دور الحراس في ليلة قد تكون 
من دونهم حالكة الظلمة...(1). ١‏ 

دفاع مانهايم عن المثقفين المستقلين عاد عليه بحنق اليسار واليمين 
معاء وتؤكد إحدى الدراسات عن مانهايم إنه «حرفياء لم يجد التأييد 
من أي مكان...,!"") عند الشيوعيين؛ اعثبرت أفكار مانهايم عن 
«الانقصال النسبي للمثقفين» ليست سوى «تبريرات بورجوازية» فجة: 
يادعاء أن الملشقفين لم يكونوا ممثلين «للطبقات الحاكمة 
المستغلة....(7"", وعند الاشتراكيين: فإن مانهايم لم يفهم أن المثقفين 
سيتجنبون تشردهم إذا هم تعاونوا مع تنظيم اشتراكي(؟'). أما عند 
المحافظينء فإن أفكار مانهايم تعد «تنويها على العدمية الأوروبية... 
وهي حالة عقلية سبق أن وصفها نيتشه في حديثه عن فتئة المثقفين 
الحديثة المقتلعة..,['*). 


938 


1 كوي 
د 
1 


[ « افا املظ 


بسسسرب 


نهاية اليوتوبيا 


0 


خمّت حدة العداء السياسي وبقي مانهايم مرجعا معروفا تُقتبس 
أقواله. لكن قلة فقط هي التي تابعت تحليله للمشقفين من حيث هم 
«منفصلون» ومكانهم «بين الطبقات» فلماذا؟ إن السبب قد لا يكون في 
المضمون السياسي قدر ما هو في الحقائق السوسيولوجية. ومنذ مانهايم: 
فإن التحولات البناتية التي تؤثر في المثقفين قد أصبحت من الوضوح 
بحيث لا ينكرها أحد . وإذا كان تحليل مانهايم «للطفو الحر» عند المثقفين 
بدا مثيرا للتساؤل أواخر العشرينيات» فإن ثمانين عاما تالية قد جلعته 
ييدو مستحيلا. فمثقففو اليوم يتزايد «اتصالهم» واندماجهم 
و«تمأسسهم و*) لم2 نا مم هن نا نم1 . .وقد يمكن النظر إلى مانهايم باعتباره 
منظّر المشقفين المستقلين: وإن لم يكن أولهم: وبعد مانهايم فإن الرؤية 
القديمة للمثقفين من حيث هم مستقلون ويلا جذورء قد أفسحت مكانها 
لرؤية المثقفين باعتبارهم معتمدين ومرتبطين. 

ولم يكن المحافظون أفضل في استقبالهم للمثقفين من أهل اليسار. 
والحقيقة أن تاريخ المثقفين مع المحافظين أشد إيجازا من تاريخ المثقفين 
مع اليساريين. قلة من المثقفين فقط هم الذين وحدوا أنفسهم بالاتجاه 
المحافظ؛ وهذه حقيقة مثبتة في الثقافة المعاصرة. فمئات الكتبء ريما 
آلاف الكتب, قد كُتبت عن المثقفين اليساريين أو الماركسيين أو أنصار المرأة 
والاشتراكيين: ولكن حفنة قليلة من الكتب فقط هي التي كُتبت عن 
المثقفين المحافظين. 

المثقفون المحافظون يتعلقون بالدين أو التراث أو الدولة من حيث هي 
إبداعات ذات جذدور تمتد إلى ما هو أعمق من العقّل. وعند حد معين 
يخلعون شارة الفكر والعقل ليلبسوا ثوب الكنيسة أو الدولة أو الأمة, أو قد 
يغامرون بإضعاف ولاءاتهم الخاصة. من ويليام ف. بكلي إلى ميشيل 
نوضاك ليس مدهشا أن يقود المثقفون الكاثوليك الحركة المحافظة في 
أمريكال''). وعند هؤلاء المثقفين يبدو المأقفون العلمانيون أرواحا خطرة 
مقتلعة من جذورهاء أفرادا غير ملتزمين. وبالتالي» ويصرف النظر عن 
حب الكتب أو التعليمء ضإن المشقفين المحافظين يُفذون. في الفالب, 
النزاعات المعادية للثقافة ويتهمون المثقفين بتخريب الثقافة والمجتمع. 


[ للد يتمأسس: قفمل منحوت من كلمة «مؤوسسة» ومعناه: ينتسم بطايع مؤسسي . 








من اليوتوييا إلى انحسار اليصر 


ويعد جول جونسون ممثلا لهذا النوع: هو مؤرخ وصحاضي له تأثير 
كبير وعقلية محافظة. وقد كتب كتابا عن المثقفين: عنوانه ‏ ببساطة ‏ 
«المشقفون» لابد من الحكم عليه بأنه متبجم. إنه يثبت قواكم طويلة 
بالفواتير التي لم تُدضع؛ والرفاق الذين لم يكونوا سعداء. وكل مظاهر سوء 
السلوك التي تشكل حياة المثقفين من روسو إلى جان بول سارتر. إن إيسن 
يقدم نفسه بوصفه راديكاليا وتقدمياء ولكن... هل تعرف (وهل يعنيك أن 
تعرف) أنه كان يحب النكد والمشاكسة حيا جماء وأنه كان يكره المآدب 
الطويلة خاصة إذا جاء مقعده إلى جوار سيدة مسنة من الداعيات إلى 
منح المرأة حق الانتخاب, وأنه كان يخاف الكلاب والأماكن المرتفعة؛ وأنه 
كان له ابن غير شرعيء وكان قلقا فيما يتعلق بالمال؟ 

عند جونسون:؛ فإن الاضطرابات الشخصية في حيوات المثقفين تكدّب 
آراءهم وكتاباتهم. وعلى هذا الأساسء؛ فإنه يحدد مرتبتهم بأنهم دون أي 
تجمع تخلقه المصادفة وحدها بين الناس: هذه بعض نتائجه. 

«إن دستة من الناس يُلتقطون بطريقة عشوائية من الشارع؛ هم أميل إلى 
أن يقدموا وجهات نظر معقولة حول قضايا أخلاقية وسياسية مثلما يفعل 
قطاع عرضي من المثقفين. لكنني سأمضي إلى أبعد... إن أحد الدروس 
الأساسية لعصرنا المأساوي هذا هو: احذرٌ المثقفين. إنهم يجب ألا يبعدوا عن 
روافع السلطة فقطء بل يجب أن يبقوا موضوع تشكك خاص كذلك...,*), 


نيا تنا تن 


وعلى الرغم من أنها لم تكد تلقى الدعم من اليسار واليمين إلا أن 
الصورة الكلاسيكية للمثقفين المعزولين المتمسكين يأفكار عالمية. قد 
ألهمت أرواحا لا عد لها عبر القرون؛ وما زالت تلقى الاستجابة؛ اليوم 
شحبت هذه الصورة على أي حال. فال معايير العالمية تتزايد معارضتها 
باعتبارها أداة للغرب الإمبريالي: ومتطلبات الاحتراف تعيد تحديد 
الاهتمامات الثقافية. ومن المؤكد أن ثمة مثقفين كثيرين ما يزالون يرون 
أنفسهم في الموقف الكلاسيكي: خوارج محاصرين يواجهون دولة أو 
كنيسة قاهرة. وفي يعض أجزاء من العالمء تعكس هذه الصورة عن 
الذات الحقيقة؛ خفي الجزائر المعاصرة أن تكون مثقفا هذا يعني أنك في 





نهاية اليوتوبيا 


سبيلك إلى الاغتيال[”*. أما في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية فإن 
الموقف مختلف كل الاختلافء. فالمثقفون ليسوا خطرا ولا يواجهون 
خطرا. قلة من المحافظين فقط هم الذين يستمرون في هجاء المثقفين 
باعتبارهم مخربينء آما في المجرى الرئيسي فلا يكاد المثقفون يبدون 
ثوريين لا هامشيين. 

إن صورة المثقف السخيف الأحمقء أو الأستاذ شارد العقل:. وعلى صلة 
بهما الكاتب المعزول عديم الجدوى؛ كلها قد اختفت من الميثولوجيا 
الشعبية. لماذا5 ريما لأنها تفتقد الدقة أو الرنين: فالسخرية في حاجة إلى 
أن تعزف على وتر الواقع: والمثقفون اليوم لم يعودوا يصورون باعتبارهم 
خارجيين لهم طنين قدر ما هم داخليون على لطف ورقة. ٠‏ وحين يصور 
المثقفون على نحو كاريكاتوري كما في روايات ديفيد لودج؛ فهم يقدمون 
في صورة العاملين والموظفين الذين لا يخلون من دهاء ومخادعة؛ وتنشر 
مجلة النيويورك تايمز قطاعا حول أساتذة محلقين عاليا: من حيث خزائن 
ثيابهم ومرتباتهم ونجاحاتهمء نوع من الصحافة لم يكن متصورا قبل 
خمسة وسيبعين عاما مضت. 

وألاّ يحصل معظم المثقفين على مرتبات ضخمة أو يعينوا في وظاكف 
دسمة ليست هي المسألة. فخلال الخمسين سنة الأخيرة حدث تحول 
حاسم في مكانة المثقفين. وكتاب ريتشارد هوضستارد «معاداة الثقافة في 
الحياة الأمريكية» الصادر في 1575: يما فيه من مسح مضطرب 
للمثقفين؛ يمكن النظر إليه اليوم باعتباره واحدا من كتب الخمسينيات. إن 
الهزيمة القاسية التي أوقعها أيزنهاور بستيفنسون في انتهابين رئاسيّين, 
والظل المتطاول للمكارثية: كانت وراء هذه الدراسة. ولأنه أحس بوجود 
نزعة أمريكية عميقة معادية للثقافة. قدم هوفستادر «صورا» عدة كدليل: 
فافتيس وصفا نشرته إحدى المجلات لواحد من «ذوي الثقافة العالية»» من 
حيث هو «شخص لديه ادعاءات ثقافية زائفة... هو غالبا أستاذ 
جامصعي... نصير عقائدي لاشتراكية وسط أورويا... لص واع ر 
بذاته.. 6 . وأضاف هوفستادر آراء معلقين آخرين مثل ديفيد هما 
وناثان جليزرء وكلها أجمعت على أن أمريكا بوجه عامء والمكارثية بوجه 
خاصء قد أفرزت نزعة سامة معادية لاثقافة(**). 





من اليوتوبيا إلى انحسار اليصر 


حتى وهو يكتب كتابه أيقن هوفستادر أن شيئًا ما يتغير. في 1101 
نشرت مجلة «تايم» موضوع الفلاف لتعلن أن ثمة روحا جديدة تتخلل 
الأمة. فأمريكا تحتضن المثقفين. تساءلت «تايم»: «ماذا يعني أن تكون 
مثقفا في الولايات المتحدةة... هل هو حقا هذا الشخص فى مأزق 
من ..: السقيقة مباحي الاين ».:والفسافة الرشيهة :- والافين 
القاسية... والعقل الشارد... الذي يحس بأنه مغترب في بلدهة...», 
وحسبما قالت «التايم» فإن جاك بارزون: الكاتب والأستاذ في جامعة 
كولومبيا يمثل نوعا جديدا... «حشد متنام من رجال الفكر الذين لا 
يستحقون احترام الأمة فقط: بل هم جديرون بالتهنئة كذلنك...«(41), 

ثم جاءت صدمة القمر الصتاعي السوفييتي في 1501., وبدء رئاسة 
كنيدي في 151١‏ ليضاعفا من هذا الاحترام. ومع أوائل الستينيات أصبح 
المثقفون محل ترحيب:؛ ومحل تكريم في بعض الأحيان؛ على أعلى 
مستويات الحكومة. ويشير عنوان كتاب ديفيد هولبرستام عن سنوات 
كنيدي «الأفضل والأكثر بريقا» ‏ في جانب منه ‏ إلى زيدة المثقفين التي 
طارت نحو واشنطن... «إن سلالة جديدة من المثقفين الفاعلين. نصف 
للأكاديمية. ونصف لعقل الأمة» توجهت نحو العاصمة. رجال مثل مائي 
جورج بانديء الذي تلقى تعليمه في جامعتي جروتون و ييل» وقام 
بالتدريس في جامعة هارفاردل”*). لقد ارتفعت قيم المعرفة والتعليم 
والتدريب ارتفاعا دراميا... «وأصبح المثقفون يلقون المزيد من الترحيب 
والقبول: ومزيدا من المناصب المرضية؛ على نحو من الأنحاء...». كما يقرر 
هوفستادر في خاتمة كتابيلة:). 

وقد احتفى معظم المثقفين بهذا التفير. لكن بعضهم تظاهر بالاستياء. 
زاعمين هامشية ليست لهم. ولكي نضع الأمر بصراحة أكثر: حين كان 
المثتقفون خارجيين كانوا يودون أن يكونوا داخليين» والآن حين أصبحوا داخليين 
راحوا يزعمون أنهم خارجيون؛ وهذا زعم لا يتحقق إلا لو تحولت الهامشية 
إلى وضع؛ هذه ليست القصة كلهاء قد تكون نصفها فقطء النصف الثاني هو 
الإقرار. وريما الاحتفاء أيضاء بمكانتهم الجديدة في الداخل من حيث هي 
عمل احتراضي. هاتان استجابتان لذات العملية: وهما معا تشيران إلى كسوف 
حقيقة قديمة ‏ كان بعضها خرافيا دون شك هي المثقف المستقل. 





تهاية اليوتوييا 


وتراث الدراسات المتراكم يعكس هذا التحول ويقوم بتحليله. ضفي 
العقود الأخيرة - وبتعميم غير دقيق - تزايدت الدراسات التي تقوم بتحليل 
وضع المثقفين من حيث هم جماعة مهنية ذات مصالح مهنية. وعلى سبيل 
المثال»ء ثمة كتاب جديد عن المثقفين يصل إلى نتيجة أنهم انتقلوا «من 
هوامش المجتمع إلى وضع أكثر مركزية فيه», إن مجال معرفة المثقفين 
«تزايدء أكثر وأكشرء طابعه المؤسسي والمهني والتجاري...»0'”). ويذكر 
محرر أحد الكتب عن المثقفين: «يبدو أن الجميع يوافقون على أن المثقفين 
اليوم أصبحوا مرتبطين بأوضاع المؤسسات كما لم يحدث من قبل....**) 
وتختتم دراسة أخرى بالقول إن المجتمع اليوم أصبح يتطلب «إنتا 
بالجملة لمهنيين مدربين تدريبا أكاديميا..(01), 

ويعد كتاب بيير بورديو بعنوان «الإنسان الأكاديمي» إشارة إلى هذا 
التفير. فهو. من عنوانه إلى مضمونه؛ يصور كيف أن دراسة المثقفين 
والأكاديميين قد أصبحت في ذاتها مجالاء أو مجالا فرعياء للبحث 
العلمي. فمكانة المثقفين ودورهم وتأثيرهم يمكن أن تكون موضوعات 
للتشريح والرسم البيادي ٠‏ ويقلب بورديو المواكد على المثقف الأكاديمي, 
وينصب الشرك ولاعصتف السامي» ضي شبكة التصنيف العلمي. ٠.‏ وبين 
الأدوات التي يستخدمها لإحكام الشّرك حول فريسته إعلانات الوفاة 
وعناوين البيوت؛ ومن هذه يستخلص هدف المثقفين أو ما يسميه 
رأسمالهم الثقافي. يكتب: إن النعي في الصحف المتخصصة يعد 
«وثائق من الدرجة الأولى» للكشف عن قيم الجماعة. إنه «الحكم 
الأخير الذي تصدره الجماعة على واحد من أعضائها الراحلين». فهل 
كان الأستاذ الراحل الذي تتوح عليه «أصيلاء و«واسع المعرفة» أم أنه 
كان مجرد «مجتهد »5 

ويناصب الكتاب العداء لتلك الرسوم البيانية العلمية التي تحمل 
عناوين مثل: «مساحة كليات الفنون والعلم الاجتماعي؛ تحليل التطابق؛ 
مستوى المحورين الأول والشاني للقصور الذاتي ‏ الأفراد»» «تصنيف (5), 
آلية التصنيف رقم (؟): من التصنيف الأكاديمى إلى التصنيف 
الاجتماعي»؛ «التحولات المورفولوجية في الكليات...»("*). والكتاب يوحي 
بأن المثقفين ‏ طائعين أو راغمين ‏ قد تمت مأسّستهم: وهم يشكلون 





من اليوتوبيا إلى اتحسار اليمصر 


موضوعا متماسكا بما يكفي لدراسة علماء الاجتماع ذوي التهيئة العلمية. 
وموضوع الدراسة:ء وهم المثقفون: قد أصبحوا هدفا("©). 

وقد أراد بندا من المثقفين المستقلين أن يدافعوا عن قيم عالمية. 
ولا شيء أقل احتمالا أو أقل اتفاقا مع المودة من هذا الطلب. فال مثقفون 
اليوم يضعون علامة استفهام أو يطرحون التساؤلات حول أي إشارة لقيم 
عالمية ضهي تثير شكوكهمء ويميل المثقفون المعارضون نحو تثمين ما هو 
خاص ومحليء ويفضلون استخدام كلمات 0 «الاختلاف» لتشير إلى ما 
هو متميز وليس إلى ما هو عام؛ وهم لا يثقون بما هو «وراء السرد» مثل 
الحرية والمساواةء أما دعوة زولا إلى 0 وحقها في السعادة فهي 
تنتمي إلى ماض منبوذ . 

والمسألة» على نحو ما صاغها جان فرانسوا ليوتارء إن الملأقفين 
التقليديين كانوا يدعون إلى «موضوع عالمي»» أما اليوم فإن المثقفين لم 
يعودوا قادرين على التدخل في الشؤون العامة باسم العالمية, والإمكانات 
المتاحة هيء. فقط «محلية» و«دفاعية» نا ٠‏ ويقرر عالم الاجتماع محمد 
صيور: «إن نوع المثقفين العالميين قد أصبح نادرا أوهوء في حقيقة الأمرء 
قد انقرض..**) ٠‏ ويكتب المنظّر السياسي جيريمي جنينجز: «إن المثقف 
«العالمي» أو «المتنبئ» على طريقة سارتر قد تلاشى تماما ,)07(٠..‏ 

ويبدو الكليشيه القائتل بأن اليسار واليمين يتقاربان صحيحاء فكل 
الأحزاب تتشارك في مقتها الشديد لافكر اليوتوبي والمفهومات العالمية, 
على الرغم من أن وراء كل منها منطقا مختلفا. فإحدى مدارس الفكر 
المحافظ كانت دائما تعارض التجريدات التي وَلّدها فلاسفة التنوير 
والثورة الفرنسية ‏ الحديث عن الحقوق والمساواة ‏ وتضع في مكانها 
الولاء لتقاليد وممارسات خاصة. وقريبا جدا بلغ المثقفون اليساريون 
الموضع ذاته: إنهم يبالغون في إطراء ما هو متميز ومتفرد. وفطي شجب 
الميتافيزيقا والنظريات التي تمضي إلى ما وراء الخطاب المباشر 
والشروط المباشرة: وكلا اليسار واليمين يبعث الحياة في أفكار ملتبسة 
عن المحلية والوطنية. 

وعلى الرغم من أنه يجب الاعتراف بالحقائق المؤوسسية الجديدة 
للحياة الثقافية؛ إلا أن هذا لا يعني إطراءها. لا نتفجع من أجلهاء لكن 





نهاية انيوتوبيا 


تفهم الخسائر والأرياح أمر ضروري. على أن مراقبين كثيرين يرون أن 
تحول المثقفين إلى مهنيين هو إقرار لفكرة التقدم»: وبطبيعة الحال فإن 
هؤلاء المراقبين هم أيضا موضوع المراقبة» إنهم لا يسجلون التغير ققط, 
لكنهم يودون ما يرون: أنفسهم. عند بروس روبنز أستاذ الإنجليزية في 
جنافية رتسدرن سدإن والنعط القديم اقل عيدارة بالففنة سن 
الناحية الأخلاقية...». والمثقفون المستقلون قد خَلّفهم مهنيون 
على شرعية أعظه7””). 
في كتابه «الماضي غير التام ‏ المثقفون الفرنسيون 1١974‏ 15105» 
يقدم توني جودت تقريرا ميتهجا لسقوط المثقفين الفرنسيين المستقلين 
أمثال جان بول سارتر. عنده. وهو أستاذ للتاريخ في جامعة نيويورك, 
فإن سارتر ورفاقه عانوا خيبات قاسية؛ ويعض التفسير كامن في حقيقة 
أنهم وجدوا خارج قيود المؤسسات. وهو يبتهج لسقوطهم. وإبدالهم 
بأساتذة هم مسؤولون أكثر ومفكرون أعظم مهارة. على خلاف الجيل 
الذي سبقهمء فإن الأساتذة خبراء يكتبون في صحف متخصصة لقراء 
متخصصين. لا في صحف عامة لمواطنين من أوساط الناس: 
«إن هذا يشجع على وجود قد رمن التواضع والاهتمام؛ نابع من 
االإحساس النموذجي للأستاذ بأن من عليه أن يقنعهم هم زملاؤه في 
الجامعة وليسوا العالم كله... وهذا يضع حدا فاصلا مع العقود 
السابقة» حين كانت كتابات مارلو وكامو وسارتروموتييه ومن إليهم, 
نصف متعلمة؛ وئيس قليلا أن تكون خاملة وجاهلة: ولا تستثيرمثل 
هذه الانتقادات... في المجتمع المدني لجماعة المثقفين اليوم: ضإن 
السوق يقوم بعمله بكفاءة معقولة... وإذا ترك المثقفون لوسائلهم 
الخاصة فإنهم يصبحون في الوضع الأفضل لاستعادة تأثيرهم المحلي» 
إذا استطاعوا الحصول على ترخيص بالقيمة المستمدة من الارتباط 
المؤوسسي والتقائيد المتضبطة؛ ومن ثم يصبح التوافق بين سقوط 
مثقفي الجمهور الواسع؛ وصعود الأساتذة: ليس مجرد تزامن..(00), 
في هذا التحليل فضيلة الصراحة والمباشرةء. ضهو يحتفى 
بالاحترافية والسوق؛ والتقاليد المنضبطة: والارتباط المؤسسى؛ من 
حيث إنها تعمل على تحسين ماهية الحياة الثقافية؛ التي يعتقد جُودت 





من اليوتوبيا إلى انحسار اليصر 


أنها كانت دائما كريهة وفاسدة!"”2. لكن ما يصدم ليس خفة هذا 
التحليل ‏ فالحياة الثقافية تصبح أفضل وأفضل - ولكن أن هذا الموقف 
مشترك ‏ بالتواءات مختلفة ‏ عند كل ألوان الطيف السياسي: أنصار 
المرأة وأنصار ما بعد البنيوية وأنصار التفكيكية وأنصار ما بعد 
الكولونيالية وسواهم.ء كلهم يبدون ابتهاجهم لسقوط المثقفين القدامى 
وصعود المحترفين الجدد. 

ومثل جودت: يقدم جوناثان كولر أستاذ الإنجليزية في جامعة كورنيل, 
حكاية سعيدة عن الاحترافية؛ وهو يعترض على «رواة الأزمة» الذين 
يوجهون اللوم إلى الاحترافية والأكاديمية؛ وهو يدافع عنهما بشجاعة: 
«إننا يجب أن نؤكد لا قيمة التخصص قطهء بل الاحترافية أيضاء ونوضح 
كيف أن الاحترافية هي التي تجعل الفكر ممكنا...». 

ويتحول كولر إلى كاتب على عينيه غشاوة حين يكتب عن فضائل 
التتخصصء فهو يؤدي إلى وجود «أعمال جادة فضي النقد أو الثقافة» لا 
تختلط و«مقالات الصحف» و«الأعمال التي تتوجه إلى جمهور الواسع» أو 
«التعليقات بشكل خاص»: كما أنه يؤدي إلى صدور أحكام متزنة 
وديموقراطية يقدمها الأنداد الأكفاء. ومن ثم «يقلل من تدخل النزوات أو 
المحاباة شي القرارات المهمة. هذا التقدم في الاحترافية ينقل السلطة من 
التراتبية الرأسية في المؤسسة ‏ التي تستخدم ناقدا ‏ إلى نظام أفقي 
في التقويم....('1). 

وينضم ميشيل وولزرء المنظّر السياسي ذو الميول اليسارية؛ بأنشودة 
تسبيح بأفضال الاحترافية: وأنه إِنْ لم يكن التمائل؛ فالنجاح الاجتماعي 
والتوافق. وهو يجد أن النقاد في العصر الحديث يزدهرون حين يكونون 
في الداخل: هذا سارتر كان يرأس تحرير أكثر الصحف تأثيرا في فرنسا 
بعد الحربء وفوكو ظل محتفظا بمقعده في «الكوليج دي فرانس» ذات 
الاحترام. ويكتب وولزر إن اعتبار أمثال هؤلاء خارجيين مغمورين أمر غير 
قابل للتصديق» ونقاد اليوم «ليسوا معادين ‏ بوجه خاص - للمجتمعات 
التي يعيشون فيهاء وليسوا مغتريين بوجه خاص عن هذه المجتمعات...», 
وهم يكتبون ما يسميه وولزر «نقدا في التيار العام». وهو مبتهج لهذاء 
«فالتيار العام هو الأفضل....(""2. 





نهاية اليوتوبيا 


وهو يضع النهاية للصورة التقليدية للمثقف من حيث هو هامشي 
مغترب, فالهامشية ليست «شرطا يؤدي إلى فقدان الاهتمام أو فقدان 
العاطفة أو انفتاح العقل أو الموضوعية». بالآحرى إن «النقد غير المرتبط» 
يميل نحو «التلاعب والمخادعة» التي يدعوها وولزرء بأدب «سياسات غير 
جذابة». وولزر؛ الذي قضى عمره عضوا في جمعية للأبحاث اسمها 
«معهد الدراسات المتقدمة» يجتمع أعضاؤها لغداء أسبوعي في برنستون, 
يقدم «نموذجا بديلا أفضل» للمثقف: عضو في ناد أو مؤسسة تعليمية... 
«هو القاضي المحليء الناقد المرتبط؛ الذي يحقق سلطته؛ أو يفشل في 
تحقيقهاء عن طريق النقاش مع رفاقه»؛ وكما لو كانت ثمة شكوك حول 
هذا البديل؛ يضيف وولزر: «إن هذا الناقد واحد مناء وهو كواحد منا ليس 
معاديا للمجتمع:؛ بل إنه يريد «للمؤسسات الاقتصادية والسياسية الكبرى 
أن تقوم بعملها على نحو أفضل....0؟"). 

وبميل أكثر نحو اليسارء يوافق أندرو روس الأستاذ بجامعة نيويورك, 
في كتابه «بلا احترام: المثقفون والثقافة الشعبية» يكتب أنه قد أصبح 
«واضجا» اليوم أن «عياءة المعارضة لم تعد مستقرة على أكتاف طليعة 
مستقلة؛ سواء من مشقفي النخبة ذوي الطابع العالمي... أو الهيبيين 
الرومانتيكيين الجدد ...», هي بالأحرى تعتمد على المثقفين «التقنيين» أو 
«المتخصصين». و«المحترطين ذوي الطابع الإنساني» الذين يمارسون «تأثيرا 
خاصاء» في مجالات «المعارضة داخل الأكاديمية». ويعتقد روس أنه حين 
«يعلن إنجازات هذه التخصصية الجديدة» فهو يناضل ضد «إجماع رجعي 
من اليسار واليمين كل منهما على ولاء لا ينحرف لروايته الخاصة 
للانهيار...!''. ما هذا «الإجماع الرجعي»5 إن روس يسبح مع التيار. 

على أن الصورة القديمة للمثقفين من حيث هم منشقون هامشيون 
يهاجمون الظلم لم تتلاش ببساطة: فكثيرون من هؤلاء الذين يطمرون هذه 
الصورة يتحولون ليعلنوا ببرود أنهم أنفسهم مثقفون مهمشون. عملياء إننا 
نستطيع أن نرسم خطا مستقيما بين فولتير وإدوارد سعيد الذي قدم في 
عمله الجديد «صور المثقف» فكرة متقدمة عن المثقف من حيث هو ناقد 
قابل للجرح من الخارج. يكتب: «المثقف شخص يتيح له مكانه أن يثير ‏ 
علنا - أسئلة مربكة؛ وأن يواجه الأرثوذكسية والجمود العقائدي... وأن 





من اليوتوبيا إلى اتحسار اليصر 


يبقى شخصا لا يمكن أن يتعاون بسهولة مع الحكومات والمؤسسات...»: ثم 
يؤكد أن المثقف «أمامه دائما فرصة أن يختار: إما أن يقف إلى جانب 
الضعفاء. الأقل تمثيلاء المنسيين والذين يتم تجاهلهم: وإما أن يقف إلى 
جانب الأكثر قوة». 
وثمة شيء مضطرب بشكل أساسي عن المثقفين الذين لا يملكون 
مناصب للدفاع عنهاء ولا أرضا ليوحدوها ويحرسوها.: إن السخرية 
بالذات عندهم أكثر شيوعا من التفاخر وامباهاة: والمباشرة أكثر من 
التردد والتلعثم. ولكن لا مراوغة في اليحقيضة التي لا يمكن الهرب 
منها: إن هذه الصورة للمتشفين لن نتجعلهم أصدقاء في مواقع علياء 
ولن تكسبهم التكريم الرسمي- إنه وضع قوامه التوحد....,(14). 
هذه صورة فاتتة. ولكن ما صلتها بالحقيقة6 لا تكريم؟ لا تردد وتلعثم؟ 
لا مناصب ولا أرضا للدفاع عنها؟ وضع التوحد ... أين5 ريما في مصر أو 
ألبانياء ولكن يصعب أن يوجد في الولايات المتحدة أو فرنسا. هل يمكننا 
القول بأن دريدا أو سعيد أو هنري لويس جيتس يعيشون حياة مغمورة أو 
مهمشة؟ الأقرب إلى الصحة أن نقول العكس. هم وسواهم من مثقفي 
المعارضة ‏ يشغلون وظائف متميزة في مؤّسسات كبرىء وهم يتلقون 
الجوائز والدعوات بانتظام: كما أنهم يتلقون أجورا ومكافآت مجزية. 
وكثيرون من المثقفين الكبارء مثل كورنيل وست وكاميل باجلياء يتعاملون مع 
الوكلاء الذين ينظمون لهم جداول أحاديثهم وأجورهم. فخما الذي يكشف 
عنه هذا في الحياة الثقافية اليوم؟ 
كسمة من سمات هذا الزمان ابتهاج ستانلي فيش لأن الحياة الثقافية 
تشهد على نحو متزايد تقليد الممارسات المشتركة في إقامة المؤتمرات 
والأسفار كحجر الزاوية في هذا المجال. «إن ازدهار التجوال (المؤتمرات) 
قد جلب معه مصادر جديدة لدخل إضافيء وفرصا متزايدة للسفر في 
الداخل والخارج: وعددا متناميا من الخشبات التي يستطيع المرء فوقها 
عرض مواهيه:؛ وزيادة ‏ بمتواليات هندسية في إتاحة ما يتوق إليه 
الأكاديميون: الاهتمام والإطراء والشهرة...». ومناط أسفه الوحيد5 لأن 
عطايا هذا التقليد المشترك ما زالت تقدم على نحو يعوزه الحماس, 
وتعويض الأساتذة عنه ما يزال قليلا(؟'). 





نهاية اليوتوييا 


على أنه لا يمكننا أن نؤكد نهاتيا ألا رابطة هناك بين النجاح المؤسسي 
والإسهام الثقاضي. فالرواتب الجيدة للوظائف الآمنة واللقاءات المريحة 
ليست هي الفيصل في اتصاف الأعمال بالأصالة أو العقم. كما أن الأجور 
التاقهة والوظائف غير الآمنة لا تكفلان بذاتهما وجود الفكرين الثوري 
والنقدي. والقول بأن خزانة اللحم الخاوية تولد الاستبصارء وأن الماكدة 
الحافلة لا يتولد عنها إلا التبريرات هو قول يفوح برائحة بيوريتانية 
متهاوية ومادية خشنة. ولو كانت المعاناة هي التي تؤدي إلى أعمال عبقرية 
لغرق العالم في الروائعء» ولو كان البؤس هو الذي يسبب التحول 
الاجتماعي لجاءت الجنة منذ زمن بعيد. 

إذا كنا بصدد الحكم على فرد واحدء أو عمل فني واحدء فقد تكون 
الملاحظات السوسيولوجية أُلّهِيّة, أما بصدد تقديم مسح لأنماط ثقاضية 
كبرى؛ فإن وضع العوامل الاقتصادية والاجتماعية العامة في الاعتبار قد 
يضيء التغيرات ونقاط التحول. وهنا من المناسب أن نتأمل في تأثير 
«المؤسساتية» ضي المثقفين. كيف تؤثر في طريقة المثقفينء في التفكير 
والنظر إلى العالم؟ ماذا يعني على سبيل المثالء زعم الكثيرين بأنهم 
مهمشون” وهل من الممكن أن تكون مهمشا وناجحا؟ مهمشا في وسط 
التيار الرئيسي؟ 

إذا كان التهميش يتضمن الإيمان بأفكار معارضة: أو لا تلقى الشعبية, 
إذن؛ فمن السهل تطبيقه؛ لكنه يفقد معناه. هو مثل «الاغتراب». مفهوم 
قانوني وفلسفي لكنه خاضع لعلم النفس. كان «الاغتراب» يوما يشير إلى 
العلاقة الاجتماعية والعمل» ويعني شرطا محدداء أما فيما بعد فقد تحول 
إلى ما يعني التوتر أو الضيقء؛ كأن يعلن أحدهم: «أنا مغترب»؛ وهو يعني: 
«أنا غير سعيدء أنا غير مرتاح», وكلمة «هامشي» أيضا مرت بذات العملية 
السيكولوجية: من مصطاح يعني شرطا موضوعيا إلى آخر يصف حالة 
فردية؛ لقد أصبحت كلمة ذات غمغمة مختلطة. 

فوكو ودريدا كلاهما مس هذه العملية مسمًا رقيقاء كلاهما حفر نفقا 
تحت الخط الفاصل بين الهامش والمركزء وكلاهما وضع الأساس 
لتعريفات ذاتية خالصة. وقد حدد فوكو مشروعه بأنه «محاولة انشر نوع 

من التوزع... التناثر. إنه محاولة إعمال نوع من إبطال المركزية لا تبقى 





من اليوتوبيا إلى إنحسار البصر 


معه للمركز أي مزية...(''). وإحدى مجموعات أعمال دريدا تحمل عنوان 
«هوامش الفلسفة» وهي تحاول «طمس الخط الذي يفصل النص عن 
هامشه المتضبط...». إن دريدا يريد أن يرغمنا على: 1 
٠لا‏ على أن نفكربالمنطق الكامل للهامش فحسب. بل أن نتتخن 
أيضا منحى فكريا مختلفا تماماء والذي هوء دون ريب أن نتذكر أنه 
فيما وراء النص الفلسفي. ليس ثمة هامش هو صفحة بيضاء خاوية 
احزام رول حش الكل نيع من ايتباقات التوير دون أ مرك اهم 
للمرجعية (كل شيء ؛«تاريخ». «سياسة» «اقتصاد »»«جنس» » إلى 
آخرما يقال إنه لا يكتب في الكتب) ,(" 0 
وعلى الرغم من أن فكر دريدا عَصي على التلخيص: إلا أن مضامينه 
واضحة: تلاشت الخطوط الفاصلة بين المركز والهقوامشن: إته نالف 
المقالة الأولى التي طُبعت في شكل عمود مواز لنصٍ هامشي آخر: دهل 
يمكن لهذا النص أن يصبح هامشا لهامش؟» وراء النّص توجد نصوص 
أخرى في «السياسة» و«الاقتصاد». في عالم يتكون من النصوصء؛ ليس 
ثمة نصوص مركزية. والمقلوب أيضا: إذا لم يكن ثمة مركزء فأي شيء هو 
هامشي لشيء آخر. 
هذا القول كالموسيقى تشدّف آذان أكاديميين كثيرين: الذين يزعمون 
غالبا بصرف النظر عن مدى رسوخهم أو تقديرهم ‏ أنهم مهمشون 
وأنهم ضحاياء يفتقدون التقدير والاحترام اللائقين. وهم يرون أنفسهم 
خارجيين يطلقون النار على المؤسسة. إنهم أشبه بموظفي الإدارة الذين 
يتجولون في المدينة في سيارات الجيب غالية الثمنء أو المحامين في 
المؤسسات الذين يستقلون الشاحنات الفاخرة التايعة للمؤّسسة, 
ويتخذون وضع الأرواح الباكسة القادمة من أعماق الريف: يهددون 
مقاعد السلطة:؛ وهم ينزلقون نحو الأماكن المخصصة لإيقاف سياراتهم 
طواعية ويهدوء. 
ويعتقد دريدا أنه هو نفسه ‏ خارجيء لكن الكثيرين يرونه أستاذا 
ناجحا يستثمر جيداء ومؤلفا يقتبس الآخرون منه بلا نهاية» وتٌناقش 
أفكاره ويحتفل به. على أي حالء فإن دريدا يعتبر أن عمله «لا يُعرض 
عرضا جيدا في أي مكان في الحاضر»: وهذا العمل في حاجة 





نهاية اليوتوبيا 


ل«وطن» مؤسسي أو تحريري ملائتم»: ويعتقد أنه كان محل هجوم 
كاسح. وأن هذا الهسجوم «ينطلق ضدي من أجل بلوغ عملي؛ وكل ما 
يرتبط بي....[4") 

وهذه د سبيفاك: أستاذة كرسي في جامعة كولومبياء ومترجمة 
دريداء ومتحدثة تلقى الحفاوة في المؤتمرات الأكاديمية, هي أيضا ترى 
نفسها «مهمشة». ودون أي حس بالسخرية تكتب عن «انفجار الدراسات 
عن الهامشية» في الجامعات الأمريكية ودورها فيها وعلق الرغم من 
تكاملها ممع صتاعة التهميشه إلا أتها هي ذاتها همشح عن :طريق 
وف تسمنة لمكيو" 

في إحدى المناسبات فاجأتها السخرية: أو على الأقل صعوبة الهامشية 
الناجحة: إنها تقتبس اقتراحا أدبيا عبر مكتبها يقول صاحبه إن الروايات 
العلميةالأمريكية هي «رواية العالم الثالث عن الدول الصناعية»». 
وتساءنت: «كيف يمكن التفاوض حول زعم الهامشية هنا؟ إن الراديكاليين 
في الدول الصناعية يريدون أن يكونوا «هم العالم الثالث...» على أنها 
نمضي لنصف الطريق فقطء وتقتبس سبيفاك «عن طلب بالحصول على 
منحة قدمه أكاديمي شاب ماركسي لامع...». والمثقفون الهامشيون يملأون 
طلبات الحصول على المنح مسن المؤسسات الأمريكية دون أن يثير هذا 
أي تعليق.. حفن 

وغالبا ما يعلن المثقفون عن هامشيتهم بصوت عال لكن هامشيتهم 
هذه تزداد تهميشا . هذه بل هوكس؛ وهي تكتب انها بحروف صغيرة 
دلالة على أنه أسم مستعارء: أستاذة في «سيتي كولدج» ضي نيويورك, 
وزعيمة سوداء في حركة مناصرة المرأةء تستعيد قصصا مؤلمة ومحزنة عن 
التهميش. في رحلة طائرة غضبت الأستاذة الطيبة غضبا شديدا لأن 
صديقا أسود من أصدقائهاء يحمل تذكرة ظاهرة في درجة أدتى؛ لم 
يستطع أن يلحق بها في الدرجة الأولى؛ لأن المقعد المجاور لها كان يشغله 
مسافر أبيض. أحداث من هذا القدر هي التي دفعتها إلى كتابة كتايها 
«القضب القاتل». 0 

هل هذه قصص عن الهامشية أم عن الامتيازات5 وهي تستعيد 
قصصا صادمة أخرىء على سييل المثال: تقرير طالبة سوداء متخرجة 
ا 
5 






من اليوتوبيا إلى انحسار البصر 


في جامعة هارقارد عن حلقة دراسية قّرئٌ فيها عمل للأستاذة 
هوكس... «وضي اليوم الذي نوقش فيه هذا العمل أعانت أستاذة بيضاء 
أن أحدا لم يتأثرء حقيقة:؛ بهذا العمل... وأحست المرأة الشابة السوداء 
بضرورة أن تصمت,. وبأنها ضحية...!!"). هكذا ترق الهامشية لتصبح 
تعليقا عن تعليق عن كتاب في حلقة دراسية لخريجي هارفارد . ولا 
تنتهي هذه الإمكانات. ١‏ 1 

والنقطة الأساسية هي أن تقويما معتدلا للمثقفين فى أمريكا 
الشمالية وأوروبا يجب ببساطة. ألا يناصر أو يحتفي بالفسورة 
الكلاسيكية للناقد الممستقل شديد الحساسية:؛ بل يضع في الاعتيار 
حقائق أكثر حداثة واختلافا. وأي تحليل يجب أن يفكر في إمكان أن 
تكون الهامشية هي مجرد وضع؛ وأن الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم 
خارجيون هم في حقيقة الأمرء وهم سعداء بأن يكونواء متحققين في 
الداخل. هذا إعجاز أحمدء وهو باحث هندي؛ يرى أن هذا الحقل 
الجديد «لأدب ما بعد الكولونيالية», وهو الذي يتركز بشكل كامل حول 
الأدب المهمش: ليس مجالا للهدم قدر ما هو حركة عمل موجهة نحو 
المهاجرين الآسيويين من الطبقات العليا في الجامعات الأمريكية(؟"). 
وجيرالد إيرليء أستاذ الدراسات الإفريقية ‏ الأمريكية؛ يتساءل عما 
إذا لم تكن التعددية الثقافية مجرد إستراتيجية ينتهجها «المثقفون 
الجدد» للحصول على أموال البحوث وفرص النشر والحماية(""). 


0000 


في العشرينيات وضع مانهايم تخطيط منهج علمي للمعرفة 
والسياسة. يستطيع المثقفون التقدم به من الحقيقة إلى الارتياب. وعلى 
الرغم من أن مانهايم لم يستطع إنجاز هذا التحولء إلا أنه استيق ‏ 
على وجه الدقة ‏ شكله القادم. إلا أن خيطا واحدا عند مانهايم أبدى 
اعتراضه على التطورات التي أقرها. فبعد أن قال بآن المعرفة تساوي 
الأيديولوجياء وأوضح أن كل الأيديولوجيات واليوتوبيات خادعة 
للمثقفين.؛ تراجع مانهايمء فكيف للإنسانية أن تتقدم دون رؤية 
للمستقبل أو لعالم أفضل؟ 


نهاية"اليوتوبيا 


بعد أن كشف زيف الأيديولوجيا واليوتوبيا في عدة مثئات من 
الصفحات؛ أنهى مانهايم كتايه بالشك؛ لقد خشي أن يكون نقده لليوتوييا 
بالغ التدمير. هذه هي العبارات الأخيرة في «الأيديولوجيا واليوتوبيا»: 
«إن اختفاء اليوتوبيا سيؤدي إلى حالة من الثبات والجمود لا 
يصبح فيها الإنسان نفسه أكثر من شيء. عندها سنواجه أعظم 
التناقضات التي يمكن أن نتخيلها... بعد تطورطويل. معدب .لكنه 
بطولي. وعندما يبلغ الوعي أعلى مراحله؛ وحين يتوقف التاريخ عن 
أن يصبح قدرا أعمى؛ ويصبح ‏ أكثر فأكثر من إبداع الانسان» فإن 
التخلي عن اليوتوبيا يعني أن الإنسان سيفقد إرادته في تشكيل 
التاريخ» ومن ثم قدرته على فهمه... , 
وإذا توقف أي من القراء عند خاتمة الكتاب وحدها فلن يهم الأمر 
كثيرا. إن كتاب مانهايم قد عبّر عن «روح العصر». وهذه الكلمات 
الختامية هي احتجاجات المثقف غير المجدية: يطلقها في وجه المؤلف 
ذاته الذي اتهمه وأدانه. 1 








جمالية كت هجو 
ووطبية رفيذه 


هل انتهى الفكر الاجتماعي والفلسفي إلى 
الشك والاختلاط؟ هل تراجع مشروع نشر النور 
والحرية إلى الجمالية والوطنية؟ إن جذور النقد 
الحديث ترجع إلى ماركس ونيتشه وفضرويد, 
. الذين نهلوا من شخصيات التنوير الأولى. ولم 
تضعف لحظة التحرر بعد؛ باسم الحقيقة وجه 
النقد الاتهام بالكذب لكل من يتحدث عن 
المساواة والعدالة والحب العالمي. إذا كان كل 
الناس قد ولدوا متساوين: فلماذا يستعيد 
الناس5 وإذا سادت العدالة, فلماذا نرى الظلم 
في كل مكانة وإذا كان الحب يشمل العالم. 
فلماذا يفتقد بعض الناس الحب؟ لقد ثبت أن 
مزاعم المساواة أو العدالة هي مزاعم زائقة, 
تغطية أيديولوجية يستخدمها الأقوياء. 

كان الهدف هو تحقيق هذه الأفكار. لا نيذهاء 
كما لو أن الظلم سيتحسن بالسخرية المرة: إن 
أفكار المساواة أو اتحب العالمي لم تكن زائفة في 
ذاتهاءلكن ما يزيفها هو الواقع الذي يجب أن 
يتغير. كتب ماركس الشابء الذي كان ما يزال 





نهاية اليوتوبيا 


رومانتيكيا: «إن النقد قَطف الزهرة الخيالية عن القيدء لا من أجل أن 
يظل الإنسان يحمل قيده دون خيال أو عزاءء ولكن من أجل أن يطرح عنه 
القيد وينتقي الزهرة الحقيقية الحية...('). 

وأعاد جيل من المفكرين توجيه النقد إلى ذاته. متهمين القائلين به 
بأنهم قدموا أيديولوجيتهم أو أكاذييهم الخاصة. وسقط الاختلاف بين 
الزهرة الخيالية والزهرة الحقيقية. وأي قول عن الحقيقة أو الواقع 
معرض للشك. وجاء ظهور مجال أكاديمي جديد هو سوسيولوجية 
المعرفة؛ أو علم اجتماع المعرفة؛ ليعمل بنشاط زائد. ومّسّح هذا المجال 
يليق به عنوان «الطريق إلى الشكء("). وقد ورث النقاد والباحشون 
المعاصرون هذا الشك وضاعفوه. وليس المشروع هو نزع الأقنعة عن تلك 
المزاعم الزائفة؛ لكنه نزع الأقنعة عن نازعي الأقنعة: كل المقولات خادعة, 
وكل الأفكار زائفة. 

هذا الشك الأكّال أصبح هو الحكمة التقليدية. واليوم أصبحت 
«النزعة الكلبية» «العدمية). أي الاعتقاد بأن الأفكار تستخدم لمصلحة 
القوة والقهرء هي التي تقود العمل الثقافي. الحقيقة غائبة مهجورة, 
والدعوة إليها تبدو معقدة ومربكة؛ يكتب بيتر سلوتيرجيك في كتابه ذي 
العنوان الدال «نقد العقل الكلبي»: حوالى سنة 16٠١‏ وقع الجناح اليساري 
الراديكالي في شراك كلبية الجناح اليميني... وعن التناخفس.. ظهرت تلك 
الخصيصة الخسيسة في حاضرناء وهي التجسس المتبادل على 
الأيديولوجيات...» وعند سلوتيرجيكء: فإن هذا هو المصدر الحقيقي 
«للإنهاك» الثقافي المعاصر. الأفكار القديمة عن الحقيقة وقفت «في 
وضع يؤهلها للخسارة أمام الكلبية»؛ وتقدم الكلبية الجديدة نفسها 
باعتبارها «الحال التي سيصبح عليها الوعي فيما يلي...». أي تحلل 
«الأيديولوجيات الساذجة ..0(2), 

إن الطسران من السذاجة إلى ما يدعوه سلوتيرجيك «الواقعيات 

الساخرة والبراجماتية والستراتيجية» يمكن تحديد معالمه في معظم الفكر 
الليبرالي واليساري المعاصرء في أعمال الفيلسوف ريتشارد رورتي الذي 
يصف نفسه بأنه ساخرء على سييل المثال. ويمكن أن نصفه يأنه مفكر ما 
بعد «نهاية الأيديولوجيا». و«بعد» هذه لأنه يسلم بكل الأفكار الليبرالية 
1 


02 

1 ا 
7 3 
د 

0 7 . 


م م 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


التي دافع عنها مفكرو الخمسينيات: حتى شبح اليوتوبيا قد تلاشى. قد 
يؤمن رورتي بالأفكار الليبرالية ومستقبلهاء لكن هذا الإيمان يفتقد الإقناع. 
وهو يقتيس عن الاشتراكي رايموند ويليامز الذي امتدح جورج أورويل لأنه 
«ناضل من أجل الكرامة الإنسانية والحرية والسلام». يكتب رورتي: 
لا أظن أنناء نحن الليبراليين, نستطيع الآن أن نتخيل مستقبلا للكرامة 
الإنسانية والحرية والسلام. فليس لدينا إحساس واضح بكيفية الخروج 
من العالم الواقعي إلى هذه العوالم المدحملة نظريا: .. وبالفالئ, لنت 
لدينا فكرة واضحة عما يجب أن نعمل من أجله. ْ 

عند رورتيء يجب أن نقبل الأشياء على حقيقتها... «إنها ليست شيئا 
أفضل للإنسان أو الحنقيقة أو التارية: إنها الطريقة ة التي اتخذتها 
الأحداث لكي تحدث..»/4). 

ما الذي بين كين التشروع القلعتهي القغر ب احبرة ليس العتيسن: 
فتعبيرات مثل «ما هو عادل» أو «ما هو عقلي» لا تعني شيئًا فيما وراء 
ألعاب اللغة في عصرنا. وعند رورتي «لا شيء يصلح كنقد لمفردات نهائية 
سوى مفردات نهائية أخرى... وحيث إنه لا شيء وراء المفردات يصلح 
محكا للاختيار بينهاء فإن النقد يصبح هو النظر إلى هذه الصورة وتلك 
الفدووة 1 "ا, أو على جد تفيير تافد اكثن خشونة هو أنوضن سالكوة: 
«تحت سحر «أناقة ما بعد الحداثة»... يكمن... عالم انتّزْعت إنسانيته 
وانحط إلى مصطالح لغوي غير حقيقي....('). 

قد يكون هذا صحيحاء لكنه لا يقتتص تماما ما هدف رورتي ويعض 
المفكرين الليبراليين الآخرين إليهء ولا الاتهام بالكلبية سيلتصق بهم: 
وهذا يعني أن الليبراليين مثل رورتي وميشيل وولزر أو تشارلس تايلور أو 
كليفورد جرتز هم مشاكسون وكاشفون للزيفء على أنهم يبدون منفتحين 
ومريكين ومتسامحين ومفكرينء وإنهم حقا كذلك. وحيث إنهم قطعوا كل 
الروابط بالرؤية اليوتوبيةء فسيتقدم المعيار الجمالي إلى الواجهة. 
الحقيقة تتراجع أمام الوضع. وما يبدو جذابا أو محسوسا أو مثيرا 
يصبح هو المعيار. إن القطيعة مع المقولات اليوتوبية والعالمية تؤدي إلى 
سيطرة «الجمالية»» أي رفع التناقض والسخرية والتواقه. كما يقول 


1 و 0 
ْ ا ا 
ٍ 37 


نهاية اليوتوييا 


الناقد الألماني هوك برنكهورست. وتتنافس التفسيرات على أسس من 
الأصالة والمهارة("). 

مع احتجاجات فاترة فاقدة للحماسة يقول رورتي وسواه قولا مشابها. 
إنهم يستبدلون بالحقيقة تذوق الفن. في كتابه «الغليظ والرقيق» يكتب 
ميشيل وولزر عن كسوف النمط «البطولي» في الفلسفة: أي الببحث عن 
الحقائق الكبرى. ويدعوء بالأحرى: إلى متهج «الحد الأدنى». وفيه 
يستجيب النقاد للأحداث العادية والمحلية «بالتفصيل؛ وعلى نحو غليظ 
واصطلاحي»». ويقترح: «إننا يجب أن نتفهم هذا الجهد بأقل مشابهة 
ممكنة لما يفعله الفلاسفة: وبأكبر مشابهة ممكنة لما يفعله الشعراء 
والروائيون والفتانون والمهندسون...(") ويوافق رورتي ويقول لنا: إن 
الساخرين الليبراليين ينصرفون عن «الأمل الاجتماعي» و«المهمة 
الاجتماعية» نحو «الاكتمال الخاص». وضي هذا المنهج فإن ما هو مهم هو 
الروايات والمجموعات,. أي تلك المساحات «التي تتخصص في تقديم 
أوصاف كثيفة لما هو خاص وخصوصي...(0). 

والإشارات إلى «الأوصاف الكثيفة» عند وولزر و رورتي تحيل إلى 
أعمال الأنشروبولوجي جيرتزء الذي أشاد بهذا المصطلح. وقد كان 
لجيرتز تأتير هائل؛ ليس في الأنثروبولوجيا وحدهاء ولكن في مجالات 
أخرى مثل التاريخ ونظرية الأدب. وقبل عقدين من الزمان اعتير مؤرخو 
الثقافة جيرتز «شفيعهم الحارس» ورصعوا كتاباتهم بإحالات إلى 
«الأوصاف الكثيفةء!: '. وتعتبر المؤرخة دومينيك لاكابرا جيرتز روحا 
ملهمة في التاريخ الثقاهي!' '. واليوم تبدأ دراسات كثيرة بتحية جيرتز 
و«الأوصاف الكثيفة». 

و«الأوصاف الكثيفة» تعني رسم صور متعددة الطبقات لأحداث مفردة, 
وهي تقلل من أهمية النظريات الطموح التي تتناول قضايا عريضة:؛ وتزيد 
بدلا منهاء أهمية الملاحظات المتواضعة التي تصف واقعات صغيرة: وهى 
تشجع على الولوج إلى مادة الحياة اليومية؛ مما يؤدي إنَّى قيام تاريخ 
وأنثروبولوجيا أكثر اقترابا من الأدبء أكثر من اقترابها من العلم البارد. 
على أن جيرتز يتبنى مصطاح «الأوصاف الكثيفة» كواحد من فنون التنظير 
الجافء وكانت تفيلسوف أكسفورد كيلبرت رايل؛ وريما للمفهوم نفسه. 





جمالية كثيفة ووطنية 'رقيقة 


الكلمة الأخيرة: «الأوصاف الكثيفة» تغذي اتجاها أدبياء كما أنها توحى 
بالتأملات المعزولة للأساتذة الراضين عن أنفسهم. 
في تقديمه لهذا المفهومء يقتبس جيرتز المثال الذي يضربه رايل عن صبية 
ثلاثة: أحدهم يفمز بعينه؛ والثاني يرتعشء والثالث يسخر من الأول بتقليده. 
بالنسبة للمفكرين السطحيين فإن الصبية الثلاثة يبدون كأنهم يفمزون 
بعيونهم: أما عند المفكرين الأكثر تعمقا فإن ثمة مساحة واسعة من 
«التركيبات» الغامز والمرتعش والساخر تطمرهم علاقة كثيفة من التواصل 
وسوء التواصل. على سبيل المثال» فإن الغامز الأصلي قد يكون مفتعلا هذه 
الغمزة كي يضلل الآخرين بإقناعهما أن ثمة مؤامرة تحاكء أو بكلمات رايل: 
«إن أرق الأوصاف لما يقوم به هذا الساخر المقلد هو, تقريباء مثل رفة جفن 
العين غير الإرادية. لكن وصفها الكثيف هو أنها مثل شطيرة متعددة 
الطبقات: لا يلتقط الوصف الرقيق منها إلا الشريحة التي في القاع». 
وضرب رايل أمثلة أخرى للأوصاف الكثيفة والرقيقة مثل لعب التنس 
وانتظار القطار والدندنة لتنظيف الحنجرة. ما الوصف الكثيف لتنظيف 
الحنجرة؟: «إنني قد أنظف حنجرتي لأعطي الانطباع الخاطئ بأنني شارع 
في الغناء»: أما الوصف الرقيق سيخطي هذه الإحالة... «تنظيف الحنجرة 
هذا ليس ادعاء بتنظيف الحنجرة: لكنه ادعاء بتنظيف الحنجرة ‏ 
استعدادا للغناء»: أو هذا ما كتب رايل عن لعب الجولف: 
«حين نتمشى في أرض معدة للعب الجوثف سوف نرى عددا من 
اللاعبين في ثنائيات أورباعيات يلعبون على حفرة واحدة يعد 
الأخرى في تتابع منتظم: لكننا الآن ذرى لاعبا واحدا أمامه ست 
كرات جولف وهو يضربها واحدة تلو الأخرى... ثم يجمع الكرات... 
ويعيد الكرة مرة ثانية؛ ما الذي يفعل؟ إنه يمارس ضربات - اقتراب. 
ولكن ما الذي يميز التدريب على ضربات الاقتراب عن الحقيقي؟... 
التدريب الذاتي. التدريب ماذا؟... كباريات قادمة. إن الوصف 
«الكثيف» كا هو منهمك فيه يتطلب الاحالة إلى... عدم التدريب 
على ضربات الاقتراب في المستظبل...,("١).‏ 
أنفق رايل حياته يفكر في أمور مثل هذهء وهو جهد سيق أن وصفه 
إرنست جلنر بأنه «تفاهة رائعة»: ويقول جلتر إن منهج أكسفورد هذا 





نهاية اليوتوبيا 


كان ملائما تماما لأولئكك «السادة المهذيين» بين الفلاسفةء لقد قدم 
لأولئتك الذين لا تزعجهم أي أفكار حقيقية أو مشاكل حقيقية «شيئًا 
آخر يقومون به...!''). وقد استعاد أحد طلاب الفلسفة في أكسفورد 
أن تلك الأمثلة التافهة كانت تميز كل المناقشات. «في الحقيقة: كان 
الأمر يبدو كما لو كان ثمة تنافس محموم لتحقيق أكبر قدر ممكن من 
التفاهة»!* '): وليس مدهشا أن تكون كل الأمثلة التي يضربها رايل 
مستمدة من أنشطة حياته اليومية في أكسفورد . من هنا نتفهم 
أن أقصى مديح كان يمكن توجيهه إلى رايل هو أن تقول عنه إنه «رجل 
نواد مي 

وعند جيرتز فإن منهج رايل يفتح سككا عدة: تكن المصطلح نفسه 
لا يمكنه أن يهرب من أصوله في نوادي أكسفورد: ولكي يصور مدى غناه 
يقدم جيرتز «مقتطفا نموذجيا» من يومياته في ميدان عملهء ولابد أن 
أيامه في هذا الميدان كانت حافلة بالأحداث؛ لأن اختياره النموذج هذا 
يشتمل على حادثة سرقة بالقوة وحادثتي قتلء مع حشد هائل من اليهود 
المغاربة» والبرير. والقوات الفرنسية: وآلاف عدة من الأغنام. وتقدم 
الأحداث كثيرا مما يمكن التحدث عنه: وهو عند جيرتزء يوضح أن 
الأنثروبولوجيا هي «نشاط تفسيري» قريب من النقد الأدبي الذي يتطلب 
تصنيف النصوص... «وهنا في هذا النص الذي لديناء لابد أن يبدأ الفرز 
بالتمييز بين ثلاثة أطر غير متشابهة للتفسيرء كامنة في الموقف: اليهود 
والبرير والفرنسيين...». 

الأنثروبولوجياء إذن: عمل من أعمال التفسيرء وحتى التخيل... «كي 
نقوم ببناء أوصاف تعتمد على الفاعلين في هذا التشابك: زعيم بريري 
وتاجر يهودي وجندي فرنسيء أحدهم بالآخرين: في المغرب سنة 21917 
فلاشك في أنه عمل تخيليء وليس هذا كله مختافا عن بناء وصفء 
فلنقل: للتشابك القائم في الموقف بإحدى المقاطعات الفرنسية بين طبيب 
فرنسي وزوجته الخائنة الحمقاء وعشيقها الفارغ: في فرنسا القرن 
التاسع عشر...»: ويعترف جيرتز ببعض الاختلافات: في «مدام بوضاري» 
قد لا تكون الأحداث قد وقعت على الإطلاق؛ أما في المغرب فيعاد 
«تمثيلها كما حدتت». لكن هذا ليس أمرا حاسما... «تختلف شروط 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


خلقهاء والنقطة 3 فيها... لكن كل واحدة منهما هىء مثل الأخرى, 
5 2 


«رواية», احدلثت)... 

والاختلاف بين التصوير الروائي والتصوير الحقيقي ليس حاسما 
لسبب آخرء إن الأحداث المغربية قد لا تكون حدثت بالفعل: وعلى الأقل 
فإن جيرنز لا يبدي الاهتمام بها كحقائق: فتقريره الذي كتبه ضى 
الميدان سنة /147 يسجل قصة رواها له تاجر يهودي. لابد أنه كان 
آنذاك في الثمانينيات من عمرهء. عن أحداث وقعت قبل ستة عقود, 
قبل نشوب الحرب العالمية الأولى. هل نصدق مثل هذه الرواية بكل 
جوانبها؟ حتى أكثر الباحثين سذاجة يمكنه أن يثير التساؤلات حول 
حكاية عمرها ستون عاما عن قتل ونهب وانتقام. على أن جيرتز لا يهتم 
أبدا بما إذا كانت ثمة روايات أو تسجيلات أخرى تؤكد هذه الأحداث. 
الأحداث قد مضت؛ وجيرتز لا ييدي الرأي حول جدارة محدته 
بالتصديق؛ وعنده أن هذه التساؤلات لا أهمية لها. المهم أن لديه نصا 
ملاكنا التفسيي الكذين: 

هل نسمي هذا أنثروبولوجيا؟ هل نسميه تاريخا؟ لقد طرح المؤرخ 
كارلو جينزيرج السؤال عما إذا كان يمكن كتابة التاريخ استنادا إلى 
شاهد واحد أو نص واحد. إن رواية مذبحة حدثت لليهود جنوبي 
فرنسا في القرن الرابع عشر قد وصلت إلينا عن طريق عدة سطور 
تركها الوحيد الباقي على قيد الحياة منها. فهل يمكن الثقة بهذا 
التقريرة يرى جينزيرج أن التاريخ لا يشبه تلك العملية القانونية ‏ في 
توجيه الاتهام ‏ التي تتطلب وجود شاهدين على الأقل؛ فأحيانا لا 
توجد سوى شهادة واحدة:؛ وعلى المؤّرخ أن يستخدمها ... «وليس 
هناك مؤرخ واع بوسعه استيعاد هذه الشهادة من حيث إنهاء جوهرياء 
غير مقبولة...». 

على أن هذا لا يحل المسألة. يصر جينزيرج على أن مسألة «الدليل» أو 
الحقيقة لا تتقدم حتى مع وجود شاهد واحدء وعلى المؤرخ أن يتثبت من 
صحة هذه الرواية الوحيدة:؛ وبالإشارة إلى هؤلاء الذين يعارضون وجود 
معسكرات الإعدام النازية» من ناحية؛ وأولئك الذين يدافعون عن تاريخ 
أدبي تمتزج فيه الحقيقة بالرواية: من الناحية الأخرى؛ يدافع جينزبرج عن 
1 
ارين 


نهاية اليوتوبيا 


«تلك الفكرة القديمة عن الحقيقة». وهو يعترف بأنه ليس على الموضة 
القول «بالارتباط بين الأدلة والحقيقة والتاريخ». برغم ذلك يبقى الإلزام 
التاريخي في ضرورة إثبات صحة الرواية. إن الفرق بين التاريخ والرواية 
5 يتلاب (07), 

وليس هذا كله مهما عند جيرتز برغم أن فكره الخاص لا يكاد 
يوصف بالكلبيةء فأسلوبه؛ مثل أسلوب رورتيء ينضح بتأمل مريك وهو 
يتحرك من الفكر كاستبصار إلى الفكر كفن:؛ إنه حداثيء: سعيد بالتلاعب 
بالمنظورات ونكهة النصوص. يكتب جيرتز في سيرته الذاتية الثقاضية 
الحديثة: «ليست هناك حكاية عامة لتروىء وليست هناك صورة شاملة 
لنمتلكها... من الضروري إذن أن نقنع بالرواغد, والدوامات, والارتباطات 
غير الدائمة. تتجمع السحب. تتفرق السحب...»؛ فما «توصي ب4» أو 
«لا توصي به» إسهامات الخاصة هو «قدرتها على أن تؤدي إلى تفسيرات 
ممتدة:ء والتي حين تتقاطع مع تفسيرات أخرى لمسائل أخرى؛ تتسع 
مضامينها وتشتد قبضتها ..[14), 

يكتب جيرتز مقالات متداخلة تقول لنا إن العالم شديد التعقيدء وأن 
أفضل ما يمكننا عمله هو أن نتحدث إلى جيراننا كي نصور ما هم عليه. 
ويلاحظ أن المنهج الموحد الذي قدمه ماثيو آرنولد وسواه من اليوتوبيين 
للوصول إلى الحقيقة قد أصبح «أحواض استحمام ملائمة وتاكسيات 
مريحة...»: ويدعو إلى ما يسميه «إثنوجرافيا الفكر» التي تعكس «التعدد 
الهائل» في الوعي الحديث. هذه الإتنوجرافيا «ستعمقء بل ستمد أيضاء 
من حواسنا بالتنوع الجذري للطريقة التي يفكر بها اليوم»: وهدفه الوصول 
إلى «مفردات ملائمة» بحيث يستطيع «رجل القياس الاقتصادي ورجل 
الحفر البارزء ورجل كيمياء الخلية» ورجل الأيقونات: أن يقدم كل منهم 
تفسيرا معقولا عن نفسه للآخرين..3(0), 

وموطن قوة جيرتز في وصفه للأحداث الخاصة والمتفردة: على أنه 
حين يندفع إلى سياقات أكبرء لا يعود الخاص فناء بل مشهداء شيئًا 
تحدق فيه. ومقاله الذي يقتبس عنه غالبا عنوانه «لعب عميق» وهو عن 
صراع الديكة في بالي. وهو عمل قصير لكنه دال على القوة واليراعة, 
وهو في الوقت ذاته ‏ استعراض مدهش للذات تتطلله مناقشة 


0 
2186 
م 


جمالية كثية وو لنية رقيقة 


للموضوع. يبدأ المقال هكذا : «في أوائل أبريل 4ء: وصلناء زوجتي 
وأناء خجلين؛ ومصابيّن بالملارياء إلى القرية في جزيرة بالي: التي 
قصدناها للدراسة كانثروبولوجيين.. وعند جيرتز فإن صراع الديكة 
هو نص: «قراءة بالية لخبرة بالية. قصة يرونها لأنفسهم عن 
أنفسسهم...», ويجتهد جيرتزء الأنشروبولوجي..؛ «كي يقرأ من فوق 
أكتاف الباليين». 
ولكن... ماذا وجد؟ بالنسبة لهذا المراقب الخجلء أثار كل شيء عنده 
شكسيير والشعر والموسيقى: 
«أن تدعو الريح مقعدا أشل, كما يفعل ستيفنس, أوتثبت النغمة 
وتتلاعب بالجرس: كما يفعل شوينيرج: أوما هو أقرب إلى حالتنا أن 
تصورناقد! فنيا كجلف فاسقء كما يضعل هوجارث؛ فهذا يعني أنك 
تعب رأسلاكا تتعلق با مفهومات. وتتغير الترابطات القائمة بين 
الموضوعات وكيفياتها. والظواهر مناخ الخريف. الشكل اللحني. 
أوالصحافة الثقافية_ترتدي ثياب الدوال التي تشيرعادة 
إلى مرجعيات أخرى. الأمرشبيه بهذا أن تربيط_ثم تربط» 
ثم تريط ‏ تصادم الديكة يتصادم المكانات فأنت تدعو تحولها 
في الإدراك...("1). 
إن الجمالية تغرق كل شيء؛ وهو خطر أشار إليه نقاد جيرتز. كتبت 
الأنشروبولوجية أليتا بيير ساك: «إن الوصف الكثيفء كما يمارسه جيرتز 
بالفعل؛ يهدده خطر المبالفة في الجمالية التي تسود كل شيء...(١"),‏ 
ويصل المؤرخ رونالد ج. والترز إلى أن سيموطيقا جيرتز تفامر بأن تفقد 
«خشونة التجربة وصلابتهاء حين تحاول رفعها إلى مستوى الأدب!"'). كان 
جيرتز يتصور الأنشروبولوجي كفنان يتقاغز بين المنظورات. هكذا كتب 
الأنثرويولوجي فنسنت كرابنزانو» وأضاف: «إن لعبا عميقاء يقدم فقط 
فهما مركبا لتركيب أهل البلاد وجهة نظرهم المركبة... تركيب لتركيب ما 
هو مركب يبدو لا شيء سوى إسقاطات أو ضبابيات...» 
ويقيناء ليس ثمة طريق مباشر خارج متاهة التسيرات. والمشكلة أن 
جيرتز يبدو سعيدا بالتجوال فيها. وهو يصوغها على النحو التالي: «هذه 
الجملة: «طيب. أنا: من الطيقة الوسظطى. منتصف القرن العشرين: 


ضه 


0 


نهايةاليوتوبيا 


أمريكي بدرجة تزيد أو تنقص؛ ذكرء جنت إلى هذا المكانء تحدثت إلى 
بعض الناس الذين استطعت أن أجعلهم يتحدثون إليء وأعتقد أن الأمور 
هى علق هذا انحو وليتضت على داك التكو هده الشهلة ليست 
تراجعاء لكنها تقدم...(4"). 

هذا التقدم يجب ألا ينتقص منه. في مواجهة تقليد التنظير الكثيب 
الموحش؛ يقوم. جيرتز بالتجول في الشوارع الجانبية في إندونيسيا 
والمفربء يسأل ويرى ويفكر. على أن هذا التتقدم ينطوي على خطر 
التراجع: فالأنثروبولوجي قانع بأن يصور ويسليء لكنه لا يسبر الأغوار. 
بنديكت أندرسون ناقد جدير بالاحترام من نقاد جيرتز. يقتبس عنه فقرة 
نموذجية تبدأ كما يلي: «تحدثت إلى دجوجو الليلة الماضية على الناصية 
عن جده المدهش... وقال إنه كان قادرا على الاختفاء بقوة السحر...». 
ويعلق أندرسون: كان هذا صوتا جديدا تماما (في الأنشروبولوجيا). 
سيحتزئ على نطاق واسع؛ فالأمريكي الديموقراطي المتعاطف يثرثر عادة 
مع فرد مسمى: دجوجوء على ناصية شارع: الليلة الماضية, كما لو أنه جار, 
وليس عالما ولا مفتشا استعماريا. وهو سعيد بأن يترك دجوجو يتحدث 
عن السحر دون أن يقاطعه... 

ويواصل أندرسون: على أنه في السنوات الأخيرة» بدا الوصف راضيا 
عن ذاتهء على حين أصبحت الثقافة شيئًا مادياء والقليل الذي يُشرح 
ويفّسر. بالأحرى: 0 الثقافة إلى تذوق الفن؛ ويقتبس صورة «رائعة» 
لاحتفال في جزيرة حاوة, 35 تنتهي كما يلي: «ومعنى هذا كله., ما قيل: وما لم 
0 ومن قاله, ولن, ولأي هدفء في هذا الاستعراض الهائل للانتهاكات 

تؤطرها الطقوسء من شخصية ماركو «بيت». عبر أيونيسكو, 

و«دروسه في اللفة». إلى حديث «لكي» في «في انتظار جودو»: يبقى 
غامضا إلى حد كبير... (من المشكوك ذيه كثيرا أن يكون أي من المشاركين 
قد سمع بأي من هذه الأعمال...["), 

وبعد أن أنهى جيرتز عمله الميداني في جزيرة بالي بعدة سنوات,. حدث 
في إندونيسيا انقلاب شيوعي فاشل أدى إلى اضطرابات دموية قتل فيها 
الكثيرون. وضي مقالته عن صراع الديكة في بالي نجد الهامش الأخير 
فقط هو ما يشير إلى هذه الأحداث. وتصبح لغة جيرتز خرقاء تموزها 
5-0 
ل 


3 


جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


الرشاقة كما لو أن الأحداث السياسية المروعة قد أفسدت جماليتها. هذا 
الهامش المشوه في الصفحة قبل الأخيرة من كتابهء الذي يشير إلى 
الانقلاب والاضطرابات والقتلى يبدأ كما يلي: 

«أما ما كان على صراع الديكة أن يقوله عن بالي. فلم يكن بلا دلالة, 
والانزعاج الذي عكسه عن النمط العام للحياة في بالي لم يكن بلا سبب. 
تشهد حقيقة أنه في أسبوعين من ديسمبر 1550., أثناء الاضطرابات التي 
أعقبت فشل الانقلاب في جاكرتاء قتل عدد من الباليين يتراوح بين أريعين 
وثمانين ألفا.. قتل بعضهم البعض الآخر..("), 

وعمل جيرتز الآخرء الذي كان يتناول مشاكل الزراعة وتطور الدولة في 
إندونيسياء كان يميل أيضا إلى إضفاء طابع أثيري بالغ الرقة على 
الواضع ف.(") . وفكرته عن دولة بالي من حيث هي «دولة مسرح» مكرسة 
للعروض أكثر من السلطة؛ كانت تشجع هذا المنهج الأدبي. وكما لاحظ 
باحث هولندي في باليء فإن مفهوم جيرتز عن «دولة المسرح لا يكاد يخلي 
مكانا للصراعات العنيفة الكامنة في مجتمع بالي.. ٠‏ وحسيما يقول هذا 
الأنثرويولوجي: ه. شولت نوردهولت. فإن أستاذ برنستون كان ينتقص من 
أهمية السلطة والزعامة(7), 

على آن النقطة الأساسية ليست هي استخدام مطرقة الواقع السياسي 
ضد محاولة النظر إلى الأشياء الصغيرة المكتنزة في العالم؛ فأكشر 
الشرائح دقة يمكن أن تؤدي إلى أكثر الاستبصارات حدة:؛ وعلى العكس» 
فإن أكثر النظرات الفوقية اتساعا يمكن أن يؤدي إلى أكثر الملاحظات 
تفاهة وابتذالا. والحقيقة أن مقولات الصغير والكبير مقولات خادعة: كما 
لو آن الأفكار المهمة تصدر عن الموضوعات المهمة:ء والأفكار الصغيرة 
تصدر عن الموضوعات الصغيرة» ليس حجم قطعة القماش هو موضع 
الخلاف مع جيرتز أو رورتي؛ بل ما يصنعان بها. هما راضيان بأن يخططا 
ويرسماء ويقدما الحد الأدنى من الأفكار عن التفسير والتنوع والتواصل,» 
ومن ثم فإن وضعهما جمالي على نحو متزايد. 

سواء بقبول «الأوصاف الكثيفة» أو عدم قبولهاء فإن الطرائق الأدبية 
والجمالية تلقى شعبية واسعة في العلوم الاجتماعية والإنسانيات. في 
الآنثروبولوجياء والتاريخ: واللفة الإنجليزية؛ يدور الحديث عن تعدد 





نهاية اليوتوبيا 


الآلوان في التفاسيرء والتخ  ..‏ مي النصوصء والمؤلف من حيث هو 
ذات. والشاعر والمناهج الحوارية؛ يكتب جيمس كليفورد: وهو 
أنثرويولوجي. إن الإثنولوجيا الأدبية والحوارية تزيح الشبات 
والموضوعية. الذاتية هو اسم اللعبة. إن صوت الأنثروبولوجي «يتخيل 
التحليل ويحدد مكانه. والموضوعية هي إنكار إقصاء البلاغة...(*), 
إن الأنثروبولوجي لا ينطقء ببساطة:؛ لكنه ككاتب. يسهم في الخطاب 
حول التصوير. 

إرنست جيلئر أنثروبولوجي جامعة كاميريدج الراحل: كان ينظر إلى 
هذا الأمر بفزع لا يخفيه. وكليفورد ‏ حسيما يقول جيلنر ‏ أنكر دراسة 
المجتمعات والثقاطات الأخرى... «كليفورد ليس معنيا بالنافاجو أو 
النوير أو أهل التروبيان» إنه معني بما يقوله الأنثروبولوجيون عنهم...», 
من هنا فإنها خطوة صغيرة نحو «دراسة ما يقوله كليفورد عما قاله 
الآخرون...», أي تحليل تصوير التصوير لما هو مصور. هذه الخطوة ‏ 
كما يلاحظ جيالنر داقن قطية: . وعند جيلئر فإن هذا كله يؤدي إلى 
قيام أنثروبولوجيا ترجسية وغائمة وقاصرة... «أما ما تعنيه للأدب, 
فلا يعنيني.. 6 

وما تعنيه في الأدب و3 ثيق الصلة بالموضوع:؛ على أي حال. فالزعم 
بالأدبية أو الشعرية يتضمن التخلي عن الحقائق العلمية؛ وبالمقايل فإن 
هذه القطعة من العمل تتحول إلى قطعة أدبية. ولكن كيف يمكن أن 
تتحول الأوصاف «الكثيفة»» وعدم الثبات. أو المنظورات المتعددة: إلى 
شيء من الفن أو الأدبة هل يمكن اختزال الفن والهبوط به إلى تلك 
الإستراتيجيات والمعادلات التي يضعها أصحاب مزاعم ما بعد الحداثة 
هؤلاء؟ هل تلك الأوصاف الكثشيفة هي ما تميز كتابات كافكاة وهل 
جويس حواري؟ حتى لو صلحت بعض هذه المصطلحات فهي لا تعي 
جوهر الفن. 

ولنضع الأمر على نحو آخر: إن الأنثروبولوجيا الأدبية أو التاريخ الأدبي 
ليس أدباء ولا يقرا على أنه أدب. والحقيقة أن باحثي ما بعد الحداثة 
يُقرأون بأقل مما يقرأ أسلافهم الأكثر علمية الذين يديتونتهم. ويجب ألا 
نفهم «عدم القابلية للقراءة» على نحو مبسطء فالأعمال الأدبية ليست 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


داكما يسيرة القراءةء ولكن لا أحد يستطيع أن يخلط بين فوكنر أو جويس 
وبين أدب ما بعد الحداثة. الذي هو غير قابل للقراءة بالمعنى الدقيق,: 
ولأنه مليء بالرطانة؛ لأنه نصف مكتوب. إن هذه الكتابات لا تشير إلى 
ثبات الأدب؛ بل إلى انطفائه. 

وليس الموضوع؛ بيساطة. موضوع أسلوب. لكنه يتعلق يمقولات 
الحقيقة. للفن أيضا حقيقته, لكن هذا ما يتم تجاهله؛ ويبالغ دارسو 
الآدب الجدد في إطراء منهج فني لن يعود بفائدة لا على الأدب ولا 
على الفهم الدقيق للأدب. وممارسو هذه الموضة الأدبية يضفون صيغة 
جمالية على الواقع؛ وينحط الفن إلى نظريات عن الفنء ويصبح 
الأنشرويولوجيون أدبيين والمؤرخون خياليين. وعلى أي حال؛ ليس هذا 
فناء لكنها صورته الزائفة:» إنه ادعاء أن تكون فناء كما لو أن تعدد 
المنظورات والكتابة التي مرجعها الوحيد الذات تمثل الفن. علاقة أدب 
ما بعد الحداثة بالآدب هي تماما علاقة بطاقة بريدية عليها صورة 

وأساتذة الأدب الجدد قد تخلوا عن الحقيقة من أجل الفنء ثم تخلوا 
عن الفن من أجل فهم الفن. وهم في تمردهم على العملية أبدلوا القيم 
وتقبلوا المصطلح. ما هو موضوعي رديء وما هو ذاتي جيد . باسم الهدم 
أرسلوا الفن إلى ذلك المستودع المسمى بالذاتية؛ وأبقوه حبيسا هناك لزمن 
طويل. لكن الفن ليس هوء ببساطة: الذاتية وتعدد المنظورات والأوصاف 
الكثيفة» بل إنه أيضا يشارك في الحقيقة: ويلمح إلى الحرية والسعادة. 
ولهذا السيب قاوم شعراء مثل ووردزورث ذلك الحديث العرضي عن الفن 
باعتباره ذوقاء كما لو أن الشعر لا يشارك في الحقيقة والاستبصار. كتب 
ووردزورث في تقديم «قصائد غنائية»: «هي لغة الناس حين يتحدثون فيما 
لا يفهمون. الذين يتحدثون عن الشعر كما لو كان تسرية ومتعة كسولاء 
والذين سيجادلون بشدة حول «الذوق» للشعر كما لو كان شيئًا تافها مثل 
الذوق لرؤية الرقص على الحبال...». 

لا يتحدث ووردزورث باسم كل الشعراء أو الفنانين أو باسم الفن ذاته, 
لكنه يكشف عن خصيصة في الغن لا يكاد يشير إليها أنصار المناهج 
الأدبية: حقيقته. فهدف الفن ‏ على حد كلماته ‏ «هو الحقيقة: لا الحقيقة 


نهاية اليوتوبيا 


الفردية والمحلية؛ ولكن العامة والفعالة؛ والتي هي ليست في حاجة إلى 
شهادة خارجية, لكنها حية في القلب تحملها العاطفة, الحقيقة التي هي 
شهادتهاء والتي تهب القوة والقداسة للمحكمة التي تتقدم إليها 01١...‏ 


“ا #« كاد 


بالهامشية (بيزنس الهامشية). وتخلصوا مع مخزونهم القديم بطيء البيع. 
وضي هذا البيع بالتخفيضء تخلصوا من المفهومات التي تلمح إلى الاستنارة 
في العالم القديمء أو اليوتوبيا خارج ‏ هذا العالم. إن الخطوط الجديدة 
للجميم.: والمواد الجديدة مصممة بحيث تناسب الأسواق المحلية, وهي - 
بالتالي - أصغر وأيسر في التناول وأكثر نقاء. 

وتفضيل ما هو محلي وخاص أمر تطيفء بل يلقى الترحيب. فما 
الخطأً في تفضيل ما هو متفرد وعدم الثقة بما هو عالمي؟ على 
المستوى القريب: لا شيء: ولكن بتوالي الزمن سيحقق الشك فيما هو 
عالمي انتقامه. برغم بلاغة الهدم: فإنه يقود المثقفين إلى طريق 
الإذعان» دون فكرة مؤكدة عن الحرية أو السعادة, لا يكاد المجتمع 
الأفضل يستطيع الحياة من دون تخيلء وفي ذبول اليوتوبياء وأولئتك 
الذين يحتفون بالاختلاف ولا يثقون بالعالميات لا يستطيعون أن يفكروا 
فيما وراء الإمكانات التي يتقاذفها التاريخ, وهي في أفضل الأحوال: 
هي موضع تساؤل. 

وهي كذلك تتتخلى عن الرغبة في الحكم. والفكر السياسي إذا جرد 
من فكرة ثايتة للحقيقة أصبح مظلما كثير الضياب. والأساتذة الجدد 
يتبج حون بجسارتهم النظرية لكنهم يسقطون في مهاوي عدم الوضوح, 
وهم يخلطون بين عمق التفكير والتركيب أو التعقيدء وأنصار نظريات 
الحافة القاطعة لا يعترفون بالتركيب كمرحلة في عملية التفكيرء ولا 
يقرون الاشتراك في المعنى كمكون هي الحياة والمجتمع. إنها تصبح الهدف 
أو الخلاصة, والدليل على الفطنة النظرية. 





جمالية كثية وو لنيةرقيقة 


ومن المؤكد أن هذا الموضوع يتطلب مناقشة موجزة. كل الفلسفات تهتم 


وليس ثمة صيغة ا تحكمها. وفي مجال الأخلاق والسياسة فليست 
المسألة أقل تعقيدا . هل هناك نظم عالمية في العدالة والحقوق؟ وإذا 


كانت موجودة: 0 يجب استخدامها لتقد ممارسات وقوانين خاصة:؛ إن 
قضية مثل قضية سلمان رشدي المؤلف الإنجليزي الهندي تركز هذه 
الموضوغنات النظرية: بقدر منا بيدو أنها تضع ضكرة عالينة عن الحموق 
الإنسانية ضد المعتقدات الخاصة بأمم إسلامية عدة: فروايته «آيات 
شيطانية» التي صدرت في العام /194: قد أثارت اضطرابات في الهند. 
كما خضعت للرقابة في بلاد عدة. 

وإيران في المقدمة: أصدر آية الله خحُميني حكما بالإعدام على رشدي 
«وكل هؤلاء الذين اشتركوا في نشر الكتاب...» إنني أدعو كل المسلمين 
الغيورين إلى إعدامهم سريعاء حيثما وجدواء حتى لا يتجرأ شخص آخر على 
إهانة المقدسات الإسلامية؛ ولتشجيع هذا الحكم قامت جماعة من المؤمنين 
المدافعين عن الدين بتخصيص جائزة دنيوية قدرها مليون دولار للشخص أو 
الأشخاص الذين ينجحون في تنفيزءا" '). من ذلك الحين يعيش رشدي في 
عزلة وسط حراس مسلحين: لكن هذا لم يوقف الاعتداءات على مترجميه 
وناشريه... «ضفي اليابان قتل مترجم وفي إيطاليا لقي مترجم عدوانا أصابه 
بجراح تهدد حياته... وفي تركيا لقي سبعة وثلاثون شخصا مصارعهم... في 
هجوم إرهابي استهدف ناشرا نشر «الآيات الشيطانية» في صحيفته...»: 
هذا ما يقرره ويليام ينجارد: ناشر رشدي النرويجيء؛ الذي جرح هو نفسه 
جرحا خطيرا في محاولة لاغتياله!"). 

إذا كانت قضية رشدي اختبارا فسيخفق فيه مثقفون غربيون 
كثيرون!” '). أو بتعبير روبرت هيوز: «فشل الأكاديميون الأمريكيون في 
الاحتجاج الجماعي.. »٠‏ ويعزو هذه الاستهانة إلى نسبية صحيحة من 
الوجهة السياسية: يعني الحجة القائلة بأن «ما يفعلونه في الشرق الأوسط 
هو «ثقافتهمء»!”"). وقد لا يكون هذا عدلاء لكن كتابات الأكاديميين 
اليساريين عن رشدي تتسم بالحذر وتخوف الوقوع في الخطأ. حين 
يواجهون صراعا له حواف حادة: يلوذ المثقفون المناضلون أصحاب 





تهاية اليوتوبيا 


المفهومات المشحونة شحنا عالياء يلوذون بالرطانة والتفاهة. ليست المسألة 
أن المثقفين اختاروا الجانب الخاطئئّ في قضية رشدي. لكنهم لم يختاروا 
أي جانب على الإطلاقل ". 

وهذا يسري حتى على بعض من أفضل المفكرين وأكثرهم صفاء مثل 
تشازلمن تأيلور الذي أثار نقطة أن المعيار الغربي للحرية قد لا يكون 
ملائما في الخلاف حول قضية رشدي: «غني عن القول إنه يجب أن 
تكون هناك حرية تامة فضي النشر...». هذا ما يثيته تايلور مباشرة: لكنه 
يتراجع عنه مباشرة كذلك: «إن هذا ينطبق علينا...» يعني أهل 
أمريكا الشمالية والأوروييين. أما ضفي إيران والهند وأماكن 
أخرى. فإن أمورا أخرى. تتدخلء وريما لا نجد «مبداً مجردا» عن 
الحرية يمكن تطبيقه. إن المجتمعات المختلفة تحكم بأشكال مختلفة 
على ما يحدد مسألة التجديف أو الإهانات المشينة. والوقوف فوق 
وخارج «الشروط المحلية» متمسكا بمعيار مفرد فإن هذا يتضمن تأكيدا 
«لسيادة الغرب». 

يقول: «أعتقد أنه من التضليل الزعم بتوحيد المعيار الثقافي المستقل 
حول ما هو ضار...» إلى أين تقود تايلور هذه الأفكار الحكيمة5 إلى 
لا مكان. يقول: «حيث إنه ليس هناك تعريف عالمي لحرية التعبير... فإننا 
سنعيش وسط هذا التعدد... وهذا يعني قبول حلول في بلد معين 
لا تنطبق على بلاد أخرى...» في مواجهة خطة ترعاها الدولة لاغتيال 
رواثي: يدعو هذا الفيلسوف عميق الإيمان بالليبرالية إلى القبول و «درجة 
من درجات التفهم»»؛ وينهي أفكاره عن رشدي بكليشيه مخدر للعقل: «كي 
تعيش في هذا العالم العسيرء فإن على العقل الليبرالي الغربي أن يتعلم 
كيف يتفهم أكثر...1"). 

وإذا كان الأفضل يقول القليل, فإن الباقين سيقولون أقل. في نظرة 
موجزة إلى الجدل حول «آيات شيطانية» يلخص فيجاي ميشرا ويوب 
هودج.ء وهما أستاذان للأدب؛: نصف دستة مئ المناقشات حول رشدي. 
ويصلان إلى هذه النتيجة المدوية: «هذه هي النقطة الأساسية في 
المسألة. في اللحظة التي تبدأ فيها الثقافة السائدة في وضع الخطوط 
الفاصلة بين الأنواع (رواية: تاريخ. سياسة, مسرحية بعد حداثية), 





حمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


فإن النص يتحول إلى موضوعات منفصلة لها معان ونتائج متفصلة: 
بالتعبيرات السياسية إن «آيات شيطاتية» لم تعد غملا من الأذب بعد 
الكولونيالي: بل أصبحت عملا من أعمال ما بعد الحداثة», كأنما بدا 
لهما هذا القول جريئا فتراجعا عنه: ولاحظا أن ثمة «متظّرا عميق 
التفكير» رأى في «مقالة موحية» أن العمل «بعد حداثي»؛ وبعد كولونيالي 
فى الوقت ذاته..ع(4). ١‏ 1 
ووقي حك انا جروا ممتانة قوقيله ابس بم تقس اسان 
الليبرالي» لقضية رشديء وماذا كان عليهم أن يفعلوا. وبعد أن أجرى 
مسحا شمل كل أطراف القضية لم يمض لأبعد من الدعوة إلى الحوار, 
وهذا أمر ملح بشكل خاص «حيث إن تكوين رشدي الخاص يجعله 
داخل ثقافة النخبة الغربيةء وهذا يفصله فصلا حاداء بالأحرى: عن 
الشقافة الشعبية السائدة بين الجماعات المسلمة في بريطانيا 
وسواها...». وفيما يرى ماك جويجان فإن رشدي قد أخفق في 
التواصل... ودحقيقة الأمر أن «الآيات الشيطانية» لم تكن موجهة أبدا 
للمسلمين العاديين في بريطانيا...» كما لو أن الرواية في حاجة إلى 
تصديق شعبيء أو يتعرض كاتبها للإعدام. وينهي ماك جويجان 
مناقشته بعظة أخلاقية بعد حداثية. فيدعو إلى «الوعي الذاتي حول 
المشروع التفسيري ذاته..../"). 
وقد خصصت جاياتري س. سبيفاك مقالة عن قضية رشدي» 
تجنبت فيهاء بلباقة: أي وضوح. وبأسلويها المتفرد راحت تقتبس عن 
نفسها: «ضي مواجهة قضية سلمان رشدي... كيف يمكننا أن نقراً5 تقد 
قلت دائماء وقلت هناء في الفصل الثاني إن نص المسرح (التراجيديء 
وأحيانا الهزلي حول إطلاق العنان للنزوات والأهواء) لما بعد البنيوية, 
هو «الجانب الآخر...», ولكي تثبت هذه الأفكار تلقي في الجدل الدائر 
حول رشدي بحكاية «شهبانو». وهي سيدة هندية مسلمة مطلقة؛ رفعت 
قضية ضد زوجها السابق تطاليه بعون مادي؛ و وسط استحسان 
الهنود. حكمت المحكمة العليا لمصلحتها. لكن شهبانو ء التي تغيرت 
مشاعرهاء احتجت على هذا الحكم باسم الإسلام. وعند سبيفاك فإن 
هذه القضية الملتوية تضيء قضية رشدي: 


نهاية اليوتوبيا 


«صرة أخرى: إنني أؤكد هذا الارتباط غير المحتمل ‏ عن طريق 
العكس ‏ خميني كمؤلف زائف, وشهبانو غير الزائفة: وهي تحدد 
مكان الأخر المطموس عند المتبع: إنفاذ الدعم الجماعي بإسقاطه على 
وكيل مغرد له غرض مقدس. وإنغاذ المقاومة الجماعية بإزاحة رقيب 
صيورمظلل بالاستطرادات. 
تضيف. كما لو كانت كل هذه الجمل السابقة لم تكن واضحة بما 
يكفي: «فقط إذا نحن اعترفنا بأننا لا نستطيع ألا نريد حرية التعبير, 
كذلك هذه التجريدات العقلية المعيارية الخاصة الأخرى. والتي نستطيع أن 
نراهاء نحن في الجانب الآخر كأنها تعمل على تبرئة المتهم بإثبات أنه كان 
في مكان آخر وقت حدوث الجريمة, عندها فقط نستطيع أن نعيد تقنين 
هذا الصراع باعتباره العنصرية في مواجهة الأصولية, الشيطانية في 
مواجهة التنصل والإتكار...»('؟). 
إن العجز عن الكتابة جملة؛ والعجز عن إصدار حكم سياسي صريح. 
يمكن أن يكونا مرتيطين؛ وهذا ما يسطح ليس فقط الصراعات الكبرى مثل 
هذا الذي دار حول عمل رشديء ولكن أيضا المسائل الصغيرة. ويندي براون: 
منظرة سياسية مناصرة للمرأة تذكر أنه في مدينتها الجامعية الليبرالية جدا 
(سانتا كروزء فيلادلفيا) أجاز المجلس الحاكم قانونا محليا يحظر التفرقة 
على أسس «التوجه الجنسي» الجنس المتعدي, السنء الطولء؛ الوزن: المظهر 
الشخصيء الخصائص الفيزيقية: العنصرء اللون: العقيدة: الدين؛ الأصل 
القومي؛ الأسلافء العجزء الحالة الزوجية؛ الجنس أو النوع»؛ ويبدو أن هذا 
يشمل كل الأسسء لكن القانون دفع براون إلى غضب نظري جامم. لا لأنه 
يؤكد شعار الليبرالية. ولكن لآن السيطرة مطلقة السراح. 
وحسبما تقول الأستاذة براون؛ فإن أصحاب العقول الزلقة هؤلاء, 
المقيمين في سانتا كروز, قد نسوا «فوكو» الخاص بهمء فهذا القانون يهبط 
بالبشر إلى مستوى الخصائص التجريبية «كما لو أن وجودهم كان جوهريا 
وحقيقياء وليس نتيجة سلطة قاهرة ومتحولة ومؤسسة... فهل قام واضعو 
القانون بمذاكرة واجباتهم المنزلية النظرية5 هذا مثال تام لكيفية تحول 
لغة الاعتراف لتصبح لغة منافية للحرية؛ وكيف يصبح منطوق اللغة: ضي 
سياق خطاب ليبرالي منضبطء مركبة للإخضاع. 


8 


جمالية كثية وو لنية رقيقة 


هذه المفكرة المقدامة تجد كارثة في سانتا كروز: «أود أن أقول... إن 
هذا القانون هو عَرَض لسمة من سمات «رغبة» الهوية المسيّسة في النظم 
الليبرالية الييروقراطية, وهي أن تحتيس هي ذاتها حريتها الخاصة, 
ورغبتها في أن تدون في القانون وفي سواه من السجلات السياسية 
آلامها التاريخية والراهنة؛ بدل أن تستحضر المستقبل المتخيل للسلطة 
الثى ستضدعها 021 

إن الطيران من العموميات, بدفع أفكار بسيطة عن السلطة والتاريخ, 
يشل التفكير السياسي. وضي نهاية القرن العشرين ينخع مفكرو الطليعة 
أكثر الأفكار أولية كما لو كانت اختراقات تورية. فكرة أن التاريخ مركب 
تقدم كأنها آخر الأخبار, وفكرة أن منظورات كثيرة تشكل العالم تُكتشف 
من جديد . 

كل هذا مكتوب في تلك اللفة المتدخشرة للأكاديميين الجدد. الذين 
يسخرون غالبا من التماسك باعتباره قهرا للا مفر منه. تكتب منظّرة 
نسونة: «إن مطلب التماسك يقتضي استبعاد أي عناصر ‏ مثل الاشتراك 
في المعنى والصراع والتناقضش تهددالتماسك»؛: وكأن ماركس أو هيجل لم 
يناقش أيهما الصراع بتماسك. وتواصل جانيت ر. جاكوبسن ‏ التي تقوم 
بتعليم الدراسات عن المرأة - تصوير نقطتهاء في ذلك الأسلوب الشهير 
لمفكري ما بعد التماسك: 

«إنني لا أحرض ‏ ببساطة ‏ على خطاب يضع في البؤرة كل 
الفروق ضي الوقت ذاته بطريقة ماء حركة مع ميول إضفاء 
العالمية يمكنها أن تعيد وضع خطاب مفرد عن طريق إعادة 
تصنيف مواقع متعددة من النضالء أنا بالأحرى, أقترح أنه 
بقراءة التعددية والتناقض الوجداني قد يكون ممكنا أن نعلن «نقاط 
التقاطع» في الفروق؛ أي النقاط التي تلتقي عندها عمليات عدة من 
التمايزات الاجتماعية كي تشكل روابط من أشكال القهرء إلى جانب 
مساحات بين شقوق التمايزات...[4), 

إن المفكرين اليساريين ‏ في لون من جنون الفكرة الواحدة يطابقون 
بين مقولة إن السلطة قوية وناغذة, والفرضية القائلة إن السلطة هي 
كل شيءء: كما لو أن هذه الأخيرة فكرة هدامة. تقول عبارة نمطية كتيها 


ل 


ان ١‏ سنا أصامت 


نهاية اليوتوبيا 


اتنان من ممارسي الدراسات الثقافية: «في هذا الكتاب نقدم هذه 
الدعوى المخزية: «كل شيء» ضي الحياة الااجتماعية والثقافية هو 
أساسسياء على اتصال «بالسلطة». السلطة هسي في مركز 
السياسات الثقافية... ونحن إما أننا موضوعات فاعلة... أو أننا 
خاضعون... للآخرين..!5), 

دعوى مسخزية؟ إنها حكمة والشوارع الخالية: «المال يتكلم...», 
«الكلام النهاكي...». «أنت إما معنا وإما علينا...»: «إنه ما تعرفه» ذلك 
هو الاعتقاد الذي تتولد عنه رؤية لعالم من هم داخل السلطة ومن هم 
خارجها. الذين هم على القمة والدين هم في القاع؛ وهم جميعا فيما 
وراء الخير والشر. وإذا كان التاريخ هو فقط حكاية صراع عصابات 
السلطة لوجب أن ييدأً كل فصل بالصراع على السلطة؛ وأن ينتهي 
بالدم. وهذا هو الأمر في الغالب. فهؤلاء خارج السلطة يقدمون نفس 
برنامج أولئتك الذين في السلطة. عدا أنهم يقدمون قوائم مختلفة 
بالأفراد الذين تطلق عليهم النار أو يلقى يهم في السجون. ومسألة أنها 
حكاية متكررة لا تحول الحقيقة إلى نقد. 

وقد شتاعف شوكو من جزمة الكلبية بفكرته عن الساطة الكلية, 
لا الجزئية. وقام هؤلاء الذين تبعوا فوكو بتفتيت الأفكار المحدودة عن 
السلطة والسياسات التي تحددها الدولة؛ و 56 السلطة كي تحيط 
بكل المجالات بما فيها المفهومات والقواعد والصور والمقولات. فكل 

شيء مشيع بالسلطة والسياسة. الحقيقة ذاتها من وظائف السلطة. 

يكتب عدد من أنصار أدب «ما بعد الكولونيالية»: «الحقيقة هي ما 
يعتبر حقيقيا داخل نظام من القواعد في خطاب خاص. السلطة هي 
التي تقوم بإلحاق وتحديد واختبار الحقيقة... الحقيقة لا توجد أبدا 
خارج السلطة...(1), 

يقول فوكو: «أن تقول بأن كل شيء سياسي... هو تأكيد لكلية القدرة 
في علاقات القوة... فيما يتعلق بالتقنيات الجديدة والشاملة للسلطة 
المرتبطة بالاقتصاد متعدد القوميات والدول البيروقراطية: فإننا يجب أن 
نمارض عملية التسييس التي ستتخذ أشكالا جديدة...1**). في هذا 
المنهج تصبح اليوتوبيا اسما آخر للسيطرة. كتب فوكو: «ينسب مؤرخو 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


الأفكار عادة الحلم بمجتمع كامل إلى الفلاسفة والمشرعين في القرن 
الثامن عشرء ولكن كان هناك أيضا حلم عسكري بالمجتمع.. تروؤس 
خاضعة بدقة شديدة للماكينة.. لكل 

وقد ألهم البحث عن سلطة كلية الحضور بعض الأبحاث الأصيلة: 
كما فتح كل الأبواب أيضا أمام شبه الدراسات التي تعيد اكتشافها 
السلطة دون توقف. وتقليديا فإن الفكر السياسي قد بدأ - لا انتهى - 
بالتعرف على السلطة. والآن تبدو حقيقة السلطة كما لو كانت 
استيصارا باهرا . وقد طرح الفصل الثالث من كتاب روسو «العقد 
الاجتماعي» التساؤل عن «حقوق الأقوى». وكما صاغه روسوء فإن 
العبارة هراء خالص: «إن الاستسلام للقوة هو فعل من أفعال 
الضرورة...»: وليست هناك أي حجة يمكن أن تقوم كي تسلم حافظة 
نقودك إلى مغتصب يشهر المسدس في وجهك, ولكن... أين الحق؟ إذا 
كانت القوة تخلق الحق؛ فإن الأثر سيختلف مع اختلاف السببء وكل 
قوة أعظم من الأولى ستخلفها في الحق... ولكن... أي نوع من الحق 
هذا الذي يتلاشى حين تخفق القوةق(17). 

إن القدرة على التمييز بين ما تكن وما يجب أن يكون: وهي 
الشرط الضروري للفكر السياسيء؛ تت تتضاءل. وحقيقة السيطرة متعددة 
الوجوه والأنواع صعقت المفكرين الليبراليين واليساريين ودفعتهم إلى تكرار 
القول المبتذل بأن كل المقولات خادعة. والمنظر السياسي يهزأ بالتجرد أو 
عدم الانحياز ويعتبره عباءة للسلطة. يكتب أريس م. يونج: «إن فكرة 
التجرد تعطي الشرعية للتراتبية في عملية اتخاذ القرارء وتتيح لموقف 
صاحب الامتياز أن ييدو كآنه موقف عالمي...(”): وبقدر ما أن النزاهة 
نادرا ما تكون نزيهة» بل هي لا تكون كذلك أبداء فقد وجب أن توضع على 
الرف. كل المقولات العالمية تستخدم كأدوات للسلطة في التاريخ؛ وحيث 
إنها لا يعترف بها على نحو موحدء فهي زائفة. 

والأفكار المبتذلة عن التاريخ تضيف أفكارا مبتذلة عن السلطة؛ فالنقاد 
يلاحظون بغير انقطاع أن التنوع الثقافي على مستوى العالم يثبت أنه ليس 
ثمة فكرة أكثر صدقا من فكرة أخرى. كما لو أن حقيقة العبودية تيرر 
ممارستها. وقد أعلن أدورنو أن العقل البورجوازي المتأخر عاجز عن فهم 





نهاية اليوتوبها 


الصحة والأصالة في الوحدة والاختلاف الواقعين معا(؟؟). ولكي نضع 
الأمر على نحو أوضح. فإن الحقيقة التي يفكر الجميع يأنها صدرت عن 
مكان ما (الأصل) لا تصلح حجة لزيفها (الصحة)» ولا أن شيئا ما غير 
صحيح لأنه لا يلقى الاعتراف على نطاق عام.: أو لأنه يساء استخدامه. 
وقد يبدو هذا واضحاء لكن الدارسين ذوي الميول اليسارية يحاجون دائما 
بأن السلطة الكونية والتعقد ينفيان العالميات. 

يقول محررو مجموعة مختارة من الأدب الهامشي إن «مفهوم العالمية» 
يستبعد الشعوب المستعمرة» وخرافة العالمية بالتالي هي إستراتيجية أولية 
للسيطرة الإمبريالية... وافتراض العالمية ملمح أساسي في بناء السلطة 
الاستعمارية لأن السمات «العالمية» للإنسانية هي سمات هؤلاء الذين 
يشغلون مواقع الهيمنة السياسية...,('"). 

وتقع هذه الأفكار على آذان صاغية, يختار هؤلاء المحررون أنفسهم 
مقالة للروائي النيجيري تشيوا آتشيبيء يبدو فيها غاضبا وهو يوجه 
الاتهام بأن الأدب الغربي غالبا ما يعتبر «دعالميا». في حين لا يعتبر الأدب 
الإقريقي كذلك... «إنني أود أن أرى كلمة «العالمية» هذه وقد 00 
استخدامها تماما في المناقشات عن الأدب الأفريقي؛ حتى يأتي اليوم 
الذي يكف فيه الناس عن استخدامها كمرادف لتلك النظرة الضيقة 
المحدودة التي تمجد الذات من جانب أوروبا..»!'*). وفيما يتعلق 
بالموسيقى أو الشعر أو الرواية؛ فمن السهل أن تتضاعف هذه المشاعر. 
فالفنانون أو الكتاب في أمريكا الجنوبية أو أفريقيا أو آسيا يمترضون, 
بحق لأنهم يعتبرون دون أن يكونوا عالميين. 

وعلى أي حال؛ فإن امتداد هذا النقد من الفن إلى السياسة والفلسفة 
والعلم موضع تساؤل على الرغم من أن الموسيقى أو الشعرلهما 
خصوصية ثقافية ضإن هذا أقل صحة بالنسبة للحقائق العلمية والمبادئ 
الفلسفية. هل حقوق الإنسان غير صحيحة لأنها موضع انتهاك أو تجاهل 
أو لأنها ليست معروفة؟ وإذا كانت لا يعترف يها هل يعني هذا أنها زائفة؟ 
«إن الحقيقة صحيحة أيضا عند هؤلاء الذين يناقضونها أو يتجاهلونها أو 
يعلنون عدم أهميتها ...». هذا ما قرره ماكس هوركهيمر دفاعا عن فكرة 
أصبحت مهجورة تقريبا("”). 





جمالية كثية وو فنية رقيقة 


وعند الآكاديمي الحديث, فإن التنوع التجريبي يعني تعدد الحقائق 
والاستعمار يفرخ حقائق «عالمية» .تقول باحثة أنثروبولوجية هي آن ‏ 
بيلنداس. بريس إن «حقوق الإنسان قائمة على بناء ثقاضي». الذين يراقبون 
ويرافبون يتشاركون في واقع مركبء ماذا يعني هذاة «ليس هناك موقع 
موضوعي يمكن منه قياس حقوق الإنسان قياسا صحيحا ...». والنتيجة؟ 
«هذا يجب أن يعارض»؛ على نحو أساسي.ء الممارسة السائدة المتمثلة في 
«سجلات حقوق الإنسان» في دول معينة (عن طريق منظمات مثل «مراقبة 
حقوق الإنسان طع]2/ 5غطا1]18 1لقدن1ا]» ودمنظمة العفو الدولية 
لغصه220مع6 10 لإأوعمدوك» وداللجنة الدولية لرجال القانون [1028غهمرع م1 
115ل 01 000 الأن هذه التقويمات هي جزئية ومنحازة 
وناقصة بشكل داكمه... 020 

ويهاجم باحث يق معاد للاستعمار «الرياضيات الغربية» من حيث هي 
«السلاح السري للاستعمار الثقافي». والسبب مألوف: فالرياضيات 
الغربية, برغم زعمها بالعالمية. هي في حقيقتها أداة للقهر والسيطرة.. 
«بافتراضات العالمية والحيدة الثقافية» فرضت الرياضيات الغربية على 
«الثقافات الأهلية», وعلى أي حالء فإن العالم قد أنتج نظما أخرى 
للحساب مساوية في الصحة. 

وحسبما يقول أستاذ التعليم آلان بيشوب «فإن كل الثقافات قد ولدت 
أفكارا رياضية؛ تماما كما ولدت اللغة والدين والأخلاق والعادات ونظم 
القرابة...»؛ وثمة نظم رياضية أخرى بديلة: وعلى سبيل المثال: فقد عرف 
أهل «البابوا» في غينيا الجديدة حوالى ستمائة نظام من نظم الحساب, 
منها العد بالأصابعء وبإشارات الجسم. وبالحبال المعقودة, وبالخرز, 
وسواهاء وهذا يعني ضرورة الاعتراف «برياضيات عرقية» من حيث هي 
«نظم للأفكار الرياضية أكثر محلية وخصوصية». خارج أو ضد التيار 
الرئيسي في الرياضيات...,(**). 

وثمة نصير آخر «للرياضيات العرقية» يستنكر المنهج «المتمركز حول 
أوروبا» وادعاءه. يكتب مارسيلو س. بوريا؛ وهو معلم للرياضيات:؛ «أن 
الرياضيات الأوروبية هي «تكوين تاريخي» وبالتالي : فإن «الرياضيات 
الأكاديمية» ليست عالمية...» وتفضلها بكثير «الرياضيات العرقية» التي 
١ 0‏ 


1 
1 
0 


نهاية اليوتوييا 


طورتها ثقافات مختلفة؛ والحساب المحلي يتجاوز الرياضيات الأكاديمية 
«لآن الرياضيات العرقية التي تطورها جماعة ثقافية معينة إنما ترتبط 
بالعقبات التي نشآت في هذه الجماعة»(*0). 

إن الملاحظات التجريبية عن الرياضيات المختلفة والممارسات 
العلمية في شتى أنحاء العالم لا يكاد يمكن معارضتهاء ولا تؤدي إلى 
نتيجة أن كل مجتمع يستطيع: ويجب عليه: أن تكون له رياضياته 
المتفردة, والقول بأن العقبات المحلية لابد أن تؤدي ‏ بالضروري ‏ إلى 
حلول فعالة هو قول بالوهم. ترفض ميرا ناندا؛ وهي كاتبة في العلوم, 
النتائج الثقافية والسياسية لهذا الموقف. فهي تخرب «الكوزموبوليتانية, 
أو «التوجه نحو العالمية» وتشجع سياسات ملتبسة. وتقتبس عن 
عبدالسلام؛ العالم الباكستاني الحائز جائزة نوبل في الفيزياء؛ تأكيده 
لعالمية العلم.. «ئيس ثمة شيء اسمه العلم الإسلاميء وليس ثمة شيء 
أسمه العلم الهندوسيء ولا علم يهوديء ولا علم كونفوشيوسي... وفضي 
الحقيقة أيضاء ولا علم «غريي»... (01). 

وترى نانداء وهي من الهندء أن نقد عالمية العلم إنما يدعم 
أكشر الاتجاهات والجماعات تخلفا وتراجعاء فالقومية 
الهندوسية «في بلدي الهند لاشك قد أضادت من المناخ الثقاضي الذي 
يجنح فيهء حتى الذين يفترض أنهم مثقفون ونشطون يميلون إلى 
اليسارء إلى تتاول كل الأفكار الليبرالية والحديثة باعتبارها 
«غربية»؛ غير أصيلة, ومسن ثم لا تلائم الهند...» وهي تلاحظ هذه 
«المفارقة الحزينة» التي تتمثل في أن «أكثر المثقفين راديكالية في 
الغرب. مثقفي الحافة القاطعة: هم الذين يقدمون الذخيرة الثقافية 
للقوميين المتطرطين عندنا..(07), 

من هناء وثبة صغيرة إلى واقعة «سوكال»»: وهي حادثة تثقافية تفذت 
على فكرة أن العلم أقل من أن يكون عالميا: في 1947 نشر معلم للطبيعة 
في جامعة نيويورك في مجلة مهمة للدراسات الثقافية هي «النص 
الاجتماعي» (164 506181) مقالا طويلا يدعو فيه إلى رياضيات جديدة 
وفيزياء جديدة: بتباه كبير ومعرفةء هاجم آلان سوكال «الدوجماء» التي ما 
تزال سائدة بين العلماء بآن «هناك عالما خارجيا موجودا» يمكن تقنين 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


خصائصه في قوانين عالمية. واقترح؛ بدلا منه. علم ما بعد الحداثة, 
الذي يقر بوجود حقائق ومناهج عدة. 

كتب سوكال؛ مقتبسا عن مرجع آخر: «وثمة محك بسيط لتقويم 
العلم بعد الحداثيء هو أن يكون متحررا من الاعتماد على مفهوم 
الحقيقة الموضوعية..»: وقال إنه مثل الفن والفلسفة: فالعلم كله 
تاريخي؛ وإن كان قلة من العلماء هم من يعترفون بهذه الحقيقة,. «بدل 
ذلكء فهم يتعلقون بالدوجما التي فرضتها سيطرة ما بعد التثوير على 
المشقف الغربي», والتي تقضي «بوجود عالم خارجيء له خصائص 
مستقلة عن أي كائن إنساني». ولسوء الحظه مازال العلماء يعتقدون 
بأن الإنسان «يمكنه أن يحصل على معرفة موثوق بها». عن هذا العالم 
عن طريق «وسائل موضوعية». 

وبعد أن اقتبس ما قاله دريدا عن أينشتين. ضرب مثالا عن المنهج 
التاريخي بأن أي «نقطة مكانية ‏ زمانية» يمكن تحويلها إلى نقطة 
أخرىء ومن ثم يتآكل «التمييز بين المراقب وموضوع المراقبة». «علامة 
11 عند | قليدسء و) عند نيوتن؛ كان يعتقد في السابق أنهما داكمتان 
وعالميتان واليوم ينظر إليهما في ضوء تاريخيتهما التي لا يمكن 
تجنبها...»: وأنهس سوكال مقاله بالدعوة إلى «رياضيات متتحررة» 
جديدة: وأثقى على المفكرين المناصرين للمرأة الذين أدانوا 
الرياضيات الفربية من حيث إنها «رأسمالية. بطريركية: ذات 
طابع عسكري..[*0). 

كان هذا المقال خدعة. كيساري وفيزيائي أراد سوكال أن يعرض اللغو 
الذي يعتقد به كثيرون من اليساريين الحر فيين عن العلم. خاصة تلك 
الأفكار الرخوة عن تاريخية المعرفة العلمية؛ ولهذا الهدف اخترع مقالة 
تافهة تهيل الأوحال على الدراسات الثقافية؛ وأوضح سوكال «للنيويورك 
تايمز»: «قمت بتصميم هذه المقالة حول أكثر الاقتياسات سخفا عن 
الرياضيات والفيزياءء لأكثر الأكاديميين شهرة (في الدراسات الثقافية), 
واخترعت مناقشة تمتدحهم وتريط بينهم...»: وأضاف إن هذا كان عملا 
سهلا لأنه تجاهل «معايير الدليل والمنطق»!"”. التي تحبها مجلة 
«سوشيال تكست». 





نهاية اليوتوبيا 


بعدها تدافع المحررون وسواهم من المناصرين لتحقيق أقصى إفادة 
ممكنة من الموقف. أدانوا سوكالء وقالوا إنه «نصف متعلم», أو هو 
ببساطة متيجح.: أما محررا «سوشيال تكست»: بروس روبنز و أندرو 
روسء اللذان أعلناء حين نشرا هذا المقال؛ إنهما لا يعرفان شيكا عن 
العلم» فقد اتهما سوكال بأنه «مهدد» من جانب الدراسات الثقافية: كما 
لو أن هذا التهديد تمثل في إدانة الثقاضة الرثة. وليست الثقافة 3 
ذاتها("") ٠‏ وقالت نانسي فريزر: «من وجهة نظريء إن هذه الخدعة 
أطلقت شحنة قوية من مشاعر الرفض المبتهج لأنها جسدت خطا مهما 
كبيرا خاطتئًا في الصرل ابد الاشد شتراكي». «كما لو أن هذا القول قد 
أضاء أي شيءء!''). وعَبّر هومي ك. بهايها عن رأيه: «إن خدعة سوكال 
هي لون من «إخراج الانفعالات..», لقد تقصيت في مقال سوكال 
إستراتيجياته البلاغية وتكويناته اللغوية» ووجدت فيه قلقا مزاحا حول 
«استقلال» العلم؛ المختلف حوله..,("1). 

ستائلي فيش: المدير التنفيذي لمطبعة جامعة ديوك. التي تنشر 
«سوشيال تكست» دافع عن محرريه: هم جميعا يؤمئون بالعالم الواقعي 
وسياقه التاريخي ا نفسها التي نرى بها لعبة «البيسبول» كأمر 
واقعي وتاريخي 00 ٠‏ فمن بوسعه أن يشك في أن «البيسبول تكوين 
تاريخيء ولكن هل تعد قوانين الفيزياء التي تقوم عليها اللعبة هي أيضا 
تاريهية: بل حتى إمبريالية5 وأبدى مارتن جاردنرء وهو كاتب علمي. 
تدمره: «كأئما يريد «فيش» أن يذهل الجميع حين يعلن أن السمك (فيش) 
ليس جزءا من الطبيعة لكنه؛ فقط تكوينات ثقافية. واستجابة للضغط 
الواقع عليه كي يوضح هذا الرأي الغريب. يمكنه تفسير الأمر بإعلان أنه 
لم يكن يعني السمك «الحقيقي» الموجود هناك في الماء الحقيقي؛ بل كان 
يعني فقط كلمة «السمك ‏ فيش .(4'). 

مع وجود هواجس عميقة حول ما هو عالمي؛ وفقدان الرغبة في الحكم 
على أساسهاء وفكرة مبتذلة عن التاريخ: انجرف المثقفون اليساريون نحو 
تيار رئيسي محافظ يضم تقليدية بيرك والرومانسية الألمانية والإقليمية 
الأمريكية معا. وكلها تنكر النظم المجردة والموحدة في الفكرء وترتبط. 
عادة؛ بالاستنارة الفرنسية وتمجد ما هو خاص ومختلف. 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


وتصنيف هذه التيارات: بيساطة؛ باعتبارها محافظة؛ لن يكون 
دقيقاء فالشك في العالميات موجود في العديد من مدارس الفكر 
المختافة, بما فيها البراجماتية الأمريكية الليبرالية. والنزعة التجريبية 
الإنجليزية(”'). وقدمت محاضرات ويليام جيمس لسنة 15١9‏ المنشورة 
بعنوان «عالم متعدد» ثلاتماكة صفحة من الدفاع عما هو خاص ومتفرد 
من وجهة نظر واحدية شاملة. والتعدد يعني أن «الأشياء» مع بعضها 
البعض في أكثر من طريقة؛ ولكن لا شيء يشمل كل شيء أو يسيطر 
1 يلا 

وتتداخل العناصر المتقدمة والمتأخرة في هذا التوجه؛ و بقدر ما يُدافَع 
عن الفرد ضد شمولية قاهرة: يتنفس ا منهج أنفاس الحرية على نحو ما 
يبدو على سطح الرومانسية. وقد كان ثمة احتجاج ثابت على إخضاع 
الفردء وغالبا التضحية به. لحساب نظام أشمل يتخلل رومانسية القرن 
الثامن عشرء. وكما كتب أرتورأ. هجوي في كتابه الكلاسيكي «القيد 
العظيم على الوجود»: «في كل تاريخ الفكر. ثمة تغيرات قليلة فى معايير 
القيمة في مثل عمق وأهمية الرومانسية...». 

واقتبس لو فجوي عن لاهوتي القرن الثامن عشر فريدريش شيلير 
ماشر ما يصور هذه الحساسية الجديدة: استنكار التجانس وتفهم 
الفردية. تساءل شيلير ماشر: «لماذا يسود هذا التماثل التافه الذي يحاول 
أن يحصر الحياة الإنسانية السامية في نطاق صيغة واحدة لا حياة 
فيهاة؟ وهل كان يمكن أن يلقى الرواج إلا نتيجة افتقاد جذري للشعور 
بالخصيصة الأساسية للطبيعة الحية؛ التي تهدف في كل مكان إلى 
التنوع والفردية6..»[""). 

وفي مهاجمته «لإضفاء الصبغة الدوجماتية على حب النظام الذي... 
يستبعد كل الاختلافات «يبدو شيلير ماشر معاصرا من الوجهة الثقافيةء 
وهو يحدس بأن الدافع نحو التماثل يغذي العنف: 

إن الحب البائس للنظام ينبذ كل ما هو غريب... لأن هذا الغريب 
لو وجد مكانا فستنهار الصفوف المتراصة وسيضطرب التماسك 
الجميل... إن جنون التظام هو المقعد الملائم لحب وفن التزاع... 
وستنشب الحرب ويقوم الاضطهاد ... ودعاة النظام هؤلاء هم الذين 


1 


ا 
يط" 





نهاية اليوتوبيا 


تسببوا في هذا كله... إن أنصار هذه الثقاقة الميتة قد ملأوا العالم 
بالعودب ولد لا 

على أن لوفجوي الذي ابتهج بالتفهم الجديد للتنوع الفردي. سجل 
الخطر أيضا حين تتحول العناصر الراديكالية إلى الشك. ومديح التعدد 
الخصب الولود «لم يكن انتقائيا» و«التمرد ضد وضع المعايير للحياة ما 
أسهل أن يتحول ليصبح تمردا ضد مفهوم المعيار ككل...», كما كتب في 
أوائل الثلاثينيات: «إن حب التتوع قد أسلم نفسه بسهولة للعمل في خدمة 
أنانية الإنسان: وفي المجالين السياسي والاجتماعي بوجه خاصء تمثلت 
في لون من الخيلاء الجماعية المتجسدة في القومية والعنصرية!*"), 
وهذا صحيح. 

إن الرفض السطحي لما هو عالمي يودي إلى التأكيد ‏ غيبا وعن ظهر 
قلب ‏ على المتفرد والخاص. ويصبح التاريخ هنا هو التيرير العظيم. وهذا 
التيار من الفكر لابد أن يؤدي إلى المحافظة بقدر ما يدمر القضايا العامة 
الضرورية لإصدار الأحكام. وحين يعزل الكتاب والباحثون الشروط المحلية 
عن المقولات العالمية فإنهم يفقدون القدرة على تقويمهاء ويصبحون قادة 
مظاهرات: قوميين وشعوبيين. بحماسة مساوية يدين راجاني ك. كانث ‏ 
في كتابه «قطيعة مع الاستنارة» ‏ خداع العالمية الغربية» ويدعو إلى محلية 
غير غربية. في «مجتمعات الرأسمالية الأوروبية» يشيّطن الناس أحدهم 
الآخر وفق مقولات عريضة: أما في العالم غير الغربي «فالناس مترابطون 
بعلاقات القرابة والنسب والعاطفة (كما في الأشكال القَبلية على سبيل 
المثال)ء وهم من ثم لا يستطيعون ولا يرغبون في أن يشيطنوا رفاقهم 
على أسس تجريدية..('"), هل منعهم هذا من أن يقتل أحدهم الآخر؟ 
إن الحرب والعنف والرق ونظام الطبقات المغلقة ليست حكرا على الغرب. 
وهي لا تتحسن لو غرست في مواقف محلية. ويبدو أن هذا تم يحدث 
عند كانث. 

ويشير الدارسون عادة إلى التاريخية الألمانية باعتبارها حالة 
كلاسيكية لتراث بدأ باحتقار العالميات وانتهى إلى الإيمان بقومية سامة 
وفاسية. وثمة مقالة لمؤرخ من القرن الثامن عشر هو جوس توس موزر, 
يقتنص عنوانها هذا المنهج: «الميل الحديث إلى القوانين والمراسيم 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


العامة خطر على حريتنا المشتركة,!''). من موزر إلى القوميين في 
القرن العشرينء زعم المؤرخون أن العالميات تنتهك تعقد وتنوع الواقع 
الألماني» ودافعوا عن حقيقة ألمانية متفردة في مواجهة عالمية أورويا 
الفروةا""! اوعلن محديل الخال كن شخصيف الجرت العتامية الأولن: 
نشط لاهوتي له قدره هو أرنست تروليتش إلى القول بوجود تعاكس بين 
00 الآلماني من ناحية:؛ و«التجريد الأوروبي القائل بإنسانية عالمية 
ذكة1") من الناحية الأخري. 

عدم الثقة نفسها بالعالميات انتشرت بين المحافظين والإقليميين 
الأمريكيين. وليست مصادفة أن يعرف نظام الرق الأمريكي باسم 
«المؤسسة الخاصة». هي خاصة بقدر ما هي متباعدة عن الحقوق العالمية 
القائمة ضي كل كان الك 3 روطو اسقولان انه عدن أ تهتنا 
الإقليمية الأمريكية, المطالبين بالإصلاح الزراعي (4881351328 86)): على 
سبيل المثال؛ الذين دافعوا عن حياة الجنوب ضد التصنيع والتقدم في 
كتابهم الكلاسيكي الصادر في 197١‏ «سأتخذ موقعي...(”"!, 

ويرجع الإقليميون الجدد إلى المبادئّ نفسهاء فيتمسكون بحقائق 
محليةء وريما غير عادلة؛ ضد العالميات المجردة. جاء في بيان أصدرته 
«عصبة الجنوب» وهي جماعة محافظة مقرها الرئيسي في توسكالوسا 
بولاية ألاباماء أنه دخلافا لأمريكا» النظام العالمي الجديد: فإن العصبة 
مشدودة لا إلى قضية عالمية مثل الديموقراطية أو حقوق الإنسان: ولكن 
إلى ماض حقيقي في المكان والعشيرة...» إن العصبة «تؤيد العودة إلى 
نظام سياسي واجتماعي قائم على الولاء للعشيرة والأقارب. لا إلى دولة 
ديشر نه كمنية مبرسطة بفكرة حمنوق لاعن |0 العالمية...2(ا"). إن 
الخصوصية التي تبدأ باحتقار ما هو عالمي لابد أن تنتهي ‏ بالضرورة ‏ 
إلى الاحتفاء بالدم والعنصر. 

مرة ثانية. تقدم قضية دريفوس المثال الكلاسيكي: موريس باربيه: 
كان معاديا لدريفوسء أدان المثقفين باعتبارهم «مناطقة المطلق»» ورأى 
أنهم دمستأصلون» دوليون يتاجرون بالمجردات مثل «العدالة» 
و«الحقيقة». وأنهم «لم يعودوا ‏ تلقائيا ‏ يشعرون بأي علاقة تربطهم 
بالوطن». وبيدت الخطوة التالية واضحة. كان دريفوس يهودياء وكثيرون 





نهاية اليوتوبيا 


من أنصاره كانوا يهودا. اليهود مستأصلون والمشقفون يتاجرون 
بالمجرداتء ثم يقرر بارييه: «أما عندنا نحن. فإن الوطن هو ترابنا 
وأسلافنا. إنه أرض موتانا...» من الناحية الأخرىء عند المثقفين اليهود, 
فإن الوطن هو «فكرة» أو «ميل إلى التدميرن("”. 

العاطفة نفسها كانت وراء الرجعيين الألمان؛ مثل أرنست فون سالومون 
الذي اغتال رجل الصناعة اليهودي راشيو في السنوات الأولى من 
جمهورية فيمار: «إن المثقف يتحدث ويكتب مستخدما «أنا». إنه لا يبحس 
أي ارتباط. إنه يسبب التفكك... أما «نحن» المؤكدة للجيل الجديد فهي 
إدانة واضحة للنزوع نحو الشقاضة. هذه ال «نحن» للجيل الشاب من 
القوميين هي... مرتبطة بالدم..(8"). 

إن المفكرين الطليعيين يرجعون إلى الآفكار الأولية. فيتشككون في أي 
مفهومات تمضي إلى ما وراء الدم والمكان. الحقيقة تصبح «الحقيقة, 
والعقل «العقل» وحقوق الإنسان «حقوق الإنسان». وعلامات التنصيص هنا 
تشير إلى الطبيعة الذاتية ‏ كما يقال. السياق هو كل شيء... الحقيقة 
لا شيء. إن قلة قليلة فقط هي التي تستطيع اليوم أن تتكلم لغة التنوير: 
«نحن نؤمن بأن هذه الحقائق بينة بذاتها ...». بالنسبة لدارسي اليوم فإن 
هذه الكلمات تخفي قدر ما تظهرء فليست هناك حقائق بينة بذاتهاء بل 
مصممة وميتكرة, وهي تظهر في أزمان معينة وأماكن معينة: كانت هذه 
«حقائق أوروبا وأمريكا القرن الثامن عشر. وما «نحن» هذه؟ عصابة من 
الأشراف البيض؟ 

تكتب مفكرة سياسية نصيرة للمرأة هي جين فلاكس: : «لقد انكشفت 
كل الأفكار المؤسسة لما وراء القص في عصر التنوير...», وهي تعني 
مفهومات مثل العقل والتاريخ ا«الستيفج والزائف» أيضا ‏ هجراء لأن 
«الحقيقة داتما هي فضي سياقء!''). وتلقى هذه التفاهات المبتذلة 
نجاحا عظيماء كما كتب لوك فيري وآلان رينو عن الفلسفة 
الفرنسية الحديثة: «إذا كانت الحقيقة يجب أن تتناثر شظاياء وإذا 
كانت لم تعد هناك حقائق بل تفسيرات فقطء وإذا كانت كل إحالة إلى 
معايير عالية لابد أن تقود إلى الكارثة...» هما الذي يبقى سوى 
«الأصالة... أيا ما كان مضمونهاة...(*0), ١‏ 





جمالية كثيفة ووطنية رقيقة 


على أننا يجب أن تلح هنا: العالمي أيضا له دعوام. حتى أو بالضيط». 
احتجاج الفرد ضد نظام سياسي ماء يتفرع عن الحقوق العالمية في 
المساواة. دون هذه العالميات: التي تضعف في مواجهة الدعوات إلى المحلية 
والأصالة:ء تتبعثر المعارضة. باسم العالميات فإن الاحتجاج لا يحتج فقط: 
بل يؤكد عاما فيما وراء الانحطاط والتعاسة. يلمح إلى اليوتوبيا. 

وأكثر أعمال هربرت ماركيوز امتلاء بالرؤى «الشبق (أيروس) 
والحضارة» الصادر في 1506 يكشف عن الروابط بين اليسوتوبيا 
والاحتجاج والمقولات العالمية. وخلال الستينيات مجد ماركيوز ما أسماه 
«الرفض المطلق», أي دعوة الأفراد إلى رخض التعاون مع نظام اقتصادي 
واجتماعي مميت!'*). ورغم نبراته السياسية والإثارية فإن تعبير «الرفض 
المطلق» نبت في عمله الفلسفي «أيروس والحضارة» حيث استكشف 
الأبعاد اليوتوبية للفن والخيال. 

معتمدا على السورياليينء قال ماركيوز إنه ضفي ظل إنكار الواقعية الضيقة: 
نمّى الخيال والتخيل حقائقهما الخاصة... «في رفض القبول بحدود نهائية» 
للحرية والسعادةء وفي «رفض نسيان ماء يمكن أن يكون؛ تكمن الوظيفة 
النقدية للتخيل... إن الخيال يتجاوز الحقيقة المحدودة ليلتقط إمكاناتها 
الكامنة. إنه يتفهم الواقع على نحو أكثر امتلاء من الواقعية. وبالعكس؛ باسم 
واقعية مقيدة يتهم الخيال بأنه غير صحيح. 

ثم كذّف ماركيوز تحليله فيما أسماه «الرفض العظيم». الرفض العظيم 
هو الاحتجاج ضد القهر غير الضروريء والنضال من أجل ضرورة قصوى 
من الحرية: «أن تحيا دون قلق». لكن هذه الفكرة تمكن صياغتها دون 
عقاب في لغة الفن وحدها. أما في الفلسفة والسياسات الواقعية؛ فإن 
فكرة الحياة دون قلق «سوف تتهم بأنها يوتوبيا...»(""). 

وقد استمد ماركيوز عيارة «الرخض الكش التي تستثير ‏ في 
الوقت ذاته ‏ الاحتجاج واليوتويياء من مناقشة حول العالميات حاف 
ألفريد نورث هوايتهيد . كان هذا الفيلسوف الإنجليزي - الأمريكي يرى 
أن العالميات في الفن والنقد تتجاوز حالاتها الخاصة. إن لغته عسيرة 
قليلا لكن قضيته واضحة: «إن كل حدث واقعي» يجب أن يوضع في نسق 
تجريدي يتجاوزه... «وأن تكون تجريدياء يعني أن تتجاوز الحادثات 

ول اع 
598 


نهاية اليوتوبيا 


العيانية الخاصة ذات الوجود الواقعي...». وأن تتجاوز لا يعني أن 
تنفصلء والحقيقة أن العلاقة الدقيقة بين ما هو عالمي وما هو عياني 
مسألة مهمة. أي زهرة خاصة «حمراء» تقع دون «الأحمر» العالمي الذي 
نصفها به. لكن ما هو عالمي ليس زائفا: 
«وحقيقة أن قضية ما تتعلق بحدث واقعي هي غير حقيقية قل 
تعبر عن حقيقة حيوية خاصة بالإنجاز الجمالي. إنها تعبرعن 
٠‏ الرفض العظيم»»؛ الذي هو خصيصتها الأولية, وأي حدث يعد 
حاسما بالتناسب مع أهمية قضاياه غير الحقيقية.. هذه الكليات 
المتجاوزة هي ما تسمى ١:‏ بالعائيات ....,["0). 
هذا المنطق يلتصق بحوصلة التجريبيين وما بعد الحداثيين ومعظم 
اليساريين. إن العالميات الميتافيزيقية ملازمة للعالم» لكنها تتجاوزه. وأي 
حدث فردي قد يكون «غير صحيح» بمعنى أنه مناقض للواقعء لكن 
عدم صحته تفصح عن إنجازه أو حقيقته المختلفة وأساسها في 
المبادئ الميتافيزيقية. 
وإذا انتقلنا إلى الفلسفة السياسية؛ فسنجد القضية موازية لمنطق 
الافتتاحية في كتاب روسو «العقد الاجتماعي»: «يوئد الإنسان حرا وهو 
مَغَلّل في كل مكان». عند أصحاب المنطق التقليدي وعند اليساريين تبدو 
هذه العبارات متناقضة أو غير صحيحة أو خلوا من المعنى. فكيف يكون 
الإنسان حرا من الوجهة الميتافيزيقية. وغير حر من الوجهة التجريبية؟ أو 
على حد تعبير المتشكك في كتاب ألكسندر هرزن «من الشاطئ الآخره» فإن 
هذه القضية تكشف عن «احتقار للحقائق». «غلماذا توجد كل الأشياء كما 
هيء إلا الإنسان5», إن روسو كان يمكنه القول أيضا بأن الأسماك ولدت 
لتطير لكنها في كل مكان تسبح في الماء(8). 
على أن منطق هوايتهيد وروسو ينم عن منطق السلب أو الرفض: برغم 
أن المقولة الأولى: العالمية» مناقضة لحقيقة الثانية ‏ في مجال الحقيقة 
التجريبية ‏ إلا أنها تحتفظ بصدقها. من هنا لا تصبح القفزة كبيرة إلى 
السياسيات اليومية والاحتجاج. وهؤلاء الذين لا يعرفون شيئًا عن مقولة 
«الرفض العظيم» يتقبلونها ‏ على نحو غرزي ‏ باعتيارها الأساس 
التاريضي للاحتجاج. وفي رفض التعاون مع هذا المجتمع يتضمن «الرفض 





جمالية كثيفة 'ووطنية رقيقة 


العظيم» تأكيد مجتمع أفضل. وبالعكس: فعلى الرغم من الوضعية 
السياسية لانزعة إلى التدمير, فإن الرفض العرضي للعالميات ‏ باعتبارها 
إمبريالية ‏ يقوض الدافع نحو عالم مختلف. 

ويذكرنا المؤرخ أيوجين جينوفيز كيف كانت احتفالات «الرابع من 
يوليو» تشير المشاكل في «جنوب العبيد». فخلال هذه الأحداث كان 
الانفصال الفاضح بين لهجة الحرية العالمية الموجودة في «إعلان 
الاستقلال» من ناحية؛ والعبودية القائمة, من الناحية الأخرى, يثير 
القلاقل!”*"): في التسمال كان اتصبان إلغناء الرق والعبيد السابقون 
يطالبون بالاحتكام إلى مبادئ الإعلان فيما يتعلق بانتهاكها كل يوم. جاء 
في التماس قدمه رجل أسود إلى مجلس يوسطن التشريعي في 18617: 
«مرة واحدة كل سنة؛ على أرض الحرية: في يوم ميلاد الحرية... يحتشد 
الناس في اجتماعات عامة؛ ويعلنون بترنيمات عالية ومتصلة ظلم هذا 
العالم... «ونحن نؤمن بأن هذه الحقائق بينة بذاتها...»...» ولكن ‏ يكمل 
ويليام ج. د وتكينز ‏ «قوانينكم وضعت في نظام التمييز الطبقي؛ ولدت 
فيهء إن التمييز الطبقي هو الإله الذي تتعبد له وتقدسه هذه الأمة 
العظيمة» وصاح بصوت كالرعد : «أعطونا حقوفنا...» عاملونا كبشرء 
نفذوا مبادئ إعلانكم الخالد»!/). 

وكان دائما ثمة إغراء في استبعاد الاحتفالات والمبادئّ واعتبارها 
كذيا وزيفا. دوى صوت فريدريك دوجلاس في خطاب سنة ؟180: 
«ماذا يعني يومكم هذاء الرابع من يوليوء للعبد الأمريكي؟ ما معنى 
الرابع من يوليو للزنجي؟ سأجيبكم: هو اليوم الذي يكشف له؛ أكثر من 
سواه من أيام السنة كلهاء قدر الظلم الهائل والقسوة الواقعيّن عليه 
باعتياره الضحية الدائمة. بالنسبة له: إن احتفالكم عار عليكم, 
حريتكم المزعومة... حريتكم الزائفة... صياحكم بالحرية والمساواة 
شتحرية فاضعة:.: 

إن هذا ييدو معاصرا جداء هجوم مدو على العالميات «الغربية» 
باعتبارها خديمة. لكن التفحص الدقيق يوحي بأنه يعني العكس تقريبا: 
إنكار الحقيقة باسم الأفكار. إن دوج لاس يلعن الرق لخيانة فكرة 
الحرية: لا الأفكار لخيانة الأمريكيين ‏ الأفارقة. إن شجب الرابع من 





نهاية اليوتوبيا 


يوليو باعتياره نفاقا يمتد إلى فكرة المساواة... «إنها تتحسر على الهوة 
الفاغرة بين الزعم والحقيقة!7", 

ومثل الآخرين المطالبين بإلغاء الرق؛ استمد دوجلاس «التشجيع» من 
«المبادئ العظيمة» لإعلان الاستقلال التي رأى أنها تنتشر في كل أرجاء 
العالم. ولم يعد ممكنا «لمارسات ضارة... أن تمارس إيذاءها متمتعة 
بحصانة اجتماعية... لا إساءة معاملة ولا انفجارات للعنف سواء في 
الذوق أو الرياضة أو جمع المال... يمكن أن تخفي نفسها من هذا الضوء 
الغامر... (04). بعدها بخمسين سنة قال إميل زولا: «ليست لدى سوى 
رغبة واحدة ... أن أرى النور باسم الإنسانية...». كل هذه ليست سوى 
سذاجة. أي نورة أي مبادئ؟ أي إنسانية5 اليوم فإن الجيل الجديد من 
النقاد يعتبرون هذا كله هراء؛ إنهم يرون أقل. 








الحكمة بالتجزفة. .. 
الجنون بالجملة 


في 15148, حيا الشاعر ألكسندر أ. بلوك 
الثورة الروسية بنشوة وابتهاج. كتب إن هدف 
الثورة «أن تقضي على كل شيء... آن تجعل كل 
شيء مختلفاء أن تبدل حياتنا الزاكفة؛: الدنسة, 
المضجرةء البشعة؛ إلى حياة عادلة: نظيفة, 
مرحة: جميلة...»: 

«إن اتدفاع الثورة الروسية التي تريد أن 

تغمرالعالم كلك... على أمل أن تطلق إعصارا 

يلف العالم على اتساعه... يحمل الرياح 

الدافئة وأريج بساتين البرتقال إلى الأرض 

المغطاة بالثلج. ويرطب السهوب التي تسعفها 

الشمس في الجنوب بالأمطار الشمالية 

الياردة... , السلام والأخوة بين الأمم» هما الراية 

التي تمضي في ظلها الثورة الروسية....[١).‏ 

وتكاد انبثافقة بلوك في حماسته لليوتوبيا أن 
تكون الأخيرة في القرن العشرين. وعلى أي 
حالء: فالحماسة تتضاءل مع كل عقد: وليست 
الأسباب غامضة. وقد استتتج بعض النقاد 
والنشطاء أن الآمال اليوتويية انتهت في 


! 
1 


نهاية اليوتوييا 


الخمسينيات: ولكن عند آخرين فإن الحرب العالمية الأولى والستالينية 
والنازية قامت كلها بإنجاز المهمة. بلوك نفسه مات متحررا من 
أوهامه في ١؟191.‏ 

وإذا كان القرن التاسع عشر أتاح قيام اليوتوبيات. فإن القرن 
العشرين أثار رياحا مضادة لليوتوبياء فمنذ بداية القرن: مع كتاب كارل 
كراوس «الأيام الأخيرة للنوع البشري» وكتاب أوتو شبنجلر «انهيار 
الغرب» تحول المزاج إلى التقوض والسقوط. يكتب المؤرخ يوجين ويبر: 
«إن الفترة التي تشكل فيها العداء لليوتوبيا هي السنوات التالية على 
الحرب العالمية الأولى: حين بقيت الآمال الكبيرة التي بلغت ذروتها في 
7 و1118 دون أن تتحقق...1". واليوتوبيات التي تحدثت إلى هذا 
القرن كانت «يوتوبيات فاسسدة 145م03:50» مثل عمل زامياتين «نحن». 
وعمل هكسلي «عالم جديد شجاع» وعمل أورويل .»١584٠«‏ وكلها تصور 
عاما من السيطرة والهيمنة. 

لقد «كسب» الغرب الحرب الكاردة د هذا الانتصار - على نحو 
مؤقت ‏ الأمل والتفاول. وللحظة هبّت نسمة يوتوبية ضعيفة على أرجاء 
العالم» ودفع الخوف من الشيوعية العالمية الدول الغنية إلى إنفاق 
البلايين على القنابل والدفاع والصواريخ. .ومع كسوف الاتحاد 
المسوفييتي. بدا الحديث عن «السلام المقسوم» يصيح مسموعاء 
والأموال التي تحررت من الإنفاق العسكري يمكن أن تتدفق نحو التعليم 
والصحة واحتياجات المجتمع. وللمرة الأولى منذد عقود كثيرة, تستطيع 
دول الغرب الغنية أن تركز جهودها على احتياجات العالم دون أن 
يعوقها خطر التخريب الشيوعي 

ماذا حدثة لم يتغير سوى القليل. إن حروبا وحشية: محلية وإقليمية 
ودينية تندلع بانتظام. يشير مسح الصراعات العالمية إلى «أن هناك 
ع وحرويا أهلية أكثر من أي وقت مضى في هذا 
القرن...,(). ولم يكد الإنفاق العسكري يقل؛ وتساءل عدد من المعلقين 
الذين ا | وعود 1984: دماذا حدث لتقاسم السلامة,! ). وتنتهي 
دراسة كثيبة عن العنف العالمي إلى أن «الآمال التي قامت بنهاية الحرب 
الباردة في عالم أفضل وأكثر حكمة قد تبددت..(0) 





الحكمة بالتجزئة... 


انقشعت التهديدات العالمية للديموقراطيات الغربية, واختفت 
الشيوعية بالفعلء ويدا العالم متهيئا لاحتفالء لكن المزاج بقي كثيبا 
ومنذرا بالسوءء ويعث عدو من الكتب التي تتابع صدورها شيح 
الانهيار العالمي والفوضى العالمية. لقد أصبحت الأمور أسوأء وليس 
أفضل. ييدأ الاقتصادي البريطاني ستيورات لانسلي كتابه «بعد هجمة 
الذهب» يفصل مخطط المشتهد العسام: «حرب وركود ضي أوروباء 
مجاعة في تلث أفريقياء هجرة ودرا تتوافر لها أسباب الحياة, 
بيكة عالمية متدهورة: تآكل الاستقرار السياسي والاقتصادي ضفي كل 

أنحاء الغرب»(0. 

وقد يتوقع المرء أن معاديا صلبا للشيوعية مثل زيجنيو بريجنسكي 
سيبدي ابتهاجه باختفاء الشيوعية السوفييتية. لاء ليس الأمر هكذا, 
إنه يعنون تأملاته عن فترة ما بعد الحرب الباردة: «خارج تطاق 
السيطرة»؛ وهو يرى زيادة اشتعال الحروب الإقليمية وانتشار أسلحة 
الدمار الشامل والولايات المتحدة غارقة. يكتب: «إن الأزمة في عالم ما 
بعد الشضيوعية يمكن أن تتعمق». وتؤدي إلى «عودة ظهور 
ديماجوجية ألفية». وحروب بين دول الشمال والجنوب ويمكن آن 
يقوم عندها «تحالف جديد بين الدول الأشد فقرا ‏ ريما بقيادة 
الصين ‏ ضد الدول الغنية...(). 

صامويل هنتتجتون: مناضل صلب آخر من مناضلي الحرب الباردة 
يختلف مع مخطوط بريجنسكيء لكنه يتنب كذلك بإراقة الدماء 
والانهيار. يقرر في كتابه «صدام الحضارات وإعادة صنع النظام 
العالمي»: إن «لحظة الفرح الطاغي ونهاية الحرب الباردة فجرت وهم 
الانسجام». هذا الأستاذ الخطير من هارغارد يتتبأ «بقيام عالم من 
الصراع العنصري والصدام المجباريه. ويخطط حريا عالمية تتشب 
بين الولايات المتحدة والصين د تؤدي إلى دمار نووي»: وقيادة إسبانية. 5 
برتغالية جديدة ‏ غير محسوب حسابها ‏ في الولايات المتحدة؛ تتهم 
نخبة «الواسب 7/857» بالمسؤولية عن هذا الدمار. في الوقت ذاته 
تندطع «حشود» من الأفارقة إلى حطام السفينة الأوروبية الغارقة. وإذا 
أمكن تفادي الحربء يفكر هنتنجتون فيما إذا كان على الغرب المتوعكء 


1 
٠. 
5 
و‎ 


3 






85 
5 


نهاية اليوتوبيا 


الذي أنهكه «الانحطاط الأخلاقي والانتحار الثقافي والتفكك 
السياسي» أن يخضع للأمم الإسلامية والآسيوية. إن المستقبل يبدو 
عبوها» .دما ستسعطيع اموت أن يدس سه أو رفي ا 
الداخلي على التعجيل بنهايته؟...,(8). 

ولعل المزاج المعاصر يمكن اقتتاصه على نحو أفضل من كتايات 
الصحافي رويرت د . كابلان» في تقريره عن الفوضى والتفكك في كل 
أنحاء العالمء والمنشور بعنوان «نهايات الأرض» انتهى إلى القول: «إثنا 
خارج نطاق السيطرة». فأوروبا وأمريكا الشمالية خاضتا حريين 
عالميتين ثم حربا باردة ليجدا أنهما تجتاحهما أمراض وبائية مثل 
«الإيدز»ء وكوارث بيتية وجريمة منظمة... وأحوال متردية... «إضافة 
إلى تزايد بشري على مستوى العالم. واشتداد الكوارث في كل 
أرجاء العالم يهدد بأن يفرق الرخاء والحريات المقلقلة في الغرب, 
«إن الحقيقة المبتذلة» هي أن المستقبل سيكون «قاسيا وموّلما وعنيفا 
0000001 

وأخيراء قال كابلان بأن الديموقراطية ذاتها أصبحت منظورا 
مشكوكا فيه لمعظم أرجاء العالم؛ فهو يكتب: «إن جهود فترة ما بعد 
الحرب الباردة» لفرض الديموقراطية تخلو من منطق معقول؛ «نحن 
نصوب البنادق إلى رؤوس شعوب العائم الناميء» ونقول لهم: «تصرفوا 
كما لو أنكم قد مررتم بتجرية الاستنارة الغربية... تصرضفوا كما لو أن 
0 من شعوبكم متعلمون. تصرفوا كما لو أنه لا توجد بينكم صراعات 
عرقية أو إقليمية دامية...». ويقدم أمثلة وافرة: «انظرو إلى هايتي» 
حيث حاول "7 ألف جندي أمريكي إعادة «الديموقراطية» في 1594. 
حيث لم يشارك سوى 5 ممن لهم حق الانتخاب في ممارستهاء وحيث 
تهددهم المجاعات والكوارث على نحو دائم(' '). عند كابلان ومراقبين 
كثيرين» فإن انتصار الديموقراطيات الغربية ضي الحرب الباردة لم يؤد 
إلا إلى الغم والاكتكاب. 

وليست هذه الجهامة مقصورة على من يتناولون الموقف العالمي؛ 
فمن نظرة طلاب الجامعة إلى أكثر النظريات الأكاديمية تقدماء تتقدم 
الكلبية وتتأخر اليوتوبية؛ واسم اللعبة هو الواقعية والعملية. بالنسبة 





الحكمة بالتحجزئة... 


للطلبة والشباب فإن هذا التحول الشامل نحو الشؤون العملية يبدو 
واضحا ومبررا ويتعذر تفسيره. واضح لأن أبسط اختيار يثيت أن 
المستقبل العملي والوظائف هي الأهداف التي يتطلع نحوها الطلاب. 
ومبرر لأن التطلع نحو كسب العيشء, والرغبة في حياة طيبة لا يمكن 
التقليل من أهميتهما. 

وهو أيضا يتعذر تفسيره يقدر ما أن الموقف الاقتصادي لم يصبح آسوأ 
بشكل واضح مما كان عليه قبل عشرين أو ثلاثين سنة. حين كان ثمة 
حاجز ‏ بالنسبة للبعض على الأقل . يتيح مساحة مناسبة للاحتماء من 
إلحاح الشروط الاقتصادية الساحقة. وخطر أن يتحول أبتاء وبنات الطبقة 
الوسطىء والطبقة الوسطى ‏ العلياء إلى مشردين ما لم يسيروا في طريق 
عملي ضيقء خطر لا يقوم على أسس كافية. إن ما أدى إلى هذه الوثبة في 
توجه الطلاب نحو المستقبل المهني والعلمي ليس انهيار الاقتصاد. الذي لم 
يحدث؛ ولكن انهيار الاعتقاد بأن المستقبل يمكن أن يكون مختلفا. إن 
الاقتناع بأن المستقبل سوف يكون تكرارا للحاضر هو ما يخنق أنفساس 
التطلعات اليوتوبية. 


#6 كا 


وبطبيعة الحال, لم يكن القرن العشرون حكاية متصلة لانهيار الرؤية 
اليوتوبية. فمند قيام الثورة الروسية: وضي العشرينيات حول السورياليين, 
ثم مرة ثانية في الستينيات توهجت الأفكار اليوتوبية ثم انطفأت. على 
أي حالء اليوم أصبح الجميع واقعيينء. وأصبحت الأفكار الهادية كلها 
سياسات ويرامج محددة لعلاج أدواء محددة. وبرغم ل الدراسات 
البحثية عن اليوتوبية:, إلا أن الروح اليوتوبية ميتة أو مفتقدة في كل 
أرجاء الأرضر(!"). 

والمسافة الفاصلة بين اليوم وأحدث انبعاث يوتوبي في الستينيات 
ينيفغي أن تقاس بالقرون. ويمكن إدراك هذه الهوة لا بالنظر إلى 
اليوتوبيين الملتحمسين في الستينيات: ولكن بالنظر إلى أولتئك الذين 
يقاومون التجاوزء أعني المفكرين الليبراليين. في الستينيات كان حتى 
أكشر الليبراليين رصانة يفكرون في إمكانات التحول الشامل في 


ص 


م5 


تهاية اليوتوييا 


المجتمع؛ وبرغم أنهم لم يكونوا غافلين عن أشكال المظالم الاقتصادية 
والعنصرية: إلا أنهم كانوا يضمرون رؤى ضي الرخاء الشامل 
والحرية الشاملة, ولم تعد المسألة هي كيف يبلغون هذا المجتمع 
الجديد. الذي بدا أنه ينتظر عند الناصية, بقدر ماهي كيف 
ينظمونه. كتب روبرت ثيوبولد في كتابه «تحدي الوفرة» الصادر 
في :151١‏ «ونحن كذلك يمكن أن نبلغ مجتمع الوفرة في الدول 
الغنية قبل نهاية القرن العشرين...»: وفيه سيحصل كل فردء يمن 
فيهم: «الطالب, والكاتب؛ والفنان» وصاحب الرؤى؛ والمنشق... على 
ضرورات الحيا ا 
وبالروح نفسهاء كان ديفيد رايسمان يفكر في آقاق الوفرة الشاملة 
في كتابه الذي صدر في 1917: «الوضرة... من أجل أي شيء5» وفيه 
كتب: «لم يحدث أن بلغ أي مجتمع الموقع الذي بلغتاه الآن من حيث 
الاقتراب الوثيق من تحقيق الحلم المعمر بالتحرر من الحاجة؛ والحلم 
بالوضرة...»: فال رأسمالية قد تجاوزت حتى «أكثر أنصارها تفاؤلا...» 
ولم يعد المفكرون السابقون صالحين للقيادة, و«نحن لا نستطيع 
أن نرى كثيرا من الحكمة عند أنبياء الوفرة القدامى هؤلاء. لأن 
قلة قليلة منهم هي التي تتبأت بقرن الوفرة الفعلي هذا ...», 
ويوتوبيا إدوار بيلامي «تصور مستوى لطيفا وجميلا من الحياة, 
لم يتحقق منذ زمن بعيد. يتمثل في نطاق من متوسط الدخل 
المرتقفع...». وكانت المشكلة عند رايسمان هي مايمكن عمله 
بهذه الوفرة... «إنه لأمر استثنائي أننا لم نكد نتوقع مشكلات هذا 
المستقبل الزاهسن!”). 
وفي ,151١‏ نشر مفكر ليبرالي آخر هود جورج كاتب» عمله 
«اليوتوبيا وأعداؤهاء الذي كان دفاعا معتدلا عن اليوتوبيات. وبرغم أن 
الكتاب لم يكد يتشمم ريح تمرد الستينيات. إلا أن إطاره وتعبيراته 
توحي بمقدر التفير. وقد استجاب كاتب لحجة معتادة ضد اليوتوييات ‏ 
على سبيل المثال ‏ هي أن قيامها يقتضي العنف. وعلى أي حال: كان 
اهتمامه الأساسي إعادة تأكيد هذه التحديات. لا من حيث الوسائل: بل 
315 ك ضاغطة لآن الأهداف كانت في 





1 
الدع لم مم1 ناماع 


ا 


الحكمة بالتجز ثئظ... 


مرمى النظرء وكانت الآفاق الفعلية تدفع التقاد إلى التساؤل: ماذا 
سوف نفعل في مجتمع المستقبل9 

كتب جورج كاتب: «تتبع هذه الهجمات من الاعتقاد بأن العالم» في 
وقت قريب (قريب إلى حد لا يحتمل) سيكون تحت تصرفه ‏ إذا شاء - كل 
المستلزمات المادية لطريقة في الحياة توصفء عادة: بأنها «يوتوبية»...», 
مع التطور التكنولوجي والعلمي «فإن أحلام الماضي ورؤاه في حياة 
الامتلاء والانسجام للعنصر البشري كله. ستكتسب ‏ للمرة الأولى ‏ قابلية 
التصديق...»: وحين تقوم هذه الإمكانات سبوف ينكص النقاد ويجدون هده 
اليوتوبيا مضجرة ولا تحتمل. أراد كاتب أن يقنع المتشككين بأن اليوتوبيا 
لن تكون مملة ولا داعية للكآبةل" '). 

وقد لا نكون في حاجة إلى أن نؤكد أن خطر الرخاء العالمي لم يعد 
يمنع أحدا أن ينام الليل؛ ولم يعد المفكرون الليبراليون معذبين بما يجب أن 
يفعلوا في مجتمع الوضرة؛ والمواطنون المتقلبون ليسوا في حاجة إلى العون, 
كي يظلوا مشغولين إذا تحرروا من العمل والكدح. لا مجتمع يلوح في الآفق 
يعد بمجتمع فيما وراء العمل. 

إذا كان ثمة من شيء: فإن العكس هو ما أصبح الحكمة التقليدية 
والحقيقة الموجعة: الوفرة تتطلب عملا إضافيا وساعات أطول. 
والعاكلات التي فيها واحد فقط يحصل على أجر يصبح فيها اثثان, 
وطلبة المدارس العليا والكليات يتزايد طلبهم للعمل؛ والعمل يتوسع. لا 
يتقلص. فضلا عن ذلكء فاليوم يعتقد الجميع أن الرخاء لايد أنه مؤقت 
أو مقيدء وأي إدراك لرخاء لا ينتهي في غير مكانه لأنه لن يدوم: ولن 
يكون هناك الكثير. الكتب والمقالات تتحدث عن «نهاية الرخاء» أو 
تصاعد أشكال عدم المساواة بين الغني والفقيرء ولكن ليست عن اتساع 
انتشار الثروة» فهذا ما لا يتوقعه أحدء ولا يخشاه أحد. 

على أن كل اليوتوبيات لم تتلاش. جماعات المتعلقين بالعصر الألفي 
السعيدء والمخلصون للقصص العلمية؛ وقلة من علماء البيئة: ما زالوا 
يحتفظون برؤى يوتبية. وبين بقايا اليوتوبيين اليوم فإن أكثرهم دلالة, 
بلاجدالء هم «المستقبليون»»: أي أولئكك الذين يصورون رؤاهم للمستقبل 
التي تعتمدء اعتمادا أساسياء على التقدم التكنولوجي. هم يوتوبيون 


189 


4 اللسيايكة 


نهاية اليوتوبيا 


حيث إيمانهم بأن مجتمعا شديد الاختلافء فائق الامتياز. هو أمر 
ممكنء بل هو وشيك. إنهم يتصورون حضارة صناعية جديدة تقوم على 
وجود متحول. 

هل هم يوتوبيون حقا؟ إنهم يختلفون عن اليوتوبيين التقليديين بعضس 
الاختلاف إنهم لا يقيمون مجتمعاتهم في الماضي السحيق ولا فضي 
المستقبل البعيد ولا في الجزر الناتية. على أنه ليس اختلاف الحيز أو 
المكان هو ما يميز اختلافهم عن اليوتوبيين الكلاسيكيين. بل رقة 
رؤيتهم. حَلّم توماس مور بيوتوبيا بلا حرب, بلا مال؛ بلا عنف ولا ظلم. 
بعدها بخمسة قرون حلم أكثر المستقبليين خيالا بيوتوبيا فيها الحرب 
والمال والعنف والظلم. إن مستقبلهم يشبه ‏ إلى حد كبير . المناطق 
المنعزلة ذات الرخاء في عالم اليوم. هي فقط أكثر بهجة وملاءمة. إنهم 
يرسمون صورة لا تختلف كثيرا عن الضواحي المترفة المعاصرة. أحياء 
مزروعة بالعشبء. فيها البيوت والكمبيوتر ومحطات العملء تبدو 
مختلفة وسط مساحات شاسعة من العنف والظلم. المستقبليون 
يوتوبيون في عصر معاد لليوتوبيا. 

على سبيل المثال يتحدث نيوت جنجريتش في تقديمه لكتاب اققين 
من المستقبليين هما إلفن وهيدي توؤظلر «إبداع حضارة جديدة». كيف 
كان النموذج الذي قدماه تحضارة «الموجة الثالثة» ذا نفع عظيم للجيش 
الأمريكيء «فالعقيدة الجديدة للجيش أدت إلى قيام نظام أكثر مرونة, 
وأسرع خطىء وبلا مركزية؛ وأكثر ثراء بالمعلومات, يستطيع تقويم 
ميدان المعركة وتركيز المصادر واستغلال قيادة لا مركزية جيدة 
التدريبء. لسحق الأعداء في العمصر الصتاعي...», وآل توقلر 
أتنفسهم حلموا بعالم تستطيع فيه الولايات المتحدة «أن تبيع... 
الحماية العسكرية المعتمدة على سيطرتها على القوى المتفوقة 
للموجة الثالثة...». 

والحقيقة أن رؤيتهم تتجاوز بيع السلاح إلى بيع البضائع: فهم 
يبتهجون ابتهاجا شديدا لأن «هذا التحول نحو التكنولوجيا المرنة 
السريعة يتيح التنوع ويغذي اختيار المستهلك حتى أن مخزنا من مخازن 
«الوول مارت» يستطيع أن يقدم للمشتري حوالى ٠١٠٠١‏ منتج في 


00 





الحكمة بالتحزئة... 


مختلف الأنماط والأحجام والنماذج والألوان لينتقي منها...». على أن 
«الوول مارت» سيظل مكانا تقليديا للتسوق الكبيرء ستتجاوزه الأنماط 
الجديدة من الأسواق الصغيرة «المخازن الخصوصية: اليوتيكات, 
المخازن المتفوقةء نظم للتسوق المنزلي عن طريق التلفزيون: الشراء عن 
طريق الكمبيوترء البريد المباشر وسواها من النظم؛ ستقدم تنوعا 
متزايدا من القنوات يستطيع المنتجون عبرها توزيع سلعهم...». ثم 
يتحمسون لأنه «مع الكابلء والتلفزيون المتبادل سيكون بوسع الياعة 
انتقاء المشتركين والتصويب عليهم بدقة أعظم...». 

وخشية أن تبدو رؤية اليوتوبيا عندهم كسماء للتسويق»: عملية لأبعد 
الحدودء فإنهم يقدمون بعض الاقتراحات كي يثيروا الدعم لحضارة 
جديدة: وهم يعتقدون أن تأسيسا واسعا يمكن أن يلتئكم حول موضوع 
واحد : «التحرر». ويوما ما كان التحرر يعني الانعتاق من العمل والقهر. 
أما في الألفية الجديدة فهو يعني «التحرر من كل التنظيمات القديمة 
الخاصة بالموجة الثانية»» ويضرب آل توظلر مثالا لهذه التتظيمات 
القديمة قوانين الضرائب... «إن تخفيض جداول الضرائكب ظهر إلى 
الوجود نتيجة مصالح رجال الصناعة القدامى التي كانت تفترض 
بقاء الآلات والمنتجات سنوات عدة...» أما بالنسبة «للصناعات التي 
تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة سريعة التغير» ضي المستقبلء. فإن 
الآلات قد لا تبقى سوى شهور أو أسابيع. وقوانين الضرائب القديمة 
تعوق التحرر. وحين تطرح هذه التنظيمات القديمة جانبا «فستنهض 
أمريكا جديدة: مختلفة اختلافا أساسيا..("")., 

ميشيل ل. ديرتوزوسء من «معمل 1111 لعلم الكمبيوتر» وضع رؤيته 
اليوتوبية في كتاب جعل له هذا العنوان الموحي بالثقة «الذي سيحدث». 
وربما هو وائق لآن ما سيحدث هو «بدرجة تزيد أو تنقص» ‏ ماهو 
حادث. وفي مقدمة كتبها بيل جيتسء رئيس «مايكروسوفت» يقول إنه 
لا يوافق الأستاذ ديرتوزوس في كل المناحي» لكنهما يتشاركان في رؤية 
متوهجة: «إن عملا جديدا سينشاء وثروات جديدة ستتكون...»: ويصف 
ديرتوزوس عالما جديدا يتركز حول ما يسميه «سوق المعلومات» وهي 
طريقة جديدة في التسوق والعمل والراحة. 


نهاية اليوتوبيا 


وهو يقدم أمثلة تلحياة أفدءل.» سيصحو مواطن المستقبل من نومه 
على الموسيقىء هذه الموسيقى ليست مقصورة على مجموعته المحدودة 
من الأسطوانات المدمجة. فسوف تكون كل مقطوعة سبق تسجيلها 
مثبتة. ومقابل رسم يومي بسيط. ستصلك الموسيقى المختارة حسب 
«بروفيلك» الشخصي. 

ولن تكون ثمة ضرورة لبذل الجهد في البحث بين أسطواناتك. هل 
سيكون الصوت محيطا بك؟ «طبعاء فأنت لست في حاجة إلى أن تبقى 
مقيدا إلى جانب هذا الجهازء وإذا كانت لديك الرغبة فضي المغامرة, 
تستطيع أن تطلب ما يدهشكء. وسيتولى النظام البحث العشوائكي عما 
هو مختلفء بل حتى عماهو «مناقض» تماما للبروفيل...»: ويهدر 
ديرتوزوس هذرا كثيرا حول هذا التفير وذاكء ولكن لا شيء يوحي 
بتحول حقيقيء أو أي تلقائية: هبطت الحرية إلى مستوى الاختيارات 
العشوائية للكمبيوكن. 

ويعرف ديرتوزوس أنه يتوجه بخطابه إلى الدول الغنية؛ وثمة أفق 
محدود في أن يشمل سوق معلوماته اليوتوبي هذا الناس كلهمء والحقيقة 
أنه يشير إلى أن هذا سيفاقم من صور عدم المساواةء حيث إن معظم 
العالم تنقصه البنية التحتية التكنولوجية اللازمة: وبرغم أن عرض الأفلام 
حسب الطلب حقيقة قائمة في الدول الصناعية «إلا أن ؟ طقط من بيوت 
السود في جنوب أفريقيا بها خط تليفوني». وهو يقترح أن تقوم الدول 
الغنية بتقديم العون للدول الفقيرة عن طريق تكوين «هيئات الشفقة 
الفعلية», تقوم بعملها من خلال سوق المعلومات. كيف تؤدي هذه الهيئات 
وظيفتها؟ يقضي عدد من الأشخاص ال مخلصين ساعات طويلة يكدحون 
على شبكات نقل المعرفة مثل الإنترنت. يقومون بالتوفيق بين هؤلاء 
المحتاجين وأولتك الذين لديهم خدمات أو إمدادات. سيكون طريقا ذا 
اتجاهين. ويضرب مثالا: 

«تخيل طبيبا من سريلانكا يتقاضى أجرا متواضعا... يستطيع أن 
يقدم الرعاية الطبية لأمريكيين لا يستطيعون أن يدفعوا التكلفة 
الياهظة لهذه الرعاية في بلدهم: إنهم يستطيعون أن يقضوا ساعات 
أمام أجهزة نقل صور من الأكشاك الطبية في العيادة المجاورة لهم: 





الحكمة بالتجزئةق... 


يستطيع الطبيب السريلانكي أن يستقبلها ... ويصدر تعليماته لممرضة 
أن تقوم بالرعاية المطلوبة. هذا كله بتكلفة زهيدة يمكن أن يدفعها أحد 
الملحسنين أو منظمة خيرية: تخيل أنك تستطيع أن تقدم هذا اللون 
من الخدمة للفقراء والمشردين في أمريكا الذين لا يحظون اليوم بأي 
رعاية طبية...('), 

كلمتا «اشرّع» أو ارهب» قد تكونان أكثر ملاءمة من كلمة «تخبل». 
فكرة أن الولايات المتحدة ‏ التي قامت بنقل معظم مصانعها إلى البلاد 
رخيصة الأجور ‏ سوف تقوم بصرف حالاتها الطبية غير المربحة إلى 
أطباء العالم الثالث؛ الذين يحصلون على دخول قليلة؛ والذين سيقومون 
بالدفع عند أطراف خطوط الكمبيوترء وذلك من أجل تقديم 
الخبرة ونشرها بين المرضى البعيدين: هي فكرة توجز مستقبلا 
متوحشا لا زاهرا. 

وثمة يوتوبية أقل طموحا تبدو في خطط ربط كل الفصول 
الدراسية؛ بشبكة الإنترنت: بتكلفة عدة بلايين من الدولارات: على حد 
كلمات نائب الرئيس الأمريكي (السابق) آل جور: «بمضاعفة 
استثماراتنا في تكنولوجيا التعليم... سنحقق هدفنا في ربط كل فصل 
دراسي؛ وكل مكتبة بطرق نقل المعلومات السريعة والممتازة مع العام 
٠٠‏ وهكذا نسطيع تهيئة أطفالنا للقرن الحادي والعشرين: بأن نضع 
عصر المعلومات كاملا عند أطراف أصابعهم...,!"'). وبرغم أن قليلين 
فقط هم الذين يودون أن يوصفوا بأنهم من محطمي الآلات؛ إلا أن هذا 
الاقتراح يؤسطر التكنولوجياء وسيصل المستقيل عن طريق الأسلاك 
المعدلة والوصلات الكهربية. 

ليس الأمل جديدا ولا المشكلات جديدة؛ هل بوسع مزيد من أجهزة 
الكمبيوتر والمعلومات الفورية أن تغير التعليم: إذا بقيت البيئة الإنسانية 
قاصرة5 هل تعوض أجهزة الكمبيوتر الحاجة إلى المعلمين؟ حسب 
إحدى جمعيات مديري المدارسء أوضحت دراسات قليلة قيام رابطة 
بين أجهزة الكمبيوتر والإنجازء لكن هذه الجمعية تساءلت عما إذا كانت 
البلايين المخصصة لتلك الأجهزة تستلزم التضحية يمعلمي الموسيقى 
والفن «الأقل إثارة» ('). وريما كان عليهم أن يضيفوا أيضا: «الكتب 





نهايةاليوتوبيا 


الأقل إثارة أو عتيقة الطراز» وقد نشرت صحيفة «لوس أنجيلوس 
تايمز» ‏ بعد سلسلة تحقيقات حول إدخال أجهزة الكمبيوتر إلى 
فصول الدراسة ‏ مقالا جاء فيه أن نصف الطلبة في كاليفورنيا 
كانوا في حاجة إلى كتب المراجع؛ وأن كثيرا من المعلمين يعتقدون أن 
وقتاطويلا قد ضاع في القراءة بصوت عال تعويضا عن 
غيابهء!"'). في الوقت ذاته, يتواصل بناء «طرق نقل المعلومات 
السويعة والممقاوة بهد 

إن الاعتقاد بأن وسيطا جديدا سيؤدي إلى تحويل المجال الثقاضي هو 
أمر يتكرر عرضه في كل جيل. على أن كل وسيط جديد: الراديو. الفيلم 
أو التلفزيون سرعان ما يتكامل مع الثقافة. ولا يكاد «الإنترنت» و«علوم 
الضبط الفضائية» تختلفان. كتب أحد النقاد: «إن المعلنين لا يشجعون 
مضمون البث المباشرء لكنهم يقومون بتشكيل جانب كبير من المشهد 
الفعلي عند الأطفال»؛ وهذا يعني أن التسلية والإعلان والمعلومات سوف 
«تمتزج» معاء ويعني أيضا أن الأطفال يصبحون مستهلكين... «هذه 
الوسائط الجديدة القائمة على التفاعل مصممة بحيث تصنف الملامح 
الشخصية لكل طفل مما يساعد على تطوير الإعلان المفصل على ماس 
الفرد. وهو ما يعرف «بالتصويب على أهداف بالغة الدقة» أو «التسوق 
واحدا لواحد»...(”'). 

تقدم «مركز تعليم الميديا» بالتماس إلى «مجلس التجارة الفيدرالي» 
بمفع هذه الممارسات؛. وضرب مثالا بموقع على شبكة الإنترنت أطلق 
على نفسه «ملعب الأطفال من سن غ إلى :.»١6‏ ومن أجل الدخول إلى 
الأنشطة المتتوعة؛ كان يطلب إلى الأطفال؛ أولاء الإجابة عن سؤال: 
«من تريد أن تكون5», ويتتضمن أسئلة عن العنوان والسن وتاريخ 
الميلاد والأنشطة المفضلة؛ إلى جانب معلومات عن بقية أفراد الأسرة. 
وتحصل الشركة التي تدير الموقع على هذه المعلومات وتقوم ببيعها. 
تقول الشركة في كراسة التسويق: «حين يتعلق الأمر باتجاهات الأطفال 
وآرائهم»... إن شركة «كيدز كوم» تقدم الإجابات. إذا كنت تقدم 
منتجا جديدا. فإن «كيدز كوم» تقدم لك طريقة سريعة وفعالة 
لإنضرات سا 1 





الحكمة بالتجزئة... 


في أفضل الأحوال؛ فإن النموذج التكنولوجي للتعلم تلهمه الحقائق 
والمعلومات. والمتحمسون له يفترضون أن العالم سيصيح أفضل إذا 
امتلك أناس أكثر وسائل أيسر للمعرفة؛ هل المسألة هي إتاحة المعرفة, 
أيا ما كانت5 هل ستغير المعلومات الإضافية من طبيعة التعليم5 آم أن 
هناك شيئًا مفتقداء الرغبة في التعلم والتخيل؟ هل نحن في حاجة إلى 
الحقائق أم إلى الفهمء القدرة على التفكير في هذه المعلومات5 لقد 
جنحت الثقافة الأمريكية دائما 0 الحقائق. على أن توصيل 
المعلومات يتقدم: والعلاقات الاجتماعية تترا تتراجع: «إن صديقة لي كانت 
تشكو إلى معلم ابنتها ذات الشماني 000 أن حكايات الجنيات»: 
والأساطيرء وما إليها من الأدب التخيلي. قد استُبعدت كلها تقريبا من 
المناهج لمصلحة كتب المعلومات...» 

كان هذا دوايت ماكدوناد في 11017 يحتج على «انتصار الحقيقة», 
المنهج الأمريكي القاضي بأن الحقائق ذهب. كان متخوفا من أن تزيح 
الحقائق التفكير. المشكلة هي «كيف يمكن مراوغة المطالب النهمة على 
انتباه الفرد بما يكفي كي يفكر قليلا...!'') لقد كتب هذا ضي زمن 
التقاويم الضخمة ودوائر المعارف متعددة المجلدات: فما الذي كان يمكن 
أن يقوله عن بنوك الإحصاءات والمعلومات المتاحة بشكل دائم تقريبا 
على أزرار الكمبيوترة وما الذي كان يمكن أن يفكر فيه عن خط «الزج» 
بالطلاب إلى مستودعات البيانات الشاسعةة8 

ويداخل بعض النقاد القلق لأن «المعنى» متلكي وراء المعلومات. بوسع 
التكنولوجيا أن تقدم على وجه السرعة كما هائلا من المادة. لكن التمثل 
العاقل يقتضي وقتا وجهدا. يكتب عالم الاجتماع أورين أ. كلاب: دإن التفكير 
في موطتوع ا هامر نطوم بطبيعد»: كما توحي بذلك المترادفات: أطال 
الفكر, عمل الفكر, هلب الأمر. تروى في الأمر...», 2 إلى «جبل هائل 
متزايد من المعلومات:؛ إزاءه لا يعرف الناس فيم يفكرون...,!" 

بالروح نفسها التي يبديها ماكدونالد يرى الكاتب سفين بركرتز أن 
سيل المعلومات المتواصل التدفق يغيم الفهم ويطمس الرؤية. وبدلا من 
ممارسة «التفكير» في مشكلة ما أصبحنا تمارس جمع المعلومات بشأن 
هذه المشكلة: 


م« 


انع تسا 


نهاية اليوتوبيا 


«إن انفجار المعلومات... لم يفعل سوى تدمير الأساس الذي تقوم عليه 
عملية الفهم. ووسط انشغالنا بالمنظورات والمسالك الجانبية للمعلومات 
التي تتمدد بلا توقف في كل الاتجاهات: نفقد القدرة على تقبل 
إمكان تجميع الصورة كاملة. وبدلا من ذلك؛ نكرس طاقاتنا في عملية 
إذارة العلومات..ت. 

إننا نفقد الوقت والراحة لنتصور ما تعنيه المعلومات... «وحين يسود 
الدافع الإلكترونيء. وحين تصبح الذات مشروطة بالعمل عن طريق 
المعلومات, تستحيل الخيرة بالزمن العميق؛ وإذا استحال الزمن العميق 
استحال الرَّجّع؛ وإذا استحال الرجع استحالت الحكمة»!*). 


بن لزنا نز 


في القرن العشرينء كان لليوتوييا وقع سيء؛ لأسباب معقولة في 
الغالب., فلم يخفت النقد التقليدي بأنها لا علاقة لها بالواقع, بل 
تصاعد: «في لغة الحديث اليومي, فإن صفة «يوتوبي» تعني: ؛ أساسياء 
ا فوق القمة»». «دغير واقعي» «لا علاقة له»...»» وأن تصف 
أشخاصا بأنهم يوتوبيون: فهذا يوحي بأنهم لا يملكون حسا بالواقع» 
وأن مشروعاتهم أو أفكارهم لايد أن تفشل لأنها تتجاهل الإمكانات 
العيانية'). هذا النقد. على أي حال لا يدين اليوتوبيين بأنهم أشرار 
أو خطرونء هم؛ في أفضل الأحوالء ناس لطفاءء. وفي أسوتهاء لا 
علاقة لهم بالموضوع. 

لكن نقد اليوتوييا لا يكاد يتوقف هناء فالفكرة التي قال بها 
المحافظون أولاء وهي اليوم تلقى القبول من الجميع تقريباء مدعمة 
بخطط ويرامج عملء هي أن اليوتوبيين يمكن أن يثيروا الدمار كي 
يقيموا رؤيتهم الخاصة علي أرض الواقع» وقد فعلوا . ومن ثم فإن فزع 
العالم الحديث يمكن أن يعزى إلى اليوتوبيين؛ وهذا قول يبدو معقولا 
لكنه يفتقد الدليلء فحمامات الدم في القرن العشرين يمكن أن 
تسوب بالعدو دفتسنهة - إلكن اعتواء السوكؤنيا: البنووة راظوين: 
والفنيين أو التكنوقراطيين والمتعصبين للقومية وللدين: أصحاب الرؤية 
القاضيرة لبهي : 





الحكمة بالتجزئة... 


وقد آثار كتاب هانا آرندت الصادر في ١51‏ ... بعتوان «إيخمان في 
أورشليم» الجدلء لكن عنوانه الفرعي «تقرير عن تفاهة الشر» يوحي 
بالصدقء ويتناول الكتاب الاتهام الإسرائيلي ضد كارل إيخمان بأنه كان 
أداة في ترحيل اليهود وموتهم الجماعي في أثناء الحرب العالمية 
الثانية. وعند آرندت فليس ثمة عنصر يوتوبي يمكن تقصيه في أذهان 
إيخمان أو النازيين, تكتب عن إيخمان: «فيما عدا اهتمامه غير العادي 
بتقدمه الشخصيء فلم تكن لديه أي دوافع على الإطلاق....». وحتى مع 
بذل أقصى الجهدء تضيف: «لا يمكن استخراج آي فكر عميق ذي طابع 
شيطاني أو إبليسي عند إيخمان...,(١").‏ 

وحديثا قام المؤرخ كريستوفر براوننج بدراسة ممارسات كتائب 
الشرطة الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية. وكانت مكونة ‏ بشكل 
أساسي ‏ من «رجال في منتصف العمرء ينحدرون من عائلات من 
الطبقة العاملة أو الطبقة الوسطى الفقيرة...». وقد أُرسلوا إلى بولندا 
لقتل اليهود . ولم يجدهم متفردين في أي شيء:؛ لم يكونوا يتميزون 
بالعاطفة أو الكراهية أو الأحلام اليوتوبية» ولم يقوموا بعملهم «بدوافع 
التتعصب أو المرارة أو الإحباطء ولكن بالتفكير الحذر». كانت كتائب 
الشرطة مكونة من شباب أوساطء أو من «رجال عاديين»؛ وهو العنوان 
الذي اختاره براوننج لكتابه.("). 

إن هذه الدراسات تضيء قضية العنف في القرن العشرين أفضل 
من تلك الإشارات العارضة إلى اليوتوبيين المتوحشين: إن مزيدا من 
الدم قد فك في القرن العشرين لحساب التفكير البيروقراطي 
والنقاء العنصري والتضامن العنصري والقومية والطائفية الدينية 
والانتقام: بأكثر مما كان لحساب اليوتوبية7*'). ولتأكيد هذه الحقيقة 
لابد من الدخول إلى العالم المظلم للقتلى وأعدادهم. وبرغم أن كثيرين 
يفكرون في أن عمليات القتل التي ارتكبها النازيون كانت متفردة: فإن 
القضايا تختلف باختلاف أطر النظرء فثمة عنف جماعي على كل 
الأشكال. هنا لا تعود المشكلة ‏ ببساطة ‏ فتلا تشرف عليه الدولة 
لجماعة ماء بل موتا جماعيا نتيجة الحروب العالمية والحروب الأهلية, 
وكيف يمكن أن ترتبط اليوتوبيا بهذا العنف. 


نهاية اليوتوبيا 


إن اغتيال أرشيدوق باسم القومية الصربية أشعل حربا لا يكاد يمكن 
تفسيرها بمقولات يوتوبية: وكذلك يمكن القول بأن الحرب العالمية الأولى 
لم تؤْدٌ فقط إلى قيام الثورة الروسية؛ بل هيأت المسرح للحرب العالمية 
الثانية. هذه عبارة المؤرخ الفرنسي العظيم إيلي هاليفي تلتقط التتابع: «إن 


عصر الطغيان يرجع تاريخه إلى أغسطس 0....1915''), فكيف ترتبيط 
الحربان العالميتان باليوتوبية؟ 


إن ما أعقب تقسيم الهند أدى إلى حوالى مليون قتيل بين الهندوس 
والمسلمين» وقد تكون هذه خصيصة مميزة للعنف المعاصر أكثر من 
القمع السوفييتي. كتب اثنان من علماء السياسية نهاية السبعينيات: 
«إن أحدث عمليات الإبادة الجماعية على نطاق واسع هي حادثة 
انفصال بنجلاديش...». التي يقدر عدد من لقوا حتفهم فيها بمليون 
شخص|' ". أو انظر إلى الحرب الأهلية الإسبانية: وقد تجاوز عدد من 
تُفذت فيهم أحكام الإعدام أو قُتلوا انتقاما عدد قتلى المعارك: وحسب 
قول جابرييل جاكسون: فإن القوميين «قاموا بتصفية ما يتراوح بين 
٠‏ ألف و٠١٠٠‏ ألف من مواطنيهم...(1"). 

قليلون هم الذين حاولوا إحصاء وتصنيف العدد الإجمالي لقتلى 
الحروب من كل الأنماط؛ ويقف عمل جيل إليوت «كتاب القتلى في القرن 
العشرين» وحده تقريباء والجملة الافتتاحية هي: «إن عدد القتلى على يد 
الإنسان في القرن العشرين يقارب مائة المليون», وتشمل سلاسل العنف 
الكبرى عنده الحرب العالمية الأولى والصين (الحرب الصينية ‏ اليابانية 
بشكل أساسي) والحرب الأهلية الروسية؛ والدولة السوفييتية. واليهود ضى 
أوروباء والحرب العالمية الثانية,!' '). ويبدو واضحا أن قلة فقط من هذه 
النسبة هي ما يمكن أن تعزى إلى اليوتوبيين. 

كان إليوت يكتب أوائل السبعينيات7' '. واليوم يجب أن يضاف إلى 
الحساب القتلى في كمبوديا ورواندا والبوسنة وسريلانكا والجزائر 
وغيرهاء وهذا لا يغير من الصورة شيئاء على أي حال حتى لو كان 
العنف في كمبوديا يمكن أن يُعزى إلى يوتوبية مجنونة. فإن هذا لا 
يصدق ‏ بوجه عام في أماكن أخرى. إن العنف القومي والعتنصري 
والديني هو ما يملأ مستودعات الدم: يذكر تقرير كارينجي عن العنف 





الحكمة بالتجزئة... 


في العالم: «عقب شهور قليلة من نهاية الحرب الباردة: أكدت النزاعات 
القومية العدوانية نفسها في غزو العراق للكويت. وسرعان ما أعقب 
حرب الخليج الصراع في البلقان والقرن الأضريقيء والإبادة الجماعية 
الصريحة في البوسنة ورواندا...». ويقدر التقرير عدد من قُتلوا فى 
«صراعات عنيفة» منذ 1944 بأكثر من أربعة ملايين: منهم أكثر من 
نصف المليون شي رواندا وحدهال '). فأين اليوتوبيون؟ 

هذا لا يعني إنكار دورهم المتعطش إلى الدم؛ لكن التفرقة ضرورية 
برغم ذلك. من الذين من المحتمل أن يمارسوا العنف ومن الذين كانوا 
أشد عنفا؟ المتدينون المتعصبون؟ القوميون الملتهبون؟ العنصريون 
الغاضبون؟ اليوتوبيون المتحمسون؟ أما دمغ كل اليوتوبيين بضاتم العنف 
فغير دقيق وغير عادل. في كتابه عن اليوتوبيا والعنف ربط جوليان 
فروند بينهما كسيب ونتيجة؛ لكن عالم الاجتماع الفرنسي هذا ركز 
فقط على الإرهاب الثوري من روبيسبيير إلى لينين!”'). قد يكون هذا 
عدلا. ولكن ماذا يقول عن اليوتوبية الوديعة عند شارل فورييه أو ويليام 
موريش5 .ماله اليه 

وماذا يفعل المتحدثون عن اليوتوبيين والعنف بإدوارد بيلامي 
ورؤيته في «المذهب النباتي»5 كتب عن يوتوبيته: «إن عاطفة الأخوة, 
ومشاعر التضامن فرضت نفسها لا على الرجال والنساء فقط؛ بل 
أيضا على رفاقنا الأكشر تواضعا في الحياة فوق الأرض... 
الحيوانات...». ويقول الطبيب الطيب في القرن التاسع عشر نزائره: 
«ألا ترىء يا جوليان» أن سيادة هذه النظرة الجديدة قد تؤدي بالناس 
إلى أن يعتبروا التهام رفاقهم الحيوانات ممارسة منقّرة... شبيهة باكل 
لحوم البشرؤلا ). 

برغم ذلك تربط الحكمة التقليدية بين اليوتوبيا والعنف؛ ووجه 
السخرية أن اللاجئين من النازية مثل بوبر وتالمون: الذين شغلتهم إخفاقات 
الماركسية أكثر مما شغلتهم طبيعة النازية. قد نجحوا في القول بأن 
اليوتوييين أغرقوا العالم في الده(""2. لكن الأساس الواقعي لهذه المقولة 
يظل هزيلا. وشكرة أن اليوتوبيين ممارسون للعنف, وأن الواقعيين وادعون, 
هي من آساطين زماننا: 





نهاية اليوتوبيا 


وتصدرت وجوه أخرى لتنقد اليوتوبيا من علم النفس, ٠‏ قفي عصر 
فضح الزيف يرى كثيرون أن اليوتوبيات تعكس توق مبتكريها إلى الحكم 
والهيمنة. فمجتمعات المستقبل تتحدد بالنظام والروتين. والخطط 
التفصيلية لليوتوبيات غالبا ما تبدو أوتوقراطية وقاهرة: واليوتوبييون 
ذواتهم يبدون سلطويين مستبدين. كتب لويس ممفورد في تأريخه 
لليوتوبيا أن «النظام الممستبد» و«النزعات الدكتاتورية» لكثير من 
اليوتوبيات قد نفرته؛ فاليوتوبيون يميلون ‏ بوجه عام إلى «فرض نظام 
أحادي صلب على الأنشطة الممنوعة... عن طريق خلق نظام يفتقد 
المرونة تماما... وحكومة بالغة المركزية: بالغة الإطلاقية...(4). 

ودون شكء. فإن كثيرا من اليوتوبيات تؤكد هذه الاتهامات. فى 
«مدينة المسيح 0115م01501320» يصف جوهان فالنتين أندريا 5 
النساء في يوتوبيا القرن السابع عشر: «لدى كل منهنء فقط؛: طاقمان 
من الثيابء واحد للعمل والثاني لأيام العطلات. وهو نفسه لجميع 
الطبقات؛ ويتحدد الجنس والعمر بشكل الثياب... واللون للجميع أبيض 
أو رصاصي - رمادي...(3). ويعدها بعدة قرون قسم إدوارد بيلامي 
«الجصيش الصناعي» في يوتوبياه إلى شلاث درجات. وكل درجة إلى 
طبقتين: ويعلق كل عامل شارة تحدد صنعته ورتبته «شارة 
الدرجة الشالثة من الحديد. والشانية من الفضة. أما الأولى 
فمطلية بالذهب..»('4). 

تبدو هذه اليوتوييات مقيدة وقاهرة؛ ومؤلفوها أنفسهم لعية سهلة 
لفضح الزيف ذي الطابع السيكولوجي. وهم أحيانا يعترفون بإخفاقاتهم, 
كتب أندريا في سنة 1114: «كما هي الحال بالنسبة لبقية الناس (وأنا من 
بيتهم)ء ار م ا ع المدينة لنفسي كي 
أستطيع أن أمارس فيها الدكتاتورية....1'*). وإذا كان بيلامي لم يعترف 
بنقاظ ضعقه: فقد قعل هذا 7 ستمتعوا بما فعلواء كتب المؤرخ آرثر 
ليبو أن استبداديته «تعبر عن احتياج عميق في تكوينه النفسيء لقد كان 
شخصا وحيدا مضطريا اضطرابا شديدا..13(0), 

على أن هذه الحجج لا تطوي القضية؛ فكشف الزيف السيكولوجي 
قد يكون مضيئا أحياناء لكنه لعبة في وسع الجميع أن يلعيوها . فهل أن 





الحكمة بالتجزئة... 


هؤلاء الواقعيين, الكلبيين: المعادين لليوتوبية. الذين دعاهم س. رايت 
ميلز «الواقعيين المعتوهين»؛ هم أكثر اتزانا وأقل وحدة واضطرابا؟ غير 
محتمل. وفكرة أن اللياقة السيكولوجية للفتانين والشعراء أو اليوتوبيين 
(أو الممثلين أو السياسيين) تدل على قيمة أعمالهم: هي فكرة تنم عن 
منهج اختزالي فج. أما اكتثاب كثير من اليوتوبيين فمسألة أخرىء هنا 
ليست الأمور بهذه اليساطة. 

إن الكآبة لا تصدر عن اليوتوبية قدر ما تصدر عن غيابهاء أي الإخفاق 
في التفكير بجسارة. خلال جولة في أوروبا أعجب بيلامي إعجابا كبيرا 
بالجيش الألماني حتى أنه استخدمه نموذجا للمستقبل. أما الخطط 
التفصيلية والطرائق الروتينية التي تصيب كثيرين من اليوتوبيين؛ فقد 
تكون راجعة إلى تعميم جوانب ملتبسة من الواقعية المعاصرة. لهذا السبب 
ظل ماركس والذين تابعوه على صمتهم فيما يتعلق بالمستقبل؛ فهم يعتقدون 
أن المجتمع الحر لا يمكن تنظيمه مسبقاء وأن اليوتوييا فقط هي القادرة 
على أن تخطط لنفسها. 

وعلى أي حال؛ فإن هذا البعد المتعلق بالكآبة في اليوتوبيات ليس كل 
شيء؛ ولو أنه كان كذلك ما استحقت سوى قليل من الاهتمام. 

بعد أن أثبت قائمة بالأخطاء. لم ينته كتاب ممفورد عن اليوتوبيا 
عند الصفحة الثالثة. بل استمر لأنه وجد في اليوتوبيات ما لم يجده 
في أي مكان آخرء فاليوتوبيا تتعامل مع المجتمع باعتياره وحدة دينامية, 
وهيء من ثم عكس «التجزيئية والإقليمية والتخصيصية» السائدة. إن 
اليوتوبيات تتوجه إلى «مستودع الإمكانات الكامنة» التي لا يعيها أي 
مجتمع وعيا كاملا. فقد اكتشف أنه حتى أبسط اليوتوييات وأكثرها 
سذاجة تنطوي على «خصائص إنسانية ملحوظة» يفشل المتشككون ضي 
التعرف عليهاء و«اليوتوبيون المثاليون الذين بالفوا ضفي تقدير قوة 
الفكرة لاشك ضي أنهم كانوا أكثر امتلاكا لحواسهم: وعلى 
ارتباط وثيق بالحقائق الإنسانية أكثر من أولكك «الواقعيين» 
العلميين والعسكريين»!"*). 

وإيضاح هذا الأمر يجازف بإثارة مشكلة. وعلى نحو ما يشير كريشنا 
كونار فإن الكتب عن اليوتوبيا «غالبا ما تأخذ هيئة دليل التليفون: يُنشر 





نهاية اليوتوبيا 


خيط من الأسماء ‏ للكتب والمؤلفين ‏ مصحوبا بملخصات: في كبسولات, 
لمحتويات هذه الكتبء!**). على أنه حتى النظرة الخاطفة إلى اليوتوبيات 
الكلاسيكية تجسد وجهة نظر ممفوردء قد يكون أندريا شاء للتساء أن 
يرتدين الألوان الرمادية والبيضاءء لكن مجتمعه ربما كان يعيب ألوانا أكثر 
حداثة. ويوتوبياه تقوم على «ثلاث صفات خيرة في الإنسان: المساواة 
والرغبة في السلام واحتقار الثروةء حيث إن العالم يتعذب ‏ أساسا ‏ 
بعكسها...». ولدى جماعته أسلحتهاء لكن القاطئين يعرضونها على 
زائريهم مع رفضهم لها: دلأنه في الوقت الذي يمجد فيه العالمء بوجه 
خاصء آلات الحرب والراجمات وسواها من أسلحة القتال؛ فإن هؤلاء 
الناس ينظرون بهللع إلى كل أدوات الموت والأدوات المميتة.المحتشدة 
نمسا العو 
وبرغم أنه من السهل أن تهجو بيلامي وتسخر منه؛ وأن تفترض تبادلا 
يحدث بين «مستر ويست» زائر القرن التاسع عشر لليوتوبيا ودليله «دكتور 
ليت». يسأل ويست عما يحدث للأفراد المرضى أو العاجزين عن العمل؛ 
ويشرح ليت أنه في مجتمع معقد فإن الجميع في شراك الجميع؛ والجميع 
اعت دهم 
«أجبت: قد يكون الأمرهكذاء لكن هذا لا يمس قضية هؤلاء 
العاجزين عن تقديم أي شيء في الانتاج الصناهي... 
أجاب الدكتورليت: يقينا كما قلت لك صباح اليوم... إن حق 
الإنسان في الحصول على تصيب من مائدة الأمة يعتمد على حقيقة 
أنه إفسان؛ وليس على قد رالصحة والقوة الذي لديد... 
أجبت: أنت تقول يهذا... لكنني أفترض أن هذه القاعدة تسري 
فقط على العاملين ذوي القدرات المختلفة؛ ولكن هل تسري على من لا 
يفعلون شيئا على الإطلاق؟ 
- أليس هؤلاء أيضا من البشر؟ 
- هل بوسعي أن أضهم أن الأعرج والأعمى وال مريض والعاجز هم 
مثل الأكثرقدرة, ويحصلون على الدخل نفسه © 
كانت الإجابة: نعم بالتأكيد... إذا كان تك أخ مريض في بيتك... 
عاجرز عن العمل... فهل تطعمه طعاما أقل قّيمة من طعامك... 





الحكمة بالتجزئة... 


وتكسوه على نحو أقل منك9... أغلب الظن أنك ستعطيه الأفضل.. 
أجبت: طبعا... لكن الحالتين ليستا متساويتين... فهذا النوع من 
الأخوة لا تمكن مقارنته بأخوة الدم... 
صاح الدكتورليت: هكذا يتكلم القرن التاسع عشر... إذا كنت 
أقدم لك في جملة واحدة, مفتاح ما يمكن أن نسميه أساطير عصرنا 
لدى مقارنتها بعصرك... فسأقول لك إن حقيقة التضامن والأخوة 
بين البشر, والتي كانت بالنسبة لك ليست سوى عبارات جميلة هي 
بالنسبة إلى تفكيرنا ومشاعرنا حقيقية وحيوية مثل الأخوة 
الفيزيقية تماما...[41). 
إن التعبير نفسه «يوتوبيا» مستمد من «يوتوبيا» توماس مور التي 
ترجع إلى العام 1017: وقليل في هذا العمل ما يبرر الاتهام التقليدي 
لليوتوبيا. ويقارن ملفين ج. لاسكي في كتابه عن اليوتوبيا القيود التي 
يضعها بوير على اليوتوبيا بأفكار مور. فقد أكد بوبر أن فكرة اليوتوبيا 
فكرة خطرة وعنيفة؛ وهي فكرة - على حد تعبير لاسكي ‏ «لاشك فضي 
أنها تربك توماس مور» الذي لم يعتبر يوتوبياه فكرة خطرة ولا عنيفة. 
ويعتقد بوبر أن اليوتوبيين يمكن أن يسحقوا معارضيهم. ولاشك في أن 
توماس مور كان سيقع في حيرة: وكان بوبر يعتقد أن اليوتوبيين معادون 
للعقل؛ وكان مور سيجده «أمرا غريبا أن تمسر محاولة الإنسان أن 
يقيم مؤّسسات تعتمد على العقل لمصلحة أفراد المجتمع 
باعتبارها غير معقولة...»["2). 
ومثل كل اليوتوبيات, فإن يوتوبيا مور تتحدث إلى زمانها وتواجه 
مشكلات عصرها . كتب المؤرخ ج. ه. هكستر: دإنه يقيم بناءه على أساس 
تشخيص علل السياسة الأوروبية أوائل القرن السادس عشر..»(**): ومثل 
كل اليوتوبيات أيضاء نظرت يوتوبيا مور إلى ما وراء عصرهاء قتخطيطه 
للمستقبلء الذي بلغ عمره اليوم خمسة قرون: مازال يتقدم الحضارة 
الضناضية بسنوات عسوقية عقب فى «اليوتربياء إن كل الجهون يجب :أن 
توجه نحو العامة: 
«في كل الأماكن الأخرى. وبصرف النظر عن رخاء البلدء ما لم يعتن 
الفرذ يعاضكة الخامة هميفون مضنيو الياذاف جوهنا :ذخ فانه 


نهاية اليوتوييا 


للمحافظة على الذات أسبقية على المصلحة العامة. هنا... ليس ثمة 
أحد في حاجة إلى أي شيءء فليس هناك شح في توزيع 
الخيرات؛ والفقر والتسول غير معروفين: فعلى الرغم من أن الناس 
لا يملكون شيا فإنهم جميعا أغنياء. فمن الأكثر غنى ممن 
يحيا حياة سعيدة هادقة دون قلق الحصول على عمل أو نتيجة 
متاعب منزليةة..[43), 


تلن يننا ين 


الاتهام الأول: والأخير أحياناء الذي يوجَه للرؤية اليوتوبية هو أنها 
غير عملية؛ ولا صلة لها بالواقع. في مقالة مسهبة صاغ توماس 
ماكولاي؛ مؤرخ القرن التاسع عشر غزير الإنتاج: اتهاما لم يتجاوزه أحد 
عن لا جدوى اليوتوبية؛. كان في معرض تقويمه لعمل فرانسيس بيكون: 
الفيلسوف ورجل الدولة في القرن السابع عشرء وفيما يتعلق بإدانة 
بيكون للفسادء حكم عليه ماكولاي بأنه أفسدُ الفاسدين. لأنه حوّل 
المنصب الحكومي لخدمة مصالحه الخاصة:؛ لكن هذا «نصف بيكون» 
فقط. فقد احتفى ماكولاي أيضا يإصرار بيكون على أن يَحكّم على 
الفلسفة حسب «ثمارها» أو نتائجها العملية وقدرتها على تحسين 
شروط الحياة. وقق هذا المحك؛ أعلن بيكون قطيعته مع الفلاسفة 
التقليديين الذين يغزلون على عجلات تصورية بدل أن يستخدموا 

وضي رأي مأكولايء فإن الفلسفات القديمة والتقليدية كرست نفسها 
للمناوشات الثقافية: أما فلسفة بيكون فكرّست نفسها لتحسين مصير 
الإنسان. لم تكن لدى بيكون «نظريات جميلة» لكنه كان يعرف أن 
الفلاسفة؛ شأنهم شأن الناس العاديين: هم بالفعل يحيون الحياة 
والصحة والراحة والشرف والآمان وصحبة الأصدقاءء: وهم بالفعل 
يبسغضون الموت والمرض والألم والفقر والمهانة والخطر...». ولم 
يتقبل بيكون المنهج الفلسفي التقليدي في إصلاح المقولات 
وتجاهل الواقع؛ ولم يفهم أن «الحكمة يمكن أن تكون في تغيير 





الحكمة بالتجزئة... 


الأسماء حين يستحيل تغيير 00 وفي إنكار أن العمى والجوع 
والمرض والألم هي كلها شرور... 

كتب ماكولاي: «كنا را ا في حكاية مسلية»». يلتقي 
فيهاأحد 5 الرواقي الإغريقي أبيكتيتوس وآحد أتباع بيكون 
ويرتحلان معا 

«وبلغا قي كان الطاعون قد بدأ ينتشر فيها فوجدا البيوت موصدة 
والاتصالات ممنوعة والمرضى معزولين والأمهات يبكين أطفالهن في هلع. 
راح الرواقي يُطمئن الناس الساخطين؛ ويقول إن الإنسان العاقل لا يرى 
سوءا في الطاعون:؛ وبالنسبة له فإن المرض والتشوه والموت وفقدان 
الأصدقاء ليست شرورا. أما البيكوني فيلتقط مبضعا ويمضى فى 
تطمية الناضن :6 1 ليد 

وعند ماكولاي. متابعا بيكون. ثمة هوة تفصل «فلسفة 
الكلمات عن فلسفة الأفعال». وما تفاخرت به الفلسفة القديمة من 
إصلاح العقل أو 0 لم يتحققء وقدامى المفكرين «وعدوا بما 


هو غير عملي وا حتقروا ماهو عمليء وملأوا الدنيا بكلمات 
طويلة ولحى طويلة: ثم تركوها جاهلة وشريرة كما وجدوها...», 
ويواصل ماكولاي: 


«فدان من أرض «ميدل سكس» خير من إقطاعية في يوتوبياء وخير 
صغير واقعي أفضل من وعود هائلة بالمستحيلات. وهذا الرجل 
الرواقي الحكيم لاشك في أنه موضوع أسمى وأعظم من المحرك 
البخاريء لكن المحركات البخارية موجودة بالفعل؛ ضي حين أن هذا 
الرواقي الحكيم لم يولد بعد. والفلسفة التي بوسعها أن تجعل الإنسان 
يشعر بالسعادة البالغة وهو يعاني سكرات الألم لا شك في أنها أفضل 
من الفلسفة التي تسكن الألم؛ لكننا نعرف أن ثمة أدوية كثيرة تسكن 
الألم» ونعرف أن الحكماء القدامى مثلهم مثل أتلم الأسنانء في نفس 
صقر مجاوريهم.../:*) 

تلك الأفكار مقنعة ومصوغة بوضوح حتى أن معارضتها أمر 
مسرهق... «فدان من أرض «ميدل سكس» خير من إقطاعية في 
يوتوبيا...». من يستطيع أن يعارض؟ إن معقولية القول تُسكت أي 





نهاية اليوتوبيا 


حديث عن اليوتوبيات. هل هذا صحيح؟ إن كلمات ماكولاي ومشاعره 
تتفق تماما والحالة العقلية المعاصرة التي يجب أن نتتبه إليها. 

وابتداء نلاحظ أن النفعي بيكون نفسه وضع تخطيطا ليوتوبيا في 
«أطلانطا الجديدة كتناسصة|)ظى ؟ا11»: ويرى عديد من الدارسين روحا 
يوتوبية تسري ضفي عمله كله(!”). بنجامين غارنجتون يعتبر أن توماس مور 
وبيكون كليهما يوتوييان» لكنه يرى بيكون «أكثر راديكالية» فهو «لم يكن 
يسعى إلى تقسيم الفقر بل إلى خلق الوطرة». 

ونصوص بيكون التي يوردها فارنجتون تكشف عن مفكر غزير الإنتاج: 
يوتوبي تقرييا . يقول بيكون لواحد من تلامنته الخياليين: «ما أعنيه هو أن 
أجعلك تتوحد ه«بالأشياء في ذاتها»» من هذا الارتباط ستحقق كسبا 
يتجاوز كل آمال ودعوات أي ارتباط عاديء وسوف تعي أن جنسا مباركا 
من «الأبطال» و«اليشر الممتازين» يمكنه أن يقهر الفقر وقلة الحيلة لدى 
الجنس البشري...» وفي مقالة أخرى كتب بيكون: «اطرحوا عنكم الأغلال 
لتي تقهركم لتصبحوا سادة أنفسكم... ليس للاشيء أننا رفعنا شعارنا 
الحديث «هناك الكثير فيما وراء هذا» في مواجهة الشعار القديم «حتى 
هناء فليس هناك شيء بعد ...»01 

على أن يوتوبية بيكون الخاصة لا علاقة لها بالواقع» مثل حياته 
المثيرة للتساؤل. يعلق جون هنري نيومان: رجل الكنيسة الإنجليزية في 
القرن التاسع عشرء إن بيكون «سدد على هدف منهخفض»: لكنه 
«أصايه»؛ وأن «الفضلية الأخلاقية لم تكن الخط الذي اتبعه في إرشاد 
الناس...1"). ضما الخط الذي اتبعة ألا تستثير النرعة العملية 
المتحمسة أي انتقادات5 إيمرسون أيضا تأمل كتابات بيكون ولاحظ أذ أن 
هذا الرجل الإنجليزي كان سيحقق أقل القليل لو ظل على ارتباط وثيق 
بالتفعية عه يعترسن كرو «ذلك لأنه كان يمتلك الخيال؛ 50 
الروح؛ وينعم بقدر من التأمل بعيدا عن ظاهرات التشوش ضي المناخ 
الحديث. إنما لهذا كان مؤثرا...» 

وعارض إيمرسون «الميل الإنجليزي نحو العملية» الذي وجده ضفي 
صورة بيكون عند ماكولاي, الاعتقاد بأن «إقناع العقل وملامسة 
الضمير هو أدعاء رومانسي...». عند إيمرسون فقد بالغ ماكولاي فضي 





الحكمة بالتجزئة... 


تمجيد ما هوامادي منافٍ للثقافة: الذي لا يعرف سوى المادية الفجة.. 
«فالشير يفت الحبر الذي تأكله. أو الخير الذي تلبسه. أي اليا 
المادية...». وعند ماكولاي أيضا فإن «مجد الفلسفة الحديثة هو توجهها 
نحو «الثمرة»: في أن تؤدي إلى ابتكارات اقتصادية؛ وقيمتها وجدارتها 
تتحددان بآن تتجنب الأفكار وتتحاشى الأخلاقيات». من وجهة النظر 
التفضيلية هذه: 
٠فإن‏ أعظم فوائد علم الفلك تتمثل في الملاحة الأفضل التي 
تمكن سفن الثمارمن أن تحمل الليمون والنبيذ إلى البقال في لندن. 
لقد كانت نتيجة غريبة تلك التي انتهت إليها الحضارة والدين في 
إنجلترا لألف سنة؛ وهي إنكار الأ خلاقيات والهبوط بالعقل إلى 
مستوى قدرالمرق...» 
وحسبما يرى إيمرسون. فإن ماكولاي وسواه من الإنجليز الفيكتوريين 
قد أعاقوا الفن والفلسفة... «القناعة الحقيرة بالتقاليدء والسخرية باسم 
الدين والفلسفة والسياسات ضيقة الأفق التي تنتهي ي إلى أدراج البعوة في 
الحوانيت, كلها تفصح عن انحطاط الحياة والروح...» يقولون وهم يعبون 
أقداح نبيذهم: «الحقيقة هي أن كل هذا الكلام عن الحرية وما إليها قد 
انتهى زمنه: ولم يعد يصاح الآن...»(*0). 
إن هذا القطع قريب من العظام: الاتهام بأن الفكر قد هبط إلى 
مستوى التقليد والمنفعة. إن فدانا من الأرض في «ميدل سكس» خير من 
إقطاعية في يوتوبياء ولكن: هل شقة كثيية في ميدل سكس هي هدف 
الحياةة هل تساوي التخلي عن كل الرغبات ‏ «كل هذا العلزم عن الحرية 
وما إليها» ‏ التي تتجاوز الإمكانات المباشرة إن مادية تقوم وتَكّمُن ماهو 
هناء والآن قد تكون بعيدة عن مرمى النقد. ولكن مذهب النفعية الذي 
يلتهم الخيال ليس كذلك. 
في عبارات مختلفة: فإن الحجج المناصرة للنفعية طازجة كما كانت 
بالأمس. كلها تمبير عن البراجماتية والمادية اللثين لا تخطفان باختالاف 
الفصولء والعكس صحيح كذلك عند بعض النقاد فإن المنفعة تدمر 
الروح أو الثقافة. على أن قوى النفعيةء خاصة في صيغتها الفيكتورية: 
يجب الاعتراف بها“ إن المنفعة الفيكتورية أغرزت غلظة وفظاظة. 


1 
ع 
ا 
21 
1 





نهاية اليوتوبيا 


هما يهم قبل أي شيء آخر هو أن يشق الإنسان طريقه في العالم, 
وتحدت المفهومات الغائمة للخير, وذكّرتنا ‏ كما قال مفكر فيكتوري _ 
دان وسعاذة الثاسن إتما تكو من متفادة لأف 0 

وهي تجازف أيضا بتقليص الحياة إلى حساب الاختيارات المباشرة, 
فالمستقيل ينطوي في قلب الحاضر. وقد دافع مؤرخ القرن التاسع عشر 
جيمس فرود عن روح المنفعة في خطاب وجهه إلى طلبته: «قال لورد 
بروجهام مرة إنه يأمل أن يأتي اليوم الذي يقرأ فيه بيكون كل فرد في 
إنجلترا ...». أما فرودء من جانبه؛. فسيكون راضيا «إذا جاء اليوم الذي 
يآكل فيه «البيكون ‏ لحم الختزير المملح» كل فرد في إنجاترا ...». 
فالإنجازات العملية والمهارات تأتي في أعلى مكان؛ وينافسها «التاريخ 
والشعر والمنطق والفلسفة الأخلاقية والأدب الكلاسيكيء وكلها أشياء 
ممتازة من حيث هي زينة أو زخرف...» ولكن لا شيء أكثر... «والدليل 
الوحيد المعقول للاختيار في هذه الأمور هو المنفعة...»(07. 

وفي نص كلاسيكي عن الطابع العملي في العصر الفيكتوريء قرر 
تشارلس كنجزليء القس الملحق بقصر الملكة فيكتوريا: «في بلد صناعي 
مثل هذاء فإن المنفعة العملية لأي دراسة يجب أن تتعرض لمحك الإجابة 
عن هذا السؤال: «كم قدر النقود التي سأحصل عليها في الحياة 
الآخرة؟» هذا سؤال يجب أن يُطرح ولا يتجاهله إلا أحمقء إذا كان 
جوابه الوحيد هو «لاشيء على الإطلاق»؛ فمن حق الإنسان أن يقول: 
«إذن دعني ألتمس هدفا آخر... يدرب عقلي وينعشه ويعود علي بيعض 
المال كذلك...[20), 

إلى أين يقودنا هذا؟ في الفصل الخامس الشهير من سيرته الذاتية, 
نحدث جون ستيوارت ميل الذي تلقى تعليمه عن أبيه الموسوس المدقق 
المنضبط ‏ عن أزمته: كان الأب جيمس ميل يتبع تعاليم صديقه القائل 
بالمنفعة جيرمي بنتام: الذي كان يحط من قيمة الشعر والمشاعر. كتب 
لسلي ستيفن:ء ناقد القرن التاسع عشر: «كان بنتام يعترض ‏ صراحة - 
على الشعر بوجه عام؛ فقد ثبت أنه لا شيء... والنفعي الحقيقي هو 
الرجل الذي يستند إلى الحقيقة. .. وقد جاء الشعر... في موجة استتكاره 
«للعاطفية» و«التعميمات الغائمة..05(0), 





الحكمة بالتجزئة... 


وقد حاول جيمس ميل أن يجعل ابنه نفعيا جيدا . ومثل بنتام كان 
الأب يزدري العواطف. كتب الابن: «كان د يصرح باحتقاره العظيم لكل 
العواطف الجياشة من أي نوع... ويعتبرها ضربا من الجنون...» وغدّى 
ميل الكبير الصبي بوجبة ثقيلة من الكلاسيكيات والتاريخ والمنطق... 
«كانت لدي كتب للأطفال بأكثر من أدوات اللعب التي لم يكن لدي شيء 
منها..... وريى الأب طالبا عظيم التعليم. عظيم القدرة على التركيز. 
5108 الثقة بالنفس. 

وربسى كذلك شابا يفتقد العاطفة والذات. وذات صباح. صحا 
ميل من نومه مرتعباء واعيا بحياته العاطفية المعوقة. إن 
إجراءات الأب الحريصة جعلت الابن تحليلياء جافا. باردا . كان 
نظن إلض كل شنية بامتارةوسة الغاينة: لك الهيوف مه 
«فقد جاذبيته... وبدا أنه ليس لدي شيء أعيش من أجله... هكذا 
كنت آقف جامدا في بداية رحلتي... لدي سفينة مجهزة تجهيزا جيدا 
ودفة صالحة... ولكن بلا شراع... بلا أي رغبة حقيقة...»: وفكر ميل 
في الانتحار. 

وجاء اكتشاف ميل للفن والشعرء وهما بلا مكان في نظام بنتام: 
ليرفع عنه هذا الظلام. ولكي يوازن اندفاعه المتطرف نحو «الثقافية», 
أصيبحت «تنمية المشاعر» واحدة من اهتماماته الرئيسة,. فتحول إلى 
الموسيقى وشعر ووردزورث: ومال أيضا ‏ وبعض السبب كامن في تأثير 
حبيبته الجديدة هارييت تايلور ‏ نحو إعادة النظر في «بنتاميته». إذا 
كانت ذنفعية بنتام تهدف إلى إصلاحات محدودة داخل نظام اقتصادي 
غير عادلء فإن ميل وتايلور أصيحا الآن يعتقدان أن «كل المؤسيسسات 
والتنظيمات الاجتماعية القائمة... ليست إلا «جزئية فقط»»؛ ومن ثم 
رحبا «بالتجارب» الاشتراكية والتعاونية!''. كما أصبح ميل أمّيل إلى 
الاعتقاد بأن مذهب النفعية الأناني يعمل على تسطيح الخبرة والحياة, 
وأطلق ميل على بنتام وصف المفكر «صاحب العين الواحدة» والعمق 
القليل. كتب: «لدينا قدرة كبيرة على تحمل أصحاب العين الواحدة... 
مفترضين أن هذه العين نفاذة...» لكنهم يقدمون.؛ في أفضل الأحوال. 
«كسرا من الحقاكق»!''). 


3 


| 6 


نهاية اليوتوييا 


وقد تكون هذه نقنطة الضعف في حجة «فدان الأرض في ميدل 
سكس»: إنها حقيقة جزتية. إن الروح النفعية ليست خاطئة: إنها 
ناقصة. إن علينا أن نبقى عينا على مواطى أقدامناء ولكن علينا أن 
ننظر إلى الأفق كذلك: وهذا ممكن من حيث المبداًء فالرؤية اليوتوبية لا 
تلفي الحياة اليومية أو تتجاهلها ؛ والنظر إلى الممكن لا يتطلب إلغاء 
المتعة بالمحتمل. ماركيوز في أكثر أعماله يوتوبية «أيروس والحضارة» 
يصك مفهومات مثل «إلقاء القبض على الزمن» و«دغزو الموت» لكنه 
أيضا يصدر الكتاب بفقرة عن شين أوكيزي يحتفل فيها بعذوية الحياة 
اليومية. وسط مديحه لجورج برنارد شوء كتب أوكيزيء الذي كان 
اشتراكيا بدوره: 
«كم من الوقت أضاعه الإنسان في نضاله كي يعرف ما سيكون 
عليه شكل حياته التالية! وبقدرما يزيد الجهد الذي يبذله كي 
يعرف قدرما تقل معرفته بالحاضرالذي يعيش فيه. إنه العالم 
الجحبوب الذي عرفه وعاش فيه ومنحه كل ما لديه ثم يأتي الواعظ 
المبشر والأسقف ليقولا له إن هذا العالم يجب أن يشغل المكان الأدنى 
في تفكيره. إنه يُوّصى ويؤمرء أن يتهيأ من لحظة مولده كي يقول له 
الوداع. أوه؛ كفانا سوء استخدام لهذه الأرض العادلة! ليست حقنيقة 
محزنة أنها يجب أن تكون وطنا لنا وملجأ. وهل فعلت سوى أن منحتنا 
الأوى البسيط وال ملبس البسيط وا مأكل البسيط. ثم أضافت الزذبيق 
والورد. التفاح والكمثرى. ألا يجب أن تكون السكن الملائم للبشرء 
خالدين كاتوا أوهانين15(....9). 
مذهب المنفعة لا يقيد الحياة فقطء لكنه أيضا يقر التمائل بتقليص 
العقل إلى حد تقويم الاختيارات. وقد أبدى المفكر السياسي المحافظ 
ليو ستراوس اهتماما قليلا باليوتوييات: لكنه قدم تخطيطا صارما 
لخطر المنفعة الواقفة عتد الحدود الدنياء إنها تتخلى عن العقلء أو بذل 
الجهد لإدراك الحقيقة في كليتهاء وتحتفي بالوسائل: إنها تؤيد التفكير 
في الأهدافء؛ وفي الوقت نفسه ترفع الوسائل إلى مستوى الأهداف. 
هذه الفلسفةء عند ستراوس.ء أدت إلى الانتحار الثقافي. فنحن نصبح 
«حكماء فيما يتعلق بكل الشؤون ذات الأهمية الثانوية» التي تتتاول 





الحكمة بالتجزئة... 


الآليات الأفضلء «لكننا يجب أن نسلم أنفسنا للجهل الكامل فيما يتعلق 
بكل الشؤون الأكثر أهمية» أي المبادىّ القصوى أو النهائية...». وعنده 
أيضاء إن هذا قد أدى إلى نتيجة متناقضة: «أصبحنا في موقع العقلاء 
والحكماء حين نتشغل بأمور تاقهة, لكننا نقامر كالمجانين إذا واجهتنا 
قضايا جادة: الحكمة بالتجزكة والجنون بالجملة..(02), 


“ا #6 عد 


على أن أقوى حجج اليوتوبية لم تعد اليوم؛ تكفي. فأحداث العالم 
وروح العصر تعمل كلها ضد الروح اليوتوبية» وستبقى كذلك عدة عقود. 
إذا ثم تكن قاتلةء فإن اليوتوبية تبدو متخلفة وغير عملية وبلا موضوع, 
وقد جفت منابعها في الخيال والأمل. ولموت الراديكالية أثره حتى ضي 
غير انُسيّسين وغير المهتمين الذين يهدفون. على نحو غرزيء إلى 
التماثل مع ما كانوا يحدسون به دائما. فهذا المجتمع هو المجتمع 
الوحيد الممكنء والذين يقاومون هذا الاستدلال يفعلون باقتناع قليل 
وتفكير قليل في النتائج النجاح وشاراته الدالة هي هدف أفضل 
الشباب وأكثرهم حكمة: ومن الذي يستطيع أن يحول دونهم: وهم 
ببساطة ‏ يستخلصون النتاكج مما يشاهدون؟ تنتهي السياسة دائما إلى 
طرق فضائحية أو بوليسية ‏ في أفضل الأحوال ‏ للانشغال 
بسمكرة سفينة الدولة. ولا أحد يدعي: حتىء بأنه يؤمن بوجود 
أشياء قليلة هي التي يمكن أن تبدو أكثر كيشوتية وابتعادا عن الواقع 
من الدفاع عن الحافز اليوتوبي. وهذا الطريق؛ على أي حال لا يخلو من 
تُبله وأبطاله. كذلك يجب ألا ينسى أحد أن مفكرين يوتوبيين كثيرين؛ من 
توماسو كمبانيلا إلى الماركيز دى كوندارسيه لم يكونوا مضطهدين: كما 
يمكن أن يفترض أعداء الشمولية؛ بل كانوا محل اضطهاد . وعلى وجه 
اليقين؛ فمع النية الحسنة أو الشجاعة لا يمكن للمفكر اليوتوبي أن يقفز 
خارج التاريخ: لكنه يجب أن يثب إلى ماوراء الآغاق المباشرة؛ أو يتخلى عن 
مبرر وجوده. 
0 


نهاية اليوتوبيا 


وقد غذت الأحلام والخيال دائما الرؤية اليوتوبية. كتب سياستيان 
ميرسييه في يوتوبيته «مذكرات عن سنة »551١‏ من سنة :197/١‏ 
«فلنبذل جهدنا كي نجعل هذه الحياة محتملة؛ أو إذا كان هذا كثيراء 
فلنحلم: على الأقل: آنها كذلك.../*'). من السورياليين في العشرينيات 
إلى المثقفين المتمردين في الستينيات. حاول يوتوبيو القرن العشرين أن 
يزودوا هذه الطاقات يوقود جديد. وإخلاصهم للخيال جعلهم بعيدين 
عن اليساريين التقليديين الذين كانوا يخططون لمطابخ ومغاسل مركزية. 
كتب أندريه بريتون ضي البيان الأول للسوريالية: «إن الانحطاط بالخيال 
إلى حالة العبودية هو خيانة لكل معاني العدالة المطلقة داخل 
الذات. الخيال وحده هو ما يقدم لي شيئًا من التلميح بما يمكن 
أن يكون...(35), 

على جدران باريس م : «كل السلطة للخيال». كان هذا تعبيرا عن 
الدافع اليوتوبي وقد صُّفَّى من خلال مصافي السورياليين وأصحاب 
المواقف2"10., وطوال الستينيات كان الاحتفاء بالمخدرات والأحلام والخيال 
محاولة لتفجير واقع خانق وتحويله إلى فتات("١)‏ . فما الذي تحققة إن 
السجل مختلط ولا تمكن مناقشته بإيجاز. في صف الإيجابيات يمكن 
إثبات قائمة بكثير من الإنجازات السياسية والثقافية الدائمة. وعلى أي 
حالء انتهت اللحظة اليوتوبية دون أن تخلّف أثرا. 

على أنه في زمن التخلي السياسي والإجهاد السياسيء تبقى الروح 
اليوتوبية ضرورة أكثر من أي زمن آخر. إنها لا تستدعي السجون 
ولا البرامج؛ بل فكرة عن الإخاء الإنساني والسعادة. «هناك شيء مفتقد». 
اقتبس إرنست بلوخ هذه العبارة عن «ماهوجني» لبرتولد بريخت إشارة إلى 
الداضع اليونوين!؟"!.هنالةا شي مدقل كيه دوه قن السحب: إن عانا 
جرد من الحدس والتوقع يصبح كثيبا باردا . 

ما الذي يمكن عمله؟ إن السؤال موجه على نحو روتيني. إلى كل 
التقاد الذين يصرون على «العملية» المعادية لليوتوبية. لا شيء يمكن عمله: 
على أن هذا لا يعني أنه لا شيء يمكن التفكير فيه أو تخيله أو الحلم به. 
على النقيض. فإن جهد تصور إمكانات أخرى للحياة والمجتمع يظل ملحا 
ويمثل الشحرط المسيق الأساسي لعمل شيء. يجب عليناء كما يقول 





الحكمة بالتحزئة... 


ت. و. أدورنو: «أن نتأمل كل الأشياء كل يمكن أن تبدي ذواتها من موقع 
الانعتاق والتحرر...». وهذا يعني رؤية العالم «كما سيبدوء يوما ماء فى 
شو خلس لسر ا ١‏ 

إن ذلك اليوم يبدو أبعد منه في أي وقت مضى. هل هذا صحيح6 
إن التاريخ يخادع حتى أكثر طلابه جدا واجتهادا. لم يَسَتَّيِق أحد هذا 
الموت السريع للنظام السوفييتي في 1184: حتى دارسوه المجتهدون 
كانوا يعتقدون أن إمبراطوريته المميتة تلك ستبقى خمسين سنة أخرى. 
وقد تفجرت سنوات الستينيات دون أي إشارة مسبقة؛ فمعظم المراقبين 
كانوا قد وصموا سنوات الخمسينيات بأنها عصر التماثل واللامبالاة, 
وتوقعوا المزيد في الاتجاه نفسه. فمن يستطيع القول بأن المستقبل 
يخفي مفاجأة ممائلةة 





اليواعش 


,1998 ,10 لالبل رده ارما موا ”رو ممسظ 3 كعنمهللآ امتومامس1 ممتتعارهمم" 1 
اهم 


لإأتقع اأون] عل أعطديدتة عاءنما انكا) #ادعديهابز «تبعلدة 1[ [ كستملصن) بإهعزهذا تزت عراععلهرط (2 
4 م ,(1981 بووعمم 


1785-0 ,1 أه؟ ,قمم 00 ع[ ا .له ,عهمامهاه") «مادره1 أءنتمم3 زه كجيهاه.! عنم ه1اه© (3 
.(1799 ,10 عءمموعاروعة متك بلعتقلسن) 289 .م (1956 بمملوععهاكت :لمجم« 0) 


١ 


5 5.110 تقكمدامعمط “7برومامع10 كه لم8 عط علتالا سمظ ماعل" ,وافط5 لمدجوع ١(‏ 
4 .(1955 ععماممعبونل]) 


أشرفت على المؤتمر “منظمة حرية الثقافة”2 وبعد هذا بكثير تيين أن هذه المنظمة وبعض مطبوعاتها مثل مجلة 
011 تتلقى أموالاً من المخايرات المركزية الأمريكية. في محاوفة لدعم الليبراليين العادين للشيوعية. 
انظر ٠‏ بوجه عام: 
16[ لازت اماع17 أهالاناة) بم ككف وده 1716 جنوج «اصديه”) أمرعطلط 17116 ,مقمعاه© ععامم 
(1989 رقمعوط عمظ1 عامه ل" زوع ل1) عمرم تا «ودرعه”[ إن نوقابلا عرلا «مز اودري 





دملا عر ,لماعتا إن عمميز! 1716 هذ ””,قعأوهام106 لس كمملهغهلط" ,دمعى لسمسرمم (2 

)ها دقعدوده"© عط بوط عو تلمع لااملععع1 مه عسعبطب! عطا مه معمععقممك ‏ أهلرم معام[ عل 

هلمع أوسسطأبات ع1 عععانسصوره© معتلم1 'زقطصم8) 1955 ,مواتاك مذ ومملعع لوعيذان6 
!20-2 مم رز لم 


الها اه «ماء أدسطك ,عتامللا <١‏ سمامعظ مز ”بومومع +5608 5 اعطع لقص" (3 
2 ,24 ,102 .نرم ,(1957 بععععدرط علره لا بجج1!) يومرلر) 


مر ,(1979 ,معسطعقة 60202 1) لساعطصصدا/! .1 لص غاء انالا .1 اع بصعم بطعممم المبروقر (4 
440 

التلدن ,ؤوااتظ براعويع8) 1 .ام 47011 #10114انقت1 بللامطيواه© عوطم ,ب[المتعموع رمه5 (5 
453-494 .مم ,(1986 ,عيدة 

,109 صم ,(1962 بتنماروي8 ,عأرولا الت 1") كلهااقء//عاتر! عات #النترم0 11:6 بلامعة لممصررهع ‏ (6 
ا للك 

,05ا8171 © قر (1946 21 ععطصع حول8) ”موالماه50 06 وماتقيظومن عط" ,مسمد0 روطام (7 
-81 ]| لعتابرره") «فدردصدسولال عع ماكلدعة] و[ «رم ذل كبرمدكل ,«مكمع؟1 #رره إلت7] تبمءوسممجر 


-124 هم ,(1991 رؤوعء2 لإختمه تنآ مقبرعاوة/7ا ١‏ 1[.11 ,معباممهاط) للمسوين عل لح له ,2947 
125 


على وجه اليقين. فإن سلسلة من كتابات آرون متذ منتصف الأربعينيات قد طرحت فكسرة نهاية الأيديولوجياء 
وعلى سبيل المثال. فقد أشار فى ستة 1444 إلى أن نهاية الحرب. على خلاف الحرب العالمية الأولى» لم 
يكن محتملا أن تشهد انبعاث الأيديولوجيا “إن المرحلة الراهتة تتميز بانهيار الدوجما ..”. 


'[1985] 29-29 مرتتمع سحده0 مذ لمعتمتممعم ,[1944] “دععغ أانعةة قومتهناء: دعل تمع يجنا" ,دميةق) 
)3797 


-146 :(2)1951 ,ه00 ,2 عكناقوعآ/ة “ررودامء10 لمعغتاوط غم فم عط" ,وعطونة] اتويؤ5ة كع (8 
.158 


مماع عم" بمووومووط) #لاته ل أمعلاناه” 1ه ءترااعء 1 17 عداومالا ««ارك بكداعلاد لذ طغتفيق (9 
256 ,219 مم ,(1957 ,ؤوعء2 زالومعء الول 


نال ,1960) ععزازاه:1 [و كعكد] [ماعم3 :11 «رسمابة أدءذازاه2 باأعدمنآ ستموالة عسمميعد (10ا 
.442-443 مم ,(1963 ,تمطعسة :لاط رو 


الل كمع | أوء اتاو كن #(والكنتعنأعضط أدعنازاه” © ج0) :مووهاوعه! إن ك:دز 11:6 رلاأع8 امتهوط (11 
3693 .جم ,([1960 ,قوعم5 ععع1 تعزوو لا بججهل<) ووزارة7[ ع1 





الهوامش 


3774-5 «رن ,جومامعلء1 زه دنا عط ,العم اعتمو 12١‏ 
5 م ,(1962 ركوع :8 مم1 علوملا بمعا؟) (مماتتلظ معمابعح1) بووملمم/ء! إن ادير 136 بااعظ (13 


,(1987 متمماتهدكا علرهلا بجع1]) عيرم ]| زه كبره(! ,عمط إن عسه!! :ومرعور3 11 بسمتلاتن لله 141 
7 م 


ع[ ] له ,عإضيمءط إلى ع نامآ عسم ل صا ,(1960) “قعآ سعلط عط1 ,والتكة اليفلا © (15 
4 ,251 ,248 مم ,( شه رعمنامة اادظ عاجملا بجول) عاابورو1] 


أمعمل «ء سعدا **” ربو مامعل1 أه مسا ع1“ عطخ'اه لمق مط" “ ,وعييله؟] عطمواك لأهده< (16 
5 (1961) 2 20 ,26 نوهو اماع30 ابه كناوموممءن] إن 


بعاهاء(! بروواوعك! إن لاط 17:6 صا ”ركاده01ةخ]1 قطا عصمتنة لبه" فط" ,مقصساع] رويد (17 
2لمم ,(1986 ,قالهمعة لا بغ عتلسظ العملا جعلة) ممدموولا 1 )له 


بر *”” ,لإوزهامعل1 كه لصط* عطا له لهذا عط لم غمعصصع يمك أمعسه5 ع5“ بتدجمك! اأعمطواكة (18 
2 م ,(1971 بممامع ام عستللطة :معدءنط0) ندك! .11 لء ,بورمامءك1ا ره عتانء1ز 


هذ ”رقع :51 عطا مذ بإوعبتم ممت لمعلتأهط له لوباهظ عط" رطاءعقم1 ععطممكتعط0 (19 
172-15 جزم ,(1969 ,تجيهاهذل" عارولا بجث11) الك! ترم تنما عن إن تدمع ا 


مالعاتك هه ,1972 ,5 بإتقالطا ,اانعنتءأررصيلاك نن7عازط 711765 ”,قاعم اهاه1 ااذ عورخ عللا“ (20 
“فلقباءة1اءغهآ عط له نزإومامعل] عط قمة بعمامع10 آه لم عط “ بأعوماآ متاموا7 عتامموعة 
1" لصة لابتوناحدء8 .[ .لع بى/تك جوسد] إن «متبمط :ذا كتردوكرل :وجولهع”"؟') كا[ أءآبه عمبناأيت) ذأ 
4 7زقوكع قتطء ع5 .15-16 ,مم ,(1977 ,قوعء ومقعنطك 06 برالوع لم10 مودعلطة) عاعقات لج 
الت 15115 #7كززه") مأع5م آل ها) ”بع مامعل1 01 لم عط" “بوصماونة1 5اآ مه غمععمه0 ه " واعوم1] 
.م ,[1985 مممتأعدهصه!' ؛ 71.3 أن[ بوكسمخا بمع81] بروماديعم3 إمدفاراه] دا ورمحعةا ‏ مله /إرره”) 
علدطعل عط 5ه عولعع؟ 2 لسة دععمعوعاع2 معراغه ,ه10 (81-109 


21( بعتر ناكا تارعاكف] :ى101لهو/! وصناية') 7172 ,تقعمه:8 عاأعضنة8 هل لماك ,تعاععمهظ‎ ١945- 
1990 ,ممعم عاعهلا بجعاط)‎ 1990(, , 0 


هل ”قعععء لم0 ممعععصة بو عاعقئة عط لمة 'كمعماععمه0 امعنئلن2' “ رععايها أندظ (22 
25 لا لقره اطارلر عط إن 5نك71) ع7[ أقتزه ربكن[ 7#زوالمعط رععاأاناهت8 ع[ "عيملا «وتامء امن موا 
.83 م (1995 رعولع][انام8 نعاءملا بوولط) ممواء!ة .0 لمة غطرمة8 .3/1 .لع 


الا0آ 0 طالعطاعممعطلمع عط ,تلعنلاظ علمة هذ من مععلة) 15 لماأأءعمممكت عط1 (23 

لإنننكالط ولط صا “رغم عن ع0 وعوتممعممرم أوعومامعل] دثفصسةؤبطن؟ :كدملعواععي:ظ 

أمتلومعللط) بطاتط0 ذه لههة منمنامعط © لع بامعلاماا عتواط ‏ ,مصصرها 1 7لعلروير] 
315 وم ,(1994 ,بمنطعلعم .لمداومط 





نهاية اليوتوبيا 


01 3ت تزنملنا"! عمه ع بغزم؟؟ ععطائعه نقتا غمع امنونة ومأعماهدمه 5مع06 1 متلتطط عع5 (4د 
نانه كبطاسررا أعوء8 17:2 صا “,تممعم1 له معصحعع عط لمعو لاتماقلاع كه لص عط" ,تطوتر اموه 
-183 .مم ,(1996 روعععط بوازويع 2 ئمل] لمعا ارول .111 بصمادمة:8) لموبوعا5 [ .له عورا 

1538 


:كئلةة) بمقعتهمانا! واسوك) 2بورمنئزرل إن دنا ء:[ا ألءتأعهءخ1 علا[ ونه ,فده وبطليظ وأعممء1 (325 
183-38 ,مم ,(1989 برمهتتوعممءم© لمم 


[ .م 7نوماك ةل زه دترا 117 #وتاعهوه] ع/![ عنهط موسوبزيعايظ (26 
22-3 .وم 7نورماكاط زه نان[ عرلم معدم !| علا[ ونول] بوسوتويعات1 (27 


:اناعد هار إن كعالقاو2 :17 لسع طده 107 ععلب1 ع5 ,معنوتاقه أوفصدل ,0 رممستصيد ج ع0 (28 
.256-259 هم ,(1996 رقوعء2 بواتقجع الملا #فامععك.] .دول0دمرآ) معنوطع2ز أمعزات) 116 


,(1993 ,تتمبلم عام لا بجع[) عاط اكه[ ءو[ا 4تزه بورماكة!1 إن 4ه 17:6 مقاط هلؤنمادظ1 وتعمو8 (29 
,26 


عع بوولة) ووتبووام قعل مذ سواط وتمسسمومم-لامة مللدصودوك5 أمعطمع (30 
(1977 مأقهه ومع ]1 


كرت 07 1إه رعدرع 0 ورا إن لزع لال أوءانزاوظ :17 :كعاصمانا وس إن 15/6 4 ممقموعظ8 ابوط (31 
.16 .م ,(1996 متماههلآ :عارو لا بجع31) 1968 


.15-16 :(1997 مملمم5) 771عئو/2 ”راب تسهء8 15 نزو" واتمطءأل8 موقم (32 
195-3 .201 .نزم ,كهاصمانا م1 إن ه151 مقصرو8 (33 


علقه 6 بجع[7) 89" إن «م ةب [وبموز1 6 :7عااتهط عتههلا 776 ,ناقى «ممون تزإطزممل1ة (34 
1 .م ,(1990 ,عدبم2 دمملضهجع 

و(1972 بتمطعمة .لا .الا ربون؟© معلموتن) اثلماى أهااتعدكطظ 176 ,له ,متعلممظ ععيمعق لم (35 
8 ضم 


أكقظ قط 3040 «رعاتعصماة “بحدوئو83 04 2ع عط1 ,ومعنولااق© عيعلة وز أمملة عم0 (36 
1991 رووعع2 اناه .عمل «طصسهن) دمول) ناوعا ممعممسسيعر 


“الثورات فى أوروبا الشرقية. إذن. .. هي إثبات. أكثر منه تفتيد . لتراث الماركسية التقليدي ..” (20 ©. 
ر250ع7 .مه لنم]) 67كلا1: .ن) .5ههكا ,نرهمأوع1 ,#دالماءه3 ,«دبامااوه) ,دنه عتلمة (37 
4 .م ,(4وها 





الهوامش 


له وسنائمط 176 نلأن[ عطا «عارق ها ”تهط؟ الى مأ عبرطلممت" .سوسهطكطه1] عترع رود 
وم ,(1991 ,موعلا ندملسما) ممدطتعفاظ 1 4 رسدرلو مم زه مميؤيذ[ عج[ا لجيه تيمل سوورن؟) 
122-03 .117 

“مالكل ممسقطوطهل]] مز ”بطاوة2©) عط ععقم دردأاةأهه50 انغ 51 عط ما" ,وبطعاعوا8 مأطمع (39 
3 م .ألو" مط 

ع1[ إنأه؟) عا «عالرك فرت[ 4716776017 تقتاصا 171 :فرعتلا مأجره)() ,قلعققاقةت© .كا مجعم (40 
240-11 مم ر(1994 ,عييهغمالا لمملا بجولم) 

1 .م ,تترعاد«سا عنعهماا عر[7 رامث (41 

.16 .م ”ران أأندع8 ذ] برومن" عاتمطعتلة (42 

عامه” بجع!!) عامط[ كال 0بهه راعسمي لاحت ببرارعطقا زه كه زدم") عمال أمعمع (ك4 
8 تر ,(1996 ,الولعم 

برع تعوتترء إن ع4 6[ا دا عتره مانا «رعاكمطا :ورماىط كره «اسرزطء:1 186 ,لتصمعات وطوتل/1 440 
2 مم ,(1993 ممتبائيمعظة تعلروم بجعلح) 


1 11101517 0071) [ت عكريةأا0") 1716 سوط وسناطس 1 وجبه"ة) كاله'!! 11:6 ,ؤعكاماة عاون (45 
0 .م ,(1993 رؤدعء5 بجاوب كنمنآ لسمل0 علرولا بجعل!ا) عجرم مرا ببرهاوم1 


1لن 10715اع 112/1 75'7اكل' “رن 7014 1716 صل ”بتمكتلوك50 ومتدوف"" بلممدوعدللة لأبندم (46 
050 0) قمسوتتطة ط .ل» رعدجملاه") ؟' ااتختصتترمء «عايه حم تانلوط أعدورمامءه1 زه عار 
,46 م ,(1994 ,ااأءجاعوا 


200 .مم ,نزرهادظ كرو رتم1 ,بيهدعات (47 


أهامار) '" «ستتصعابز «#عطار/![ مز "#سسحفصوالا ؤه ععمععوواموط0 عط" ,عملاععا كولعدمم (48 
01ل بوع]؟) وعطدع لدت .5 لهة كنسعداا .8 ل بومزعءوصىمء أوابهتامدمعاسا دا وعدمع 
.5 .م ,(19935 ,ععلء 1001 


أمتتوزمل ترعزاوط ماعه ٠!‏ “متهيط ععلا-لعمعل توومععظ مممتلقاعه5” ,سسحطمعلظ موصوملخ (49 
50-1 :(1996 للد) 3 50 ,13 


كأنن”” بجع 1!) «بدتام لم تبمعدء مام إن بطع انه :امو 176 بها «مدمعة برعامة5 (50 
.358-359 .وم ,(1996 بعلم اءنام8 


حملهمآ) العاسعهومع:ن] إن عازمة ل ولط 15 ”بمماوط 6ه 5لم8 عط1“" ,مموععلهم وعم (51 
358-59 مم ,(1992 ,مومعلا 





عولتتطصسة) عولعطسةت) ‏ بسعمنامكي فده ,رودم ,لوقع تنام" ,نارم لمقطونه (52 
.181-182 .مم ,(1995 ,قععرط نزالقمء زولا 


فاته نولوط ما ”بعدمةء عنمن مه بماكلا لمة سواصلمع.آ له لم ع1" ,نودهع]ا لممطعنع (53 

ر(1995 رفوع وانومع لملا اأعمومك قعهط1) .له اء مععاعالا لاه لء بكومرونم" إن مم1[ مر 
.212-214 مم 

عراط: هم إن اأنجمءد ١ذا‏ مقع 7زم «اعاددمع1(5 ج'بومرء ممع ,اعلوموة ل أعمطعاة رد 


,203,324,335 مم (1996 .كوعءط اتوي طمتآ لمدبصمدكآ :.ذمقاط ,ععلمطمةع) برمممعمززرلم 
35538 


)غ2 #نع/ة م1 ”باصوتلوىعطئما موتكها ةسصمصه0)" ,نل ,كمعمه مم5 4 كقترمط1 (55 
تممتعائا ‏ كذ .0ع ,كمالس وناجيه') ره كزنمالنازادررا ‏ ,كعدام1] ,تمدع( جوارم/::11 


49-50 .مم ,(1995 مقتصاععالا 6ه دوععط بتورع جلول) يما ادعام إموطع) 


العم مت ونتع نكل تعلو عع5 ,مددزلتعم5 5“ 1لتالط كه طامعل عطام) مج عنمطعل مسمامهده عط) 0 (56 
,68 أن رمعم[ نانناوزبونن1 11:6 ”رمق الهأءه50 مدتممان] لمة للثا/ة .5 ل بالعصسيوعة لمد بوأبموييون 
1101 ,01/15 ا1إلهق 1716 بأقعداطاصوط .ك1 لتقطعنظ مولهءه5 .222-232 :(1992) 202 .مم 

,6-28 مم ,(1957 مهمماعول عق علء اصع ل51 :هلهم رة) مابرامم”) لدجم 


0410015 دان مانا «(1 .0 ,نزةتوالمعنط امن تلوط كرن دوادرعم2 رلانلا قعودط5 مطمد (57 
.(6 .566 ,2 .مقدك ,2 عامه8) 384 .م ,(1970 بااأناهمءرم 


,8 .هم ,(1995 رهق لا علنه ل" بنك1) بوردع171 لوزعمك واعفري عل درز! رععلممجعلم .© رعاو (و5 
32-3 


هن لاعن نكم[ عأاتحده”1 4نزه لوولا ,غلا 11:2 جلموء10 عدر العا ,لإلأمقحده1 اعمطوزلة (59 


5 .م ,(1966 ركدةة5 ععع1 علمون6ا ببعلط) معنرعد ار ترز وعنارام ونرزوو روز 
196-7 نم رامن( ! "قر /ع.]آ ,ل#اققده'3 (60 


عأنهلا ببعلط!) عام هارا رن كا لاا 14نه عإنارانا 111 تملع عض لوعن تطإنصء:2/ ,كعصاابع1 ارعطمظ (61 
1 109-109 ,5 ,3 .مم ,(1997 ممصا 


.70-0 :1991 [21*) 7 دودمم «معتتعبورا ”بمكتلمتعه 5 معهم مددذاممعط .ا" مةئ ابوه (02 
123 .« ,(994! ,هق 7 نمه كرده.آ) وها أمعوصع ]كذ ه “مار وروز |واعد3 ,لصقطائلتكح طماهظ (63 


لإألقاع بالمل] ومعمعولرط لماع 815) #اءمت) أاعامهت) ؟! كام معاد ,ممدامصدلهعا هآ (4ن 
.3 .م ,(996! روفععط 


الهوامش 


إن علهلا علا ججة برعم موت (| ودب ععلائات:[ ارملا عمول1 :1 «عفك ,طعتتمعط مهلومظ (ذن 
5 م,(992! ,ودعو لإأتوعع حلصلا هنوع ل 17 ١‏ 11 1 ,عع بامسوكة) وينم 


0 اأكتسسسصهة) نوو عطا هأ كمتلتاهط أمعتله8 مآ وهطلا ,له اع ععطووط وعالعوطت (ق6 
.177-15 ,وم (1955 رقووعط كتاعقلطعدذمها كه راتفع لمنلا وتعطصسمق) 


وقد ظهرت مجموعات كثيرة تحاول انتقاد المأركسية عن طريق إحياء نموذج مدني أو توجه نحو السوق. 
انظر. على سبيل المثال 
"ععتدعن) عأاان) عط 10 ممتطعموء5. سمناعن500 م1" ,لإلأونكط ععاءط لود وو إدميت أعقط 211 
بقمقطنلا) بإطوسطاة © لمة ععجم 0‏ 1/12 له ,تعامم0 وكه طععوه5 جز لع[ عط" مز 
ه كلكوجه]" اللعكتهتول .11 لقعمه؟]ز لمة :(1996 ,ووعء<! وتممتالا ؤه بوازومءسزول] 
0 لقة ععلصسة.! © لع ,معد ما مسكتالماءعه5 2ه كتسءن عطلك مز «وعؤتاوط أوزلوتموقومم 
.(1992 رقوعء2 ادمع نائول] عابنا . © 81 بممقطعبلط) وعلرج)ير 


0 ,22 بواورع0ى :له كت لاله "هتعس هنمآ نسدالواعه5 ومفلمتطمعا" طوف الا مناه المع (7ن 
1994(١ 4147-8‏ بعطاديوعع<!) 4 


لإللك لونلا لوصو ..ومقا/ة رعو لعطصوت) االكنأهلن0ك عمل عررناة! م تعسعم؟ى .ا مطامل (68 
8 .م ,(1994 ,جومم 


.133-143 .مم ,اريك عمد «مل ء«انايتل ل متعصعمه (وة 
+4 م ,كله نم3 ضر ربل[ كل تعصعمه (70 


عالمتمجه 1 مل فحن ") 1116 جلدم بتروأين11 لاله أانكات!/ #احلاوم30 ,تاصلص له معصور (71 
67-9 وم ,(1992 ,معو عامه لا بجع ال!) تكله نومى امام 


نزءاع30 حدعاجدم|”) نإده عكلتزتم 27 ©:|ا متف اتكتاهاتية') [ه «فاععصى 77:6 ,ذ5واعللآ المممط (72 


.141150-13 ,2 00 ,(1993 ,لهمم لق ممعنه] ومووط وعتالمفصبط]. ل ]1 ,كلمملطم1ة] مناسملاة) 


,180 ,173 .مم ,(1997 متيمكةا تعالعاعة نيرع متهمأنلا) ربدم | :72 بعطاى اعقطء/1 (73 
154 


إن اومتها 1/10 وجرن ورمنة1 كعوال 7 مقعومسينةاه:) عممخ له ممسامئما سدتال/لا (74 
,19 هم ,(1997 ,لزاوعلا 480035 “.كقةالطا كإستلدع) علمت !!!ا إن أمهوماءظ علا ارت أمااصهه") 
.206-08 ,167-168 


للا عملمعنا]' لمة اعهاتا أدصست_ا معوبواء8 ومأكديعئله لخ كيسلدوتالز دتعمتطإعجرمعه" رود 
0ع *] اناجره!!؟ ,ه81 أقطتا ها “يومنأههمءا! مقدومانا غه كدمناء تل متممح عط دده موروقم 
123 هم ,(1988 ,وقعم" ك8 . ذمداا بعورلتطممدع) مسلط أغمه سق إن 





نهاية اليوتوييا 


المصدر المعتمد لموقف ماركس المعادي لليوتوبية )76 
هو: 


عمقناع قط اع أععن"] بعماءاء6) عتاتامعت5 نمه مقتمدمال] تممتلواعه5 «وأمأعومع عاءترعلممم 
(1975 رووعرط 


وفيه وصف للأفكار اليوتوبية بأنها ليست سوى “خليط” يفتقد أي أساس واقعي في التاريخ (61-62 80). 
ويمكثئا استخلاص حكم أكثر دقة من العنوان الألماني : "الاشتراكية من اليوتوييا إلى العلم” الذي يقتئس 
حجة إنجلز على نحو أفضل. كان إنجلز يطرى الاشتراكية “العلمية” من حيسث إنها تزيم الاشتراكية 
“اليوتوبية“ التي أخفقت في فهم القوة المحركة للتاريخ والطبقة العاملة. وجاه في “قاموس الأوصاف 
ألار: كسية ( له «املمطء0) كاء الوط لعتعدجهارا رب بر«ددهراء 121 17 ” عن “يوتوبي ” إنه انحراف غائم 
لا يقوم على أساس. على أن ماركس نفسه وجه لوماً أقل للاشتراكيين اليوتوبيين لأملهم في المستقبل الذي 
يعجزون عن فهم كيفية بلوغه. إتهم لم يتفهموا أن النشاط السياسى قد حَلْ محل وضع الخطط والبرامج 
اليوتوبية. لم يكن هدف ماركس تدمير هذه الرؤى بل تحقيقها. وفي خطايه إلى كوميونة ياريس أعلن أن 
الطبقات العاملة “ليس لديها يوتوبيات جاهزة الصنع كي تقدمها... وليست لديهم نماذج ليحققوها .. 
ولكن إطلاق الحرية لعناصر المجتمع الجديد الكامشة في أحشاء المجتمع البورجوازي القديم اللنهار 
ذاته..". وقي مسودة لهذا الخطاب كان ماركس أكثر دقة وتفصيلاً: فرغم أن الاشتراكيين اليوتوبيين “في 
تقدهم للمجتمع الراهن حددوا يوضوح هدف الحركة الاشتراكية”. إلا أنسهم أخفقوا في قهم الوسائل. 
ويرجع السبب. أساساًء لأن الطبقة العاملة ذاتها لم تتطور على نحو كافي. “وقد حاول اليوتوييون 
التعويض عن الشروط التاريخية للحركة بصور وخطط خيالية لمجتمع جديدء وجدوا فى الدعاية له سبل 
خلاصهم الحقيقي” ويواصل: “ومنذ اللحظة التى أصبحت فيها حركة الطبقة العاملة حقيقة. تلاشت 
اليوتوبيات الخيالية. ليس لأن الطبقة العاملة حققت الهدف الذي كانت تستهدفه هذه اليوتوييات. 


ولكن لأنها وجدت السبل الصحيحة لتحقيقه  *”..‏ 2/ 07) ,واعقسظ عاءاععلءءظ لمة عصقلة امهكا) 
(76,166 .مم ,[1971 رقتعطو ألطوط وععععمرط :بجمعوهال!] ,عدرتمدره”') وممر 


انظر. يوجه عام: باتعنتلاع]/[ بمولجمآ) ,«تكدجمابل مه ««ك دادمالا بنتقوع ممع اسععمألا 
.(1987 


حتى الواقعية الجافة عند لينين كانت نتنقس أحيانا أنفاس اليوتوبية. لقد أعلن بوضوح قي “الدولة والشورة 
(1976 رقوة:8 قع38لجوتلهآ معاءعده '1 مومذاء”1) ,درمابراوبء! لانجه واداى 77:6” : “لسنئا يوتوبيين 
..”. ولكن لا تعضي صفحات كثيرة حتى يدافع عن اليوتوبية “الماركسية” ضد الادية المعادية للثقافة عند 
البورجوازية (25! ,117-118 ,60 مص). وفي دليله العملي "ما العمل؟ لإءدره(/ © ١0‏ 5[ /106/ا1” رقع 





الهوامش 


لينين نفسه إلى مستوى الرؤية الحماسية للهّبّة الثورية. قائلاً: "إن هذا ما يجب عليئا أن تحلم به" ثم 
سخر من استجابات الماركسيين المتجهمين لهذه الرؤى الفياضة: “يجب عليئا أن نحلم“. كتبت هذه 
الكلمات ثم فَرْصْت”: وصاغ اعتراضات رفيق كثيب: "إنتي أسأل: هل للماركسي الحق في أن يحلم على 
الإطلاقء وهو يعرف أنه على الإنسان؛ حسبما قال ماركس» أن يشغل نفسه دائسا بإنجاز سهام قايلة 
للإنجاز .. وأن التكتيكات هي عملية تتطور مع تطور الحزب؟ ..”. وأجاب لينين باقتباس عن الروائي 
بيساريف الذى أكد أنه دون الحلم لا يستطيع الإنسان أن يكرس نفسه للسياسة أو الفن أو العلم. شم 
أضاف ليئين: "ولسوء الحظ. فإن هذا اللون من الحلم لا يوجد منسه سوى أقل القليل فى حركتشا. 
والسئولون عن هذاء قبل سواهم) هم أولئتك الذين يغاخرون برؤاهم العاقلة المتزنة “بالتصاقهم” "بكل ما هو 
عياني ..". 
.(158-159 .رم ,1943 رأقده تتقمععنم] علرنلا بجج1؟) (عنندن2] ء(| م/ 5[ /ه:/8! يستصعي] .38/71) 
,66 ,49 ,35 مم ,(1975 ,كتعكا1 :معد لان , 1883) روما 8 ما الإبرن1 776 بعبوعهة.1 أندجط (77 


11 0» ,ك5ن0 0171/1/1 ]1 مصتسة زمع8 ععالة/لا مذ ",ماوت ذه بوطممدمائط0 عط مه وعوعط؟1“ (78 
258-61 .مم ,(969] ,مععاعمطء5 علرولا بجع [7) الروعة 


هرج بإعاععاره8) مارملا[ دل هانه نزيو جبفاكالا 186 وسيم[ كوايهط”) تعطععع8 مقطاهوو1 (70 
1-253 25 .مم ,(1986 ,ومعع2 هتصح المت غه ونويع بولا 'ووأعوصخُ ؤ5م.آ 


تمدععناة2 ,1] لقة قعدم1 .0.5 .لع ركاناء عنملا عامل عدا إو بوممء:11 116 ركعصسه". وواممتع (80 
.269 ,ص ,(1966 رووعء2 لإاتوعع رتملا عع لطهت عأروم برولح) 


ملروة) 3 دواع ,(19920) ”يعمبطابن) يسعلة عط لمم عسطاب 010 عط“ ,كمقعابيا قمء0 (81 
0 .(1970 





نهاية اليوتوبيا 


ك١‎ 


علا0 جع أءمابز درا عججترهر|") لدت براطترمك] :ععدابة 18 جرانسعاتمطظ ,كل ,ومكتلعو1ز 8 .0 (1 
4-5 مم ,(] 98! رووعع2 توالويه لدل] لم05 علوملا بجولح) 


:(1922-1923) 18 أمتماتمل لمعنكدى|") 1712 ”,تصسهنا خناطتساط 8" ,رطعئيع2 8 عمومكخ (2 
1/6 0تنه عاعمط 726 ,الدوده1 دمكلنتطعن1 لهة «رمدعنوع لممطعنهظ وكلج عء5 .387-408 
]0 م015 0.١‏ ذا ممأعصتطمة /() وعنماك أعانار[) عدلا إن أهتى أدعرت) معطا إن بورمادراط 4ه وام 
2 علمةء1 ,6-84 .مم ,(1978 ,عأة!5 06 أمعم ومع روعتقاكة منتاطباط غه بمعمس8 بموترمؤوزك] عط 
ل ”رق 5184 لعاتصنا عطا كله لمع5 تدع عط له مزورء0 عط .عء تفط لمة تمعاطصظ“ بتعصصمة 
8 :10لهء نل أفعاككه[") بلامطستعظا ععنرءك!ا ,57-76 '(1961 ومقمة) | مسمرقة مم0 
لتاتدة حتهلا مهاد عمرود/لا ختمكء<) كعنماق لعالمل) عا جا عيرماتعط «بودرهع1 له باممس) 

7 يم ,(1984 روومعم 


ها لععسلمامء؟ ععة عاراتمومالط 5 بم«رعلبجع) 116 0 عهدم ادع مه عهدم 16انا ع1 (3 
تشاكج ,(1899 ,قتع طاوع8 عق معممه1! .علعه لا بجع[!) عاتزع لعزي وسمنكوا ,لامهعة ,5 لعوبومكر 
8 .م 


كر[ م111 رهه5لعةن) اتقموعة .0 ,عمتامقهد14 قلط امه ع0 65 معد لمم هذل لمر (4 
ولإاأقتاء لاتمل] وبومدظا :.] كا معمسعلايته؟) عترتتمجمابة 5 «مدرواادء6 إن بررماكرط[ 4 :ع «جموهالا 
(65-66 .مم) ,(1938 


متتسوزمع8 عهطا بععلوظا نورلان5 اه طععءمة ع50ه عط 0غ زانهم جوير عبحو0 بععمماكما 1056 (5 
إن بررداكال] عذل) برععله8 ترلام ره «رابإسط «ببصرقء8 ,الهاط؟ عجقاح عءذ ععمعيد متاطمممع 
.(1990 رككع: تأعكماطعقاط أن بولتوء تهنا .طععدامناتط) درم نادرععء( بررمرمار] 


.للع بجعاعها8 :100 0) 1663-1718 اع زتره لتب “«عاء 2 ,سه اوستمصي© .لظ تومه (6 
1900-4 .مم ,(1933 


311-3125 مم ,كاالعال-ة أذ عنرمادة ,لامصة (7 


توا عط /ا50 مصط لعأمهلة ععة معامهدك خنطا مأ وعممعمعععع لمة قطامدؤدعدم أوتعيع5 (8 
ممه (121-126 .[1994 معطا معععط- مسعبولا] سمسمز كا سول) "مروتلرسة أبعت اناد عه 
20 اتعطانا عمللا قاين مثا سواط :ورماو[!1 عتاوترعنط صر عه 5 عماأوقطن مومع 

.(1994 ,بجلعاطنه2] عرولا ببن1) رع جنا أعماحاط جره 





الهوامش 


بوبوععه/” إن دنهملا 4 «تتمفم ناكل «مزع 8 1 كعتاللهلال] برازكرءنا 1 توم روي (9 
4177271 1تنقاررت !1 ,كته 1771ل لاخر ,15قم 0 أ معتدار تلن الا طول كمعابارهء3 دنه كاععزورط 
: © (0] مقع متامة/7١)‏ تاصنا/! ‏ (آ مسعفمسك لك ,ت«ونلمع اجا "رمتتعااط دذ كرمع أمع مشر عبرو[ جه 
(1993 ,ممتتدعبك8 جره اأعسسامت ممع ععمةُ ,ومتنقددطك؟ عمطية!] مذ ممأ ممما[ كه معقل0 

تعدو حهلظلععامء 0) 1 .مما عمقايى لجره وعهاا إن أمتصامل. أمعنام”) 4 «براومعبيم (10 
ه معتقاظىم أهممأنوعيل8 :0 ععامع0 ارمعتلداة غطة برط لعطنتاطيم كهبن ولط1 (991] 
اع سدم عبحتاج وكالوه 

يتنه ,نالل بكةتودرت" ) تقال 1 1[ 7[ ع1(/انه 02 ©1172 ,رعماامع] لآ عموع سم[ (11 
-115 “1997 عع ماللا !تدوز مذ بجعابهم لإمرعع5 9 .م ,(1996 بممعدع3 مماوم8). بربمروريز 
119 

عممق عاءن/ا اوت )١|‏ كلها أعغاة:([] هذا ترا برعت عدجرءذا سه ع | بععالة>ا 11 وعورهك! (12 
3 مم ,(1924 ,اماع ناأرآ أمصة 

لنضحلط ١‏ وكوكة ,عمل اءطصمة) ول[ كاسام نايع اباط الى ععل علا[ ععمقاقت سمطنوك< (13 
.160 7 مم ,(1997 ,دوع تراأورع اونا 

عامل" بتتعل<) ‏ كلاس ماطايى لاسرا ت«صبرهوه نه لعتك وان [اعلكمم ,تعوصتائلم؟ .4 لوط (14 
1 .م ,(1995 روعام80 عزوو8ر 

طق كملا قتصذتامهسالنعقابكة" ,مملومت ‏ © بمعحةق امه لاعتاسسولة عملامم دتما (15 
لعقنعاط © لصة مملعمة .1 لظ مه ,كلهم اابعوابعابا جاباموماة هذ ”رووممنوبظ 
4 م ,(1906 ,ققع؟2 وزأممدءصستل8 2ه باتكيه لون :متأم ممعهم 1ل/3) 


5 ع نامل[ كاكناي لانت اناما إالر عرل علا عععقات (16 
7 ,102 .مم ,(1955 ,مدلل معاية عأكه لا برك |1) :01151 77عه/2 ,تعدرو[ صو ةا (17 
أ 18« تبان مقع لعاهقة ,مستص مم8 ا ململ ,ص6 اميت لمة ورمتمسمء8 ماوق (8] 
8 .180 .مم (1964 .ودلعاطانه2 .لا .ل نيزن معلعون) 
“في 161١9‏ تم إنتاج 500,6٠٠‏ قطعة (من المسدس الجديد). ومنذ اختارت هيئة .1770 (اللصنع الوطني لأسلحة 
الحرب [ع معنت عل ممعف ل علقدمنغدل؟ عدو لءطة5ل) أن تطلق على المسدس اسم بروتئج. سرعان ما أصبح 
هذا الاسم معروفاً فى أوروبا اكثر من الولايات المتحدة ..” (184 .م). 
13 لعه"! بزط موأأعبلم اما جره طاتبر لعنداكموى ب (#ا#جوداناعذ ممه« يعلط كا ادامل عجريمام (19] 


89 ه ,(1984 ملعل ععاعادا-ومةة] عماعلا ععطءدوتمعلهعلة ‏ جممعااة5) أعععم -وعاروط 
الاصماع] ! ,نوا لةععدعيى رن5 26 .م ,1933 .معقمقآ أشطلة .حلت أمسا!) «ماعوم/اعى مم1 كمموكا 





نهاية اليوتوبيا 


عناهة1آ عط1[) كماثرركرطاوتعمداو ردتقملا[ بصع كه «كتمواكدء «مضا «رمثما «توامل عمجو ععممؤم ‏ م7 
252-258 .مم .ووة ,(1970 ,لامأناه]/8 


3 «,(1965 ,900 علوه ل" بجك81) ممما عرز عرن معط مقا 86 بللمصة؟ كامة (20 


5 ل» ,عومررلمآ] ع0 :7ه لالتعا تنه عنالان؟) ,فامصسعة بعطتغولط دز لعامبو طامظ (21 
.5 .م ,(993! ,ووعم2 وازوعع امنا عمل طسوت :مول تطسوع) أمتااه6) 


كل اودالا! ما *العجسممعتطوتادكا عط هآ غهط/لا. زممنادعن© عط م0“ ,مطموواعلمء14 5عوم/3 (22 
.1 مله ,كدنهالىء ال ةلف )لع ةاور وس 1 تزه كترع ك4 وريد ؟)- تع عايوتسا ادع سرورع اطع درا 
3 .م ,(1996 ,رووعطط وأصام ألو أه بكتوعع بزوتآ :دواعوصة ذمنآ لص برماععليع8) عالتصطعة 


.ل قمقاع له ,(1798) بعالا إن لترلوط عأتورجيهء'اه تربور برومادمه«للق4ق ,خصق؟ا اعسقسم1 (23 
.240 ,3 .مم ,(1978 رودعء8 نزاأورعطلل] وزمهذًااآ مععطاده5 .عامفموطموع) عام زمليجم 


مراع اتن زموه ) 8 “ركنا لمكا بمهأغة5ز[ اله“ «مأكدبعوتل لعاتماعل قط ععد لمق مز اميل (24 
متاعل] تأتقع اادط5) 0.7 واععااءقهكا .خا فقمة عممون ‏ إلا ,تعمميمظ © له ,اوزراجوعطمصصق 
679-774 مم ,(1992 هلاه 6 


عترم ادق عتتن) إن سصانعا[ لععطار') 4 نه ايت مطمططاعسا؟! علبرات لمة عوطعم؟ هآ لم (25 

لعتاوتاطدم 'إالقسزوامه عدبت عاممط 5 .66-67 جم ,(.0 <١‏ رعهمتمالا ععاءه لا" بمعكل) كمرم1اتررتزعج 

اق وامعقطوعة مسمعمعسة عه مسسعدبك8 نرلوطوع25 عط 2ه وبعجوط عط عه 47 .أو قة 1952 مأ 
انمه دنآ لموبصة1] ,بيه امصطة مه 


.68-9 .مع ,106/// ) رتتطمطعاعسلآ لمح ععطعمع1 (26 


0 لزاتلقتة لالدلا امتاقدحط) أدررم1 كأ از "قهانه ماق تاإءعنلمعنع8 ابل ,لإعتقة© 1/1 اعمموسداا (27 

7ك نا ) كا 015 ) ,0011هقط5 لتعطرهأو متا ع5 213-214 .مم ,(1989 ,وووءط موعن 

ما دعاانا 01 انلع 101 لداء30 «مء لعجا سد ايت لبه بلونوأنودا عذا) بدوةاقه م1 
87-104 .مم ,(1996 رققعء8 تزكتويء تلآ جمنكامه11 كمحام1 'ععومم تخادظ) علانئا 


9 .م ,(1959 يكمتصعالل! :عاترن ل" بح لح) عسبراب”) إن كد اقوط باه تلعوصعظ طخب (28 


بنك ل ) ]| ) زه 2011675 باك العصع8 لايجا و1 ”رععاة:5 عولط قل“ روعالا أعممععدك1 (29 
.7 م ,(1959 بلامذمعا/ةا لمملا 


قتع رآ +80 515 علم1/1 لأعوبنا ث" بالممصقطة عتعطمم:وأمط© نز لإدووع أتقدرة عطغ ع5 (30 
4 .م0 ,1ك ترامم م01 عر "بل توساق هذا تنه «اعناع/اممسورط”) 77:6 و تع نفعوعه طاسع 
5659-0 :(995] «عطوععة2) 





الهوامش 


عارو7 بجعاط) قت 20 ,1 .لون بان ) إععتن) إه كدعة| 113 توزعورة! ععهعول «عمعنةا (31 
ون ملع عالعدناكاتنه 1111 .تعوعقل ععمعثالا لضة  1965(:‏ رووعء 2‏ تواتوو الملا لعملع0 


117-4 مم ,(1960 ,تعالانم)) عل ععغلة/18 متاععء8) عوقالبظ عارع لوبو مكتعيجج رورسم 
1961 بممكرها؟ تعلتهلا بدععل!) لإعطاعةنا5 دعصةل .لع ,اندنكينا|! دس و عننا» 1 711 رلنعظ .5 (32 
6 م 


إن ع«أمماك 76/ هذ ,(1906) "معقعا! ممعمعمة عط ع5 عأمماغ0 ع5" رووه8 دوعر (33 

ال يومفءمة5 7 .0 له ,تعلهع!! كمه8 عترنرط 4 ٠١‏ [1883-19 بوووامجم «طادل ممع عمل 

بدلو8 اانا .8 نظ 177 رقأطهآ سآ ل1نهنآ عه5 .313-314 صم ,(1974 روعامه8 عتقم8 يمن بجولل) 
.351-352 .هم ,(1993 غامكآ عامنل بمعلح) 1919 همقر 


إن لقنطباءا! انه عدذانء2! 3716 :فلملا ارول زه «أعممى دل ,جتعاوءوط ١1‏ 501© (34 
ب(1991 بؤوعء لإلتوع تنلا لتول»:0 .عادننا بجعلك) اتإعرانه:17 أقاعوق3 اسن رعسرا جم ب« تربسحور] 


.61-3 .مم 


فوا ءاسماي أدعما ونط مز “رسعاولاة لمعبطلنا0 2 كه عقكمء5 ممصسصمع" ,عع لمتكت (35 
73-3 .رم ,(1983 ,وكاهه8 عزمة8 عامملا بعلم 


7 مم ,للع" ) ,الامط اع سكا قمة ععطممي1 (36 


9 زم اللكته77 "عاضوالا معط اذللا" بإسر مرم كعم معلمعد عدعطا 2ه لأمعيعد لعبحموو] 1 (37 
1996(١ 1005‏ عمتممة) 

عارولا بجع1!) ااتدنأوءالدا! ««معدء سا إن [ا«تطعم لقانت «طامه(] 776 ,مأومدمعة بوعلمة5 (38 
1 .م ,(1996 ,ععلعاغناهم م 


7 '(1996 ولأكم5) 1//7ا؟ **,0رواتهناءع العم[ -تامة رطع تستصمر8 لوط (30 


اكول بعلط) نوما لاه © عطا أله ماوت معمم!ا عط سمتسصقاعةاتلةغه1' مز بومكوء1!ت لأمطط4 (40 
(1995 ,ؤوعرظ تدوع عونا 010:0 


وهو يدقع فكرة أن الشمولية كانت تطلق على الاتحاد السوفييتي وحده بعد 141/4 (29-50 .م0). وعلى أي 
حال. فإن الادة التي يقدمها تخفف من الفكرة فقط. لكئها لا تنفيها. 
االعأ/هاتلهان 1 عرلا تله اتحممسزك هأ ”بسكتصةعمائلهاه1 أه ممأووبءوز" ردملدء11 عروطءه1 (41 
,82 ألا ,1940 ,23 بمقبصطة ,نؤملعه5 امعترامموملتطط موءأعمية عط كه وومتلعمعءمط يعمد 
9 ععطومعياه!! مز ععهام عامه) منتومم سالاد ع1 .89 بم ,ا مم 


51 م !0711| 1أتكات1 ,لامقعع1) (42 





1/8 «زه تاعمج بزل م1 ”وتلمع 8 مقعقاتلميه1 له وعامتعممط ,ولوه/لآ كقصمط (43 
.44 .م رعتهاز «متهارانام1 


عط أه تمع مم جرزماع بعل عط أن خمممعء؟ مط ]3 لعستقمع واوتتمعاءد أوأءهد أمموتصمة (رل4 
تر 117ل ىأنرماسعاتلوام!" لإو أمععدمت) 136 مقعلانا 8 كقسرمط1) ''سكتمةتمة تلام كه أمععوم 


.(14 .م ,[1988 ملسداعوة) علولا ببعا7] 933-99( بروزام2 بجورع من "| وروم سومار 
لصة ع5نآ عط تسرملعة؟ 1و سملهملك1 ع١‏ م موع.ا قن مه موعصقك8 رأعاء ألو/لا وعتلمم (45 
9 مم (1995 رقوع2 لإاتوع باولا 020 هها5 ملعمكمجز5) وأممانا اقتمنصصو© عطا 2ه 13/1 
ينتقد واليك هذا الاستخدام الرخو. من الناحية الأخرىء فهو في مناقشاته المطولة للعنى ودلالة وتطور 
مصطلح “الشمولية” لا يبدي اهتماماً بتطبيقه على النازية أو الفاشية. 
.م ,(1965 ,تناطعة/ل1 يت تععاوء5 :ه00مآ) [تدتعبقم[] 16[) لاتجه فيزنلا 11:8 ,موصتلة؟ هآ ,ل (46 
9 


.م ,(1970 مماكول! عاته ل" بجك[3) نهعم جه نآ بتماجمانلهزن1 إن كدنع 071 176 بهمماة؟ 1 .1 (47 
1 


1 لذ تمطدعائعنم1 مخعصمداحج ممعوك" ,تاعضمث وبطومطعما (48 
01 م[ تاأوعول إن لزتودةعاط جم لانت وملام لهنواتمتيعام! برعا 10ج بومومسورز 
.18 .م ,(1984 رووع:5 وعمئمدكل8 تدوع افصدول) 


رققع؟2 مقع لطن 01 بوأزوره زولا :0ك تعنطن)) #امناررء3 م1 أيهمخ! 17 عاعررو!] على طعضلعم1 (49 
1,77 مم ,(72وا 


191065 علهلا بجع1) .27015 ,ته أنةازنا علا أماته براءأعم3 رعب0) 716 ,تعموهط .16 أممكز (50 
6 .م ,2 1ه :158-159 .مم ,1 .آ0/ ,(1963 ,رمم 


.0 بم ,(1958 رلأمولةا عإممية ال[) 7ك هنما أواه1 زه 5تراع 07 1716 رالمععة طمممدك (ا5 


1 كلرفككظ انه[ وز ,(1949) "رمعت للاعاغصع خا عطا دز مدعل1 ادعتغختاوم” بمنتاععظ طونووا (52 
29,39 نإ« ,(1969 ,ققع1 وتتوكع انهلا 01010 .لعمل:0) نمطا 


115-02 .مم ,نومعط 1[ جره كنرمئير 017ل هذ “لامع طامآ 0 5أمعممم منو1]" بمتاعم8 طونده] (53 
.لك .م ,(1982 بلتمسمجعيعط .0:10:0) عكتنام) 0/7 9710 تبه «اكتلهمرر/ بطعتاعحاظا بسداقتهة:5 (54 


لاأأقعع انول لعهك:0 ,له  ))0‏ «بوالم فطع 5" 327 1580157 بقعم أله .ل عقبه!© عع5 (55 
4 .م (1994 رووععط 





الهوامش 


للوصول إلى هذا الحكم. يعتمد جالييو. بين مواد عديدة. على بضع مقابلات لم تنشر مع يرلين. 


رع أبهع 8 .ل 250 ع1 امه بآ )لمك ,ااتهاماءة! دده كعارى عيلت1 ججوواءة م ما مسلاععظ طمنلوةا (56 
60-6١‏ ظزم ,(1967 ,تع/0) معنت .مهلزنم 1) 


010 6565 غتبد لمه ‏ كهو< غط) طغليس وصمع"]1 ها لمتسم)" ,رعرونة 0 لوزام (57 
.02 '(1986) 45 بروزنومر [للككار] ”,وعدووع |1 أه © 


4131 م ,ا(لكل ةلداع هاللهاة 1 رووقوعا (58 


الع ,معاتعاع3 لأوعتانات”1 ١٠ل‏ جبرمئكورر قانع كدوال8 جرراقاله«رورم”) لاقت عنارم/ رععؤاعرط (59 
ماعنا 19605 ععطاممو عه عرز .م ,(1970 ب15688أ/] ارملا بسعلط) ممممزيع .رز ,5 لمج معوين 
بم طكعنائق علته ل" بجع]) ولامممه© .8 .إلا لع ,اوسماه مرا إن كها8 176 عه ,مستلهسام غأه 
اثتجة) 4 .50 ,12 ععمل/ ”ردوتلمساط أه مملؤوع مزال“ 605 © ب62نزز[0 هولق ءهء5 (1969] 

*” يموالوساظ لمة عممه" مغ لمزم بعل 15 عناذكا تلع ع1 385-00 ,(1971 


ندع أمل] لومامصماك 'لكدكمقا5) د اامصباط رمعم عدوم إن االاع20 776 ,اعتمو؟ا 5 بممعكة (60 
(1961 رووم:م 


87ل 6م 3‏ امعنلم1 186 +برجااجمعارا ديه اام ءال 0ط 17:4 ,ستومه .8 امواء تك (61 
.9 .م ,ر(1967 رققعع8 1/111 ..ؤقهك/ة رمعل «طصوح) 


أ بلع اعوط نمطم[ << انيه تسج دهانة 0 77286 #ترعذ ,صوطوتك ململ (62 
198 .م ,(1984 ,266535 لإاتومع اشفمل] ومتعامماط ممطمل .عدرل ؤاوع) 


63( مكاصا ,أئنه جرنداجر[ 111104 116 إن «ررو[امرع 18 ,هعقومو عع.آ 5دهء1143‎ 1١ 
تدعق 1 ممللة رم تسمم] طلقتلء/50 لمقمع 5 - 111 ,لمقاة! ءعم2) عأافمد © لمد موزب]‎ 
ليل د5ع2005 مق 25 لعرع نا أاعل بإالمستووته 5 69558 5لا0له1 ولط 14-19 مم ,(1987 ععاوعة‎ 

107 


10ت كمال:ا 3‏ :كته[امع دعن حلن 11 تبن 5 6710 ,لاالقتفمعمع بعء5 (4ه6 
ةا .2 لضة ماكاكتها 8 لع ,وموم برال"! «عالرق كنوت 117 مسلط عبر سن جع خرماجع رمع 
(1990 رووع؟8 5أمم11الغه تونتوعبلونا يمسموطل) 


ج18 طتمة0) اها عن« اأعلبا عا لين18 بمقااتهلزملة .2 اعتموط امه عععدات مقطنوك< (65 
7 .م ,(1963 رؤوعء2 851113 ..ومدلة 


مانم !100ي العا ,مهمأ كن ءاماا! 71:6 حن .1 777101 (زأ «اذان ]انبكوك بهولره © 18 ممئززل/ا (66 
0 م ,(1964] رققع 21 إأتككك توهلا 0020 علمن 7 بجع71) ومبرنمل) لعنبم املا 


.158 .مم11 ا 17 1١١‏ 110(1ة[زترأكذا محصولره 0 (67 





نهاية اليوتوييا 


.58 ,51 .ترم ,(1989 بمامعوع8 علرن لا بجعلا , 1981) «إترابا ونررزانز1 86 رما طضتعا5 معطمعز5 (68 
1 .م ,[انزاما عنانر/لظ :17 مممتختل لعتهلمتا عط ها عماعءط مووطمه:5 روم 


رمك ) 119 .مم أعوتعانر! علطي ”رع110' أعتن© وثممقهاتستممة“ روطلة .2 لعقراءنجع عهو5ذ5 زمر 
3-9 :(1995 

01 ",10و أ كأنقل! بجعل8 عط سه بزله0)-طكتاومظ :مجعمال معمار1“ 8ك طصنا1 برع ارمع (71 
2 :(1997 أقنونط- زلن1) 33 انموومرر 


عودااه') عا لاه 6661ل[ أمااأين) :جما 00 0 ازا علداميده1 بممساعلم لءمولت (72 
.37-35 بهم ,(1992 مقملاؤعيلظ ذه اأمعصتعدمءع <5  1[‏ 2.2 ,دمأعمتطفهلتا) بساينسريم 


كت آل زآن ”1 قناايه ممرعزع3 ,اما تعلنههم] اومان 176 ,مملوتها عقدناذ ,أمرفضعع مز رومع (73 
.55 .م ,(1988 رووعع8 كأممذ !1 كه نوكتي دحتملا بهمدطدل)) مسمرل عون كرت عإسره/1! عرزا رز 


كأ عومورمم”آ-«رم/زرير 0 تنه فنتونائتن «براونه2] ليه علقاءت) ‏ ,عمتفسعاولا ى ووأمواهت (74 
.98-0 .مم ,(1968 رؤوعع8 وملمخط© .0 بوازوه لالصلا امممعتط©) 


للع11ا أنقده ]1:1 عاعواظ من إن بررماعنل1 4 تموفظ عا :0 ,عأقومتتطونلط 81 امده (75 
.135-165 جزم ,(1993 ,ؤعاهم80 عنقد8 علءه نا بوع1!) وربرمممر] بروء توم ار 


ب[عماظ إن كادن ةلم متمد 2 10ت لززوع 177 اكأو لهل[ تعلن؟) عنما ,لإماعية5 عمتاك:5 (76 
,1151015 ل عللاكامكة :(1987 ,ؤقعدط وازويع عتمتا لرمكعم0 مارملا بجولح) ممروبوار 
.(1990 بسمعفعظ :ممافمظ 1941) تود2/ مجوءلة عط ره طانولط 


ذستكامه14 خسصطمل تععممسمنتلوظ) ء تلان ) كنيف رن والعلز8 +17 بالتطنيدى؟ا 8 لأهدومط (77 
254-5 .مم ,(1989 رووععط برلون لمل1 

مايق افاتقعاته ا[ ع[ كز 7ملاعنا اكع[ 1116 :عم71[ ع1[ عارك يقاوع1 اأعقطء 8/1 تممه (78 
.76 .م ,(1992 رسفائم8 بدوا! 2ه جوعءط وانورء بطزمل] :.1آ.ل8 رومنوموت) بأونسم 


:]لع بالط ععمعمك ,التسرعة لهكد5 مزل هلعا سرم5 لعنك 35 ,معااه1 .1/1 ععدره11 (79 
20-2 .ع« ,(1995 متمكلعةث) :. لا الآ رمنزاماكمم1) 7لكنتدما2 تبماعء جنار هن إعراورم مع 


لاأأويع ملآ تاعاق الحتأاق0[! :.111 معاقصة183) براقع[ اربع ابت ل إو (امعرمل 7136 رممعمقهة .183/7 1 (80 
.126-128 .مم ,(1973 ,ووععط 


برا رلته !ا ,انبل 780ل 66تاق وتكقطمعارن نط1 أنه كتهيهلة بدربوطقطو1] .ل .15 (81 
3 ,59 .هم ,(1991 ,وععوط لإتوعع بطزه[) عع لءطصقك العملا بجويح) 


كنزم ةا ه11 «توء سعسبك إن جار ةلاعى 0ه 18اأنسة19 186 نكء1ز]1 *«ء#اتعببه') بخلتصطءة عع طوتعا (82 
.134 .م ,(1995 ,ومعوظ بواأورع ب أولآ ومأععماءم) 





الهوامش 


عتما كته ع1[ بأعاشول نععتتماءنانطل 10 جوننام 400 بعصوع11 © ب«علرة عه5 (83 
وتو علدنا وأطسسامن) ادهل" بجعل) برطذاةر ع1 77 عاعناتل إن و3 ع[ا ليه ,ابم ااصتويعوم”) 
74-6 .مم ,(1990 رووععرم 


؟' “عو ولط **,185 أقامطن) عأمة[8 ج كه مناأطامع 2" لالعهظ للدع0 أه كومنزعولاع, ع مم5 (84 
1997(١: 55-6١‏ للونتضية[) 


إسة .له ,تكله اأسعنلاي لط ها به ةاتمومعع! له وعنتاوط عط" ,رمابيه؟ وعاموز© (85 


.25-3 ,وم ,(1994 رققع؟2 لإللوعع/اتمل] مماععممط مماععملوط) ممم سان 
2 .م ,(1994 رمعلعائنه8] :انما اظع[!) 6 «الاها") إن ««مالهعمر! 11:6 موطاطقاظ .>1 تسرماع (86 


لمعطكتصقهلا 5*مذتامعبط لبه تكأسكة"* ,مملءعه .*1 بومعنة لمد للعااسعاة ععاومئوتي (87 
.102-109 .مم ,تكملم مالبنء ذاأنتالط جز أدمماطة ,كلع ,ل أعتبجعل!1 نمه مملعه0 هذ ””روعمهزوبر12 


بعا!) ).2 10001121 , ل ممقديهذا ابوط 01 اتاعأباع ([ى دمن وعممع توعد فقغطا بتدموروطة 1 (88 
307-09 :(1992 ,9 طنعهالا) ببمننملة 776 ص ,(1992 باأعط بعلم 


ققد ]0 لإكأورع تهنا نمأأوسة) ننه للع 1160 ««(عافماط درت أنعنكدما") ,لعاقدناة© اعم»ا (89 
116 م ,(1992 رقوومط 


رالناعة؟ عاعها8 عطز 2ه ع5 عط“ ,ممقاطباءآ وسععمطع/11 لمة وملعم لم1 (90 
249-77 .وم ..' ).10 11/1#ه 2 , له ملفصعع8 وز "رؤنمبة©) 


ثنة 001000 هأ ”متام منق814 ة لاط لعوهباة عماء8 عطن]“ ,ممعلطب! مسععمطوللا (زو 
0 .0 ,اتلكة/ه تالاه 11 /ننليط وترم ةرهاة .كله ,لاع تابعكم 


5600165 مقألم] ممععدسم :همق علصمعلمعق" ,معمع 0 معستول عتأعممة .كر (92 
-31 .جزم ,ااكتاس ]دن لبا انان كاط , كلت رلاء ابعل لمة مملعه0 مذ ** رسروتلمسابعتايكق» 
59 


"امتأوزءمىاوم 7" ودر 1ن 5ز7اععاف] أمعقام) :دناوناط عانم ملعاال ,توكوع1 بإعمولح ر3و 
11-31 .هم ,(19917 بععلع ادم تعامولا بجولط) ب«م 17م 





بق !!تمطعدا/! عاعملا بجعلا) وجعط01 لسة د5لرإوودظ لأذأر1 ,قل[ة855 لع«لللا ,لاممعة ب«دعطنهاة ١(‏ 
8 ,(1883 
"الديمقراطية” و"المساواة” هما المقالتان الرئيستان في هذا المجلد. رغم أن كلتيهما سبق نشرها. 
تعأعواط من لمماوبسمه0) 5م عمفازامط مما[ :كاوعلليها! #عرربوة1 بالوطستكا عمومع (2 
كلك م ,(1990 ,يدم عق مومعد1] ,عامو لا بمك1<!) برمرلوع ران 
.ه ,(1997 رو 'متموالطا أذ علره7 بجع1) #أود4م «وطاثمارز إن ع/ء! 4ك ,لسكا موامطءك1 ر3 
213 


مقامم)نآ عط نه قاع نا0ط1” .لأمدكق م81 لمم ,عموتهامما! ,وعمل/ة" ,عتاه .© معطو (4 
1317 0ن لمقطلعه] ,عاوملا اناع|!) كالاجعل 2[ هابه مرصمالا بكنتتتعمبظ ولط هلآ *”بمونوتلا 


50-0 .مم ,(1994 روومعم 


"0 تود جيتلين 010110 1000 الذي يقتبس عن روبين 811152 يعتقد أن اليسار الجديد ليست له 
أفكار متماسكة. فضلاً عن أن تكون له إستراتيجية حول وسائل الاتصال الجماهيرية. انظر كتابه: 
العا معلا( 176 إه عله تلآ تنه جودر لوالا عط دة مزلعابا معمابز جوددرجلء 1[ هذ #عاجمن7] واوجا/ة! هل 
.م هه لعناء ؤأ ملطيتظ .(1980 رققع81 ونص6 الج له برالدعو اونا :وماعومة ذمآ امه برعاو عايو8) 
1/15 
تك اركالوأعسيره ) 1716 هذ ”روتلعل/ا عط 6 مشمعدناكعمه0" معمرء كمع 2م8ظ دناوعدك/1 كمد (6 
.102-103 مم ,(1974 ,جسطوعك .عزروم بدو ل<) بوراكو لتر[ 


6 أاراا0 نا دمرعج0) جرمه؟ ... لعررتروزدره ا ©7028 18 “جلو أت معام“ بدعالة .© ععطمه 7 
مهلك نط8 ملام اعقطن) وكأ عه5 .12 م ,(995! ,عع لعائياه1 زمملدما) معاام © <1 له لاملا 


هأ ”"رمتطمعةامطءة ممأكزيعاء؟ وتصتمسع؟ كه غسعمومماءبة2 عط وز ومعم0 مه5 عه وامه ع7 
49-65 جزم ,للع ر«وزانبه") ع3 ه70 , له بمعاام 
1951) عاط أمساسيه[ ين عجمايزاه"! تعلة8 أمعزربمبععلط 116 مقطسماءكا المطصومة (8 


7 .م (1967 بللمعوعظ .ومزوم8 





الهوامش 


بوسنزابن ككعاط هأ لعتصومعء ,(954 !) *بصيظ عدا لسة لتنامع مأتلهأ5' بمقطسداءك/ة المطدموة (و 
ع1 علولا بجعل) عغلط171 .16 .12 00م ورعطدعوم] 8 لع “11 از كالم “رماببصيمط عرز[ 
.0 .م ,(1957 رووععوط 


بورترزر انمعدا جا:ج/1(11ان/!) ,ومهقاة طاتلية ها وماكوبءكلل عط عمد امه مز معنن (10 
ووعره تنوه لونآ و'مععن0-الأتعك8ة بلوعككممانا) اممطعى متوادم«] عا لرره ,مو بتاعا 
97-1 مم ,(1995 


علولا ببجعلحا) مانت «وانبصوط ‏ نه كاوه [اعاة]/ :انفونه]1 م8 ,5وم8 بعععلمة ١1(‏ 
.م .(1989 رق1608ئب10 


بجع1؟) معتعساء دأ عامه1 و جعاناطكه 17 176 نمملاننة) افده ) ,العطعتس 85 جعسول (12 
.194-195 ,رم ,(1992 ,مومع برالوعع طمن] وتطصسامت عليم؟ 


برررعاسهده.! فامن برعم عا لاطي ,تبمنكاههءل 12 :عدن انهامب17 عن[ [و 8011/7765 رععهللةا لاود (13 


90-1 ,44 .هم ,(1995 رؤقعم2 تإاتوكع لالدلا مكدع مايا5 .. 11.5 رعؤنع قم 59) ككمرا بومرريميل 


رككامه8 وأفهظ عاتولا بمعآ) عمنالنن) عاط قانه وجلاي0) «دابيره ركمو [ غروطروط (14 
.53-54 مم ,(1974 


سمالا ك0 صكاء رن عطا هه قسمتفعع المآ .وععمستطعتلة ممه ممسوععلبية" رولئط5 لمدبولك (15 

(معةوتطن)) تنرمكسط "«عدزال) درن عترعسرمظ ع([ا لغاره عاواعم|اعادز 77116 كنا هذ ,(1975) «مسبطان6 

00356 الل 5أللامآ 566 ,56500156 8 1015 248-264 .مم ,(1972 رووعءا ميدعلط© ه براتوع الملا 
2268-3 .(1958) 5 لابعدكز(! '”رعاتط5 ظكمء2 لمة مسوععل بره ,معممستطوْزلل» 


-114 :(1957-1958) 7ك سروزبدعن][ يزملا[ 171:6 "رقاكة عط ل0مة ووومدك8ز عط“ ,ععطواط مطمل (16 
15] 


مز ”عسطاية دقل لمة كلقساءع العام[ مجعلقعسة عوسحيوه* ,ملعلزه© عوجمع0 (17 
ووهتصمء ل .ل .لع ,فاوتأدبة! تتمتر[وى ها مهلك جرتريه جل[ ع «رم 1 جععزرباوط سر عامصعء لاعت 
2249-0 .مم ,(1997 ,مولع انه 'مهلممآ) طعاء/لا-مسعع1 م لمج 


اله عق نهآ 566 مسكتعلغلي عمنطانه ذعمم لمق للعدملنوكة 2ه «مأوديعكتل دج عوط (18 
.(1993 ,مها ععاء! مععظ) ابرمكورن] ررم ببسل ام') |/1؟) مووز 

نأم تمع ملز الوان0ا تزه ععاانادط 10ل «تمعدعودا امعودن) 4 ,لاع قاط الا .ل معطمة )5 ممه (19 
.5 .م ,(1984 بممطععة هده ,رمع لمدت) 


8 لع #تشلايت كحماط مز "وسطايت ذكهاح غ0 بوممعط1 قة" ,للقدملعدلة غطعاسم (20 
5 11101185 6 59 .م ,(1975 ,ددوم8 ععن] علجملا سصلط) عإنطلظا 84 0 لمد بمعطوعومخ] 





نهاية اليوتوبيا 


أأه ععارملالا عط مأ كعتائله8 مقداة له ععتقاين كدوكل8 .لدعل1 عط زه غتوسسظ عط رولوموبرلثر 
60 مم ,(1989 ,لزلتوع اونا علة)5 معمرن ومتابجو8 , ككتك اللطم) '“للومملعدك8 اسع 


171 نتن تع نبل عثلا أداتتصعل علط م[ ”النعل1511 لمة النامدوو” رلأههضملع2 أطواسط (21 
,60 .م ”رع تنطادن كعقا/ا عو رمع لل 10 .م ,(1983 ,ممة© 2 عملا بوون) 

كاه بوعطتسقطعلف) ززم 1( الزهككا وعأا «رجداة 5[ امم 77:6 ,للقدملعهال! اطوابسط (22 
م ,(1953 ,تسمقطع ماممسن 

.64-65 ,10 ترم *”,خلبه 1/10 قهة البهدقة]/ة" ,لأممهلع812 (23 


بوتاتزت") للعتلد مكل جد ارول مايترره”1 مارت علمع عل عبط ازمر 200101181 16 أنوط (24 
,190-192 .رم ر(1996 رووعء2 وتألوعو0 طاعمل أله واتوع اتملآ :اانكا اعمقطء) مع عدوم 


ويحدد مور آخر أن الدراسات الثقافية اليسارية تختلف مع مأكدونالد في النظر إلى الثقافة “من وجهة نظر 
الذي يستخدمها” 
وعأكلن) هلا بلأهدملعقك! تطواصط تعسطلنت طوتط فصع عمبغابت عدلنامه2" ,متمعتع 2 صوق 
لانت #امعلمء ترا كز أعتعنتول "بقع تععحة ممعلملاظ جأ ببطععويعنة] ادلي عه أدعء1 ع1 لمج 
.(15 :19931 معنم اللا] 4 .مم ,16 
أماعهذى تيه نايت ككمابا زه كدتجمءة1 :دعسي ءعة) 4انه ممء”8 ,عععدتانهمه عامهوط (25 
30-3 .هم ,(1983 ,قوعء2 تزالقيع لمآ اأعمعه .جعهط]) برمعءم 


عاعملا بجعلح) 5عت ع3 أماعم3 عا [ه #العووماعنونة "رقعددة/؟" ,ممصسوعوة؟ .5 .8 [ (26 
",لإاءأ506 ذققا/ة 6ه معط عط“ بولتط5 لتدسلظ ع5 ,195 .م ,10 .ام ,(1935 .مهالتسعوتلح 
05 التق طولا :مممعتطات) بروماماءمدم عمابز :د كترمككة ببورعطصتسوط هه «وإجهة) وت هأ 


91-107 ,هم ,(1975 رؤوةظ موعت 
من الؤكد أن الاشتراكيين والشيوعيين ظلوا غقودأ عديدة يستخدمون كلمة “الجماهير” بمعنى إيجابى (27 
ولنفس السيب رفضها المحافظون والليبراليون. وبالنسبة لليساريين فإن الجماهير كانت تمثل الشعب 
الثوريء وثمة مجلة أمريكية كلاسيكية ذات توجه راديكالي في الفن والسياسة كانت تحمل اسم 
“الجماهير”: تبعتها صحيفة شيوهية أقل شهرة باسم “الجماهير الجديدة” .. انظر: 


ل ,1اتع تعلطا أمناا”) 116 ,1913 هذ (دعتعماية :17 كه ولمعتلهظ عط ,طعممآ .8 عمعويك) 
.مم ,[1991 ,ققوءط بإاأويعتولآ قم ةا ..[.]1 أن اسكديمظ ببولط] عإءعتملنا ..[ لمق عوزاع8 .م 
هه[ :معدعتطت] الأعلة” 0 .1 بنا لم ,1-17 191 كعتكمابق 111 :اأمبص ةا زه كدمباءب؟ لمة :27-47 


((1989 رعء2 82 





الهوامش 


وثمة تصريح تموذجي لوظف شيوعى ي في الثلاثيئبات دعا فيه إلى "رواية الجماهير الحمراء”ز قال: "في 

النضال من أجل الجماهيرء يجب على الحزب أن يقاوم “الأدب الرومانتيكي والوطني اللزج » وأن يكتب ما 

أسماه “رواية الجماهير الحمراء”. وبدل تصوير الصراعات الشخصية والعواطف الخاصةء فإن رواية الجماهير 

"يجب أن تعبر عن صراعات زماننا ونضالات الجماهير ..” 

معمام3 عاطنامء!! «عدمبء 1 776 مز ,[1930] ””امبويح 5 لقاعماء !0ر2 عط" يقطل8ى 0116) 

بإاتومة نالول] تمعاععهة ذمنآ لصة برعاأععلع8] وعطلمعدادر ب قهة نزول اط بجعم .هم ته لمم8 
060 مم ,[1994 رؤووعء2 وتمرم تلوح عن 


ومع انهيار الماركسية الأرثوذكسية. على أي حال. انهارت القراءة الإيجابية للجماهير بالتاليء رغم أنها ما 

تزال تبدو على السطح لدى بعض الشيوعيين المتعصبين. 

تسهتلامت سجاعا 5‏ لع ,كومام17 «عما0) سه طأءتمصط قنيه #سايت) بلاممعة بمعطتنولة (28 
.9 .م ,(1993 رققع6 براندوء اتلدلا عولمطسم0 مول طموع) 


إن #عتتعع عزنا 11:6 <طام سم اسه رونل عصابعيآ عع انلتق ] انل لمأن ,دا أومرمل؟ لاوم (29 
ر(988! رؤقع؟8 ترالوي كتهنا لتدتمدكط ١‏ عقفلا عولط هدع) معار عجرا جز ريع مم وبل أممناي 
2.27 


لم يتقبل المعارضون اليساريون والماركسيون. أبداء قكرة وجود ثقاقة بروليتارية متميزة. كما لم تُتقيلى (30 
أبدأ فكرة وجود علم بروليتاري متميز. قال تروتسكي: “ليس ثمة ثقافة بروليتارية .. ولن تكون .. وليس 
هناك أي داع للأسف على هذا ..”. وأضاف: "إن البروئيتاريا بحاجة إلى تولي السلطة كي تستطيع 
القضاء نهائياً على الثقافة الطبقية وتمهيد الطريق أمام الثقافة الإنسائية ..”. 1 


رققع]2 مقع تناع ]ا 6ه تزلأوين دلولا :]كط تتحتظ] 1ه[ انأونع!1 14نم ع«االم فانط ,لاقام موم1) 
(186-187 .وم ,[1960 


هذا الموقف من جانب تروتسكي وراء التقارب بين التروتسكية وبثقفي الطليعة خاصة في فرئسا والولاييات 
اللتحدة. على سبيل المثال فإن أندريه بريتون والسورياليين الفرنسيين قد انجذبوا نحو تروتسكي لأنهم كانوا 
يشاركونه موقفه في رفض “الواقعية الاشتراكية والستالينية. ائظر: 

1012 ناه رع !1 غمع لسع مع س1 لمع ع5 منوع أمهكة“ همه (1938) ”واكام رمعآ] طتتبد غأوزية“» 


متممعدم]! "1 .لع ,كهارناز رلا( لعاعواء5 " تموزامع جور عا زه 1771 بممامظ فنلهعة مذ ,(1938) ”ارخ 
173-17 .هرم ب(1978 ممقسماة امهل بجوا) 





نهاية اليوتوبيا 


عا زه تلب ) الإالمقظآ مصجا ها لعكك ,(1918) عصمنايته اماجماءاه2 هذ لمترمئزلع (31 
'تعاعهصط 5هآ لم تزعاععات 3ة) متككررجز بوبدالمانامبت؟[ مذ لارعوعسما لابمااعامرظ ه11 بم رارك 
38 .م ,(1990 ,ومعع2 منصره تلد غه بأومعيزون] 

7 لذ لعتممووع ”,1939 ,عتد8 5"لاعه/لا عط بممتائكة5 أعتبدهن5 قلا 0 تالاه نال00)م1؟ (32 
:10 عانطتاهس1 علمهلا” بسعلك) «تأمي3 «عمم[) ‏ «عتلمء 1 ادالعاعءمى :اوروعمل ‏ مزاعطوو م 
| .م ,(1993 ماتخ ونقرومتسع امو 

الات[ !) كالأكداما .5 .لك برعهمء 1( وءلميا3 لأعمرايت 126 رمم عسلمهمك؟ ركنا 5122001 (33 
3 .م ,(1993 رععلعائنه2] عارمي 

رةه 55م «أدااهاسسا :1 كانه[ عاتجانو ل :برو ءانا رن كودلا 77:6 بامموعهآآ لمقطعتع (34 
277-88 .مم .1961 بومعوع8 تومزومق) 

1/1 هلهم ط) دده" ومواءه1| ادناوسط عل زه ع«العاط 176 ,لمكم ته مط .© .15 (35 
.194-75 .مم ,(1965 ,تعسواامن 

سوان خا العو,ة مصولة انس كنااءادا/ |1‏ :كرولاغط فاده كعرإزلوط رقصةنا اللا لممصيوهع (36 
.73-74 مم ,(1970 رظمآلة :مملهمل) 

عدره2 رذ ”روه ا أمعسل5 غأنلتة ها كسة !ةلآ لممصيم 8 المغصدهن ععلره8" ,برمعالهكة مطامل (37 
000 جوع قا دكلسة لام ماآعال! .3 .له ,نه المعيلة! لأناقل جة كتجرمرل |11 4رتمسوم؟ توووم 
3 م ,(1993 بدمنععنال8 ع مهمون غابفخ غه عغطأاهم1 لمدمتتدل! ممنجمواع) 


وهذا المجلد يتكون ‏ أساساً ‏ من مادة لويليامز عن تعليم الكهار. 
]9 عمنائاوط 77 هلأ ”وعلليط5 لوانت كه عتتضيظ عط“ ,قصمعتزائا! لممسرمم (38 
.154 .م ,(1989 ,رمثلا تصقلممآ) بإعمساماط "1" لع ,ع جرولماط 
وعناثاه أوميما) ,اافالمعالها اأنلق بععافيلاك3 لمتمابرة) إن معدعع تجرخا 11:6 عاعما5 جه (39 
.204-55 ,15 .مم ,(997! بأمقطو 1لا عل فعصعالتتة.] تهعلممآ) " ««متادع0) داوس" عط رن 
1 0أ805) [لوالعنلل0 0117[ دام بكعةلاناى ‏ أمسالية) أكزاةر8 ,تعصبكل" عسعهمت وكلد عمة 
1 ككها )سو امه !1 زه كانه اماترعد ج116 مومتمآ عقيط5 لمن ركشك44 .رم ,(1990 رممصور 
.196-198 .رم ,(1986 برتقا أمعهقاةآ :سمقهمآا) 1957-1964 


5 .م مكع41/ةا3 أمببقايت) زه معترعهه :11 رماع 5 هذ لم01 (40 


ويشير ستيل فى الهوامش إلى المصدر : .م *“رك01م5 اةعنطآنان) أن عمبكيظ عط" رقحسعة11:!1 لممصرقع8 
.162 


وعلى أي حال. لا يبدو أن هذه الكلمات ظاهرة في تلك المحاضرة. رغم وجود كلمات مشابهة لهاء انظر: 





الهوامش 


64 ١ن‏ ,نكال 7علعمايا إن قع لازاه[ 17 قلط هذ ”كعنلية5 لمعيكلب© أن عسيطبظ ج15" ,حسيوةالزبلا 


مام ستسعالا ما عوة 1ه ممتسمن) بتعلمهصع"! عمتلهل؟ له لتنويط ابوط عنما مومعل زد 
1 نوومامدره نت و بوانت )ا امسا “روا مااع زطبك ذه كوول أمععهه© لمح دعتلون5 أجسكانةت 
8 (1942) 


لمح بماكلا عوطة. 1 سعط" رعلماط ممعآ عمد ,عيوةا قلط أنامطة افطع ةو أوععع, و ارن:1 (2 
حدما" ومةامن 1ط 11 زه نفل ١ل‏ علط هل ,كععومموعم ‏ لكلسد “رسكتسئئووعط اوعورواوزكم 


.89-43 .مم ,(1994 رققت2 وأمصتلئا غه الدع امل هموط:11) 
من تيدع كنت "| جعاده علبدضط- 1943 ازعو «اللبمارعالعط ما عوة م«متوديعؤتل معن ع عو (13: 
عن تاداع أماءع /ا مع متطنا! نمععمتطن1) معطأعصعكا ‏ ل .8 لمق مم1 .0 بوطبساءكو با 
(1991 ,رعلمنمادعأام/ا؟ 
م/م ذأ رقع كه مووعع طغابب ‏ "“رعونللنت 5 02 قمع عط بومتصمعط اعمطءزكةز (44 
63-7 :(1990 ال18) 38 هم ,نورم/ى ل يحم" )-وررانره/ةا ره روطن 1 
.17-18 .مم ”*رممتأعنل همك“ ممتسط (45 
هع 117لأات) ««مانتحرمط لعتبه كلمنناءن/اعلما اونا مومه (465 
وكدليل على أن شجب التليقزيون جدير بالاهتمامء يشير جورمان إلى درامسة أجراها “لوزارة التعليم” في 
1١548‏ كل من: 
هتلاه لق دأعتطوط لمة مموععلسمة .1 أعتوو©طا 
ونشرت يعئوان : 71106رع0ن) ره ععتعسا/«! 5" ««متكتدعلء1 .نواامعطخ] عابر 0 اعمجرهرا 16] 
(1988 ,سمتئهعه 1:0 1ه أمعمستئوجوء .5.ل1) اءبرمم احور 
وبتعبير جورمان “وجدت الدراسة آن معظم الأيحاث كانت مصممة كي تدعم النتيجة المعدة سلفا. وهي أن 
التليفزيون خطر بالضرورة”: وهذا ليس صحيحاً. فالمؤلفان يُكنّان أعظم الازدراء للتفسيرات الصحفية والشائعة 
حول مضار التليقزيون. لكن عرضهما الدقيق للتراث المتراكم يوضم بجلاء أنهما لم يصلا إلى نتيجة محصددة. 
وبالتسبة لعالمي الاجتماع هذين فمن الصعب أن يُخدعا بيحث من الأيحاث. وهما لم يجدا "أية تأثيرات 
معرقية مهمة أو حتى يمكن الوثوق بها لمشاهدة التليفزيون .." وهما. على أي حال. مترددان فى استنتاج 
أن للتليقزيون أي أثر وراء ظلال الشك. لأن هذا سيجعليما خارج الموضوع. (ص 0/6). "ولعديد من الأسباب 
يصعب أن نستنتج أنه ليس للتليفزيون تأثيرات كبرى” (ص 0). وقراءة تقريرهما بعناية توضم أنه قال أكثر 
مما كانا يرغيان. وعلى سبيل المثال: ”ثمة إشارات متسقة إلى أن الأنشطة الخارجية المنظمة (خاصة الرباضة) 
يمكن أن تحل محلها مشاهدة التليفزيون. ثمة دليل ضئيل على أن مشاهدة التليفزيون تحل محل وقت الفراغ 





نهاية اليوتوبيا 


الخصص للقراءة (في أشياء غمير الكتب الفكاهية) أو الواجب المنزلي”. إلى هذا القول يضيفان الحقيقة 
المدهشة. "وعلى أي حال فإن الأطفال لا يقرأون إلا قليلاً ..” رص 15). ريما كانا يعتيان أطفالهها. 

ركقع21 10لقت1تا 0 أن لالآدكة بدلا :مجدعتطن)) عالعلطة عطا مذ عمزلهم تعجمابا معكامللا هوالة (47 
.8 .م ,(1996 

9 .م ,(1915 ملأعوطعدك] عاءه ل" بجع]) عور ارم-ع ررمت ,قعاهه8 علمررالا مولا (48 
اتن ذأ سحن ]| سحج رط راع نه[ رعلا أتاع يآ عو ,لدم طصدم| لسة مقع( عمصة] قط؛ ؟ه عمزواءه عط من 
221-22 مم 

3 مم ,(1971 بعمذالولعك3! برعاعاععظ علرم م /«116) كوأناماة :0 ,للومملعهلة تاوأبوط رود 


+ 2) الم م776 ج11 اكترتموق مذ “ياعة*1 عطاغه طمصسسمم عط1“ ,لاأقدملمدكة اطوابسسط (0د 
.393-04 مم 


46-47 م ,ع8 أوء انتم عولط ممواساعلة 5١(‏ 


مراع[ باترعانه رم 0) ككهابا :11 هأ ر(1927) *أمعتقههع0 دمدا/1 ع1" ,تعسهعد]1 لعتكيةأ5 (52 
75 ,م ,(1995 ,ؤوعء2 نوازوع لول لتقتنه؟ :.دقماظ رقع 0ل طامسمن) مأيه! .لا .]1 لع كبرموجر 


“لملهما) قاد ]| أمءسرطم8 زه «تمناحر«اعن ه10 © :711 إن 7760/1 ,تفسمعميكز لماكوه1ز5 (53 
.م ,(1965 رؤقعر8 تإلتودع لونلا لوول 


]1 لاأعلمهة*]) 1 ترعال بعد كنا ها ر(1925) "مقصسم خا طااكاعاءدآ 06" ,تعنتوعد1 لعتظوعزة (54 

قم عع5 اعنام ده لمم قال هلش لمة #عنتفعم؟!1 رعتيد عط 10 (1971 ,ممقعاتطن؟ 

0 [0 18/071 +1[ جه ,بررأجيه«ومامطط ,نررماك 7‏ ١«كزلوه!! ‏ أمعناتم") ,ببامصوع 
.(1994 رؤوع8 قورع لول] ممذؤامه11 معطمل «عرممنالمظ) «عيسعم ير 


إن انبعاث علم التنجيم في القرن العشرين قد لوحظ كثيرأ لكنه لم يُدرس إلا قليلاً. وقد كتب ف. (55 
ساكل (من فعهد فاربورج) مقالة عن هذا الموضوع في سنئة 215156 ولكن فيبا عدا بعض العبارات في 
أوك المقالة ؛ فقد كان اهتمامه بالتاريخ القديم. انظر: 


ه71 .مولمم]) أ 5ه ”امعط قلط هأ ”لهام اقلق عسوانهة ععما كه امحايعع. ع5" ,اودر 
#اسبن "ةا عير «معاك 11 لدع جه[ زط 5 116 «ل] رعبده11 عتلاع مله ععة .73-84 مم ,(1957 رعتطتاكمر 
4م ععموكاء دآ عممالتطط بتعاطهة 1م علنهقكت لسة :(1967 بتعطصسنا تهعقهم]) ورعومام دق إن 
عم 1 نمزل :لله تناه آ) 1110067716 عااوأعهمأه اك عع عيروم) ‏ ها ,لمتقوممع2 جوعنآ 

1981 ,عمل 





الهوامش 


لالاماوناكط كه كداعءعق دما ع1 ٠طفوع‏ مز بربووم 5 116“ ,مدرملم بلا 1 رمد 
:00 ]) 00012 5 لع ركترمكرع «رمرززز) درن وجوه 10 1لئلا00/ كبلك, ققط م[  )1953(,‏ '*موسلوع 


.(1994 ,ععلع انوج 
أو 1ك ار :102611 [0 كان تارم1 ,القسععانا ‏ أرعطروير لهة اقطلوعهمنا موع] (57 


ناه ,مكلة مأوط) 1/135 جم ماعل بو رمرم خرماماتو ا برم عور أ عا كره كم مم1 
(1970 روعامو8 ملزموم 
متك عسنداأند2) ««مانتورة م ,6701ل هآ ”رو أه10 دعدا/ا زه باصي" عط ,لقنا معبهم] وه.1] رود 


109-06 .مم ,(1961 ,اله1 ]ممم ووممم .٠٠1.اظ‏ ,كآنان) مهنع اومظظ) براءرهون؟ 
#مككع رو[ وصيسه !| عله فلك س«تسورلاين] يمك جرتريجاء ع انض 18 اععسأه5 جمك]ز عند رود 
بعلا عام قطعو ااعوع 0 عنة 8ع مسمعالك) عارررجما برعطواعويرى الأعند عأند اممو[ ودصروق ار 

16300 

1501175( إن كل016ه1) ”بدوأوأبعاء] هطخ ومتعللت؟ “ممتونلممم1» رقعااة .© ؛معطمه (60 
.5 م,(1987 رققع2 قستامعون) طاومل« زه باتو زول] لان أعممطع) معالةف ع .له 

.(إم ,01/56ت5((/ 9 5ل110717:6") ,لع رهصعالف ص *”بممتوتدواء؟] فكة كع أامتصسء5" ,ع5 معلاع (61 
17-4 

زه كأء 67711( , ل ,معلاخ ما ”بممتساعاء'1 مه سدتمتاو قتع" ,مقامة؟! حمى .8 (62 
2211-3 جم عكورو مود 

72 بم ,ككلم ت 5[ [ كر كأء1 6 , لع بمعالخ وز ناا أمرنالن0 طوغترق“ رماوا م10 (63 

أ11/ا) .لع موصعن2آ هذ ركع عاهع وعمتمممطة تنه و 6 ووملط؟"" ,وترمكلة ممطومعة (64 
295-19 .وم ,«عليمع؟! عو اونا 

بزلل توعنانا لعانى © 20ل" ) «مابرجرن ”1 ,و010عل/1 :10176 ج[7اماناع هلا نمأي رععوع8 ومخة عساعم (65 
190-02 مم ,(1996 بممأأعوقمة 1 :.آ آلا باع تسفسعظ بسعل7) ورز1 


بصعل1) عبناي ) موجه عورا اسه ”| لجيه كتج[ 121615107 :وزو أعده”] أمانتعية 1 ركمتكلده1 بصمعي (66 
73-4 .مم ,(1992 رععلعاانه11 علرم»ا 


يقول أساتذة الدراسات الثقافية. على نحو منتظم. أن مشاهدة التليفزيون نشاط معقد ومخرّب .. “إن 
التليفزيون لا يستقيل أبداً على نحو سلبي. ونصوصه مفتوحة لتأويلات مختلفة. مثل أية أغنية من أغاني 
الروك - اند رول ..”. 
ا عام رللد8 ععإتاية نوم عععام بمفاصمعت عط ععد ممه مذ لعتك يوعطاقدميت عممعوم]) 
أمعنائمة) ”يمعتليهة لمسناب© .5لا له تعاعة قطن عاتمسمعتاكخ غلك بممصدق )5 نودا مه موسامع 





لمعنائء" بمعطه0© 1 نل[ دكلة عم5  169-184(‏ [1990] 7 وجمتزمعزررورننرم')» ككواط برل عع يريو 
.جام ,(1992) 4 .مد كك ننه لمعنه اارززززء إن أعناناامل ‏ “للإفمءمصعط بومنوم تع ناموط مه ممتسعاب؟ 
153-14 


6 مم ”,قمع امع وستأمصهط5 طخابط مدا م كومنط]"' ,وتموكة (67 


.م ر(1939 رقوعظ بإكلقت تدنا هتطسسطون) .كاهلا بدعل) لامددرم سع انعلط وستلائرة اعدمنز (68 
,100 


ا قمة رزعلعمائع8) عاين) ببمعاءءضص4ق مدت وأوتمق «وطاتولة ,طعأءاةه صمعكا مدطمر زو6 
.م و([196 رققع8 هتمرهة ألهن غه توتو امنا وعاعومم 

7« ,ناه سم اسم ططع11! يعمنوعا (70 

1ه :أ" كرت كتدج 1() 1116 رلالنناك عمق ك*معمعاة/11 .6 7660 0 امعتهنوة عط وز لط" (71 


لك لتاتقاة بتهلآ :متموعه1]) لدماهاسا :زا تر10افع ا "بوابرزورت لجن امسق مو طاتهايل روتوم 
(970] ,ؤوعء:8 1010010 


كعالعط ,كنوصعة! ,لاعدعة معطننوا! هذ ,(1886) "امعموملاع!! ونك؟ نه طععممك 5'لإامصعم (72 
.8 ,(1960 رقوع؟2 لكتسمء الوا لعقبمدكآ] :.ققمالا رععل أتطصدت) مفدمك!! .1 .له وسوربهمم ورين 
3208 


71167 71علن] 00 عاوجرور ,لامممعم الاقطتتول/! مز ”,1852 ممع عطا عى غرمممظه لمبعمع" (73 
.4-7 .مم ,(1889 رصقللتسعد] ,دملدم]) 882/-852] واموملوق 


عبط عاعامرنم”") 11:6 ركعوناة 11 .1 .0ه ,اتعصتلمم) عم ذه كءتاعرعدامل) ته وإموء3 (74 
.2 ,(1964 رقوعر8 مموتطعءتق8 01 لإاأقمع اتمتا .كمطعة قحخ) 4 .اهب بلمسعقم مصرزإتهاية إن كارمثزا 
14 


استخدم معاصر ارتولد العظيم جون ستيوارت ميل سطرأ آخر من همبولدت في كتابسه “من الحرية 
زا« زرا :07 *. سطراً يشير إلى أن هدف الحياة هو تطور الفرد إلى أقصى تنوع ممكن له ولها. وبقدر ما أن 
هذا السطر مستمد عن كتاب همبولدت المبكر “حدود عمل الدولة 4©1[107/ 16هاى [0 #11/5«لط 118" فييدو أنه 
يشير إلى انحياز من جانب ميل إلى منهج “دعه يعمل” وضد الدولة. ويلاحظ آرنولد في كتابه "الثقافة 
والفوضوية زاأع 4117 3114 ©:0!)/117)” أنه بمجرد أن كتب همبولدت هذا أصبح وزير التعليم في بروسيا “وفي 
هذه الوزارة ترجع أصول كل الإصلاحات العظيمة التي جعلت للتعليم في بروسيا سيطرة على الدولة ..” 
(ص 5؟١1).‏ انتظر: 





الهوامش 


1.13 لع ,لماعك عاواك زه كاندرارا 1116 5تالاوطصيع همل ملعطاتلا ها مموناء مامز وخمروئؤزل:1 
لا لاون عع العلا ,تعلممع الم لموسلظ امه :(1993 تيان بإأععطة]. 5زاممهمةألم]) مس8 
243-45 مم ,(1965 ركقة ١]‏ لإألدآء كتقانا هتطمسامع) ,عأرملا بمعلة) لأبابط ارصراى سمل 


,2 .أ70 ب ملمسدا مع عاط إن ملسن 7[ معموط وزعاجريجرم) هذ بفعته | رز بسمنيس راكل «وارريوم ر(ك1 


.3-29 مم ,(1962 روقعء8 مموتطء زلا عن لوعو زول 0ه مرة) تعمرر5 .81 2 له 
62 .م ,تترددكا لععتبا ها ”,اصع 0خ علاستتع نوه © رععع1* ,لأممعمة بععط112 (76 


-219 .جزم ,كوتسطام 1[ عه [/0) هده بورزمهترق إمديه رايع صا ”,واللهدوع" بلامسة سعطند1خ3 (77 
220 


3 .م ”لاا لأهدونا* بلامهسم (78 

065 م7 ”رقع امع 6 4 11311 )1ع/05م© ,مم8" بلأمسق (79 

371-72 مم ”رمعا كلامستاكع توه رومع" ,لأممعة (80 

]) تإمتاهع؟! .[ ط بوه له بمومر 5/164 ”ندال زعاهده©) رر]/ة“ بلأممعة بسع طنولة (81 
2 28 ,19870 ,لم80 مأناومعم 


اعاؤا5 .لك ,كه 1رع3 غ15[ ردن نات') جز 5 مأ ”بعماعل1 طعممعل" ,لامصسم «جعطفولخ3 (82 
0 .م ,(1968 ,ؤقع:8 مجقعقط0 6ه ادع تهنا “مهقعاطع) ,ممم كن 17 


4 .م ””,عساعكط" رلامسمة (83 


.) لع بوأمصيل سعطالهاة ره لاع 4ماعءل36 ,1883 ,ا ععطسعتوا! ,عمول ععاوزة 70 (84 
5 .م ,(1993 ,قوقع المقعتلاء نا/! 02 واتومء كلمن م4 مممْ) عمظ 2 .1 لصة مممطعماب 


ع1 لت ,تبودس] لعاءعاامء 11 6لا ر0[واهة نتاع هاما مز (1882) ”ودععلل3 أمدمعو نآ هم“ (85 
.87-88 مم ,(1953 ,امومع خآ له وموىظ بزلوعة المل] :امومع طآ) أزمالة 


8 طكاب عومقطعي ع0" قاط .تامجه ذا متأكفجع 1 صا معط لعومموصتها عط ,لعولم1 (86 


لسقاعهنا ما رم غزكانا مقمنع 0 
.79-80 .مم ”وق5ع:01ل4 أمممع اخ" ,لامدية (87 


نه لدم.]) عرعطا0 14 كنرمكه كعد صا تله طئنا كه فس ع1“ بلامهعة بوجعطتاوكخ (88 
/141-142 .مم ,(1882 ممعلاظ بطغتمك 


5 قلطا متصماتكويه5زل عط عمد لمق مز لعنك ,1840 ,11 نإقاة ,ءااتعبوعه1 م أأتوح (89 
لمعه[ إن اهاامة1 اأمعتتباوط جه أوءميى 11:6 :ماعطلا عزتمومدوعلء ,مقطا 
لاأأواع لونلا لملعر0 يعلره 7" بوولط) عاأسعنيءه1 عل كنععاا نجه اأثابا تمصسةا3 «جلمل, ,اتسعطاومته 

7 م ,(1992 رقوععط 





نهاية اليوتوبيا 


2 صد ”رقعلعتهة مذ لإعمومصوط مه ع]اأبعباونه1 عل .845" ,للألا ععدن5 معطم رمو 
ززم ,(1961 ملإمةتطاآ مععلما/! .عازهلا بوع1) معجامن .اط 0ع ,لأشة اسصيم5 مام ل إن برو[صمجمابزم 
175-6 


١ 19-0‏ ,64 .مم ,نوا ل لاجم ممرايية) يلاممحة (1و 


.174 .م ببرطم رودا ديم © ) بلاموعة (92 


ا 


رلأعطموا8 '.5ققا/! ,عضيل #طسةت) ععبوا ءالااابا عا مذ كلمنوعع|اعه!ا كله عنآ وعنوعوز (ا 
١‏ .0 .م ,(1993 


ل ا" :ا اهلام [اعاترا عذز إن عوت!:7!| 771:6 :كله عع30 إن عأععلة 176 ,تععامو2 ابوه (2 
.2 .م ,ر(1995 رقوع6ا هتم01؟ ألون) 6ه كاوه لملا “وعامومة ذمنآ قصة ترعاععايوع8) 


2111116111811 غتلبطة نصةه عتقذة .5 القتاديدك8 هذ لعاك بسممعمعطممعت .0 اتمطءائ4ح (3 
لاك ,م ,(1994 يعمتقطة :.لآ.[! علمصصمعة) عاو مط منطاء"”] 


1 #لرلككت 07 111 ار نكما يه تدصا هذ سماد اهنع لصة همتقامععةاأعنم1" رعسمد5 .م (4 
١‏ جعا8) 1004 بذ لله متأعوسادذ .8 .له ,1909 ,وأكارععرااعاما و«وسسين مر 
141-12 .مم ,(1977 ملعوبووكم 

,11672/172 درت غات ”[ هسل ...١‏ عكونتعء 4ل / 2701 ا “رعكناه8 عطاة" .34 4 ماعل" رقادتّ عالتلهظ (5 
قتع ط-مقعل عمو 112-113 .مم ,(1988 بععءءأمسه© دوملاتكظ :وأءكديد8) منصو الس 81 ل 
-248 جام ,(1986 ,مت التفمعظ ادن" بجوع1) عاتزيرء<(1 :لف رن عدم') م18 :«تزررق 118 بمتلورط 
1419 


باك 3ل 5 0ط نه لههآ) كعذالاه”1 0تره براء نعمت إعدرع م1 رما «نطلزا داتزبره 1 116 بصطقك مقع (6 
69 .م ,(1996 


48 .< ,(1987 باغذقة:6) اكمصعظ تذتمقط) عاعرنءلاعاها دعل وبوماخ الإلاغط مدع 1ط-لمقصوظ (7 


.م ,(19286 بمأت10! :كلءه 0" اجع[1) جوالم 1[ إن مزاءظ 1112 نات ترنكةن7(مل إعننتمهد ,اأعوكب؟ اندم (8 
38 





الهوامش 


.لك بامأشقاعءم5 ع1 اصم كر 75م ع5 دأ ”,رماماععوق 118 كن ملح ع1" ,مموتللة طوعده1 رن 
10 .م ,(1952 رووع:ا لإاتويع حاولا عولترطسة عيبل وطسةع) مقناام.] 21 ز 


عا[ بادء بوص ذا تاكناوترط ع7 علدوءد! عجا وإععرقر دن مك4 ,موتعلا مولترهق عع5 (10 


أت لاتمعءاتهلا علكويدةا!) اتدعقادن لوبمرعارا كز امتلمة اوم عكوزوجر] عبرل لودو 
(1990 ,دوعر2 عروببرواءد1 


لم بزعاععاء8) عاسم]!! 5أل] تبه برهم خد!! 1116 ناه[ كعاجمط"') ,بعطاععع8 مقطادمه1 11١(‏ 
5 بم ,(1986 رومعم8 هنمام نلج0 ]0 برانوين توصلا 'وعاعومةم وما 


,60 جزم ,(1995 ,تمعقع8 نمماكهظا) ,كلمنءء|لعانرل عا إن أمرهجء8 776 بدلدع8 وعتانز (12 
162 


عارهلا «ع81) ممسمفافع8ظ 1" .له ,ومدم علط لمعن /رمدمارر ”وعنافا" بعمتقااملا (13 
4 .م ,(1972 ,لتتومعم 


إن عووروورط ودأت رب ماع لمن ارماك ةلط ه «رمرىء عاعناد بأعععملهه© عل هوامء الطسعمزمنهمم ر4ز 
مم ,(1955 بمممامعالة لمة لاعلمعوء//ا :مملهم.آ) طئداهاعه مه 3 كمجعا رابا ممما عجر 
1617 


لعك ‏ عنمنة ‏ 77#اع71[1الهاء[ امم ,كعقلاتط جرمء6) ,كلوقعئهم كه عمنعولامه عطا عه5 (15 

معنا لصة ,(1985 ,كعالمع5 اسسطلمم) عفععلا ,ك5 لمة تلضدم 5 .لك ,داع ييه بسر 

101011011101 بروبوندتء0 (([ كأمباعع/اء!:!! ممع انالا ماطعنتن 11 أمزعمك اسن عانكا ,دملعده© 
22-3 .مم .مكع ,(1991 ,قوع بلطأو كلولا ومنععملمط زمماعمورط) 1919-1933 


عولطدصة) تناع /تستعابط لمع أو انع مماعبء1 أعننعوزاعادا عط/ تعلوه.آ متاهم© عع5 (16 
149-22 .مم ,(1985 روقعع2 نزااوعع اول عويل وطدمة© 


505) كاكاالء دنه انداكك 1[ 1/16 0714 71اكعدتولط رمصتدومعة ”2 بإدمطنامة ,لإالةرعمعع ,عهة5 (17 


4 .م ,(1977 رووعء8 لممتدصعة6) 'معكاعممعم 


5 القطعتفلا مه عجالمءمم2 مع كة لعغمءم ”,1902 2ه أممممق نرو»ا بردلة 5* ما زقطعدكلة" (18 
الماككن !1 16لا إن ملت لععلومخ! 4 «تلوزةطعهاا م«صاعه!! تمل ,لإليدد عم 5”عتهطة 
182 .م ,(1989 رقوع28 طوعباطئ قلط ذه بطاوى حتمنا بطوسجائطاط) «بدلعاعمكى وريه وتعامعع نل ك ]دا 


)20 لإهله 1135زآ صوناه1ئلل/ا! غبا ,كوعل1! 5'لأوزقطعهل8 تازيب عقتلتسةة عأاتنو كوبت بوائغم1 (19 

كه لمقعط ععبه كولأزط أقطا مكوتية ععصعلابب 1210" ,الانامععة عمه 10 عمالرموععة .ممع عنهط 

 )071115 [01/1151‏ :كمارر(1[ 1ه بولكاه:7 ,كتأكسا .11 أعدطء )34‏ ”اماو زطعد] 
.(8 .م ,[1989 بلوهسمعععت عارمق" بجع 1آ! برممنإروءع :13 


.4 م ,(1959 ملإطهلنن) ممه كتبدكاذ بجتقمة "1 زعاعه ل" بيج1) زأومت][ /ه كاءعودكق رلفصولة ععدثلا (20 





تهاية اليوتوبيا 


قمع ا ادن تنعو/(] عر عم عاموطلتين1 1 كات بوتعتلما1(/ أمعنارآه<1 ك' عرامعاة 4 ,لهقسولح عنوكح (اد 
9 .م ,(1953 بسمحكامم8 عيملا بعلم 


10 أن214 رققع!؟ ل لمق مهكلعوءته8 (<1 لع “رنوامسمط0 تسدمل8 طاأه ممروديهوام" 546 (22 
ام :بواذصره") ب«ممملقز ملاكلقمقةا .ا اعنام لال فرعم ععمد ,لسة :66 ,63 ممم ,[19759 لم] 1[ 
.(1997 رقعع2 8/1171 :.ققها/1 عع ل ألطمسة")) #«رعكوزد/ رن مرنة 


اكه بمعل8) عاعء2 [ .لع 1180081 ولدممط) 776 صا “,بوم تتصعامل" ,بواقسمطت دمل (23 
.0 .م ,(1987 ,تومعطعموم 


رعكقكمالا عاعه ل" بجج71) ودرتبمو بوط محولز عذا) وروت «وسومعر 71 ,لكاقسمطت مموملة (24 
(1989 تعتمصسسة) لععراى ودرمرى ”7و5أهبنءة 1اءغم] كه بكتلتطممومدع فط" بزصر عع (969| 


.لع ع5 ع1 2 لع بتمعروط 1 اعتنايس حصوط ,185-195 


الموعة]! نواى:0:') .له بعاعء2 مذ ””بتسععمه© ذه ماوق سوا ماع «لاكأ3 010 طندمك8 (25 
126 


طم لمج زلا عل مود 1610لا مذ لعاته ,ووععودمت برنندط 1903 غه راعطع8 أونوسة (26 

1 **ر الع سورع 1/10 ملام هآ عط ممه ملقنؤءةااعتم] عامعنسة لقاب أه ووغتامط عط بكمسق 

كعاكملعمهال! معأكعطعههاة) عباطبتجء![ «صديلة//] عط جنر كاتصععالعارر] عتمررعاتنا «بمستروكزر 
3 .م ,(1985 ,ووعم2 زاتكيم امل 


كا القع أسداك) كع اءره سكرم م نعل كعانء عاأعبععء0) :درعالعبماءلاعاه] أوز0 رومقفعظ يماط (27 
8/11 متطتتيم ”وأدساءء اعنم 6ه وملووباءقتل ونط ,25 148-262 .مم عمد ز(1978 بتاعل1 


.5 ,(1963 ,قصمتاعع ل[ بعل علرولا ببعلح) 5 (زلجء8 17:6 ,لم هبسسعطوآ ععاممتفصط (28 
64 


,881218151 :1م لا اناء!ظ1) ممدوكدمءن) 1 لت بمعاتم"1 اه[1 لمز) 1786 ها بأطعوللا لموطءت8 (29 
.115-116 ,وج ,(1959 


ببح ]) داع .11 ك3 كتقنا ,7115ا20 101 0710 عات/عانها إن عاممظ 716 ,وتعلميذ! مدلتكة (30 
5.م ,(1980 ممما امم 


ل ,تا تعدهابز تك عارو اسن مسيم ددم زقو 1ر1 8810 عط مل واهبنعة!اء)ه! عم بضاي ع1 (31 
5 ,(1982 ,قعممظ عل ععتقالويع تمل] عووعء2 زوأمد2) .لله 20 بالقككتافدع8 .0 لقة ووتطما 6 


.(601-604 .مم) أعكسهودت) عج ا عقتستصيد سقط ععممر 16116 


.10 0 لضة ععوه]؟ ,0 لع بعاممطعاملل «موتجط وززر 0 انوأاع 3/2 ,أعمسة © متدمامة (32 
5 ,10 .9 .مم ,(1 197 ملهترهتتهمعقم] تعارمما سعلط) اختمرق 





الهوامش 


0 '(2)1989 .مم ,9 ابمرريمة] *رولجداعع[أع م1 ل لقة أعقاقة 0" ركمأمع أ ١‏ مؤزمل (33 


اندض[ درج 47ل 1 ناقن 01 ترم .قعوعن1! عأعزط مد لماك ,(1921) ستعطممفكة اممكا زور 
9 .م ,(1994 ,تعطعسلظ! 'اساتتعلصهر1) تمدع مايل أرمع] لمر كبتنسير”) روم 1ز 


ومعتلاعغآ/ 8‏ :كتة) كلم بجونادط ‏ صمل هل اه تمع مويل أعطة© طمعدمل مء5 (35 


69-8 .مم مقع ,(1987 عاعءزمعاعم 11 


بطأت10/1لة03آ, ععة:8 أتنامعمة1] :موءزنا مد5) 6أته!!) قتنت نرودام 10 ,داع طممولة أبوك1 (36 
155-11 مم ,(1985 


تشع دم ) 1تأع1701 وال لت 071211 أعناء0 1116 :7ققء راط أضصمع ,ودضلاوللا 5 » عايو1] (37 
ممه ععععق 5 لاع أ مم هل 4ه ومتوكدعوتل 106-385 ه عه .234 م,(1986 لمعه مولا 
إن كزىام") عذأا عنقت 77اء ماب[ أرما بوزعكة عععاام/ا لمد ععاائع1 12210 معد ,ممنامعءع: كار 
أو 1ت ,لإعاتهظ ومعناآ مكاقعه5 .(1995 ,امتاأعدهصة] :. (١)‏ ءا وعمس بجع!) كام رعطي1 
إن 7م1112 ذا 171 نؤقةاا3 0/(888 7م0717 4 «ععلعاسمتي] زه بروماماعمد عذا هده «جرمعر11 
.(1994 معمها عاتملا بجعلط) بيوداوءل1 


لقنت عولعاسه ها ,(1931) ”#واعاءه5 همه عولعاضمم!“ ,اعوماغأللا أوبونيهة امدعز (38 
علولا بنع ا!) اماك 11 مسة وزعابط /" لع عولط وووعاسوص] إن بروماونعه؟ى 716 عع امم 
4 م ,(1990 بععلع نم8 


م/م ذلع تطعا5 لمة قزع1/1 مز ,(1930) "فبرومامعل1 عه بزعمامأءه" ,تعاعم5 5م130 (39 
0 ع بكعناناه2 ايه 


5ل صطءأ5 0هة دزعء11 ما ”,قتلسصنآ 15 لمق لإعماماءه5" ,كان ألعطهم2 عوجر (40 
رقناعنت ممع داأفبؤعع ألما سقدمع0 آه موزوؤيهععاطا وعم .114 م بعكمننامط أده عولعاسسمدت] 
"للإأءاءه5 ممصععن) مأ أقبطعع [اعنه1] عط غه ممنئوه2 عط 220 وتاتميان“ كنال طمعومل عمو 

1-6 .(1995) 97 .مد ,25 عزنا تومه يها إن أمنااول/, 


,11116716 171 كعللثاه عمطلهنارععدن") متجه كامبتاءعالاء!:١![‏ عراماهن) باختالذ عاعصلوط عع5 (41 
.(1993 رؤوعى تزألومة 91لا اأعسهن -قعقط]1) 1950-1980 


242 .م ,(1988 ,بجمكآ عق رعجنة1آ علحولا ببع[1) كأهنناءء//ء/1,/ رلممقصطو1[ انوط (2 
معرفة عدد الصحفيين والمعلمين الذين قتلوا في الجزائر على أيدي الأصوليين الإسلاميين يشكل (43 


أساسي - اتظر: 


(1995) 3 درن كرمكيت ) تبن دعت[ رعبناهانقا/ة 216آ 





رععقلمال؟ مولا بجعلط) 11 معلنء وبا غط #كالهباعن العام اناسل ,تعافمتكاه1؟ لعمطعنع رمه 
9م ,(1963) 


“”قع1255ن) لغ امعتومعوزم لمة فلفنحاءء اإعتمط" رتعمقانف مقطلواظ؟ قنة ممموعنه لأبنوم عمد ركد 
.3/1 ,لقاأن) اعلعه0) ااعظ .دا .لع ,معاوادولا تت لعماندديدةء «ار(عن[ أمعاعمز 11:6 مز ,(1955) 
105-136 مم ,(1964 بعمطعمم 


5 (1956 ,11 عمبط) ءنجة1 ”رلقددعع العنه] عطآ لمة معتعسمق» رمه 


ر(1972 معقناه1آ تتملسه]! عارنم" بجع ل7) لداع 8 عن[ فتبه أئه8 1716 ,تسهادرعطاوا لتعوط (47 
43م 


3 .م ,الكتلهنناءة/اءا ل صوق عله ه10 (48 


براءاعءنكل بعلملا نا كامبامء [اعاض[ جععتانامط ممه عبوايت 17 15803311 101 (49 
190-01 .مم ,(1994 ,قوعء8 تلوط .ععممطموع) 


كدااأعطاكعل :واسنيعولاءاا/ مز ”واقنسعة اعنم[ غه ومتلهنه0 عط ,دسمتططم ععتمظ (50 


.م ,(1990 رووع8 هأمدع مط نظ ذه بجاتديع اتملآ :وتاهمجمعممتال!) ععزورعممع4 بعمنانلور 


:“ادن 17 ناته مجدة أنادم ول صا ”,مهمع مده طا لصد ععلع ا تمصا ,دتميطعع العامة" رومع زاع87ا 100 (51 
تانق أعهظ ,لإكناحاء بحظ) ععهة نهآ .>! ط .لع ,كاماعءاله:[ ممع مه سمضة ره عأمج] عدنجومه0) 176 
3 ,(1996 ,قامة21 


(1988 رؤوعع8 تواتو اتنالآ 10وكسماة نلعم #مهاة) كناع1نترعممء4 موره/ط ,ناعتلسامظ عممعتط (52 


لتناول سوسيولوجي آخر يتركيز أشمل على المثقفين الفرنسيينء انظر؛ 530 
عمههس 2 ) :كتبة10) علتوالطيجية]1 '[ ها كنامد كأوبباعع|أعاصا وعرا تععجعء عمل بنطتط مرا بأعألعنه برممم 
.(1993 ,لامآ 


في حوالى سبعمائة صفحة: يقدم هذا المجلد تحليلاً للمدارس والعرائض والمجلات والصحق وما أشبه. 
عمو للم :قاكة") ف فأنزع كفراننت أن أغنتانعالء)ةا'| عل نتمعطبه1 ,لعهامر.! كأفجمدة همع (54 


.11-22 مم ,(1984 بعغائلو0 


6ه مهازووط ع1 الإتهممتمشياة نمه عومممئه2 معوسحعقة تنوطة 5‏ لعلسجط"81 (55 


9 .« عداو تنه عوك عاطمنن] ,لع رععوع 8[ ما “ربواعاعم5 مععلم]ة هأ دلدبؤمعااعام1 


كأتاناعهالعاررل صا ”بععموظ ممعلوك8 دز دبعن أاعغم1 عطا 0 ققصصة011" ,كممتممء1 ومعرع1 (56 
-ماعكا .خا لمظة وكمتصمع1 .3 لع رءأتلكبا1 تسعوتراهى ما «بطرزك دتربت جد[ علا موز مجم زززامط جر 
74 .م ,(1997 مولع انام ننه لدم .آ) طعاء”لا 





الهوامش 


ا .م ”,قبع اعله] 2ه متفسسمين عط1"“ ركمتطم] (57 

ومنآ لصة نزعاع ءات 8) 956[ [-ل94 | كامبعء امام بع رمز :أنا 1717016 لوه" اليل مم3 (58 
296-37 .مم ,(1992 ,ووع,2 وزسرم زاوه 05 'رالمع تهنا "معاعودم 

ما مكتمدءتعم ف نهف ممع" ,الدللآ 7/1 متصمر عمد بالل عه عنوتالىت فممع جح مومع رود 
أوعترمادالا عدءم! ”كلقتضعمااعامآ سمعقفعصسم امو طعممع 01 5283 ع1 .فتؤماومعمومر 
عأمداطا-صمء ل وعء بتاعا عومقتاععة ممقطة عط وداج 56 1083-1100 :(1994) 4 .مم ,18 عورليية 
”و5010 عمعنع 15 عل ومتةا بد عكتقعموة قأعبةعءلامغما دعل“ ,اليل لمة طعمموترووم 
4103-2 :(1993) 62 .مم ١6,‏ #ررمريعررروم0) 

مقحه!!) ؟ا«متاساتات:«1 كاآ قننه ««سمعترتت) :اذ عط جر لسر كعالنة ممطغهممزر (0ة 
4 30 .مم ,(1988 .85635 هلاتمطول!0 غه يتمع زول 

امعشقامط ممه «ستعاتل أموزعهة ‏ عمل إن زالقصن )07‏ 7716 ,لوللا اعمطء كذ رأه 
8-٠‏ .م ,(1988 ,وعامدظ8 مزووظ علرمما نمت 1<) بوراتززرت”) طا درعيذ1 )جر اسعساتوربروم 

لموصةل . ككدالط بعول اتطسمه) ولع زائت) أولعمى لريو لهل تراط ممعماوللا اعمطعناخ (62 
.64 ,61 .37,392 مم ,(1987 ,ومعء2 بواتويء لول 

0لا بجعل؟) عسللن؟) «مايتترة” 7‏ تنه كلعنسعع][عاتر] “اعمصنه1 مل ,ووم بمععلمم (63 
20-1 .مم ,(1989 ,عولعائيدهر 

,(994! بتتمعطامةط! .عادولا ببع1) [ويرانءل/عامر] عرلا كرو 5 رلانة5 .للا لعوبدل5 (4ه 
1132 ,انم .مم 


إنني أتفق مع كثير مما جاء في كتاب بعيد. وألاحظ كذلك أنه ناقش كتابي "آخر المثقفين اكسط مدل[ 
ذادساءءااء/1 وغرفني بأنني “مثقف أمريكي متمرد مسن الجناح اليساري .. اسمه راسل جاكوبي ..". 
وبعض هذا الوصف صحيح. 
.مك ,0111) تنه عأكتنا وأداإع دمع صا “روهناام/ا ]0 5معصباونآ ءاطمعطمت] عط“ ,لوه بورعتممة (65 
.102-108 .مم ,(1993 بععلء لانم تعلتملا بجع ل!) بالمطسة؟ .ل لمه عنقطيه 5 
عاته لا بجع[) جاخقحمة .5 .]لاط ,قاتهها ,عو ء|سوم]1 كزت نروماوءالع 4 :17 باالنتدعيهة اعمطعللة (66 
.5 ,203 مم ,(1976 ,ممطمماو© ععميول] 
له بإانوسع 11010 تميق نان)) قكه8 علط .كمدعا 'وإصمكماناط زه كتجمطاط بوقتمعء« جعنوعة1 (67 
أله .م ,(1986 رووعرط مووءتط0) 


لاأتقاء الآ مم5 تلركسمك5) 974-1994[ كمعقتدعاارا ... كانناه7 بقلتسء2 دعنوهة1 (68 
1-2 43 ,60 .م ,(1995 ,قوععط 





نهاية اليوتوييا 


ر(1993 رعولعاغنم8] عاهه ل" بنك]) ء71اتإعهالط وطعهء1 عا و(ا علعنكىا::0 علهتم5 © تاقرو زوم 
*1 م 

57 نر ,6 ة«اتإعهاط عارارعهء1 عذا «: عل:0:15) بعلةبدزم5 (70 

60-61 ,8-10 جام ,(1995 بتلما؟ يعأتهلا بوعل<!) حاعم1 جوانلدرتا تعيره1 عن رإايا ,وعاموط لاع (71 

.مم ,(992! رودل ١[‏ تتتلهمآ) كع لمعأ ,كمتنها! ,كععدمل") :بومء:17 «ل بلقصطف عدزنم (72 
196-7 

77 عبرل *”رع5انامنم1 أذتدمع لمصسومم عطا لقة موأغوعنل8 سحن ارعصة"“ ,برامدع للومون (73 
2220-9 .(1993 عمدك) 2 .مه ,كك برترعاسممب 


مولا بعةا) والط8 بط .تا لهة طاعذاا عآ .لء ,داممالا لآنه نوومامعك! ,سأعطممدلة امم“ا (4ر 
.262-263 مم ,(1959 ملأرمج عل ممور8 بأتنمميونا 


هذه الكلمات هي آخر عيارة في الطيعة الألمانية الأصلية؛ لا الطبعة الأمريكية. التي أضافت عدة أشياء. بما 
فيها فصلاً كاملاً. وفى الطبعة الأنائية أيضاً نكهة ماركسية أكثر مما في الإنجليزية. والفقرة القتبسة تبداأً: 
كع عع هذ بعلسصفاديد اأعططعتاتاعو5 عطءعممماد عمك غوملءط عأممانا مول معلمأاسطعمة/؟ موك“ 


تلقنت 13) رقايره/ل) 114 16هه020/0/ ,مرتعطمهمكاة امد>ا عع5 * لعانه عطعود عبد بوطاعة طامجمعاكز 
,249-50 .مم ,(1929 ,تعطم0 ذاء املع 1:1 


0١ 


1ه عباو 0 قط 1 عع مع اجهد كتلط 01 قمهللقاقمةها وبنط مرمط دعفهرام ومتعنا نصة 1 (1 
ان كوا || عأحوط بوأعضمط طع ملم ”1 لسة عسصقالظ أممكا مز ”بتطونه زه برطممومائطط و#أعمماع 
263 .م ر(1959 ,تافاته :ل.ل ,ب معلعة6) ععبع" .5 عل لع ,بروإممكماتاط همه موزلم« 
غ1 دالا اعمكا هذ ”رمماوبلممعلم1 عطوتهع عه وطممومالئزط وتأموع؟ أو مباوايم» مه 
.24م ,(1975 ,عو ماضالا عاك ل" بجع ك) تخأو [اون) مآ .معام بكومتمر 


ع7[ أنه بواتلمإرعايز 1 5/1 ل :77مأءانزق/ا5 ما مم10 776 بوومالأسوع8 .للا عماونن ‏ (2 
.(1967 بقامن) تدمع دومع امهم علعه 6" بدي ل١)‏ مولع ادن “ره عرو هاونممكر 
01 لإللقك تهنا :كتادمدعمسنالة) تسحمء؟!1 أمعنصير) رن 11:6 بازتلهام51 عماعه ‏ (3 


3 وأألاءت»ا رمم ,(1987 رووععط 





الهوامش 


عولمطسةن يعولتتطمهةن) ‏ براتممءزام8 لمه انه 11 عجارم الوم لعمطعته ‏ لل 
181-112 مم ,(1987 بووععه وازوو اروز 


0 .يمح ,نرارولتامى درن لإ011 7[ لزع نعورزاسمة) إبرسم10 (5 


وإععوكم»”![ وان ااأعننه 11 امتعمة إن عررتاء و12 1/8 7 :اكه !| زه ك8 ,ممذاداط عحعويظ (6 
عتمم ه50 235.م ,(1995 رقوعع58 مومعلاع غ0 براتويء طلمل] 0 011) أتضسوريع 1 1/5 رول 
بن نع يق؟؟ معط ه عاء01 عط عل 1لا د10“ رتععمتاله1؟ عه 8/10 عمد ,موزووبعوأل لعستكووىم 
عكمملله8) كمع ناوا .0 85 له ,1017167100 70ت ن)- [اء نادعس 1 قدجه رامنا نتافم 
1 13-3 مم ,(1997 ,ووعءة بوإتوعع الملا كمأءاممل] مطمل 


-67 .مم ,(1990 ,كنالئتاك :كانامتمهلط) علاعميزءلاعادر[ هن ([ يألو طعادبص8 عابو11 (7 
57 

عماه1]) مدمعط لق مره عنمل نه كاررع حورم اوروز :77 تنه 770 ععملولةا اعمطءالة (8 
51-52 .مم ,1994 رؤوعء عسو!ط عامل أله بواأومع ونا .لتنا عسوم 

.4م ,نز لته كنا م3 تنه ,نزةرم | ,ناته 0:01" ) ,لإلرم 1‏ (9 


"رقسهاءه)5 ]1 لسة عامعع0 5ن :وعصسك عط غؤه كموزو! للها للهقممعج معد (10 
.537-38 :(1980) 47 ب بوعءدم!! امنمكر 


إن اتهاتضا ,كامدة0111') ,كلفده1 :نوره/115 امعءلاءا! عاط «77اع1ل بونتجدعهآ عاعتمتسصمط (11 
.0.16 ,(1983 رؤوعع تزللوع لمن اأعدسم6 'معهط1) 


رعالزا غمهط 011 هذ ”روكطعنمط؟ له ومتعتمن ع5 همد "ومتنععقعه لمده ومتعامزط؟" (12 
,465-96 .مم ,(1971 بلامعسمتطعاية] توم لسمبة) تبرصدطط لماع [[م0 ,2 اها بعرورره عاءءلام0 
علق ااه اناما ,اه عأعهااك 1( نت لزن 7771611013معاا انام دكجا:17 210 جامره !1 رمعصلاء © أمعممع (13 

2677-3 .مم ,(1979 رآننوظ مدوعكا ث ععلع انمآ تعملدمآ :1959) بربإعمارام 
,(1913 ,لتامخا عق ععوعج1! عامولا بجع]) انور ره 1[ 176 بدمقلر5آ سماءآ (14 


.2 ,(1979 ,ال تاعهاظ :10م 0) عدماد 27 :0 رعابجظ عرعط |01 صذ بععهاء :2 مسولا [ .0 (15 
لا 


(ع[1) كه الل ) كرت 7ه 1لماعجمبعله[ 717:6 حقط مذ ”بممتاماءعوع0 عاعتط1”*” ,ممعت لرمانات (16 
.16 ,9 .مم ,(973! رككامه8 عأفوظ .علرملا 


:1/211017فكعرجرء؟ | إن كاأجشط عطا عتتطه2 هذ ووعمئ ]آلا عم0 أقبك" ,ومناطعمتت مأعوت (17 
لمعصهاط :.دمهال! معولاءطسدع) علمفالعم .5 لع '" ,ارمااسام3 مم1" عا فجم «عتعملخ 
82-6 مم ,(1992 بووعع! برالوى كلمل] 


1 


ل 


اتتعماممم ,اسك ع0 بكوموعع(] سبنه ؟[ ,ومتاصيدم0) 10 اعم[ ءذ[ا عارك تالمع لعوتازلت (18 
.19 ,2-3 مم ,19552 برومعوط بزازويع طهل] لعديصموآة؟ . ككقا/ة رعملتعطسو) 


انل" بجع 131) بروم]اومم411كر ع7ا6 207 /71/ تدز كتودحكرا مض[ «عولءاسهتن] أهوما ,رومن روا 
1 .(1983 ر5غامه8 وأقو8 


17 هذ ”بأخطعقعاءه0 عععمزلوق عط هه وعنولة رهاط مع" عاعمن ‏ لمانا (20 
4123 مم بكم مان" ) ره (بونلهاء «مررعاترآ 


7 طضز *”رلدملزء8 لم2 عالعه0 الامنوا أقعما رعولء!؟« ممصا أقعمة" جاعددموز8 وعملم (21 
أ لالأوء لالونا :وعاعوهة ذ5مآ لمة بعاععاع8) كتمدطا بآ له مولع امجماية حول 
1 .م ,(1989 رووعء2 وأمرم )ناج 


6 ”رقع تهت عط كه ومورلة" رومعغلة/17 .0 لأقدمه (22 


بروماهددعاكلص] 116 :سنك (| 5 اأتتبولط هانه ممتتته ا ' 5ر112 روممجموجم 2 نمععدأ/ا (23 


.66-67 «رم ,(1992 ركقعوط لإأأقكء ا لتلا لتويصمق : قمدال! رععلترططسقت) «بمللماء معام إن 


و5 1تتكك 1لا7ة) تزه أمتدامل © "رقاتساءا 5خ لمة "عله ابجممك!1 لأمءعمة“ ,عع لعءمقأات (24 
2 :(2)1992 .0م 


20006 أت للاءأناع 1 0(7لوززمط قز[ اعد[ هنا مأك متائعة 0 أت تمالاعء ,لم5 تعلهة م زلعمه8 (25 
1415-7 مم ,امه "! ©:[/ عارك هأ عقعممة دعمة555هم عط .20 :(1995 ,24 غوبوتم) 


عوعملاو8 0 لأعدممممة ق*ماموء0 .0 سوأاعلئتت و عه1 .452.م ”رهاط معمط" ,تمعو0 (26 
:ساق ”يع عددمواط عوعمتاق8 م مه ععامل< عرقاط علتوط" ,اءل51 معطمل ععدو يععمعاماند 
مت ,ولأسددهؤلل ؤذ غز أموط عطا لمم :187-194 :(1977 أترية) 63 .مم بومنوءممودا 
أاعمه© يوعهطا1) عله ا عمترعاهز! أوءناتلوط :ءدتممبوط إن على عأروط ع:72 ,ومممتطمع 
.(1995 ,قوع" ولأورع الوتا 


56 رعسلا أناعامهة موأععمهلمل مه دممل غلم واستعع0 لو ومتكوبهعستل لعلمتسعطوناه1 د عه (27 
“لتماة ن81-ملبووط “متعه0 01 عدولئتون كه .ومأناامه! غه بوععووط ع1" يمملمون معام 
-490 :(1992) 22 ولوق تضرم مم عاتم زه أوتستول 


240 أ-050! ععناناه”! عكع زناه ظ إن برمنعالل م مهرم إن [أعمى 11:6 ,أامطلولة عناسه5 .8 (28 
7م ,(1996 رووعءظ /10ئ1111 املاع 


[ه كءذازاهآ تمه كعززهو :76/؟) ودنلنج 178‏ ”بمهأاعبلمطم1" ,لمقتا0 كعدسوة (29 
1ه لإأأويع حلملا :كعاععسة دم لمة لإعإعاءء8) مبععهمالة 8 © لمد لعملقتاء .ل عله ,ووماوم ااا 
2 .م ,(1986 رؤووعءط متصمرمكتلدوت 





الهوامش 


ب(1992 عق لع لاناما :«ملممة) «منوناء؟! ابديه [مكه 11 ,ارا اترعلنهتواخمط ,كعمااع0 امعمع (30 
285-29 مم 

بومسجام نذا مربت اللا هذ )١802(,‏ عممااد8 أمتسر] ما عموموط متلاته لولمه للا صيونااالةا 31 
.604-05 .مم ,(1986 ,ممع واأورع جامل] 015:0 لرك0) [أنت 5 لع 


تبك ,هاأوامترك عزنا بأسلق 12:6 :نت رق كر 171 رمعم اأمتموط ,8660101 لق ع1 (32 
.(1990 عهها ططعمتظ ,علرولا بجعل«) إوعلاز ورلز 


:وا05) عتلطكسة1 5 لزنا 0نوبجعءم] بإعدعمي وعجر بن ع1 116 ,لتققورلة سدزاائبلا (33 


2 .م ,(1996 ,وعم بواأديوبانع1] سوأحوم و5 


عا عع5 الاعب! عمته لمة ععطوعيها هط مغ دم باعوسصعيل 50 كاقبطءع امه مستاكنكة (34 
عامل" بج ل١)‏ بإعععمك عع1 إن ععدرةرع 22 1 عرزع11 77[ ا(اأأكسانا سه وق برط كترمكجز تءتلطومع 
أوع امم" طكتااء 8 رقع مهمه عتلطكت 1 عط مذ عمط ممم طعاععوط بطعائا8 (1994 بيع] أجوعن 
كع نااا5 أمعناناه2 ",عنقم عتلطونج1 ع؟» لاع عوط .8) ”معانو براعهعها عقع11 وتعطاممكه اتام 
.(709 .[1990] 38 

.0< ) معديال زه جترابره 7 376 بلستمامم0 [9 106لأ)") 712 ,كعطعسطا عامج (35 
15! .م ,(1993 ,ودع وأو اول لول 


يطبيعة الحال. ليبى الأمر على هذه البساطة. فبعض المثقفين مالوا نحو رشديء وبعضهم الآخر نحو (36 
رقبائه. وعلى سبيل المثال» هذه فيروزه جوساوالاء أستاذة اللغة الإنجليزية. ترى أن رشدي مذنب فيما 
أئهم به. لكنها غير واضحة فيما يتعلق بما إذا كانت تود أن يُقتل: “عن طرييق أسلوب التلاعب 
بالكلمات ... يحاول رشدي تفادي مسئوليات البشاعات التي ارتكبها ... فالمسلمون الآن في برادفورد 
وبريك لين يجدون أنفسهم ضحايا شخص ما .. ويزيد الأمر تعقيداً أن يكون هذا الشخص منهم ..” 

"ة 5التمع01 عط ,مممتسلو5 2ه عكهن) عط تعطممءت عذا) وملاءء مومع" بدال ةدوس هدمتة) 


.118-122 :(1989) 1 .مس2 مانن عزانا_] 


-118 .(1)1989 0 ,2 1202[ان) عناطي] “الإو بصوه0 عتلطسسج عط“ مايه وعامقطع (37 
.122 


كمعد[ أوانرمامت هآ ”لسسوتتةنهمامء(-)غده5 كا أقط/لآ" ,عولها! طمظ لمة وسطوتلة بردزت/ا (38 
كن النعا) مقسرواعطان) رآ قهة قصذذ[ا177 .ط .لت برعلمم1 4 مم12 اعتصمام -زووط لعرمه 
3 .م ,(1994 ,ؤوعوط© لزأأويع امنا وأمسمام0 


11 195-05 .مم ,(1992 يععلعتلتامظ معلممآا) «ساناممط ع«مايت بمووسععلة مزل (39 


5 لكة تل دوهن و*مقئ نس ء]] ذه ممتتماك د أأفكا؟ وز ممتتقامنو )5ذا 





5 


نهاية اليو 


ر(1993 بعولعاانه82 علوت ل" بدك |"1) عتبإمعابط عدراعم1 عدا دز علاكم)01) ,علة دام 5 .© تعوبيهن زل4 
217-41 .مم 


غم م ط) زا( مايا عاها درن ماععم؟[ ديه «رعسون2 تنو تزام! [ عفاعاآ بحوع8 برلمعبة1 (1ه 
.65-66 مم ,(1995 رقوعء2 لرزازوي الولآ مماعم رارم 


”رقة 1 الأهناءك5 أنتمطم د5عؤئنامهؤو 121 عتاطناظ هذ ععصةوتالف لمع برعمعيف" ردعوطمعلول 1 أممول (32 
01 10]) ناولا .]/ا .] لصة وأعمتنا10دآ .5 .ل ,وعاوظ إماعم3 هزه ععاطلطا أكرررورم/ ور 
.186-17 .مم ,(1997 رووعو اتوي الرنا 343 1لم1 


تنه ععمخ[ بلعاارء رككهلن) تكعوزاوط لمبعاين بدولعه17 فامطن لمة مدلدور ممعانت (43 
.م ,(1995 ,العسعاعها8 نلعمهء:0) لبهملا (درعليوسووم 


:ودم 11 تأعو8 دعال1| مطامط 116 ,55 ذ؟ دواع لصة قطنكاك 0 طاععة© ,لمتعطعم أازه (ه4 
7 .مج ,(1989 ,ععلعلادم8] بوملمم.ط) ععسممععابط أمأدمان "اوم در عوزرع ورت[ لوررج 


م97 | عهزلاتوالاآ “0112 تابه كينس عاجرا لماععاء3 تعولرءاع مدن مم2 ,اأسدعيه" اعطاءعكة (45ه 
1891-0 .م ,(1980 ,لمعطاممط عارملا ببول3) 1977 


تاه يا 8ه81) ترمومط ءا تزه 81/1 17:6 «العضط تيه عارااصتعدط ,النهعده؟ اأعطوءأكز (46 
.9 .م ,(1979 ,عم3 نالا 


عا0ن) .11 .لط © .وكلها ,كعد معز[ هابه أعدمارده”) أوزءو3 1716 ,لامعؤويا0 و5عناوعج[-ممو[ (47 
.168 .م ,3 .مهتا ,(1973 متامغباط عاعولا ببجعل3) 


مماععصلا2 .مماععملط) عمتع 7/2 زه ععلاباوط ذا قتجه أوزاكيال ,لسعلا .16 125 (48 
6 .م ,(1990 رووع26 اتوي نم1 


رمصولق هذ ”رعاعهامطعلزكم لهب عنتوهامئده5 هميد كتمالغطعما سيج" رمصملة للا .7 (49 
0 .م ,(1972 رممتقكلتطب؟ عكبكلمهء) 8 أ00 ,زع ع5 علا «مدوم) 


لون ج77 11 “101200100 ممقلا معاعاع ممه عطاتاكمن طنععوت بأممعطكى لاز8 (50 
5 م ,(1995 مولع ناما نهعلهمآ) ممع تأمعاوه 8 له ,جعاممع ]1 عع أف1راى أوزردماه) 


أه رمام" ألقه2 .كلت ,.أه ا #معوطعة مذ ”رسساعةاه0 امتلقتدمام" روءمعطعة ونمنط (أ5 
.(60.م ب لعأمدع ]| كعناءااة 


أممطعة لاله "ل أوناتتدكطا 1716 هذ ”مطالصا زه تمعاطمءه عط م" بعممستعطارهة؟ عندكة (52 

لك يلوق ,423 .ص ,(1978 بتتععارلا بعلتملا سولط) المقططع© .5 لمم منوعة مه ,له بعلمع] 

وأرمع 71 اعد ]1 هأ “مالع طعطع//1ا تفل مسعاطم8 بك“ معد تعطعاءه14 عدا .لعمالد براغطوتاء 
8 م ,(1968 ,انععاء | أ عآ-ون سدسمسجايز ككنلعلمة:) 1 1ه ,أله طععلاعدةة) عله 





الهواميش 


امعتومامممعطنهمة مح ععتاعدء8 لمسطايت 5ق غطئنجز انقسد1] ,كلع .5 ملوللع هدوم (53 
5 '(2)1996 30 رق 1 نز|67167ال) كاطهنا[ تعمل[ “عب وتاتك 


اوتطلنة 02 امجوعء للا عع عط كعالقتع )818 ممعاووللا" ,ممطوزتا .ل مولة (4د 
برلتطوناة 4خ 51-65 :(1990 ععطمعءءم-روطماء0) 32 ححها) اانه معها1 ”ردكالةامعوص1 
ذناماء أل ناز عامم ه معط «عموعا[ كعتل/ زاك أملصمام )سومحم 17 الأ وتقعمم2 ومتوعنا لعولاعطع 
معطعقة قأععواا) “س1 ماع12 معاوم 177 كنات انملع" ملز0ت2 أكدهر عب وعلسالعممه ععوأيوما 
“اتلدن) عبده02) عاتعوط] ممعم[ أمعتم نع طنماط إن عور لمريفايى واساة قر بععلم جرع لوجر وزيز 


.(196 م1991 ,عامع/واممعظ 


55( ”بر القع ندل8 لصة كعالقسعط امد مصطع' بوطءمظ © ماإععروكخ‎ 11511111011١ 
/ا لمة أعسدمع 85 يم له الوألع الس كمتلم ورف مايل جد «بكساععمسرة] وررتو مامت‎ 
مم ,(1997 ,ووعءظ عاعهلا بدع81 آه بواتويع لملا عنمنك “رموالم) ماععدمء امومع‎ 2265-6 
معو ااعععة براعةامطعة كعنم :لما )مكمه فكعمم واتدمع حاسنا ق غقط ومتوعزاعنا مطبو عممترديم‎ 


.16 لهم تطغ غبده عتععطه انمتاو 


و*لإمططلو110 تلممتصهم ععنمء5! م (بز .م) معظعءط وتسفلد5 دمهوطة مره كز ممكؤملته غ15 (56 

بع تمطهة) براأله اتمتتص]! صمل علوويتاى عطا لمجم بوتدمه !0 عسمجوناء!! «ععوولعق نمه عساسيكة 

0 قرملات 05 البامع6ة متمعمم-عنزة عه كعلباعمز اعتطم ,(1991 ,لتقبومه؟ ‏ “مماوطلوم 
(169-187 .مم) عممعلءو "متصسواكعا" جه امتاطهاوه 


مه كعله1' لإتقمم لابه زعممع لهك 02 ممنام رامذ (سمعء)ء12 أهنه50 أموتديهة“ بدلمدا1 جرعه31 (57 
/3|7) تعادهظ .18 .1 ممه 17/000 .]/! .ظآ .له ,نوزبماكلظ “إن ودتبعء0 نل هآ ”7,لاعه/1! لمتط1 عط 
,74-96 .مم ,(1997 رؤوعع بسعزيعظ بإلطغمماة علمممة 


لقو قمة1 2 لعوبوه 1‏ :كع أمةلسمياو8 عط عمأووميودمة1" ,لوعام5 .2 هولة (58 
217-45 :(1996) 46-47 م1 لماعو “ربر0121) تداناتصهن0 آأه دعل نامع م1 


.اث ,1996 ,18 نإدالا بعءجممة1 علرم! ولق ”,نز انراد يلع اع تصاكدمءة ,طأياة©0 اسعلمصسدمط* (و5 


دعت ناما 0/1156 م56 ,قتع تقموم “تعطاه فمة نزاجعء 5*لقطاه5 كمعمعنماد عتغ) ع0 (60 
.54-64 .(1996 ا5تجوددظ- نإلنال) عع ننمغر هبون ! ”وبر قوط ع7 لهتعه5 .ود لمعام5 .ععنومط1” 


"اتألوعكزووط” معطا ره عتبماءها !1 لامعلل «كبامبتعات! ععتلوش وعم بوإعمولة (61 
.5 .م ,(1997 كعلء الام كارن" بمج ل<؟) برمرالودرم”) 


15-8 :(1996 ععنامك0) 2 مم ,35 «ردرم لا ”اهمع ستطولاه اط“ بقططقط8 ا تتدماع (62 


ذَلث 21١1996,‏ هابا ,كعه:1 علوملا ملق ”رععلو1 يه و”توءاه5 عمووعامء5" ,طوتط برعامم5 (3ه 


نهاية اليوتوبيا 


,20 لع نودو أمعقاصعق3 ”رجههآط دسماعدانة؟ و*لوعله5 مقلة أكتعتووط" ,معمعلعو0 متمماز روم 
14-7 .(1996 #عطسعءء2آ!-ع طتمعبزولة) 6 مر 


.(1974 رو'متععوة غ5 عاءهلا بم1؟) داعو اط إن دعناء مهلا ءء1117 ,ولأمطعالط لوط عمو (ؤ65 

تماق 8 ) برو/درمدملق[ط د« ممع ساكبرمء 1 ناأوتععمعه ععة ,مستلوعيام ونتوعجعط مؤمل عممر 

لعمعم:7ء0] تمع زعا هتيم برعن 1 «أمل عاموعطاوع17 .8 امعطم امه :(1957 ,ومعومم 
.(1991رووع؟2 لإكزويع المن] اأعدمم© نمعوط1) 


0 2010 اذك ارط أمء ة0م1[8 :ز كنرككظط دز ”مومع تملا ملأو الصساط ذف" ,كعصةة صدناائبلا (66 


321322 .وم ,(1947 برقعة 01 ,رقهة1تاوتامآ ,علنه لا بجعك!) مورعمرورل) عبنوجاومرام 


هعم تبت و عزرهاكى ةل[ 111[ نرك !5 ل نه(«اء 82 كرت :نه اهء0) 172 ,لاوزعامآ .0 عسطدخ (ز6 
.208 ,293 .مم ,(1960 ,فكع طلامع8 نمه ععمموقع بعاعملا بدولح ,1936) 


قاكقنا رك6كاحردع 10 مع ابيط ) دل[ دا ده أعدءمك :درمتوناعاز 0 كماع قدص أعلطعة طع ملعت (68 
56 لعتعالة لولاطم الى ممكقاقسة ,110 ,55 .مم ,(1958 ,نتدم؟ نل ععمعوآ] تعلنه/ا بسعلة) ‏ تومن 
كاك الءأرا 5017 ,2 .أولا 1[ خكوط ,عطوهكنم !مدع )) وإععزلات] راع عمد تعاطه5 5 2 طعفلم مم 

7 بط ,ر(1984 بتغالزد:5© عل ععالة/7ا بمتاميعظ) 796-1799[ الع2 «رعدرنارو8 مول 


3111-3 .هم مهاللء فق ره ت«أهطة) (مء07 11:6 ,لزهزع اما (69 


..آاظ ,قلمطلطهلاط عتتمماكف) #تعممعالوناسط عذا طائ ج(«جاهء/82 بطامهكا >1 أمدزهع (70 
.117-118 .مم ,(1997 ملقمهاأجصسعام1 دومع" 5ع ذا ماكز 


قالط ص ”,ل تأكنامط1” ع جاه معودن 6" بتطاعطصصدكم8 أعم؟ا هذ عاك 15 لإوووع 7105625 كتااأويل (71 
مققعآ لالأققة الونا 0رمل0) ارول" بوول) برومامإموظ أمعمة نجه برومامعه3 جه كبرمسظا 
مقاعقل نضا ,ظ مقطعهده1 502 ,ق1/1036 01 لالتعالا اولقن 51أناء: للة تعنرعه ع عه"1 .143 .م ,(1953 
لإاتقكة انطلآ عمل #طاممهن) :عولتمطصسد0)) انعم عنطوتاجية «وجردء) عا جره مها كبيعوررل 
(1968 ,ووععم 


بتالتتماء1/11001) نوملد لط إن مالع 001) 027077 716 ,ككعوه! © وروء © ,والمتعممع ,ع5 (72 
(1968 رؤووعء2 ل(الوعع الملا موب اوة ]ا :مده © 


“3ع1]ناه2 4 ما باتمقصسطط لمة سما لوصحل كأه موعل1 عط رطعاعم؟ أقمدع (73 
,800 م2 1500 برو زعمقر [ت 7م1712 :ا ارت عاصلا أمعنولط ,مكلت 00 مذ لملفساعم1 ,(1922) 
ع1 عطعكاتاعل علط" رطعو ذاعم" أقضعظ م58 ,210 ,م ,(1957 بررمعهعء8 "ممغوه8) ععلية8 .8 .له 
عع ساطن1) اللكقظ .11 .لع ,ممصم متعاوت8! انه اكاءعت) «وطعواييء2 علط هآ ”بالعطلعمم معل صمب 
(1925 عطمكة 





الهوامش 


الابيد نالع ظ-ءاارا علا دز بررعههماك ننده ناور[ «روزابوععث] وروز ,قاذ 184 طأعموع» (74 
(1956 رعقدوآ؟ سولمما] عزمولا ببمبح) 


رقكعهكعطلئده5 عنحاءيه1' ناا ,تبه17001/1 «امترم وق 6 0010 طأانام3 1712 بلامملى رابا م11 [7'1 (75 

ع56 (1977 روقع2 لزأأواع حتملا عاق :5 قمدأوأنام] .101086 0م83:0) عل رملطيظ .2 5زرم][ ,مامز 

درم 0نتلك 1ه «أعلاس8 لرالكعطال لزه مع[ 176 جبراءةمه][ ارم رعزم) اموا © إعمط ناد 
.1983 ,00 اعت 01) “.ممه بالوجاكة/17) اللوييم:[1 منريه حرموروم) 


5 .مم 3١‏ إوسانة”[ بجرورايونمر ”ملكا لسع طأنكط .عمودمة81 د "أمعلزومرم» راللظ امعهطء 811 (76 
.1-2 *(1996 كع ماه 0-رع معام ة5) 


بصواط عقتوتطتنا خلمةط) 1 001 رءسيذزاه متمد يل عم «تصعول أت 65دغ50 ,مخصد8ظ عولنة814 (77 


.68 ,59 ,49 .مم ,(1925 


عاأطلاصع؟! «ممنء/#8] 17 مز ,(1930) *ولقننهوة امس[ علا لسصة عن ,مهجمملة5 مم أكمرع (78 
.تعاعوهة نمطا لمعه برعاعاته8) وعءطلمعس7تط .15 قمة نهو .]لز روعوع1 ى .له ئامم8 ممريمو 
.302-303 .هم ,(1994 رووعءظ وتمكتاو) 6ه تالوم زول 


.لله ,أععنائامظ عا ععامرمع 11 111/3 هذ ”رععوعءممم[ 2ه لمق عط" رهاز عمدل (79 


450-22 .مم ,(1992 رعقلع ل انمظ؟ تعارمل ببجع[8) غزمه5 .'8آ 1 لم ععاانه 


5 الآ .قمهنا ,كءقاعاا3 عا إن بررارهكمانر:1 اعتعذط ,اهمع متهلة امه نومع5 عبد (80 
.225 .م ,(1990 ,ودع قتأعقباطعةكمها/! 04 برالوم لونلا بتععطسم) أمممو 


.255-66 .م ,(1964 بتامعهعطآ تهماوه8) 7جهاءا [ه0:1اكدع1217:1 0116) رعكنع قال أروط ه13 (81 


11 .136 م ,(1962 ,عؤهلمال؟ علتولا بدمج8؟) ‏ «ماامعنات0) تيه كمع ,عدوعنوالا معطن11 (82 
وله .للا 1 هأ ”رعدهة للا عوطن طمنو" رممرملة لآ 1 مم5 5 وعاميو مذ عمقام 
5 ,م ,(1 197 ,متاتقعامطب5 :كس ةعلمةر”1) 0.13 ,دبع اعد مااع سرا«وده 0 


الاعل١‏ بكارلا بجعلط! :5 192) هاجه!آ[ تدعلماط ءر[ا ننه فودعء؟ ,لموعطعغنطللا طاعوقة يعزلم (83 
.لم800 قعتلة ,142-143 .مم ,(1948 ,بعوعطاآ ممعامعصم 


ملآ[ أمعءنطمدكمار6 لعنعاعق بجمعععط ععلممولمة مذ ”بعومطة عع015 عط صو“ (84 
422 .م ,(1956 ,عامط ممتطوااطدظ8 قعمةنومقرآ مواعع5؟ “امعوو]/ة) 


نمال اممم تعن تإسه را :77م ناولع[ ما «ه[[اعطء![ «جم7] بععع ممع <] عمعورظى مء5 (85 
لإأأقء لالونا عتما ممداكتناه.آ عؤنامحا دمتد8) لأجوم جرع ادماة عج[| إه ع«أوالط ء١١‏ 7 واأمبهر 
126-37 .مم ,(1979 ,ؤوععط 





نهاية اليوتوييا 


عرماع8 ممؤوه8 مز لعنمزاء2 ووععلل4 دخ .دعا كه وأطونظ ع0" ركم ه13 .ل تممنلاتةا (86 

م7 ها لعتماموعء ”,1953 ,24 لإتقبصطء1 ,وتغتلتكة عطا مه ععاغتسصصه© عبرننعائاوع.] عط 

,(1969 رقعطتلآ' لعنلا بجعل! لصة ممع عاكولا" بجعل!) «لمعمنره"0) 4 جعاعاإصوصن”1 اورم رز 
7-0 .مم 


-776[ ك5ترنزلعمع!] بوبم عاق[ نجه عورمات0 أمءاالام نرافا ل زه طلريوه 1 1716 ,لاالةتممعع ,عه5 (87 
(1992 رصملةا معاصد0 'معووتطن1) عبط © لمة تطوئعه6 ١‏ .لع رمجور 


72 مم80 5 مأأتطط مز ,(1852 ,4 نرأنة) “معوءا؟ عط مم طاعبه" نأمط غه وستهممكة 166“ (88 
.مم ,(1950 راققه ل كقممعنغم1 علعملا «16") 2 أ0/ ركدواوننه2! اعتعلءم] أزه !]1 هبه علا 
181-04 


اد١‎ 


لكالل ها,رة191) "“ومأساموع8 عطذ نمه وأكتممعنااعامآ عط“ اماه م علصدواعام (1 
نالك 8186 ,اتنامهعه1] علدهل؟" بوت1) تافآ .7/1 .لء ,لومامطاضق سام «بوصمنئة11 أمنطععااعاجرا 
3366-7 ,م ,(1966 ,لاعم/لا 


عالانوااك انوك ”لاكنلاتتة0) طاأعتتمعءين]1' عط 'أه وزممالا-تاهم م15“ ,ععطءلآ موونظط (2 
5 :(1959) 58 براءرعامه ل 


ر(1994 ,تنقهم 8 :نمه10رم.1) فتنطة 1 ]/[ .0ه ,اءزا/«من) إن اكم”) 1146 776 مممناءيلمام] (3 
العام 

ماطرر الك 6 ره لالظ ”7لمعلتطط عمووط عط 5'معطللا 50" ,عرومكة مك8 مه5 (4 
.506ذا أقط مز مع أعاكيج ععطيه لهة ,30-34 :(1995 ععطام عه 0س لاممعامء5) 5 .مم ,]ك5 كائتادولوى 
23 .320 لععصرقهء”[ تجوء عتما ”ملصه1110 ععوءط أوم.ر] علا بجن1]"؛ ممعقبهاعقلآ ممخ ,وكاع مم5 
ععمع/ 1 ها لمم وعمروه7ز[ نط 1177617 ,عط عاععدالة لمة ,86-96 :(1997 أونوسبة رزاناة) 
(1991 يعكبه1]1] [أعكعس]1 لمم تا /سقمووعءاوم5 :320 مس ,نممتامستتاولط) 2لررعل ودر 


ان 1[/اده") برآموء 12 نالا 20 مأو الهو زألهء12 ورم أتمعمعءط2 م0 ممتودتصسمره عتوعموه0 (5 
لإللمقء10 ومتتمءبععط 8 ممالعتهسهن) ‏ عأوعميدن ‏ . © 1 بصمئومتطعة/ )171‏ ؟رممء1 اورم 
3 ,(1997 بأعالقدمه6 





الهوامش 


«د«ملدمآ) معترءس رارك طاس واناندن م1 © :تأددناط لام 116 «عارك الإوأقصهاآ أنويتز5 (6 
.1-2 .مم ,(1994 ,لعاتسصداآ بمتمدعم0 


لبواتع سال #(اكزت عن عدا وه أتم«صاة1 أعاملق) ناموم”) زه )0 ,تعامم ع8 سونمعأ7 (7 
اتناك مم ,(1993 ,كعسطف5 عار ل" بجع[ ) بوربووت") اروك 


و و) عاسرم7] رن جم لم11 0:04 اردالهتةااط) كره كه © 1786 ,وماأوستتمبة ١‏ اعنسصد5 (8 
.303-304,316 ,31 .مم ,(1996 رعأوهطءك عق ممصماة عاممل؟ بجولح) 


436-37 مم ,(1996 رغييةته الا علرهلا بوع3) «إلانمنا ءا إن كلانظ 16/ بمدامهعا .2 عام (و 


6 6د ,280 برا/ةماط عتانتو[ل4ا *“7اسعحيه الا ع أدب[ لإعدعومصة موللا“ ,مدامة»1 2 نروطمع (10 
55-0 ,(1997 تمارمععع2]) 


ممتممنا هذ ولهصعناهز لهة 5عممع بع امم أعوومناة كمملغمعتمهوعه لإانقامطءد له عوطصيج ىم 1١1(‏ 
0 متطقعةامطعة5 نهنم مسع نهو" ,لامع 5 101/6 اتقمتطلا[ مم53 ,للع أبمعنا0 فق عو ,قو (لنااة 
23 لإللكاء الدل] عودعهازة .123-128 '(1994) 4 .مه ,34 «لاء1هن )07‏ ااتروس' ,1 ”رمسفتصواممانا 
خنطا كوا عتمسامك؟ عوج عط *”.تمدتمم عط تم7بتصدره0 لمة مستمداممال]“ دامعو عط وعطوتاطيام 
(1990 بؤوة؟آ لإأأوكع 017لا عكنعة الا :قناع هالاك5) عاممزرل إن انرععهم2) 17:6 ,ركهاااع.]آ 


-108 .مم ,(1961 بتعاموظ علرهلا بجن1) معننموزباط ل رن ءع3ء[!/ه”") 726 ,للقطمعط1 إموطمظ (12 
109 


مم ,(1964 ,نإقلغاطنه2آ :. لآلا ,روطان ضعلننهت) 17هللط بم عع :7م1770 4 ,لقتدوعن8] لأحقط (13 
3306-7 ,182-183 


ر(1963 ,عوعمثأ0 أن ومعوظ عنع"! عزن لا بوعل!) ووأدرعدسا ذاآ 2774 هأمم7] ,مامكا عورم (14 
.34 ,3 ,ا .مم 


للعتتهم © ابجع1! نإ 101677050 ,المع آابال') عل( © ع01171ه7) ,1081 5101 اسه مالم (5ا 
79,1 ,31,43 ,15 .هم ,(1995 كعصهدل :قامواءف) 


]11[ «والم عه[ نواهلا مولة ءا صوط :ع8 [1[أ/!![ ه177 ,ومجنمضعآ1 .[آ أعولاء84 (16 
متلك بجوم ,(1997 رقع لتظاعميهظ1! عامهلا بجع11) فعنه0 أاذظ تزنا مموببعرهآ ,دعسط +0 معمم) 
2 ,137-138 ,115 


رأءام 17 رام عفصدخ ”روقعء3200 01ج 5*تمعلنوع2 عط“ بع1ه0 لف طتاب ,قمامتت أأنه (17 
63 ,(17,1997 بمقللامء 1) 7 .مم ,33 ملت وسعه2] أوراررعوتدعمظ إن ١دمإلواأحة0‏ 0 





نهاية اليوتوبيا 


امن | سورت" "ره باتعساع ك] تمعمع علطعة امد عونا ععابامصسه0 مععساعءظ علمنكة مم5 رو 
ةم معي0]؟ ,(ولهمتعممط اممطع5 بمفامعصع اط زه ومانوتعمدمم لمدمتواك عط أه ععناعادبجهلم 
007] 


1ثة ,1997 ,28 براسل 5م15 كمامع ددم كما ”لعل امنا .خا مسهقاط دعوماءمط5 عامم8“ (19] 


و7 أعءوده:"! تممه 4ك ”رعوة لمنتواطط عطا هذ مععلائط)" ,لتعسممتهدمل1 .© مبرطلهكز (20 
69-74 (1996 أقبونه -تزايل) 


منلء ]8 :10 كعكدعن) ردمتاعمامرظ عسنهدمن) 01 مس8 تموزوستم مم0 عله لمعل (21 
له قلععونه) عذتقط معتلائط0 15 كعاز5 اأعمعنمة" موتو عه5 1997 ,15 بإلبل ,ممتتممرلع 
3 ,1998 ,4 بأد رتم1 أرما رول بوم و بم 


تريعجز) جرم عدار تار اكةنأدول مذ “اعد علطا كه ممه عط“ ,للممملعد/؟ة نطوتسم (22 
399-01 .مم ,(1965 رعمقتدالا بولا برولح) 

86 1/1 قراط إن براطدال عا تبه كبرمككة! :ملع ج80 لانت أموم[#ع0) ,ممهلا .ا وتم0 (23 
13 112-1 .هم ,(1986 ,لم هنتتطععمت) لمن" بجعا!) براءتعمق ررمالمتسسرم روز 


عبرا عفترم اع ءاسا ده دزا وة1لههه]! إن عاه"[ 171 :كدنوءاك[ جع عطدرعا رن 186 ,كفععلمزظ م8 (24 
.75-6 .مم ,(1995 ,عمتكتمواله8 بعلملا بول 


25( ر[1990 ,تتستهك تبك اعد طمومع) '"ءاتيمال معطعكتترامع مك وامديظ 5و1 يعوهة5 لعماعته‎ ١ 
13 


لت11) انط زه نراتأهابها ءا جره #رمصعاظ لم :ربعاهكدول «رز «زتيهةتررإعزل بالدعهة طقممهاز (26 
287-85 مم ,(1964 ,مسمتعائل؟ عإرملا 


فته [0[ «متلعالهزز معتاوط عنرعععع[ :عابط نوره 0763 ,ومتمبجه:8 .1 معطمو اذامط0 (27 
16 ,1 .نزم ,(1993 باقتهمعى8 عمعدة علمملا بجعل]) مان تبر ررمابرامكى اع 


)00 يميل بعض النقاد الذين يريدون إدائة اليوتوبية باعتبارها أقصى درجات البرمرية للإشارة إلى 
اليوتوبية النازية. ولكن: علي أي أساس؟ على سبيل المثال. يزعم الصحفى وكاتب السير جواكيم 
فيست 7654 100 1أ100 أن النازية والشيوعية كلتيهما يوتوبيتان ‏ وأن كلتيهبا قد أخفقت. على أن 
هذا يتطلب أن نمد في معنى اليوتوبية حتى تصيح يلا معنى. ما دامت النازية يمكن أن توصف يها 
رغم أنها “معادية لليوتوبية”. انظر: 

عط مكتهن) .متاعظ) عرعالمارعء2 بمطعداومان عمل موس[ ورم" | :مارن :1 وامرمتجرع نروك قلط عمو 


41-7 .هم ,(1991 ,ععالعزة 


.266 .م ,(1965 ولإقلع أطلهه حا ...81 ,كان سعلمة0) عه :رجز إن هج[ 17:6 ,بمؤلوكا وأاغ (29 





الهوامش 


عجرا إن ع1هاق 13:2 نكن نازإ ه81 زم 5ن 71716 ,لإصودده"! ,1 مؤاعا5 لمة عدهان أسكر (30 
530-32 مم ,(1979 ,وقعءط بوازويع امن وتطمسساه) عاءه لا بدع1!) كوارزبررة1 


صطاهل علمده لا بي ل]) عرولا اجن" ) أكنتيهمذ عرلة إن بررماكعلة عتبعتم 4 بمووعاءة1 إعلقمطهت (31 
4 .م ,(1974 ,رود 


بآ مم ,(972! صعصطمع8 انه" بج ل) هع 2] عرز إن عامم8 601/117" ) 1/اءناتع 7 ,امتلانا 1ز0 (32 
215 


وم بكعلتنامظ 0# دفاورلا لاممددو2 لقة ععمها0 عمد ,وسور د'اوذااظ أه مملوديودتل و عمتز (33 


12-5 
3 .مم راع زجه”) براليدء10 عا لللارعنع 217 ,له أ55 0519© عاجزعوعة © (34 
.(1978 رععغتكنظ أعنفنهالط ممم تل8 قامةط) عفدرعامر] أت وأجيهال] رلسيع؟ معنانل (35 
6 .م ,(1897 رنتماءاوحرة عاعملا بع ل!) برارلوبين؟ ,لإسملاء8 لموسوع (36 
2 ععأصقط6 مز ممأذدناءوتل عطز مع5 (37 
4 .م ,(1962 رههكلة/" علنهل" بججآ! :1922) وونصمانا إن ر«ما3 17:6 ,لوم تبك مزهم] (38 


ابرع ةترصندع 5 عه كت #اهاى لمعف[ «ل ‏ :وفاودممنيولاداس") بعدععلهة متامعاة/؟ مقطو (39 
م ر(1916 ,ؤوة5 لإاتويع المل] 000 :عادولا بعلح) لاع]2 8 عرتاء*1 4ع لمج .كمد ,بخممره") 
171 


مشأ ناكلء 2 :انهلا بوك |!) اطع" . ) .لت ,2000-1887 وبمسجلعه8 عماومءا ,لإمولاء8 لتددلى (40 
6 م ,(1987 


.0 .م ,كتاممم م نلدمط) رعدععلممة 41١‏ 


1/1 وننت ترتدأاء8 امعط لمعءتءتجاك 1 «دتلواعو3 ترمسمالمطابال ,بحممنآ عنطلمهم (42 
رققع21 هأمعولالة0) 0 باتو لملا .وعاععمة ذمآ لمه بعاععاعظ) اتعسرعدمارة[ الولعم اولة 
.33,37 .مم ,(1991 


43( ,كهامم0][) زه بورماكى 17:2 ,10وأصسة‎ (١. 


مأأءباعفاظ :لسمق:0) عه:1 «7ءاماط! ا واومانا-تغتا 4ه مأاووانلا مقصيها مقطدكز (44 
.اللا .م ,(1991 


.92 ,237 وح ,كاأممه!7مآاىت177) رعفععلعة (45 


110-111 ع بأل ومماعها عوتجعاممء! ,لإسوااعه (46 





تهاية اليوتوبيا 


رققع؟”[ ميقعنطن) كه واتقى كتمنا 'مممعتط) رمنانتامع8 فته 100 ,لاعاقهآ 1 مأحاواخ (47 
8 مر,(1976 

مماعمصارظ بممتععملر©) ومل] جره “زه بزإ[حهجوه81 116 :016 «اعمماط ممع اع إل رود 
.95 .م ,(1952 رقوممظ وازويع دلول 

.2 للهسة عمدع "1 .0 .ل يله رمعمزا كا لمممعككسعل عزن فا مأترةال) رعزهالا كهقمره (49 
93-94 .مم ,(1984 ,لمقعطائا مممتعمية سواط عزوملا بدول) مولامم 

1 اول ,كترمحظ أمء امداخ تبه اععناس) مل ”دمعوظط 0نم“ ,لإقانهعقاة كقدده؟ (50 
399-401 درم ,(1866 بمع626 ,كمقتصقمم.آ ندملمرمل) 

6 ابه ارمعهع82 كلعائه | توعاتاوظ فننه طانه[ ,عمتععق مفوعهظمةة/لا رصعل مم5 راد 
جعت” ,(1985 ركوعء8 لوؤأتويع لونآ ااعدره© بوعوط]) عا «اتعلدمارا ءنا إن كاممجل جرال 
169-14 .مم ,(1998 ركوععا تالدع تملا جوماععمفط بمماعمعمخرط) ممم عنمدممر[ رمفموو2 

لم ]كه دول[ ب[اانرد ... (07ع8226 كأعنم ل إن برتأجرمده[:[2 116 ,موؤأؤماسه1 متسوزممه (52 


1 17,72 .صم ,(1970 رووعءظ بوي ازمل] امهم عحتا :مهمع انآ) عنمده 1‏ إمادعجمو :”1 رن 
أأه ومتكوابلاعجم عط" لمة ”عسكة غه طعلظ عمالسعهالة عط" حدم ععة كممتاهاميب عط 


”ومتطممدهائطم 

ععأه[!) عتاعوبة آل[ .لع ,لراك عمةدرنا ه زه معلل :77 ,مقدموا؟ لممتلفعة0 بصممط مطول (53 
.(5 ع5انامعقاط) 89-90 مم ,(1982 رقوع؟8 عدمو<آ عمل 6ه بوتوي طلمنآ .لم1 عسوم 

+(.85.0 01ل0نا1” تعأكه لا ب ل8) معدا ماعنا :أجاه!ل إن كلده1! 126 هذ ”رمكتم]” طمتاعمع“* (فدر 
.19 ,174-175 .مم ,2 .ام 


من المؤكد أنه قدر ما كان ماكولاي ناقدا لنفعية بنتامء إلا أن بوسع البعض ألا يعتبره نفعياً. على أنه (55 
من الإنصاف إطلاق صفة النفعية على ماكولاى حسب أقل الاستخدامات الفنية لهذا المصطلح. فالحقيقة 
أنه يعترض على مذهب بنتام النفعى من حيث إنه لم يؤد إلى أية نتائج عملية. كتب ماكولاي: "إن 
الليكاتيكي المتواضع الذي يكتشف تحسيئاً طفيفاً في مصابيم الأمان أو في مركب بخاري. إنما يقدم 
لسعادة الإنسان أكثر مما يقدمه “المبدأ السامي ” كما يدغوه السيد بنتام ‏ في عشرة آلاف سنة”. انظر 
172 .م ,(1829) “رطامهدملأطط 6ه ممعؤقو5 ممتممئنان[] :الن8 6ه مممععهه د5*سممطتمع8» ,بردابهمول3 
"باتمع 71ر06 7زم 'رمكوسا" ١‏ [إزابا ععجمل :كوذالأوط تبه عنهما بمنمانارل هذ لعاسصتروعر 
0 :10:0 0) مقعم .ل 10 لالعبشآ .ل .60 ,عاهناءد! جاركدتا عذذا هده عنتوتاتت) ودرا :تمععالة 
(1978 رووع:2 بازوك زولا 





الهوامش 


برسم 336 ,تفلماط عنام متلعاك لأريفدم/::/[ لمع طناه<! هتنم أسرماط ,إعتةط مقتاائ/ةا رمد 
0 .م ,(1966 ب«معمعظا بممادم8) ودزاعء ليما “اتاورمووارراة إن 


تهلهمآ) 2 .أن ,كنع رط 3 غوء بر ك6[ اناق 37071 رعلبهرظ لل دعمهل مز ”,مم لأهعيل5" (57 
.7 ,464 ,455-456 مم ,(1 191 ,همه ,رقمق ام نامآ 


ودبت كع العمل ع3 قلط مذ ”,نومكلة؟ لمتتهولة وى ما ب1" ,بروامعملكا وماممدن (58 
عطا ينا ععلة! ممدعم مععط "متا ععقف"] .305 م ,(1885 ,مفلاتسعهلة م«مقممة) جترصديم 
ل علدلا عمد ,مسعتمةعهاتلل)ن مدقفمعل/! 082 [,لرليو غه لومعم عط1 وبدأبسملاه عدن 
تجاتوة تملا علهلا تدع حوآآ] بجول) 1830-1870 نابا زه عنتمم[ ببونيماه1! 77:6 ,وماتاسما 
110-136 .مم ,(1957 رووععط 

.نا ,(1900 ماطاتهنتماعناطا نحتملهمة) 2 .أه؟ ,كتبهتح«صمتانانا داعا 71:6 بمقطمع)5 عتاوما (59 
363 

عأتطمساهن عاءولا" بجع!) وده .[ .ل ممم ,لأقابا صمي ململ إن رمه جومنام سل (60 
.163-164 ,109 .101 ,97 ,34 ,6 مم ,(1944 ,ووعءط زوع نول] 


نجج!!) صعطه© .8/1 .ل ,اناا انهناى تدأو ل إن در أورمكماز/ظ 11:6 هذ ”بتمدطامع8" ,[انلذة .5 [ (61 
5 م,(1961 ,لإعقعطارآ تععلوكة عإرملا 


0 .م ,(1954 ,4ةالتتسعقا/! :وه0مة) 3/0 عانتاررعنظ1 14نم اأمكديا3 رلزوقة0”0 قء5 (62 
| 01) درت ومع 01 2 بوط مخ طمعععامء مه كة ع558قهم عط قعدن عدناع د11 


رؤوع281 معدعنطن) 6ه جلتديء تملا :مهممعتطن) بورم اس ونا انعلط مقعلا ,5كنيهناذ معنا (63 
.4 .م ,(1953 


ل ,ونأك نوإزعادرمال)ا ها “رعامهان] ععل عصبطء اخزعمءلا علط“ بإععااءومك؟ا امقطماعه عع5 (4ة6 
1-8 مم ,(1982 رقمب المقططع د طدعهاءء/ا عطعوى أساعا/ة تموطبة5) 3 .أه؟ رمسهعاووه/ا .للا 


حمط) #بدت[مع اك “زه كملكء ةعلط بوماعء5 علضم مز (1924) دسوتلمعسر5 كه مأسعلتمملة" (65 
.4-5 .مم ,(1972 رووعءظ مموتطءعتا/! أن بطاوعع الملا عماية 


07171/10151719[ عل نع زأوع ماف جم ك عنامبغم بعحيد5 خبعطمظا لمع بححقة اعمطعتاز ع5 (66 

7223-5 .جرم ,(1992 بأوبروط :ومتوط) ن/زأجرع وم و[ عل اام ماوع سععامنه 
كتب مراقب لأحداث أمانيا في الستينيات : “إن تأكيد حركة الطلاب على الخيال ..” إنما يعكس (67 
“مطلبها بتحويل المجتمع عن طريق تحرير ملكاته المبدعة ..”. 





رايت عاريم 0 6071071 اوهل[ 112 ؟' املع هيما علا ما عفبس8 لله" بععائتط ههلا عمتطوك) 
.[997! ,ؤوعء2 واعقوطعل! أن لاأتدكء تنا مامعهذا] جبرعء2) عا ن/ انث رامل ع3 عا سوم 
(40-41 مم 


.[ قالةك] ,كلرفكط لمانعاء5 جع انوع لقا لذج احا إن (إوناء ةن[ «مواتيمانا 110ل بطعما8 احم (68 

6ع عط 15 .م ,(1988 رووعوط 0/111 . كملظ يعمل تعطصون) لاتناطمع أعاءء]/8ة .8 لمة وعمن2 

:ا سأللمو؟) عالت تطععع8 اأمتع8 ”,برمممومطماة علد عمل الن:! فم ييعناكاسف“ دحرم8 وز 

ع6ة بومأهة اقمدمة مقسالق معنم عط مأعوءممة 06م وعمل غ1 .349 م ,(1988 رمممطتطيي 

6 لمة تعلط 707.11 ذمهما ,نرم مهمطمانا كره نات عط زه الهتل امه ععزاز ع1 ممع 
(1976 ,مله بمماومظ) مممالع»] 


.7 *1 18 قةكا ,غاءا لعيره ه12 1 كلوناعهال؟8! نواعملا دتردناط ,مصتولة عملمعط؟ (و6 
247 .م ,(1974 ,رظمآلظ «ملمم.آ) امعطمعل 





المؤلف في سطور 

»*« راسل جاكوبي 

* ولد في تيويورك العام 1540. 

*« مثقف أمريكي يميل نحو اليسار. 

* تلقى دراساته في جامعتي شيكاغفو و ونسكنسن: وحصل على 
الدكتوراه من جامعة روشيستر. 

* قام بدراسات عليا » بعد الدكتوراه؛ في جامعة باريس. 

* يعمل الآن أستاذا للتاريخ في جامعة كاليفورنيا. 

امن كعتقيه التكنورة قبل هذا الغكات: «القساوة الاجكواعية هد 
لسيكولوجية التواؤم: من أدلر إلى ليبنج»؛ «ديالكتيك الانكسار: أبعاد 
الماركسية الغربية» . «قمع التحليل النفسي: أوتو فينكل والفرويدية 
السياسية» , «آخر المثقفين: الثقافة الأمريكية في زمن الأكاديمية»... 


وسواها. 


* فاروق عبد القادر 





* كاتب ومترجم مصري. 

*« من أعماله المنشورة: «ازدهار 
وموك السين الصدريء رؤى مستقبلية 
9 : «مساحة للضوء... 
مساحات للظلال» درون |8 تأليف: ميتشيو كاكو 
«أوراق من الرماد والجمر» | ترجمة:د. سعد الدين خرفان 
د«رؤى الواقع وهموم 


مراجمة: محمد يوئس 
الثورة المحاصرة» , «من 








أوراق الرفض والقبول» :.1593١‏ «نفق معتم ومصابيح قليلة» 1957, 
«يوسف إدريس: البحث عن اليقين المراوغ» /159؛: «كراسة سعد الله 
ونوس وأعمال أخرى» .5٠٠١‏ 

* ترجم عددا من النصوص المسرحية والدراسات في الملسرح 
والعلوم الإنسانية . 

* نشرت له سلسلة «عالم المعرفة» ترجمة كتاب بيتر بروك: «النقطة 
المتحولة». العدد ١04‏ أكتوير 6١‏ ,و ترجمة كتاب «رايموند 
ويليامز: «طرائق الحداثة». العدد 47" يونيو 1996. 








سلسلة عالم المعرفة 


«عالم المعرفة» سلسلة كتب ثقافية تصدر شي مطلع كل شهر ميلادي 
عن المجلس الوطني للثقافة والفتون والآداب ‏ دولة الكويت . وقد صدر 
العدد الأول منها في شهر يناير العام 191/8 . 

تهدف هذه السلسلة إلى تزويد القارئٌ بمادة جيدة من الثقافة 
تغفطي جميع فروع المعرفةء وكذلك ريطه بأحدث التيارات الفكرية 
والثقافية المعاصرة. ومن الموضوعات التي تعالجها تأليفا وترجمة : 

١‏ الدراسات الإنسانية : تاريخ . فلسفة . أدب الرحلات . الدراسات 
الحضارية ‏ تاريخ الأفكار. 

؟ . العلوم الاجتماعية: اجتماع ‏ اقتصاد . سياسة . علم نفس 
جغرافيا ‏ تخطيط ‏ دراسات استراتيجية ‏ مستقبليات. 

؟ ‏ الدراسات الأدبية واللغوية : الأدب العربي ‏ الآداب العالمية ‏ 
علم اللغة. 

؛ ‏ الدراسات الفنية : علم الجمال وفلسفة الفن ‏ المسرح ‏ الموسيقا 
الفنون التشكيلية والفنون الشعبية. 

4. الدراسات العلمية : تاريخ العلم وفلسفته . تبسيط العلوم 
الطبيعية (فيزياءء كيمياءء علم الحياة, فلك) الرياضيات 
التطبيقية (مع الاهتمام بالجوانب الإنسانية لهذه العلوم). 
والدراسات التكنولوجية. 

أما بالنسبة لنشر الأعمال الإبداعية ‏ المترجمة أو المؤلفة . من شعر 
وقصة ومسرحية: وكذلك الأعمال المتعلقة بشخصية واحدة بعينها 
فهذا أمر غير وارد في الوقت الحالي. 





وتحرص سلسلة «عالم المعرفة» على أن تكون الأعمال المترجمة 
حديثة النشر. 

وترحب السلسلة باقتراحات التأليف والترجمة المقدمة من 
المتتخصصين. على ألا يزيد حجمها على ١٠65”؟‏ صفحة من القطع 
المتوسطء وأن تكون مصحوبة بنبذة وافية عن الكتاب وموضوعاته 
وأهميته ومدى جدته. وفي حالة الترجمة ترسل نسخة مصورة من 
الكتاب بلفته الأصلية؛ كما ترفق مذكرة بالفكرة العامة للكتاب؛ وكذلك 
يجب أن تدون أرقام صفحات الكتاب الأصلي المقابلة للنص المترجم 
على جائب الصفحة المترجمة:. والسلسلة لا يمكنها النظر في أي 
ترجمة ما لم تكن مستوفية لهذا الشرط. والمجلس غير ملزم بإعادة 
المخطوطات والكتب الأجنبية في حالة الاعتذار عن عدم نشرها. وضي 
جميع الحالات ينبغي إرفاق سيرة ذاتية لمقترح الكتاب تتضمن البيانات 
الرئيسية عن نشاطه العلمي السابق. 

وفي حال الموافقة والتعاقد على الموضوع ‏ المؤلف أو المترجم - 
تصرف مكافأة للمؤلف مقدارها ألف وخمسمائثة دينار كويتي. 
وللمترجم مكافأة بمعدل عشرين فلسا عن الكلمة الواحدة في النص 
الأجنبيء أو ألف ومائتي دينار أيهما أكثر (وبحد أقصى مقداره ألف 
وستماثة دينار كويتي). بالإضافة إلى مائة وخمسين دينارا كويتيا 
مقابل تقديم المخطوطة ‏ المؤلفة والمترجمة ‏ من نسختين 
مطبوعتين على الآلة الكاتبة. 








.هه 


نسويساكه 


يسعد هييّة تحرير سلسلة «عالم المعرفة» أن 
تعلن للسادة المؤلفين والمترجمين أن المجلس 
الوطني للشقافة والفنون والآداب وافق على 


رطع مكافاة التأليف بالسلسلة من ٠٠٠١‏ دينار 
كويتس إلق +184 ديبار موي وعلى جاده 
مكافاة الترجمة بمقداز الثلث: من ١6‏ فلسا 
إلى ٠١‏ فلسا للكلمة الواحدة بحد أدنى ١١٠٠١‏ 
دينار, وبحد أقصى ٠٠٠١‏ دينار كويتي. 





58 


حس ا 


على القراء الذين يرغبون في استدراك ما فاتهم من إصدارات 
المجلس التي نشرت يدءا من سبتمبر 1981١‏ أن يطلبوها 
من الموزعين المعتمدين في البلدان العربية: 


»دولةالكويت 

المركز الثقافي بمشرف 

بجانب جمعية مشرف التعاونية 
ت: 01148560 

مركز السرة 

بجائب جمعية السرة 

ت: مك١‏ 5 15ه/ 1م ١‏ ثكم 

- شركة درة الكويت للتوزيع 

ش جابر المبارك - ص. ب: ٠9111‏ 
الرمز البريدي: ١1١١6١‏ الكويت 
ت: 1/81٠١‏ غ؟1/7 1/41١‏ 12؟ 
فاكس: 111//09؟ 

© المملكة العربية السعودية 
الشركة السعودية للتوزيع 

ص. ب: 1١1١96‏ جدة ١11517‏ 
تلفون: 05١9١5 5753141٠٠١‏ 
© دولة الإمارات العريية المتحدة 
دار الحكمة 

ص. ب /و 7٠0‏ دبي - الإمارات 
تلفون:  1701554/0‏ فاكس: /37941 
»دولةالبحرين 

الشركة العربية للوكالات والتوزيع 
المنامة . ص. ب: ١61‏ 

تلفون: 70017١07‏ . 701011 
© سلطنة عمان 

محلات الثلاث نجوم 

ص. ب: 1447 روي 11١17‏ 

تلفون: 411 97ل ب غ417 397/ 

© دولة قطر 

دار العروبة للصحاقة والطياعة والنشر 
الدوحة . ص. ب: 717 

تلفون: 7/ا0 17 


© جمهورية مصر العربية 

مؤسسة الأهرام 

القاهرة ‏ شارع الجلاء 

طلفون: 5٠١ 09/851١٠١‏ لاه 

© الجمهورية العربية السورية 

المؤسسة العربية السورية اتوزيع المطبوعات 
دمشق ‏ ص. ب: ١7١60‏ 

تلفون: 17641/5 71 ل لاوا 1؟ 

© الجمهورية اللبنانية 

الشركة اللبنانية لتوزيع الصحف والمطبوعات 
بيروت - ص. ب: 1١1/7085‏ 

تلفون: 518٠1‏ 510716 فاكس: 7501/4064 
© المملكة الأردنية الهاشمية 

وكالة التوزيع الأردنية 

عمان . ص. ب : هلالا 

تلفون: 710151 77/144" 

© الجمهورية التونسية 

الشركة التونسية للصحافة 

تونس ‏ ص. ب: 25/77 - تلفون: 7471499 
© المملكة المغربية 

الشركة الشريفية لتوزيع الصحف 

ص. ب: 1١/787‏ الدار البيضاء 7١7٠١‏ 
تلفون: 2٠159‏ 

© الجزائر 

الشركة المتحدة للنشر والاتصال 

ش قي دي موبسان 

الينابيع ‏ بكر مراد رايس 

ت //رف::ئ5ؤه 

© الجمهورية اليمنية 

محلات الققاكد التجارية 

الحديدة ‏ ص. ب: 5١84‏ 

تلفون 5١1/452:‏ 0غ /الاالا 





للاطلاع على قائمة كتب السلسلة انظر عدد 


ديسمبر (كانون الأول) من كل سنة؛ ي* 


السلسلة منن يناير 191/8 . 








م 
ات كك فن ةل 01ناقاة 


مكتية الاسكندرية 


قسيمة اشتراك 


سلسلة عائم المعرفة | مجلة الثقافة العالمية | مجلة عالم الفكر 
اسحيصدة ‏ |. | | .| | »| .| 0 
مسبحبادداي اساسا 












ايان 





ستسصدسم | | || || 000 
9022 1 الاخذا الاك الك لكا لكا لكلا الاتكل 


الرجاء ملء البيانات في حالة رغبتكم شي: تسجيل اشتراك 122 كَجلفك اشتررك|] 1 ] 


اسم الملطبوعة: مدة الاشتراالك: 














المبلغ المرسل: نقدا / شيك ركم: 


تسدد الاشتراكات مقدما بحوالة مصرفية باسم المجلس الوطني للثقافة والفتون والآداب ممع مراعاة 
سداد عموئة البنك المحول عليه المبلغ في الكويت. 
وترسل على العنوان التالي: 
السيد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفتون والآداب 
ص. ب: 1819 - الصفاة ‏ الرمز البريدي 13147 


دولة الكويت 








اس يمكن ان دك 5 امس.تفيل شب ةا عر العاضصرة ول عاك سن م يزالدون 


دز عمنون هذا 
ذتك فو السؤال الذى بتدردد - ع دد_ساشّات» محتاضة 35 ةس دصسفحات هذا 

الكثابات.. الولف راسل ساكتوبى. اتاد التاريخ بعامفة كاليفورنياء يقدم 

أنكاقه بدن كال هذا الشوع الحدين من القاوم الأسباقة الوزاشات التمافية 

حا عا نسدريع دراسة التاريخ يدر أسية كل مامردات الثقاهة: شسافة «الخية 3 
وثقافة «الجفعافير. قلي السواء. لون تنسددماه يشير اللؤلشف الى رسسالة 
كول ريدج إلى مؤوردزورت«يظلب فيها من صديقه أن ركنت خصضيدة يعفز 
فيها آولتك الذين تعثلوا من أى اهل لني مستقيل آفضيل للأنسانبة:؛ وفى نهاية 
يشذي لنا مفاجاة في بداية آلفيته التالثة. من يدري؟ 

وير ددسوله المتتالية: «نهاية الأيديولوجيا:». «شرافة النعددية الثقافية». 
«ثقافة الجماهير والفوضوية» ٠«المثقفون‏ سن اليوتوبيا إلى انك 






«جمالية كثيفة ووطنية رفيقة»: وآخيرا: «الحكمة بالتجزتة والْحِر ‏ سسسس 
يميم جاكوبي احابات عن الأسئلة المطروحة ويطرح سواهاء 5 سحسيح 
الآحوال ‏ بان المستقبل سوف يكون مختلقا عن الحاضر كل الك 2 
انه كتاب معاصر ؛ يتصدى لمناقشة آهم الأفكار المطروحة في ع لح 
0-7 --ة- 

0 4 © تتح 1 

ا 34 للم 

7 ايأ دض 


الكوت 2001 جوبرنا 
عاصمه للتقافة العريية ‏ )تثاممع إدسثانة زدمم 
ردمك كدطكم -٠_اأدكلة‏ 
85-9( -0)- ,0006 ]ذا 


كنا 


الله !عمد يججمرص يري 


نا لأست لا يسن لارو لاطي - كك